أمير ديوان الحسبة: قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه - صدر قرار بمنع استخدام أجهزة استقبال ...
منذ يوم
أمير ديوان الحسبة:
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
- صدر قرار بمنع استخدام أجهزة استقبال القنوات الفضائية في أراضي الدولة الإسلامية وأمر بإزالتها، فهل يمكن أن تبيّن لنا أهمية هذا القرار؟
الحمد لله العظيم الحليم، الذي أحلّ لعباده الطيّبات وحرّم عليهم الخبائث، والصلاة والسلام على من أنزل الله عليه القرآن، فرقانا بين الخير والشر، وبعد.
فإن الله عز وجل أوجب على المسلمين اتخاذ الإمام، وأوجب عليهم طاعته، وأوجب على الإمام أن يسوس رعيته بالشريعة، فيقيم فيهم الدين، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فما من طاعة واجبة إلا ووجب على الإمام أن يدعو المسلمين إليها، ويأمرهم بها، ويعاقب من يتخلّف عن القيام بها، وما من معصية لله إلا ووجب عليه أن ينهى الناس عنها، ويعاقب من يصرّ على اقترافها.
ومن هذا الباب كان واجبا على الإمام أو من ينوب عنه أن ينهى المسلمين عن مشاهدة القنوات الفضائية لما فيها من ضرر كبير على دين المسلمين ودنياهم، وبما أنه لا يمكن –في العادة– مشاهدة هذه القنوات في أراضي الدولة الإسلامية إلا عن طريق جهاز الاستقبال المسمى بـ «الستلايت» أو «الدش» أو ما شابه، فإن النهي يتسع هنا ليشمل حيازة هذا الجهاز الذي تتم المعصية من خلاله، بناء على القاعدة الشرعية أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
- حبذا لو تشرح لنا الضرر على دين المسلمين ودنياهم في متابعة القنوات الفضائية؟
ضرر القنوات على الدين لم يعد يخفى على أحد من المسلمين، فمنظومة القنوات الفضائية بكاملها واقعة تحت سيطرة أعداء الإسلام من الصليبيين وسائر الطواغيت، وهؤلاء لا يقرّ لهم قرار حتى يردّوا المسلمين عن دينهم، والقنوات الفضائية هي أهم وسائل إفسادهم للدين، من خلال تشويه عقيدة التوحيد والطعن في أهلها والاستهزاء بالدين وشعائره، ونشر عقائد أهل الباطل كالعلمانية والديموقراطية والإلحاد والنصرانية والرفض والصوفية وغيرها، وكسر عقيدة الولاء والبراء، من خلال الدعوة للولاء الوطني والقومي وما شابه، وإنك لا تجد برنامجا إلا وفيه شيء من ذلك، قلّ أو كثر، بشكل ظاهر أو خفي.
بالإضافة إلى برامج المجون والموسيقى، والدعاية للفسق والمعاصي بمختلف أنواعها، وتعويد المشاهدين على رؤية المشاهد الخليعة، والعلاقات المحرّمة.
كذلك تحطيم مفهوم القدوة الصالحة، من خلال دفع الناس إلى الاقتداء بالكفار والمشركين، والفاسقين، وتصوير حياتهم على أنها الحياة المثالية التي يجب أن يسعى إليها كل إنسان.
هذا عدا عن إلهاء الناس عمّا ينفعهم في دينهم أو دنياهم، وإنك لتجد البعض يضيع جزءا كبيرا من يومه وليلته في متابعة تلك القنوات، فلا هو في عمل ينفعه في آخرته ولا هو في عمل ينفعه في دنياه، وهذا مما يكرهه الله لعباده.
- زعم بعض الناس أنه يمكن معالجة الشبهات والشهوات من خلال دعوة الناس إلى التوحيد وفعل الطاعات وترك المنكرات، فكيف تردون على ذلك؟
الأصل في الدين إزالة المنكرات وأسبابها الحقيقية، مع الدعوة إلى المعروف، لكن أن تدعو إلى المعروف وتترك من يدعو إلى المنكر بأضعاف ما تستطيع أن تقوم به فهذا إفساد لما تدعو إليه، وإننا نعرف هذا من فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وسائر السلف الصالح.
فقد قام صلى الله عليه وسلم بهدم مسجد بناه المنافقون ليصدوا المسلمين عن مسجد رسول الله، وليتخذوه منطلقا لمؤامراتهم على الإسلام وأهله، فإذا كان مسجد الضرار وهو مسجد يُصلى ويُذكر الله فيه، يُهدم إن أقيم للإضرار والتفريق بين المؤمنين وإيواء المنافقين، فكيف بك مع القنوات الفضائية التي ما أنشأت إلا للصد عن سبيل الله!
وقد كان الصحابة والتابعون يمنعون أهل البدع في الدين من الجلوس إلى الناس والتحديث ببدعهم، ويأمرون الناس بهجرهم، فكيف بك اليوم وقد صار كلام أهل البدع والضلال داخل بيوت المسلمين، يسمعه الجاهل، والمفتون، ومن في قلبه مرض! فمنع هذا من باب أولى.
وإننا نرى من خلال عملنا ومعايشتنا للناس حجم الضرر، فالناس في المساجد تسمع الدعوة إلى التوحيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا عادت إلى بيوتها سمعت الدعوة إلى الشرك، والأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، مع تزيين، وشبهات، وفتنة الأسماء والألقاب.
كل هذا يصدّ الناس عن قبول الحق والعمل به، ويجعلهم دائما في حال من الشك والريب، مهما سمعوا من أدلة صحيحة من كلام الله وسنّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وبالتالي لا يمكنك أن تبني، وتترك غيرك يهدم ما تبنيه، ولا أن تزرع، وتترك غيرك يفسد ما زرعت، ومن هذا الباب كان منع المسلمين من مشاهدة القنوات الفضائية وسيلة لإزالة بعض ما يصدّهم عن الهدى، ويجنّبهم طرق الضلال.
وكما قال عليه الصلاة والسلام في وصف أقوام من المسلمين: (عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل) [رواه البخاري]، فنحن سنقوم بذلك بإذن الله، سندفع أنفسنا والمسلمين إلى الجنة دفعا، ونذودهم عن الوقوع في النار ذودا، وهذا هو الأساس في إقامة الدولة الإسلامية أن تسوس الناس في كل شؤون دينهم دنياهم بما ينفعهم، فهي كالأب والأم للمسلمين، ولا يعقل من أب صالح أن يرى أولاده يلقون بأنفسهم في النار فيتركهم وشأنهم.
- كيف بدأت قضية منع أجهزة استقبال القنوات الفضائية في الدولة الإسلامية؟ وكيف تم تطبيق هذا المنع؟
أكثر الناس يظنون أن هذا الأمر وليد اليوم والليلة، وهذا ليس صحيحا، بل هو يعود إلى سنوات، فالدولة الإسلامية منذ قيامها تبنّت مسألة إزالة هذا المنكر، ولعلك تذكر أن الشيخ أبا عمر البغدادي تقبله الله خصص للموضوع جانبا من إحدى كلماته التي بين فيها عقيدة الدولة الإسلامية ومنهجها، فقال فيها: «نرى تحريم كل ما يدعو إلى الفاحشة ويدعو عليها كجهاز الستالايت»، ولم تتوقف دعوة المجاهدين للمسلمين لإزالة هذا المنكر، ولكن لم تتوفر حينها الإمكانية لإلزام من امتنع من إزالته، بسبب الهجمة الصليبية الرافضية، وانحياز المسلمين من المدن تحت ضغط هذه الهجمة.
وبقي الأمر على هذه الحال من الاكتفاء بالدعوة حتى عودة الخلافة، وتنصيب الشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله إماما للمسلمين، مع ما تضمّنه الأمر من التمكين والاستطاعة، فبدأ العمل على إزالة هذ المنكر على مراحل متتابعة، بدأت بتكثيف الجانب الدعوي لتنبيه المسلمين إلى هذا المنكر، وتوعيتهم بحرمته، ثم تم البدء بخطة الإلزام.
فبدأنا أولا بإلزام جنود الدولة الإسلامية بإخراجه من بيوتهم، وذلك بأمر صادر من اللجنة المفوضة التي تنوب عن أمير المؤمنين، ثم بدأ تطبيق الأمر على سائر الرعية بإزالته من الأسواق والأماكن العامة، ثم بإبلاغ التجار ومحلات الإلكترونيات بالامتناع عن بيع هذه الأجهزة أو شرائها أو إصلاحها، وذلك لإفراغ الأسواق من هذا الجهاز الخبيث، ومنع تعويض الأجهزة التالفة أو المصادرة فيما بعد.
ثم جاءت المرحلة الأخيرة وذلك بأمر المسلمين بتسليم ما يملكون من هذه الأجهزة إلى ديوان الحسبة ليتم التخلص منها، وذلك بالترافق مع حملة إعلامية ودعوية مكثّفة آتت أكلها بفضل الله، وقد وُضعت هذه المراحل حسب استطاعة الإخوة العاملين على هذا الأمر في الديوان.
- لماذا بدأتم بتطبيق المرحلة الأخيرة مع حلول شهر رمضان الكريم؟
إنكار المنكرات لا يختص بشهر دون شهر بل متى ما وجد المسلمون منكرا وجب عليهم إزالته، حسب حاله وحال القدرة على إزالته.
أما بالنسبة لتخصيصنا شهر رمضان بأمر المسلمين في الدولة الإسلامية بالتخلص من أجهزة الاستقبال الفضائي، فهذا عائد أولا للمراحل التي تم وضعها في خطة إزالة هذه المنكر والتي كان كل منها يقتضي فترة من العمل حتى وصلنا إلى هذا الشهر.
وبالإضافة لذلك فإن استجابة المسلمين للأمر بالمعروف تكون أكبر وانتهاءهم عن المنكرات يكون أولى بسبب زيادة الطاعات والعبادات من صيام وقيام وذكر لله وصدقة وغيرها.
ولا ننسى أيضا أن أهل الباطل يجعلون من هذا الشهر هدفا لهم ليفسدوا على الناس عباداتهم ويصدوهم عن سبيل الله فيه فترى أن المنكرات على القنوات الفضائية من مسلسلات مفسدة ومهرجانات الفاحشة ومحاضرات علماء السوء ودعاة الضلالة تكون أضعاف ما تكون في بقية شهور السنة، لذلك كان الواجب أن نتقصّد نحن هذا الشهر بمنعهم من نشر منكراتهم ومنع المسلمين من إتيان المعاصي في شهر الصوم الذي تضاعف فيه أوزار المعاصي كما تضاعف فيه أجور الطاعات.
- وكيف وجدتم استجابة المسلمين للأمر بتسليم ما يمتلكون من أجهزة الستلايت؟ وما الإجراءات التي ستتخذ بحق من امتنع عن تسليمها وأصرّ على حيازتها؟
الحمد لله وحده، كانت استجابة المسلمين للأمر فوق ما نتوقع، فقد استلمنا في مراكز الحسبة في مختلف الولايات وخلال الأيام الأولى من القرار، عشرات الآلاف من الأجهزة وملحقاتها وبات أمرا مألوفا أن تجد الناس في الشوارع وهم يحملون أجهزتهم ليسلموها إلى مراكز الحسبة.
بل ومما يزيد المؤمن فرحا أن تجد المسلم يتخلص من هذا الجهاز مطمئنا لصحة ما يفعل حيث يقومون بأنفسهم بتحطيم تلك الأجهزة داخل مراكز الحسبة، وينصرفون إلى بيوتهم، مأجورين بإذن الله تعالى.
أما من امتنع عن تسليمه بنفسه طائعا وبلغنا أمره، فإننا سنلزمه بتسليمه مرغما وستكون لنا معهم إجراءات ستتخذ بحقهم لاحقا، والمسلمون مقبلون بأنفسهم بفضل الله على الأمر، ولن نبدأ باتخاذ الإجراءات بحق من يمتنع إلا بعد أن نتأكد من أنه لم يبق أحد ممن يريد تسليم جهازه طوعا، وتأخر لعذر أو مانع، أو لجهل بالقرار، وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث.
وأريد هنا أن أنوّه إلى الثمرة المباركة للدورات الشرعية لعامة المسلمين التي قام بها الإخوة في ديوان الدعوة والمساجد، فقد كان لها أثر كبير في تعليم المسلمين أمر دينهم وبذلك سَهُلت على من هداه الله الاستجابة لأي أمر شرعي يأتيهم، فقد بتنا نرى المسارعة في استجابة الناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك بترغيبهم بطاعة الله، وهذا ما لمسناه جليا في حملتنا على أجهزة الستلايت حيث تخلى عنها الكثير من المسلمين رغم اعتيادهم عليها وتعلقهم بها، ولله الحمد من قبل ومن بعد.
- بعد قرار ديوان الحسبة في الدولة الإسلامية بإزالة أجهزة استقبال القنوات الفضائية اشتعلت القنوات استنكارا للأمر، وانبرى الكثير من دعاة الضلالة ليثيروا الشبهات حول الموضوع، فما ردّكم على هذه الحملة؟
بالنسبة للقنوات الفضائية لا نستغرب هجومهم على القرار ومحاولتهم إقناع الناس بالاحتفاظ بأجهزة «الستلايت»، والاستمرار في متابعتها، فالأصل فيها أنها تأمر بالمنكر، وتستنكر المعروف، وهي ما أنشئت إلا لذلك، ولذلك فإن منع المسلمين من مشاهدة هذه القنوات سيلغي الحاجة إليها، وسيحرم مدراءها والعاملين فيها من ملايين الدولارات من أموال السحت التي تغدق عليهم من أموال الطواغيت، وأجهزة المخابرات الصليبيّة، حيث سيوجّه المشركون تلك الأموال إلى مجالات أخرى يستطيعون من خلالها بث سمومهم في عقول المسلمين.
أما بالنسبة للشبهات التي يلقيها دعاة الضلالة سواء منهم من تزيّا بزي الدين، أو من لبس لباس المحلّل السياسي، أو الخبير النفسي، فقد بينّا في جوابنا على سؤال سابق الحكم الشرعي للقضية، والمصالح المتحققة من وراء القرار، ولا داعي لتكرار الأمر.
وما يطرحونه من شبهات هم يردّون عليها بأنفسهم عندما يحاربون بكل ما استطاعوا لمنع الدولة الإسلامية من إيصال دعوتها للمسلمين، وتراهم يحذرون الطواغيت والصليبيين من إعلامها، مخافة أن يطلع المسلمون على الحقيقة، ويسيروا على طريق الهدى الذي أمرهم الله باتّباعه، فإن كانوا هم يعلمون خطورة وصولنا إلى الناس عليهم وعلى عملهم التخريبي، فكيف نسمح للمشركين والمفسدين في الأرض أن يصلوا إلى المسلمين الذين استرعانا الله دينهم ودنياهم فنسمح لهم بإضلالهم، وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم.
وما يروجونه عن منافع للقنوات الفضائية يكفي للرد عليها أن نذكر إحصائية نشرها أحد الباحثين عن القنوات الفضائية العربية، حيث تبين له أن نصف هذه القنوات تقريبا، هي قنوات للموسيقا والرقص، والأفلام والمسلسلات، والرياضة، فأي نفع يتأتى للمسلم من متابعة هذه القنوات، بل إنها ضرر محض، وتضييع للدين والأوقات.
ولو نظرنا إلى النصف الثاني لوجدناه أشد ضررا على المسلمين، فإذا كان القسم الأول يركز على إثارة الشهوات وتضييع الأوقات، فإن القسم الثاني يستهدف العقائد والعقول، وخاصة ما تسمى بالقنوات الدينية التي تشرف عليها كلها أجهزة مخابرات الطواغيت، فتقدم من ترضى عنه من علماء السوء، ودعاة الضلال، فيخربون عقائد الناس بما يقدّمونه لهم على أنه الدين الصحيح، ولا يمكن لأحد أن يتكلم على تلك القنوات بما يخالف رغبة أجهزة المخابرات التي تشرف عليها، وأي قناة تحاول تجاوز هذا الخط قليلا يكون مصيرها الحذف فورا.
ولدينا أيضا القنوات الإخبارية التي يزعم كل منها الحياديّة، في حين أنها جميعا موجهة لنشر الأفكار المحاربة للإسلام، بهذا الاتجاه أو ذاك، وتشويه الحقائق، وتسويق الأحداث بما يخدم أهداف المشرفين عليها، سواء من الصليبيين أو سائر الطواغيت، وكذلك فهي تساهم بشكل كبير في الحرب الصليبية ضد الدولة الإسلامية عن طريق نشر الأخبار الكاذبة، وتسويق الأفكار الخاطئة على أنها تحليلات سياسية أو ما شابه.
ولعلك تذكر في مواقف عديدة كيف شاركت القنوات الإخبارية في الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية، حيث أثارت الخوف والهلع لدى مرضى القلوب من المسلمين، ودفعت الكثير منهم إلى ترك مدنهم وقراهم دون سبب إلا ما سمعوه من تلك القنوات عن انتصارات وهمية للمرتدين، أو سقوط للمدن والقرى قبل أن تصلها المعارك أصلا.
- هل من كلمة أخيرة، أو رسائل توجهها للمسلمين في هذا الشهر الكريم؟
رسالتنا الأولى هي للمجاهدين في الثغور، فنقول لهم: جزاكم الله خيرا، وتقبّل منكم أعمالكم، فما من حدّ يقام في هذه الأرض، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، إلا ولهم فيه نصيب من الأجر بإذن الله، كيف لا ولولا فضل الله ثم رباطهم وجهادهم لاستولى عليها الكفار وأحالوها دار كفر وطبّقوا فيها أحكامهم الجاهلية، وأمروا فيها بالمنكر ونهوا عن المعروف!
فالله الله في رباطهم، وليلزم كل منهم ثغره، ولا يؤتينّ المسلمون من قبله، وليتذكر دائما أنه لا يحمي قطعة من الأرض، وبيوتا من إسمنت وطين وحسب، ولكنه في المقام الأول يحمي دين المسلمين ودماءهم وأعراضهم.
وإننا نرى أن المشركين إذا سيطروا على قطعة من الأرض، فأول ما يقومون به هو الإعلان عن نزع الحجاب، وإباحة ارتكاب المعاصي من دخان وموسيقى واختلاط وما شابه، ويجهرون بالكفر والعداء لشريعة ربّ العالمين، وما ذلك إلا دليل على أن حربهم علينا إنما هي من أجل ديننا، وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، الذي لا يمكن أن يتم إلا تحت حكم الإسلام.
وليعلم كل منهم أن رباطه ليوم أو ليلة، هو خير من صيام القاعد وقيامه، فكيف بالمرابط اليوم، وقد جمع بين ثوابي الصيام والقيام، والرباط والجهاد!
ورسالتنا الثانية هي للمسلمين عموما، أحذرهم من معصية القعود عن الجهاد بالنفس والمال والركون إلى الدنيا الفانية، ثم أذكرهم ونفسي بفضل هذا الشهر العظيم، فلا يفوتنهم إلا وقد حصّلوا فيه من الطاعات الخير الكثير، وخاصة في العشر الأواخر منه، والتي فيها ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر كما أخبر ربنا سبحانه وتعالى.
◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 هـ
مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
- صدر قرار بمنع استخدام أجهزة استقبال القنوات الفضائية في أراضي الدولة الإسلامية وأمر بإزالتها، فهل يمكن أن تبيّن لنا أهمية هذا القرار؟
الحمد لله العظيم الحليم، الذي أحلّ لعباده الطيّبات وحرّم عليهم الخبائث، والصلاة والسلام على من أنزل الله عليه القرآن، فرقانا بين الخير والشر، وبعد.
فإن الله عز وجل أوجب على المسلمين اتخاذ الإمام، وأوجب عليهم طاعته، وأوجب على الإمام أن يسوس رعيته بالشريعة، فيقيم فيهم الدين، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فما من طاعة واجبة إلا ووجب على الإمام أن يدعو المسلمين إليها، ويأمرهم بها، ويعاقب من يتخلّف عن القيام بها، وما من معصية لله إلا ووجب عليه أن ينهى الناس عنها، ويعاقب من يصرّ على اقترافها.
ومن هذا الباب كان واجبا على الإمام أو من ينوب عنه أن ينهى المسلمين عن مشاهدة القنوات الفضائية لما فيها من ضرر كبير على دين المسلمين ودنياهم، وبما أنه لا يمكن –في العادة– مشاهدة هذه القنوات في أراضي الدولة الإسلامية إلا عن طريق جهاز الاستقبال المسمى بـ «الستلايت» أو «الدش» أو ما شابه، فإن النهي يتسع هنا ليشمل حيازة هذا الجهاز الذي تتم المعصية من خلاله، بناء على القاعدة الشرعية أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
- حبذا لو تشرح لنا الضرر على دين المسلمين ودنياهم في متابعة القنوات الفضائية؟
ضرر القنوات على الدين لم يعد يخفى على أحد من المسلمين، فمنظومة القنوات الفضائية بكاملها واقعة تحت سيطرة أعداء الإسلام من الصليبيين وسائر الطواغيت، وهؤلاء لا يقرّ لهم قرار حتى يردّوا المسلمين عن دينهم، والقنوات الفضائية هي أهم وسائل إفسادهم للدين، من خلال تشويه عقيدة التوحيد والطعن في أهلها والاستهزاء بالدين وشعائره، ونشر عقائد أهل الباطل كالعلمانية والديموقراطية والإلحاد والنصرانية والرفض والصوفية وغيرها، وكسر عقيدة الولاء والبراء، من خلال الدعوة للولاء الوطني والقومي وما شابه، وإنك لا تجد برنامجا إلا وفيه شيء من ذلك، قلّ أو كثر، بشكل ظاهر أو خفي.
بالإضافة إلى برامج المجون والموسيقى، والدعاية للفسق والمعاصي بمختلف أنواعها، وتعويد المشاهدين على رؤية المشاهد الخليعة، والعلاقات المحرّمة.
كذلك تحطيم مفهوم القدوة الصالحة، من خلال دفع الناس إلى الاقتداء بالكفار والمشركين، والفاسقين، وتصوير حياتهم على أنها الحياة المثالية التي يجب أن يسعى إليها كل إنسان.
هذا عدا عن إلهاء الناس عمّا ينفعهم في دينهم أو دنياهم، وإنك لتجد البعض يضيع جزءا كبيرا من يومه وليلته في متابعة تلك القنوات، فلا هو في عمل ينفعه في آخرته ولا هو في عمل ينفعه في دنياه، وهذا مما يكرهه الله لعباده.
- زعم بعض الناس أنه يمكن معالجة الشبهات والشهوات من خلال دعوة الناس إلى التوحيد وفعل الطاعات وترك المنكرات، فكيف تردون على ذلك؟
الأصل في الدين إزالة المنكرات وأسبابها الحقيقية، مع الدعوة إلى المعروف، لكن أن تدعو إلى المعروف وتترك من يدعو إلى المنكر بأضعاف ما تستطيع أن تقوم به فهذا إفساد لما تدعو إليه، وإننا نعرف هذا من فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وسائر السلف الصالح.
فقد قام صلى الله عليه وسلم بهدم مسجد بناه المنافقون ليصدوا المسلمين عن مسجد رسول الله، وليتخذوه منطلقا لمؤامراتهم على الإسلام وأهله، فإذا كان مسجد الضرار وهو مسجد يُصلى ويُذكر الله فيه، يُهدم إن أقيم للإضرار والتفريق بين المؤمنين وإيواء المنافقين، فكيف بك مع القنوات الفضائية التي ما أنشأت إلا للصد عن سبيل الله!
وقد كان الصحابة والتابعون يمنعون أهل البدع في الدين من الجلوس إلى الناس والتحديث ببدعهم، ويأمرون الناس بهجرهم، فكيف بك اليوم وقد صار كلام أهل البدع والضلال داخل بيوت المسلمين، يسمعه الجاهل، والمفتون، ومن في قلبه مرض! فمنع هذا من باب أولى.
وإننا نرى من خلال عملنا ومعايشتنا للناس حجم الضرر، فالناس في المساجد تسمع الدعوة إلى التوحيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا عادت إلى بيوتها سمعت الدعوة إلى الشرك، والأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، مع تزيين، وشبهات، وفتنة الأسماء والألقاب.
كل هذا يصدّ الناس عن قبول الحق والعمل به، ويجعلهم دائما في حال من الشك والريب، مهما سمعوا من أدلة صحيحة من كلام الله وسنّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وبالتالي لا يمكنك أن تبني، وتترك غيرك يهدم ما تبنيه، ولا أن تزرع، وتترك غيرك يفسد ما زرعت، ومن هذا الباب كان منع المسلمين من مشاهدة القنوات الفضائية وسيلة لإزالة بعض ما يصدّهم عن الهدى، ويجنّبهم طرق الضلال.
وكما قال عليه الصلاة والسلام في وصف أقوام من المسلمين: (عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل) [رواه البخاري]، فنحن سنقوم بذلك بإذن الله، سندفع أنفسنا والمسلمين إلى الجنة دفعا، ونذودهم عن الوقوع في النار ذودا، وهذا هو الأساس في إقامة الدولة الإسلامية أن تسوس الناس في كل شؤون دينهم دنياهم بما ينفعهم، فهي كالأب والأم للمسلمين، ولا يعقل من أب صالح أن يرى أولاده يلقون بأنفسهم في النار فيتركهم وشأنهم.
- كيف بدأت قضية منع أجهزة استقبال القنوات الفضائية في الدولة الإسلامية؟ وكيف تم تطبيق هذا المنع؟
أكثر الناس يظنون أن هذا الأمر وليد اليوم والليلة، وهذا ليس صحيحا، بل هو يعود إلى سنوات، فالدولة الإسلامية منذ قيامها تبنّت مسألة إزالة هذا المنكر، ولعلك تذكر أن الشيخ أبا عمر البغدادي تقبله الله خصص للموضوع جانبا من إحدى كلماته التي بين فيها عقيدة الدولة الإسلامية ومنهجها، فقال فيها: «نرى تحريم كل ما يدعو إلى الفاحشة ويدعو عليها كجهاز الستالايت»، ولم تتوقف دعوة المجاهدين للمسلمين لإزالة هذا المنكر، ولكن لم تتوفر حينها الإمكانية لإلزام من امتنع من إزالته، بسبب الهجمة الصليبية الرافضية، وانحياز المسلمين من المدن تحت ضغط هذه الهجمة.
وبقي الأمر على هذه الحال من الاكتفاء بالدعوة حتى عودة الخلافة، وتنصيب الشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله إماما للمسلمين، مع ما تضمّنه الأمر من التمكين والاستطاعة، فبدأ العمل على إزالة هذ المنكر على مراحل متتابعة، بدأت بتكثيف الجانب الدعوي لتنبيه المسلمين إلى هذا المنكر، وتوعيتهم بحرمته، ثم تم البدء بخطة الإلزام.
فبدأنا أولا بإلزام جنود الدولة الإسلامية بإخراجه من بيوتهم، وذلك بأمر صادر من اللجنة المفوضة التي تنوب عن أمير المؤمنين، ثم بدأ تطبيق الأمر على سائر الرعية بإزالته من الأسواق والأماكن العامة، ثم بإبلاغ التجار ومحلات الإلكترونيات بالامتناع عن بيع هذه الأجهزة أو شرائها أو إصلاحها، وذلك لإفراغ الأسواق من هذا الجهاز الخبيث، ومنع تعويض الأجهزة التالفة أو المصادرة فيما بعد.
ثم جاءت المرحلة الأخيرة وذلك بأمر المسلمين بتسليم ما يملكون من هذه الأجهزة إلى ديوان الحسبة ليتم التخلص منها، وذلك بالترافق مع حملة إعلامية ودعوية مكثّفة آتت أكلها بفضل الله، وقد وُضعت هذه المراحل حسب استطاعة الإخوة العاملين على هذا الأمر في الديوان.
- لماذا بدأتم بتطبيق المرحلة الأخيرة مع حلول شهر رمضان الكريم؟
إنكار المنكرات لا يختص بشهر دون شهر بل متى ما وجد المسلمون منكرا وجب عليهم إزالته، حسب حاله وحال القدرة على إزالته.
أما بالنسبة لتخصيصنا شهر رمضان بأمر المسلمين في الدولة الإسلامية بالتخلص من أجهزة الاستقبال الفضائي، فهذا عائد أولا للمراحل التي تم وضعها في خطة إزالة هذه المنكر والتي كان كل منها يقتضي فترة من العمل حتى وصلنا إلى هذا الشهر.
وبالإضافة لذلك فإن استجابة المسلمين للأمر بالمعروف تكون أكبر وانتهاءهم عن المنكرات يكون أولى بسبب زيادة الطاعات والعبادات من صيام وقيام وذكر لله وصدقة وغيرها.
ولا ننسى أيضا أن أهل الباطل يجعلون من هذا الشهر هدفا لهم ليفسدوا على الناس عباداتهم ويصدوهم عن سبيل الله فيه فترى أن المنكرات على القنوات الفضائية من مسلسلات مفسدة ومهرجانات الفاحشة ومحاضرات علماء السوء ودعاة الضلالة تكون أضعاف ما تكون في بقية شهور السنة، لذلك كان الواجب أن نتقصّد نحن هذا الشهر بمنعهم من نشر منكراتهم ومنع المسلمين من إتيان المعاصي في شهر الصوم الذي تضاعف فيه أوزار المعاصي كما تضاعف فيه أجور الطاعات.
- وكيف وجدتم استجابة المسلمين للأمر بتسليم ما يمتلكون من أجهزة الستلايت؟ وما الإجراءات التي ستتخذ بحق من امتنع عن تسليمها وأصرّ على حيازتها؟
الحمد لله وحده، كانت استجابة المسلمين للأمر فوق ما نتوقع، فقد استلمنا في مراكز الحسبة في مختلف الولايات وخلال الأيام الأولى من القرار، عشرات الآلاف من الأجهزة وملحقاتها وبات أمرا مألوفا أن تجد الناس في الشوارع وهم يحملون أجهزتهم ليسلموها إلى مراكز الحسبة.
بل ومما يزيد المؤمن فرحا أن تجد المسلم يتخلص من هذا الجهاز مطمئنا لصحة ما يفعل حيث يقومون بأنفسهم بتحطيم تلك الأجهزة داخل مراكز الحسبة، وينصرفون إلى بيوتهم، مأجورين بإذن الله تعالى.
أما من امتنع عن تسليمه بنفسه طائعا وبلغنا أمره، فإننا سنلزمه بتسليمه مرغما وستكون لنا معهم إجراءات ستتخذ بحقهم لاحقا، والمسلمون مقبلون بأنفسهم بفضل الله على الأمر، ولن نبدأ باتخاذ الإجراءات بحق من يمتنع إلا بعد أن نتأكد من أنه لم يبق أحد ممن يريد تسليم جهازه طوعا، وتأخر لعذر أو مانع، أو لجهل بالقرار، وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث.
وأريد هنا أن أنوّه إلى الثمرة المباركة للدورات الشرعية لعامة المسلمين التي قام بها الإخوة في ديوان الدعوة والمساجد، فقد كان لها أثر كبير في تعليم المسلمين أمر دينهم وبذلك سَهُلت على من هداه الله الاستجابة لأي أمر شرعي يأتيهم، فقد بتنا نرى المسارعة في استجابة الناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك بترغيبهم بطاعة الله، وهذا ما لمسناه جليا في حملتنا على أجهزة الستلايت حيث تخلى عنها الكثير من المسلمين رغم اعتيادهم عليها وتعلقهم بها، ولله الحمد من قبل ومن بعد.
- بعد قرار ديوان الحسبة في الدولة الإسلامية بإزالة أجهزة استقبال القنوات الفضائية اشتعلت القنوات استنكارا للأمر، وانبرى الكثير من دعاة الضلالة ليثيروا الشبهات حول الموضوع، فما ردّكم على هذه الحملة؟
بالنسبة للقنوات الفضائية لا نستغرب هجومهم على القرار ومحاولتهم إقناع الناس بالاحتفاظ بأجهزة «الستلايت»، والاستمرار في متابعتها، فالأصل فيها أنها تأمر بالمنكر، وتستنكر المعروف، وهي ما أنشئت إلا لذلك، ولذلك فإن منع المسلمين من مشاهدة هذه القنوات سيلغي الحاجة إليها، وسيحرم مدراءها والعاملين فيها من ملايين الدولارات من أموال السحت التي تغدق عليهم من أموال الطواغيت، وأجهزة المخابرات الصليبيّة، حيث سيوجّه المشركون تلك الأموال إلى مجالات أخرى يستطيعون من خلالها بث سمومهم في عقول المسلمين.
أما بالنسبة للشبهات التي يلقيها دعاة الضلالة سواء منهم من تزيّا بزي الدين، أو من لبس لباس المحلّل السياسي، أو الخبير النفسي، فقد بينّا في جوابنا على سؤال سابق الحكم الشرعي للقضية، والمصالح المتحققة من وراء القرار، ولا داعي لتكرار الأمر.
وما يطرحونه من شبهات هم يردّون عليها بأنفسهم عندما يحاربون بكل ما استطاعوا لمنع الدولة الإسلامية من إيصال دعوتها للمسلمين، وتراهم يحذرون الطواغيت والصليبيين من إعلامها، مخافة أن يطلع المسلمون على الحقيقة، ويسيروا على طريق الهدى الذي أمرهم الله باتّباعه، فإن كانوا هم يعلمون خطورة وصولنا إلى الناس عليهم وعلى عملهم التخريبي، فكيف نسمح للمشركين والمفسدين في الأرض أن يصلوا إلى المسلمين الذين استرعانا الله دينهم ودنياهم فنسمح لهم بإضلالهم، وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم.
وما يروجونه عن منافع للقنوات الفضائية يكفي للرد عليها أن نذكر إحصائية نشرها أحد الباحثين عن القنوات الفضائية العربية، حيث تبين له أن نصف هذه القنوات تقريبا، هي قنوات للموسيقا والرقص، والأفلام والمسلسلات، والرياضة، فأي نفع يتأتى للمسلم من متابعة هذه القنوات، بل إنها ضرر محض، وتضييع للدين والأوقات.
ولو نظرنا إلى النصف الثاني لوجدناه أشد ضررا على المسلمين، فإذا كان القسم الأول يركز على إثارة الشهوات وتضييع الأوقات، فإن القسم الثاني يستهدف العقائد والعقول، وخاصة ما تسمى بالقنوات الدينية التي تشرف عليها كلها أجهزة مخابرات الطواغيت، فتقدم من ترضى عنه من علماء السوء، ودعاة الضلال، فيخربون عقائد الناس بما يقدّمونه لهم على أنه الدين الصحيح، ولا يمكن لأحد أن يتكلم على تلك القنوات بما يخالف رغبة أجهزة المخابرات التي تشرف عليها، وأي قناة تحاول تجاوز هذا الخط قليلا يكون مصيرها الحذف فورا.
ولدينا أيضا القنوات الإخبارية التي يزعم كل منها الحياديّة، في حين أنها جميعا موجهة لنشر الأفكار المحاربة للإسلام، بهذا الاتجاه أو ذاك، وتشويه الحقائق، وتسويق الأحداث بما يخدم أهداف المشرفين عليها، سواء من الصليبيين أو سائر الطواغيت، وكذلك فهي تساهم بشكل كبير في الحرب الصليبية ضد الدولة الإسلامية عن طريق نشر الأخبار الكاذبة، وتسويق الأفكار الخاطئة على أنها تحليلات سياسية أو ما شابه.
ولعلك تذكر في مواقف عديدة كيف شاركت القنوات الإخبارية في الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية، حيث أثارت الخوف والهلع لدى مرضى القلوب من المسلمين، ودفعت الكثير منهم إلى ترك مدنهم وقراهم دون سبب إلا ما سمعوه من تلك القنوات عن انتصارات وهمية للمرتدين، أو سقوط للمدن والقرى قبل أن تصلها المعارك أصلا.
- هل من كلمة أخيرة، أو رسائل توجهها للمسلمين في هذا الشهر الكريم؟
رسالتنا الأولى هي للمجاهدين في الثغور، فنقول لهم: جزاكم الله خيرا، وتقبّل منكم أعمالكم، فما من حدّ يقام في هذه الأرض، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، إلا ولهم فيه نصيب من الأجر بإذن الله، كيف لا ولولا فضل الله ثم رباطهم وجهادهم لاستولى عليها الكفار وأحالوها دار كفر وطبّقوا فيها أحكامهم الجاهلية، وأمروا فيها بالمنكر ونهوا عن المعروف!
فالله الله في رباطهم، وليلزم كل منهم ثغره، ولا يؤتينّ المسلمون من قبله، وليتذكر دائما أنه لا يحمي قطعة من الأرض، وبيوتا من إسمنت وطين وحسب، ولكنه في المقام الأول يحمي دين المسلمين ودماءهم وأعراضهم.
وإننا نرى أن المشركين إذا سيطروا على قطعة من الأرض، فأول ما يقومون به هو الإعلان عن نزع الحجاب، وإباحة ارتكاب المعاصي من دخان وموسيقى واختلاط وما شابه، ويجهرون بالكفر والعداء لشريعة ربّ العالمين، وما ذلك إلا دليل على أن حربهم علينا إنما هي من أجل ديننا، وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، الذي لا يمكن أن يتم إلا تحت حكم الإسلام.
وليعلم كل منهم أن رباطه ليوم أو ليلة، هو خير من صيام القاعد وقيامه، فكيف بالمرابط اليوم، وقد جمع بين ثوابي الصيام والقيام، والرباط والجهاد!
ورسالتنا الثانية هي للمسلمين عموما، أحذرهم من معصية القعود عن الجهاد بالنفس والمال والركون إلى الدنيا الفانية، ثم أذكرهم ونفسي بفضل هذا الشهر العظيم، فلا يفوتنهم إلا وقد حصّلوا فيه من الطاعات الخير الكثير، وخاصة في العشر الأواخر منه، والتي فيها ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر كما أخبر ربنا سبحانه وتعالى.
◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 هـ
مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه