كيف نستقبل رمضان؟ (2/1) ما هي إلا أيام ويقدم علينا شهر عظيم، شهر الصيام والقيام والقرآن، شهر ...

منذ 2025-01-17
كيف نستقبل
رمضان؟
(2/1)

ما هي إلا أيام ويقدم علينا شهر عظيم، شهر الصيام والقيام والقرآن، شهر المغفرة والرضوان، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، فضّله الله تعالى على سائر الشهور، ففيه أُنزل القرآن، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من صامه أو قامه إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، فيه ليالٍ عشر، هي خير ليالي السنة، شهر رمضان الذي ترتبط به القلوب والأبدان لما تجده النفوس من بهجة واطمئنان، وحب للخيرات وترك للمنكرات، زمن يجتمع فيه المسلمون على البر، ويعتصمون بحبل الله، فتراهم يجتمعون للإفطار ويجتمعون للتراويح ويجتمعون في حلق الذكر والقرآن.

لذا كان حريّا بنا أن نحسن الاستعداد لهذا القادم الكريم، ونغتنم أيامه ولياليه لئلا يفوتنا الخير العميم، ونتفقّه في العبادات المرتبطة بهذا الموسم الحافل، ولا ننشغل بمفضول عن فاضل، فنستقبل ضيفنا بأحسن استقبال، فهو ضيف عزيز غالٍ، مثله كمثل من له حبيب أو صاحب أو قريب، غاب عنه أحد عشر شهرا! ثم علم بمجيئه إليه زائرا عما قريب، فماذا هو صانع لملاقاته واستضافته؟! ونحن سوف نستقبله في غضون أيام، وقد جلب لنا معه أعظم الهدايا وأجزل العطايا وأحلى الكلام، فلا بد أن نحفظ لهذا الضيف قدره وننزله ما يستحق من مكانته.

فإليك أخي الحبيب بعض التوصيات علها تنفعك في تهيئة نفسك لاستقبال شهر رمضان المبارك، وهي:
أولا: الفرح بقدوم رمضان، والاستبشار بحلوله، والسرور بالعبادات التي شرعها الله فيه، وذلك من تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى، {ذَلكَ وَمَنْ يُعَظّمْ شَعَائرَ اللَّه فَإنَّهَا منْ تَقْوَى الْقُلُوب} [سورة الحج: 32].

فأول أدب من الآداب الشرعية بين يدي رمضان، أن تتأهب لقدومه قبل الاستهلال، وأن تكون النفس بحلوله مستبشرة، قال تعالى: {قُلْ بفَضْل اللَّه وَبرَحْمَته فَبذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ ممَّا يَجْمَعُونَ} [سورة يونس: 58]، ومحبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل، فترى المؤمنين الصادقين متلهفين مشتاقين إلى رمضان، تحنّ قلوبهم إلى صوم نهاره، وتئن صدورهم لقيام ليله، وتهفو نفوسهم لعمارة أوقاته بالذكر والقرآن والصدقات، يفرحون بقدوم شهر رمضان، ويدعون الله أن يبلغهم إياه، ويكحل أعينهم برؤية إشراقة هلاله، ويتم عليهم نعمة إتمام صيامه وقيامه، ويستشعرون قلة أيامه وسرعة انقضائه، ويستحضرون الحزن على رحيله ووداعه، ولسان حالهم يردد:
مرحبا أهلا وسهلا بالصيام ... يا حبيبا زارنا في كل عام


ثانيا: تبادل التهاني والتبريكات بحلول شهر رمضان، ذلك أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمة دينية كبيرة، حري أن يُهنَّأ المسلم على بلوغها، وقد أُثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول، كما أننا نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر! فمن بلغ رمضان حيا صحيحا قادرا على الصوم، فهذه من نعم الله تعالى عليه، تستحق الحمد والشكر.
قال ابن رجب الحنبلي، رحمه الله: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشّر أصحابه بقدوم رمضان، كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشّر أصحابه، يقول: (قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم)، قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان» [لطائف المعارف].


ثالثا: تَعلُّم ما لا بد منه من فقه الصيام، أحكامه وآدابه، في الحضر والسفر، والعبادات المرتبطة برمضان من تراويح واعتكاف وزكاة فطر وغيرها، وهذه الأحكام والآداب مبسوطة في كتب الفقه، فمما لا شك فيه أن من يعبد الله -في رمضان وغيره- بعلم أفضل بكثير ممن يؤدي العبادات دون معرفة أحكامها إن صحّت نيته، بل قد يترتب على الجهل بأحكام العبادة ضياع ثوابها، ووجوب إعادتها إن كانت من الواجبات، لذلك يجب على المسلم تعلّم أحكام الصيام، طلبا للعمل بها بشكل صحيح، من غير مخالفة ولا بدعة، وكذلك كي لا يحمّل العبد نفسه بما ليس من الدين في الصيام، فيرهق نفسه في غير عبادة الله.


رابعا: التوبة الصادقة النصوح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّه تَوْبَةً نَصُوحًا} [سورة التحريم: 8]، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إلَى اللَّه جَميعًا أَيُّهَا الْمُؤْمنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلحُونَ} [سورة النور: 31]، وقال جل جلاله: {وَأَن اسْتَغْفرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْه} [سورة هود: 3]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مئة مرة) [رواه مسلم]، وحث -صلى الله عليه وسلم-على التوبة، بقوله: (يا أيها الناس توبوا إلى الله) [رواه مسلم].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
كيف نستقبل رمضان؟

6775d63d38a0f

  • 3
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً