صحيفة النبأ العدد 45 قوموا فموتوا على ما مات عليه إخوانكم يحاول أهل الباطل في كل وقت أن ...

منذ 2025-02-07
صحيفة النبأ العدد 45
قوموا فموتوا على ما مات عليه إخوانكم


يحاول أهل الباطل في كل وقت أن يجعلوا من موت الصالحين، أو مقتلهم على أيدي أعداء الإسلام من المشركين والمرتدّين بشارة لهم على انكسار الموحّدين، وما يدري أولئك السفهاء أن الله تعالى كتب لكلِّ نفس أجلها من قبل أن تُخلق السماوات والأرض، قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]، ويستوي في هذا الحكم القدري كل الناس، من نبيّ ووليّ وتقيّ، ومن كافر وظالم وشقيّ.

وما يدري أولئك السفهاء أن الله تعالى يحفظ دينه بما شاء سبحانه، ولن يزال هذا الدين قائما، لا يضره موت أحد من الناس، ولو كان ضارّه شيء لضرّه موت النبي ﷺ وصحابته الكرام، إذ بقي الدين من بعدهم، وزاده الله تمكينا وانتشارا في الأرض، بحفظه سبحانه له، وبتسخيره لخدمته عبادا له صالحين {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54].

أما الربانيون الذي يخشون الله حق خشيته، ويعبدونه حق عبادته، فلا يكون قولهم إذا ما مات صالح منهم إلا أن يذكّروا إخوانهم بما ذكّر به أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أصحابه: «من كان يعبد محمدا فإن محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت».

وأما المجاهدون في سبيل الله، وهم خاصة الله من خلقه، الذين اصطفاهم من عباده ليتخذ منهم الشهداء، وليبلوهم منه بلاء حسنا، فإن موت قادتهم وأمرائهم الذين كانوا يقتحمون أمامهم غمار المعارك، ويتقحمون من أجل دينهم المهالك، لا يزيدهم إلا ثباتا وإقداما في قتال أعداء الله، ولا يكون قولهم إلا كقول أنس بن النضر -رضي الله عنه- لصحابة رسول الله ﷺ وقد وجدهم في يوم أحد وقد أرهقهم ما سمعوه من دعاية المشركين عن قتلهم لرسول الله ﷺ فقال: «ما يُجلِسُكم؟» قالوا: «قُتل رسول الله ﷺ!» قال: «فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ﷺ!» ثم استقبل القوم، فقاتل حتى قُتل.

وهذه سنة الموحّدين في كل زمان ومكان، كلما قضى منهم جيل خرج الجيل الذي يليه يحمل راية التوحيد وينغمس من جديد في أتون معركة الإسلام الباقية ضد الشرك وأهله، وشعار كلٍّ منهم: قوموا فموتوا على ما مات عليه إخوانكم الذين سبقوكم بالإيمان.

إن مقتل إخواننا السابقين المصابرين كأمثال الشيخ أبي محمد العدناني -تقبله الله- لن يضرّ الإسلام شيئا، فهو محفوظ بحفظ الله -سبحانه وتعالى- له، ولن يضرّ إخواننا شيئا، فإننا نحسبهم ما خرجوا مقاتلين في سبيل الله إلا لينالوا الشهادة مقبلين غير مدبرين، وقد قال الله تعالى فيهم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169-171].

وإن مقتلهم لن يضرّ الدولة الإسلامية بإذن الله، ما دامت ثابتة على التوحيد والسنة، وسيسخّر لها من الرجال من يغيض الله بهم الكفار، ويشفي بهم صدور قوم مؤمنين، كما سخّر لها من يقيم أصولها، ويرفع قواعدها، ويرفع صرحها، حتى بلغت -بفضل الله- ما بلغته اليوم من عز وتمكين.

فعندما فرح المشركون والمرتدون بمقتل الشيخ أبي مصعب الزرقاوي -تقبله الله- لم يدُرْ في خلدهم أن الله سيسخّر من جنود الشيخ وإخوانه من يرغم أنوفهم، ويغيض قلوبهم، من أمثال الشيخ أبي محمد العدناني، تقبله الله.

واليوم يفرحون بمقتل الشيخ أبي محمد العدناني -تقبله الله- ثم سيبكون كثيرا عندما يسلّط الله عليهم -بإذنه- من يسومهم سوء العذاب من جنود أبي محمد وإخوانه، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].


* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

◾ تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

6775d63d38a0f

  • 3
  • 0
  • 7

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً