صحيفة النبأ العدد 36 - قصة شهيد أبو فاروق الحسيني «فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر» لم يكن ...

منذ 2025-01-28
صحيفة النبأ العدد 36 - قصة شهيد

أبو فاروق الحسيني
«فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»

لم يكن فقد عينه وإحدى يديه في مسيرة جهاده في سبيل الله وما لاقاه من مصاعب وعوائق إلا من أسباب ثباته على هذا الطريق الصعب، رجل نذر نفسه وكل ما يملك رخيصا في سبيل الله
فكان من أوائل من قارع الصليبيين منذ وطئت أقدامهم النجسة أرض الرافدين. أبو فاروق الحسيني من الثلة القليلة الصادقة -كما نحسبهم- التي قاتلت برفقة الشيخ عمر حديد -تقبله الله- في الفلوجة.

شهد أبو الفاروق أحداث معركة الفلوجة الأولى، وقُدّر له أن يتعرض لغارة جوية صليبية، نجا فيها من القتل ولكنه فقد يده اليمنى، لتبدأ مسيرة الابتلاءات، فقد ابتلاه الله تعالى بفتنة الأسر لدى أعداء الله في سجن بادوش، وحُكم عليه بالسجن ست سنوات، ولكن الله فرّج عنه حينما حرّر المجاهدون السجن، فعاد إلى صفوف إخوانه في ولاية الفلوجة من جديد، يناجز أعداء الله ويثخن فيهم، حتى ابتلاه الله من جديد بقصف من طائرة رافضية، تستهدف نقطة رباطه ببرميل متفجر، سقط على مقربة منه، وكما نجّاه الله في تلك الغارة نجّاه في هذه أيضا، لكنه سبحانه كتب له أن يفقد عينه اليسرى على إثر الانفجار الشديد.

حبه لابنتيه الصغيرتين لم يمنع قلبه من التعلق بالعمليات الاستشهادية بعد أن سبقه إليها أخوه الشقيق، فهو يقول: «بعد أن منّ الله على أخي أبي هيثم بالوصول إلى تجمع للجيش والصحوات في منطقة العامرية، وتفجير عجلته المفخخة في أوساطهم ليمزق أشلاءهم ويحيلهم أثرا بعد عين مبتغيا مرضاة الله، زادت عزيمتي على أن أكون ضمن قوافل الاستشهاديين وقوائمهم»، وبالتزامن مع المعارك التي خاضها أبو فاروق مع أعداء الله كان يخوض معركة ثانية لكنها من نوع مختلف يتحدث أبو فاروق عن معركته الجديدة: «ومنذ أن فكرت بتسجيل اسمي في عملية استشهادية ووساوس الشيطان تلاحقني، كيف تترك أهلك وكيف تترك ابنتيك الحبيبتين وكيف ستواجه هذا الموقف العظيم؟»، وما إن حان موعد تنفيذ العملية الاستشهادية حتى ثبّت الله قلبه في موقف كان يرقبه، حيث يقول أبو فاروق واصفا اللحظات الأخيرة في داخل منزله: «ودّعت أهلي جميعهم وجعلت ابنتي أمينة التي أحبها حبا جمّا آخر من أودّعه، فاحتضنتْني وبكت وأطلقت سهما من الألم في داخلي حين قالت ودموعها تتساقط: أبي لا تتركني. لكنني عزمت على لقاء ربي ومواصلة المسير، فقد حان وقت الإثخان بأعداء الله، واللحاق بركب الشهداء.
وعند خروجي من البيت بادرتني زوجتي بالقول: لمن تتركنا؟ قلت: لله الواحد الأحد، فقالت: ونعم بالله، اذهب على بركة الله».

يقول صاحبنا الذي آمن يقينا أن الله جعل لكل نفس أجلاً، لا يُقدَّم ولا يُؤخَّر: «حينما وصلتُ لعجلتي المفخخة التي عزمت أن أنفّذ فيها، دعوت الله -عز وجل- وبكيت، وقلت: يا رب، إني عبدك الضعيف الفقير، هائنذا أتبرأ من حولي ومن قوتي إلى حولك وقوتك» ويضيف واصفا لحظة الانطلاق: «عندما حان المسير سمعت صهيل خيل في أذني، وأشهد الله على ذلك، ولم يكن ثمة خيل، فانطلقت حتى وصلتُ رتلا للمرتدين، فاصطدمتْ عجلتي المفخخة بعجلة للمرتدين، فانفجر «كيس الهواء» الذي في مقود العجلة (الإيرباك)، فضغطت على زر التنفيذ ثم فقدت الوعي، لأستيقظ بعد أن قذفتني قوة الانفجار عند جهاز النداء وأنادي على الإخوة، لأجد نفسي بعد ذلك في المستشفى، ليس بي إلا رضوض في اليد وجروح بسيطة في كفي».

لكن أخانا أبا فاروق المقبل على الآخرة أيما إقبال، دفعه شوقه إلى ربه إلى أن يعزم من جديد على إعادة الكرّة، ولكن هذه المرة بعملية انغماسية استشهادية مع حبيبه ورفيقه أبي بلال الأنصاري، فبعد التوكل على الله والأخذ بالأسباب انطلق أبو فاروق يقود العجلة المفخخة وعلى ظهرها سلاح رشاش ثقيل استلمه أخوه أبو بلال، حتى اقتربا من الهدف، وفتحا الطريق وتوغلا في عمق تجمعات وآليات مشركي الحشد الرافضي، وفجرا السيارة بعد أن نكلوا فيهم وشردوا بهم من خلفهم، ليلحقا بمن سبقهم من الصادقين، أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، كما نحسبهم والله حسيبهم.

66827433edad6

  • 3
  • 0
  • 10

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً