رموز أم أوثان؟! (5) [2/3] ولذلك نجد أن «الرمز» الجديد يعمل على الحفاظ على مكانة سلفه داخل ...
منذ يوم
رموز أم أوثان؟! (5)
[2/3]
ولذلك نجد أن «الرمز» الجديد يعمل على الحفاظ على مكانة سلفه داخل الجماعة وخارجها، لأنّه إنما يكتسب «رمزيته» الحادثة من خلال ارتباطه بـ «الرمز» القديم، وبفقدان «الرمز» القديم لمكانته سيفقد هو نفسه كثيرا من «رمزيته» بتأثير الارتباط بينهما، بل قد تصبح علاقة الارتباط تلك وبالا عليه في حال إسقاط «الرمز» القديم، باكتشاف الأتباع لنقيصة في تاريخه كانت غائبة عنهم، وفي هذه الحالة يكون دفاع الجديد عن القديم دفاعا عن نفسه.
والجانب الآخر من جوانب خطورة هؤلاء على أي جماعة أو تنظيم، أنهم في كثير من الأحيان يستلمون أعلى المناصب القيادية فيها، دون أن تكون لديهم القدرات والكفاءات اللازمة للقيام بواجبات تلك المناصب، فيفسدون البلاد ويهلكون العباد، كما أن تقديمهم على غيرهم في الأمور المختلفة يخلق الشحناء والبغضاء داخل الجماعة مما يعرضها للتفكك والانهيار، ومن جانب آخر فإن أقارب «الرموز» ورفاقهم معرضون بشكل أكبر للتحول إلى مراكز ثقل داخل الجماعة، يجتمع عليهم الناقمون على القيادة الجديدة، ويجعلون منهم واجهات -ولو صوريّة- للمنشقين، ليستفيدوا من «رمزيتهم» المكتسبة في الاستقواء على باقي أفراد الجماعة وقيادتها، بالزعم أنها انحرفت عن الخط الأصيل لها، ويستدلون على دعواهم هذه بهؤلاء «الرموز» الجدد الذين يمثلون في عرف المفتونين ورثة منهج «الرمز» القديم والمدافعين عن مذهبه من «عبث العابثين»، وكذلك فإن هؤلاء معرضون أكثر من غيرهم للتمرّد على الأوامر وإعلان العصيان إذا ما عُزلوا عن مناصبهم، أو جُرّدوا من بعض صلاحياتهم أو مكتسباتهم، لأنهم قد يشعرون أنهم في منعة من العقاب، وأن هناك من سيغضب لغضبتهم، ويثور لثورتهم، وهذا ما نجده جليا في الأحزاب والتنظيمات، سواء منها العلمانية أو المنتسبة للإسلام، بل نجده في الطرق الصوفية، وفي الفرق والطوائف الضالة المضلة.
وهذه الحقائق تدفع الطواغيت، وزعماء الفرق، وقادة الأحزاب والتنظيمات إلى الحرص على رضا أقرباء «الرموز» كثيرا، فتراهم يقرّبون أبناءهم وأحفادهم، ليكتسبوا من وراء ذلك شرعية في قلوب المفتونين وعقولهم.
ولنا في حكام جزيرة العرب من «آل سعود» خير مثال، فبالرغم من أنّهم نبذوا الدين وراء ظهورهم وحادوا عن طريق أجدادهم الموحّدين، وصاروا طواغيت مرتدّين، إلا أنهم لا زالوا حريصين على تقريب بعض أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- المعروفين اليوم بـ «آل الشيخ» فيشاركونهم معهم في الردة ويختارون منهم المفتين والوزراء، وذلك لكي يخدعوا الجهال، ويستدلّ لهم علماء السوء أنهم لا زالوا على منهج التوحيد الذي جدّده الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ونصره الإمام محمد بن سعود بنفسه وأولاده ورجاله، فما دام «آل الشيخ» في صف «آل سعود» فهذا – في دين المفتونين – دليل أنهم على منهج الشيخ، وعلى سيرة الأوائل من «آل سعود».
وبالرغم من الردّة الواضحة التي وقع فيها بعض أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- المعاصرين من أمثال مفتي «آل سعود» الحالي (عبد العزيز آل الشيخ) ووزير أوقافهم (صالح آل الشيخ) وغيرهم من المشايخ «الرسميين» و«غير الرسميين»، بموالاتهم للطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، وإعانتهم للصليبيين والمرتدين المحاربين لأهل التوحيد بكلامهم ودعائهم، فإن كثيرا من الناس لا يقبل فيهم كلاما ولا نقدا، لأنهم عنده حملة علم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وحماة منهجه.
وهكذا حوّل هؤلاء المفتونون منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب -الذي أفنى عمره في الدعوة إلى التوحيد واتباع السنة- إلى طريقة صوفية يورّثها الآباء للأبناء، ويورّثون معها التزكيات التي يعطيها اليوم المرتدون من «آل الشيخ» للطواغيت وأحبارهم.
وهذه العلاقة النفعية بين الطواغيت من «آل سعود» والمرتدين الموالين لهم من «آل الشيخ» لا بد أن تنتهي عاجلا في ظل تسريع عجلة التغريب والعلمنة في جزيرة العرب، ولن يكون غريبا حينها أن تنتهي بحملة تشويه يشنّها إعلام «آل سعود» ضد «آل الشيخ» ليتهموهم بأبشع التهم، ويعتبروهم فئة طفيلية تستفيد من قربها من الحكم دون أن يكون لها فائدة على دولتهم، وذلك ليكسروا «رمزيتهم» التي استفاد منها «آل سعود» لقرن من الزمن، تمهيدا لإضعافهم وإزاحتهم عن الواجهة، منعا لتحولهم إلى مركز ثقل يجتمع عليه من يريد أيضا الاستفادة من تلك «الرمزية» في منافسة «آل سعود».
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
[2/3]
ولذلك نجد أن «الرمز» الجديد يعمل على الحفاظ على مكانة سلفه داخل الجماعة وخارجها، لأنّه إنما يكتسب «رمزيته» الحادثة من خلال ارتباطه بـ «الرمز» القديم، وبفقدان «الرمز» القديم لمكانته سيفقد هو نفسه كثيرا من «رمزيته» بتأثير الارتباط بينهما، بل قد تصبح علاقة الارتباط تلك وبالا عليه في حال إسقاط «الرمز» القديم، باكتشاف الأتباع لنقيصة في تاريخه كانت غائبة عنهم، وفي هذه الحالة يكون دفاع الجديد عن القديم دفاعا عن نفسه.
والجانب الآخر من جوانب خطورة هؤلاء على أي جماعة أو تنظيم، أنهم في كثير من الأحيان يستلمون أعلى المناصب القيادية فيها، دون أن تكون لديهم القدرات والكفاءات اللازمة للقيام بواجبات تلك المناصب، فيفسدون البلاد ويهلكون العباد، كما أن تقديمهم على غيرهم في الأمور المختلفة يخلق الشحناء والبغضاء داخل الجماعة مما يعرضها للتفكك والانهيار، ومن جانب آخر فإن أقارب «الرموز» ورفاقهم معرضون بشكل أكبر للتحول إلى مراكز ثقل داخل الجماعة، يجتمع عليهم الناقمون على القيادة الجديدة، ويجعلون منهم واجهات -ولو صوريّة- للمنشقين، ليستفيدوا من «رمزيتهم» المكتسبة في الاستقواء على باقي أفراد الجماعة وقيادتها، بالزعم أنها انحرفت عن الخط الأصيل لها، ويستدلون على دعواهم هذه بهؤلاء «الرموز» الجدد الذين يمثلون في عرف المفتونين ورثة منهج «الرمز» القديم والمدافعين عن مذهبه من «عبث العابثين»، وكذلك فإن هؤلاء معرضون أكثر من غيرهم للتمرّد على الأوامر وإعلان العصيان إذا ما عُزلوا عن مناصبهم، أو جُرّدوا من بعض صلاحياتهم أو مكتسباتهم، لأنهم قد يشعرون أنهم في منعة من العقاب، وأن هناك من سيغضب لغضبتهم، ويثور لثورتهم، وهذا ما نجده جليا في الأحزاب والتنظيمات، سواء منها العلمانية أو المنتسبة للإسلام، بل نجده في الطرق الصوفية، وفي الفرق والطوائف الضالة المضلة.
وهذه الحقائق تدفع الطواغيت، وزعماء الفرق، وقادة الأحزاب والتنظيمات إلى الحرص على رضا أقرباء «الرموز» كثيرا، فتراهم يقرّبون أبناءهم وأحفادهم، ليكتسبوا من وراء ذلك شرعية في قلوب المفتونين وعقولهم.
ولنا في حكام جزيرة العرب من «آل سعود» خير مثال، فبالرغم من أنّهم نبذوا الدين وراء ظهورهم وحادوا عن طريق أجدادهم الموحّدين، وصاروا طواغيت مرتدّين، إلا أنهم لا زالوا حريصين على تقريب بعض أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- المعروفين اليوم بـ «آل الشيخ» فيشاركونهم معهم في الردة ويختارون منهم المفتين والوزراء، وذلك لكي يخدعوا الجهال، ويستدلّ لهم علماء السوء أنهم لا زالوا على منهج التوحيد الذي جدّده الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ونصره الإمام محمد بن سعود بنفسه وأولاده ورجاله، فما دام «آل الشيخ» في صف «آل سعود» فهذا – في دين المفتونين – دليل أنهم على منهج الشيخ، وعلى سيرة الأوائل من «آل سعود».
وبالرغم من الردّة الواضحة التي وقع فيها بعض أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- المعاصرين من أمثال مفتي «آل سعود» الحالي (عبد العزيز آل الشيخ) ووزير أوقافهم (صالح آل الشيخ) وغيرهم من المشايخ «الرسميين» و«غير الرسميين»، بموالاتهم للطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، وإعانتهم للصليبيين والمرتدين المحاربين لأهل التوحيد بكلامهم ودعائهم، فإن كثيرا من الناس لا يقبل فيهم كلاما ولا نقدا، لأنهم عنده حملة علم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وحماة منهجه.
وهكذا حوّل هؤلاء المفتونون منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب -الذي أفنى عمره في الدعوة إلى التوحيد واتباع السنة- إلى طريقة صوفية يورّثها الآباء للأبناء، ويورّثون معها التزكيات التي يعطيها اليوم المرتدون من «آل الشيخ» للطواغيت وأحبارهم.
وهذه العلاقة النفعية بين الطواغيت من «آل سعود» والمرتدين الموالين لهم من «آل الشيخ» لا بد أن تنتهي عاجلا في ظل تسريع عجلة التغريب والعلمنة في جزيرة العرب، ولن يكون غريبا حينها أن تنتهي بحملة تشويه يشنّها إعلام «آل سعود» ضد «آل الشيخ» ليتهموهم بأبشع التهم، ويعتبروهم فئة طفيلية تستفيد من قربها من الحكم دون أن يكون لها فائدة على دولتهم، وذلك ليكسروا «رمزيتهم» التي استفاد منها «آل سعود» لقرن من الزمن، تمهيدا لإضعافهم وإزاحتهم عن الواجهة، منعا لتحولهم إلى مركز ثقل يجتمع عليه من يريد أيضا الاستفادة من تلك «الرمزية» في منافسة «آل سعود».
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at