القائد الإعلامي لغزوة سبايكر أبو مارية العراقي.. صيَّاد اللقطات... ومبدع الإصدارات [2/2] من ...

منذ 2025-02-08
القائد الإعلامي لغزوة سبايكر
أبو مارية العراقي..
صيَّاد اللقطات... ومبدع الإصدارات
[2/2]

من آساد معارك بيجي، ومن موثقي ملاحم مصفاتها، التي كان يدخلها جرياً على قدميه مع كادره الإعلامي، رغم محاصرتها من قبل الرافضة وميليشياتهم، ورغم رصاص قناصي الشرك والردة، ورغم الطيران الصليبي الذي لا يفارق سماء المصفى، كان يركض مسافة كيلومترين في أرض مفتوحة وسط انهمار الرصاص، ليصل إلى المجاهدين داخل المصفى، ويخرج بالطريقة ذاتها بعد انتهاء وتوثيق المعارك.

سقف أحلامه وطموحاته كان عاليا جدا، وفي داخله ثقة كبيرة بأنه سيحقق كل ما كان يسعى إلى تحقيقه، كيف لا وهو الذي أحدث فرقاً ونقلة نوعية في الإعلام، بوقوفه على رأس هرم الإعلام العسكري، وأسس لمستقبل إعلامي عسكري على أسس صحيحة ومتينة، فقد وزّع العمل والمهام بشكل ناجح، دون أن يجعل العمل مركزيا أو مرتبطا بشخصه حصرا، كي يضمن عدم توقف العمل بغياب إعلامي أو بمقتل أمير.

كان دائم الإلحاح على أن يحل مكانه أخ آخر يحمل هذه الأمانة الثقيلة، ويتفرغ هو ليكون مصورا في المعارك والغزوات، حيث يجد نفسه هناك في ساحات المعارك، وفي الثغور التي بقي مرتبطا بها رغم التزامه بالتكاليف الكبيرة لعمله الجديد.

يعشق أجواء الجهاد وغبار المعارك ورفقة المقاتلين ولا يطيب له العيش بعيدا عنهم، لهذا تجده دائم الوجود معهم في الغزوات والمعارك، فهو من يقود ملاحمها الإعلامية، ولا يقبل إلا أن يكون في قلب المعارك، مهما كانت شدة وطيسها ووقع أوارها، تجده يزف بشارات النصر دائماً، وتجد العيون كلها تترقب ما يصدر عنه، وتتعالى التكبيرات وهو يزف ما يثلج صدور المؤمنين من أنباء تدمير الدبابات الأمريكية أو صد الهجمات الرافضية، أو تحرشات مرتدي البيشمركة الكردية.

يواصل ليله بنهاره بين تلبية لاحتياجات العمل المكلف به، وطواف على جبهات القتال حتى أعياه التعب، فلا يجد وقتا للاجتماع بجنوده أحيانا إلا بعد منتصف الليل، ولا ينتهي اجتماعه معهم إلا قبيل الفجر، لضيق وقته وكثرة شغله.

وفي ساعة متأخرة من ليلة رحيله ودّع أبو مارية جنوده وداع مفارق...
«قد حانت الساعة، وقريباً قريباً بإذن الله سنلقى الأحبة، والله إني قد اشتقت للقاء الله».

هكذا رددها كلمات أخيرة من قلب استشعر قرب لقاء الله جل في عليائه، وفي صباح اليوم التالي، رغم التعب والإرهاق والإجهاد، توجه إلى الثغور ليطلع على أحوال المعارك وسيرها في أحد القواطع، وفي طريق عودته قصفته طائرة أمريكية صليبية، ليودّع فارس الإعلام مضماراً لطالما خاضه بتعب ونصب نصرة لدين الله وطمعا بما عند مليك مقتدر، ولينتهي فصل من فصول شجاعة فارس من فرسان الدولة الإسلامية، الرجال الذين خضبوا مسيرتهم بالدماء، وطرزوها بالفداء، ومهروا خاتمتها بالأشلاء.

قُتل أبو مارية، وهو ابن سبعة وعشرين ربيعا، قضى نصفها في ساحات الجهاد، مقاتلا، وأسيرا، وطريدا، وفاتحا، وأميرا.

قتل صاحب المروءة الذي كان يشتد غضبه إن علم تقصيراً في حق أسرة أخ قتيل أو أسير أو مرابط، فيسارع بنفسه إلى تلبية احتياجاتهم، حتى أنه شكل لجنة في الإعلام العسكري خاصة بمتابعة شؤون عوائل وأسر القتلى والجرحى والأسارى من الإعلاميين.

رحل الذي كان يكثر من ترديد: «أخاف أن أشق على من يعمل برفقتي فيبتليني الله بأمير يشق عليّ في عملي»، ما جعله لا يعرف للظلم طريقاً، بل كان ينتصف لمن يصاب بظلم، ويسعى لحل كل مشاكل رفاقه، رغم انشغاله الشديد بأمور العمل الإعلامي والعسكري.

رحل الفارس ملتحقا بأشقائه الثلاثة، ممن سبقوه إلى الجنان، بإذن الله تعالى، تاركا فراغا سيجد من يخلفه مشقة كبرى في سده، فنحسبه كان ممن قال فيهم رسول الله ﷺ: (من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، يبتغي القتل والموت مظانه)، فلله درك يا أبا مارية.

رحلت أبا مارية، يا من تدمع العين لفقدك، وتبكيك المعارك وقت النزال، كيف لا، وأنت الضرغام حين الاحتدام، فنم قرير العين يا جبلاً، فقد خلّفت جيلاً من بعدك لن يناموا على ضيم!

* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

◾ لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

675b0ecd560d4

  • 1
  • 0
  • 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً