قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله) [4/4] ثم تابع ...
منذ 2025-02-05
قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله)
[4/4]
ثم تابع الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- نشاطه الذي لا يكلّ في الشام، مسؤولا عن (الهيئة الشرعية)، وعضوا في (اللجنة العامة المشرفة) على عموم العمل في الشام، فكانت تلك الفترة من أشق الفترات عليه -رحمه الله- لحجم ما ألقي على عاتقه من مسؤوليات، ولكثرة ما كان يبذله من جهد في التعليم والدعوة والبحث في المسائل الشرعية، بالإضافة إلى قضايا إدارة المناطق واستلام ملف حل المشكلات مع الفصائل والتنظيمات، عدا عن إشرافه على القضاة والمحاكم الإسلامية التي بدأت الدولة الإسلامية في إنشائها في المناطق التي حصل فيها شيء من التمكين، فعمل على تسيير عملها، ووضْعِ ضوابط لتسيير عمل المحاكم.
وكان من صفاته -تقبّله الله- في تلك المرحلة أنّه لم يكن ييأس من دعوة الفصائل والتنظيمات إلى التزام التوحيد والسنة، فكان يلتقي قادتها ويحذّرهم من خطر الارتباط بدول الطواغيت وأجهزة مخابراتهم، وإعلامهم أنهم يستدرجونهم من خلال الدعم المقدم لهم إلى أبواب الردّة والعمالة، ليمسكوا من خلالهم بخيوط الجهاد في الشام، ويستخدموهم فيما بعد لقتال الدولة الإسلامية عبر تجنيدهم في مشاريع صحوات شبيهة بالتي أنشؤوها في العراق، وهو ما كان بقدر الله بعد أشهر قليلة فقط، عندما خرجت تلك الفصائل على الدولة الإسلامية، وقصة غدرهم بالمجاهدين في مناطق حلب وإدلب والساحل والمنطقة الشرقية معروفة.
ومع فشل مشروع الصحوات في الشام -بفضل الله- وما منّ الله به على الدولة الإسلامية من تمكين في مناطق واسعة منها، بدأ العمل حثيثا لإنشاء مؤسسات الدولة التي يمكن من خلالها إدارة تلك المناطق وإقامة حكم الله فيها، فكان الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- على رأس القائمين على مشروع الدواوين والتأسيس لها، وخاصة الدواوين الشرعية منها، كالقضاء والحسبة والدعوة والزكاة، بالإضافة إلى مكتب البحوث والدراسات، وذلك بعد إلغاء مسمّى (الهيئة الشرعية) وتوزيع مهامها على الدواوين بحسب اختصاصاتها.
وبعد أن فتح الله على عباده الموحدين الموصل ومناطق واسعة من العراق، ورُبطت مع الشام بكسر الحدود المصطنعة، طلب الشيخ -رحمه الله- إعفاءه من المهام الموكلة إليه، والسماح له بالعودة إلى المكان الذي بدأ منه دعوته وجهاده، إلى مدينة تلعفر، حيث استقر هناك فترة من الزمن جنديا من جنود الخلافة، فشارك بنفسه في كثير من المعارك ضد ملاحدة الأكراد، ومرتدي البيشمركة، ومشركي الأيزيدية في جبل سنجار والمناطق المحيطة به، فثبّت الله به أقدام المجاهدين في معارك عديدة.
وكانت نهاية مطافه أمينا لبيت مال المسلمين، حيث استدعي من جديد لإدارته، واستقر في مدينة الموصل لأداء تلك الوظيفة، فأشرف بنفسه على كثير من مراحل إنجاز مشروع النقد الإسلامي المتمثل باستبدال عملات الطواغيت الورقية عديمة القيمة، بالنقود المعدنية ذات القيمة الحقيقية كما هو الأصل في الأموال، وقد أقرّ الله عينه برؤية التجار في ربوع الدولة الإسلامية يتداولون الدنانير الذهبية والدراهم الفضية.
وفي هذه الأثناء كان الصليبيون يتعقبون الشيخ أبا علي بطائراتهم وجواسيسهم، ويعلنون عدّة مرّات نبأ مقتله، بينما كان هو مستمرا في دعوته وجهاده، مشرفا على ما تحمله من تكاليف دون أن يعبأ بتهديداتهم، فكان يلتقي بالتجار، ويجتمع بالمسؤولين عن الإدارات في الدولة الإسلامية، ويتنقل بين ولاياتها، ويعلّم الرعيّة في مساجدها خطيبا ومدرّسا، حتى أذن الله بمقتله على أيدي الصليبيين بعد أن فجّر حزامه الناسف في وحدة من جنودهم حاولت اعتقاله عبر عملية إنزال جوي فاشلة أثناء عبوره من الشام إلى العراق، رافضا أن يعطي الدنية في دينه، أو يقرّ أعين المشركين بأسره وتقييده.
قُتل الشيخ عبد الرحمن بن مصطفى الهاشمي القرشي، وقد بلغ من العمر ستين عاما، قضى أغلبه على منابر المساجد، وفي حلق العلم، وبين صفوف المجاهدين، وخلف أسوار سجون الصليبيين والمرتدين.
قُتل الشيخ أبو علي الأنباري شهيدا على أيدي المشركين، ليلحق بولديه الشهيدين علاء وعماد الذين، اللذين قُتلا قبله في جهاد الصليبيين، ويلحق بأحبّائه وإخوانه الشهداء، أبي مصعب الزرقاوي وأبي حمزة المهاجر وأبي عبد الرحمن البيلاوي وأبي المعتز القرشي وأبي الحارث الأنصاري، نحسبهم جميعا كذلك ولا نزكي على الله أحدا من عباده.
قُتل العالم العابد والداعية المجاهد، وقد خلّف وراءه إرثا من العلم، وإرثا من الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، والتحذير من الشرك بكل أنواعه وخاصة شرك الطاعة الذي ألف فيه كتابا، وأعطى في موضوعه عشرات الدروس والخطب والمحاضرات.
فتقبّل الله شيخنا المجاهد، وجزاه عنّا وعن المسلمين خير الجزاء، وجمعنا الله به في الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقا.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 هـ
لقراءة المقال القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
[4/4]
ثم تابع الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- نشاطه الذي لا يكلّ في الشام، مسؤولا عن (الهيئة الشرعية)، وعضوا في (اللجنة العامة المشرفة) على عموم العمل في الشام، فكانت تلك الفترة من أشق الفترات عليه -رحمه الله- لحجم ما ألقي على عاتقه من مسؤوليات، ولكثرة ما كان يبذله من جهد في التعليم والدعوة والبحث في المسائل الشرعية، بالإضافة إلى قضايا إدارة المناطق واستلام ملف حل المشكلات مع الفصائل والتنظيمات، عدا عن إشرافه على القضاة والمحاكم الإسلامية التي بدأت الدولة الإسلامية في إنشائها في المناطق التي حصل فيها شيء من التمكين، فعمل على تسيير عملها، ووضْعِ ضوابط لتسيير عمل المحاكم.
وكان من صفاته -تقبّله الله- في تلك المرحلة أنّه لم يكن ييأس من دعوة الفصائل والتنظيمات إلى التزام التوحيد والسنة، فكان يلتقي قادتها ويحذّرهم من خطر الارتباط بدول الطواغيت وأجهزة مخابراتهم، وإعلامهم أنهم يستدرجونهم من خلال الدعم المقدم لهم إلى أبواب الردّة والعمالة، ليمسكوا من خلالهم بخيوط الجهاد في الشام، ويستخدموهم فيما بعد لقتال الدولة الإسلامية عبر تجنيدهم في مشاريع صحوات شبيهة بالتي أنشؤوها في العراق، وهو ما كان بقدر الله بعد أشهر قليلة فقط، عندما خرجت تلك الفصائل على الدولة الإسلامية، وقصة غدرهم بالمجاهدين في مناطق حلب وإدلب والساحل والمنطقة الشرقية معروفة.
ومع فشل مشروع الصحوات في الشام -بفضل الله- وما منّ الله به على الدولة الإسلامية من تمكين في مناطق واسعة منها، بدأ العمل حثيثا لإنشاء مؤسسات الدولة التي يمكن من خلالها إدارة تلك المناطق وإقامة حكم الله فيها، فكان الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- على رأس القائمين على مشروع الدواوين والتأسيس لها، وخاصة الدواوين الشرعية منها، كالقضاء والحسبة والدعوة والزكاة، بالإضافة إلى مكتب البحوث والدراسات، وذلك بعد إلغاء مسمّى (الهيئة الشرعية) وتوزيع مهامها على الدواوين بحسب اختصاصاتها.
وبعد أن فتح الله على عباده الموحدين الموصل ومناطق واسعة من العراق، ورُبطت مع الشام بكسر الحدود المصطنعة، طلب الشيخ -رحمه الله- إعفاءه من المهام الموكلة إليه، والسماح له بالعودة إلى المكان الذي بدأ منه دعوته وجهاده، إلى مدينة تلعفر، حيث استقر هناك فترة من الزمن جنديا من جنود الخلافة، فشارك بنفسه في كثير من المعارك ضد ملاحدة الأكراد، ومرتدي البيشمركة، ومشركي الأيزيدية في جبل سنجار والمناطق المحيطة به، فثبّت الله به أقدام المجاهدين في معارك عديدة.
وكانت نهاية مطافه أمينا لبيت مال المسلمين، حيث استدعي من جديد لإدارته، واستقر في مدينة الموصل لأداء تلك الوظيفة، فأشرف بنفسه على كثير من مراحل إنجاز مشروع النقد الإسلامي المتمثل باستبدال عملات الطواغيت الورقية عديمة القيمة، بالنقود المعدنية ذات القيمة الحقيقية كما هو الأصل في الأموال، وقد أقرّ الله عينه برؤية التجار في ربوع الدولة الإسلامية يتداولون الدنانير الذهبية والدراهم الفضية.
وفي هذه الأثناء كان الصليبيون يتعقبون الشيخ أبا علي بطائراتهم وجواسيسهم، ويعلنون عدّة مرّات نبأ مقتله، بينما كان هو مستمرا في دعوته وجهاده، مشرفا على ما تحمله من تكاليف دون أن يعبأ بتهديداتهم، فكان يلتقي بالتجار، ويجتمع بالمسؤولين عن الإدارات في الدولة الإسلامية، ويتنقل بين ولاياتها، ويعلّم الرعيّة في مساجدها خطيبا ومدرّسا، حتى أذن الله بمقتله على أيدي الصليبيين بعد أن فجّر حزامه الناسف في وحدة من جنودهم حاولت اعتقاله عبر عملية إنزال جوي فاشلة أثناء عبوره من الشام إلى العراق، رافضا أن يعطي الدنية في دينه، أو يقرّ أعين المشركين بأسره وتقييده.
قُتل الشيخ عبد الرحمن بن مصطفى الهاشمي القرشي، وقد بلغ من العمر ستين عاما، قضى أغلبه على منابر المساجد، وفي حلق العلم، وبين صفوف المجاهدين، وخلف أسوار سجون الصليبيين والمرتدين.
قُتل الشيخ أبو علي الأنباري شهيدا على أيدي المشركين، ليلحق بولديه الشهيدين علاء وعماد الذين، اللذين قُتلا قبله في جهاد الصليبيين، ويلحق بأحبّائه وإخوانه الشهداء، أبي مصعب الزرقاوي وأبي حمزة المهاجر وأبي عبد الرحمن البيلاوي وأبي المعتز القرشي وأبي الحارث الأنصاري، نحسبهم جميعا كذلك ولا نزكي على الله أحدا من عباده.
قُتل العالم العابد والداعية المجاهد، وقد خلّف وراءه إرثا من العلم، وإرثا من الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، والتحذير من الشرك بكل أنواعه وخاصة شرك الطاعة الذي ألف فيه كتابا، وأعطى في موضوعه عشرات الدروس والخطب والمحاضرات.
فتقبّل الله شيخنا المجاهد، وجزاه عنّا وعن المسلمين خير الجزاء، وجمعنا الله به في الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقا.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 هـ
لقراءة المقال القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at