يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ [3/3] ولا تظن المسلمة أن الله تعالى لا يقبل إلا الكثير ...

منذ 2025-02-07
يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ

[3/3]
ولا تظن المسلمة أن الله تعالى لا يقبل إلا الكثير والوفير، بل رُب درهم سبق ألف درهم، ورب نصف تمرة يتصدق بها صاحبها في الدنيا تقيه نار الآخرة، فعن المنذر بن جرير، عن أبيه، قال: «كنا عند رسول الله ﷺ في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله ﷺ لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذن وأقام، فصلى ثم خطب فقال: ({يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}) إلى آخر الآية، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، والآية التي في الحشر: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر: 18]. (تصدّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره) -حتى قال- (ولو بشق تمرة) قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفّه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس، حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل، كأنه مذهبة، فقال رسول الله ﷺ: (من سنّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)» [رواه مسلم].

وإذا فات المسلمة في الجهاد بالسيف من الخير الكثير، وذلك من فضل الله تعالى على الرجال، فها هو باب الجهاد بالمال العظيم مفتوح على مصراعيه ينتظر المتاجرات مع ربهن تجارة لن تبور أبدا، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: «ومن عجز عن الجهاد ببدنه وقدر على الجهاد بماله، وجب عليه الجهاد بماله، وهو نص أحمد في رواية أبي الحكم، وهو الذي قطع به القاضي في أحكام القرآن، في سورة براءة عند قوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}، فيجب على الموسرين النفقة في سبيل الله، وعلى هذا فيجب على النساء الجهاد في أموالهن إن كان فيها فضل».

وبعض النساء تكنز الذهب قائلة: لعلِّي لا أجد يوما ما أنفق -على الدنيا طبعا- فأبيع من هذا الذهب. ولكن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- لم تكن تتبع نفس السياسة، فعائشة تصدقت بسبعين ألفا وإنها لترقع درعها، بل ويرسل إليها معاوية -رضي الله عنه- بمائة ألف درهم، فلم تغرب شمس ذاك اليوم إلا وقد تصدقت بها كلها، فتقول لها جاريتها: «لو اشتريت لنا منها بدرهم لحما؟» فتجيبها أم المؤمنين: «ألا قلت لي؟»

فإن كان هذا حال أمهات المؤمنين والصحابيات مع الصدقة والإنفاق في سبيل الله، وهنّ من هنّ، أفلا يجدر بمن هن دونهن من المسلمات ممن آتاهن الكريم من فضله، أن يتزودن لدار القرار، ما دمن في سعة من الأمر وأمنة من العيش، والله -تبارك وتعالى- يقول: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} [المنافقون: 10-11].


* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

◾ لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

6775d63d38a0f

  • 6
  • 0
  • 10

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً