غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو «إخواني في ...

منذ 2025-02-18
غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد
قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو

«إخواني في الله، جددوا نياتكم، وأكثروا من الذكر والدعاء، وتضرعوا إلى الله والتجئوا إليه، إنها آخر ساعاتنا في هذه الدار الفانية، وبعدها ننتقل إلى دار البقاء بإذن الله، فلتكن لحظة الانغماس بالأعداء لحظة يقين بأن الجنة هي الجزاء، وأنّا مقبلون على كريم غفور يحب الذين يقاتلون في سبيله، واعلموا أنّه إنْ قدّر الله لنا البقاء فنحن أمام مزيد من الفتن والابتلاء، وإنْ قدّر لنا القتل فهو محض اصطفاء»، هذا ما قاله أمير الغزوة قبل الانطلاق، تقبله الله.

استعد الأبطال الأربعون وارتفعت هممهم، قال أحدهم، «اعلموا أن الله يرانا في هذه الساعة وينظر إلى أعمالنا، فأروا الله منا ما يحب، فهي لحظات لا تتكرر»، صوت من آخر الصفوف يرتفع، «نعاهد الله على الموت في سبيله، ونبايع خليفة المسلمين أبا بكر البغدادي على ألا نعود إلا منتصرين أو قتلى».

• لن نعود بإذن الله

قال آخر: «لن نعود أبدا بإذن الله، قالها بصوت أجش، لن أعود بإذن الله، مهما كان السبب»، أضاف آخر: «وأنا كذلك لن أعود مطلقا مهما كلف الأمر»، وصاح ثالث: «سأكون معكما فأنا مشتاق للقاء ربي»، أبكت هذه الكلمات الجميع، الإخوة الثلاثة الذين تبايعوا على الانغماس بالعدو وعدم العودة، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، نحسبهم كذلك، فقضوا نحبهم ولم يرجعوا.

أجواء الترقب تسود المكان، ونور الوجوه يغلب ظلمة الليل، والسكينة والاطمئنان سمة اللحظة، يصيح أحدهم بصوت مرتفع واصفا حال الانغماسي في سبيل الله:

وإني لمقتادٌ جوادي وقاذفٌ
به وبنفسي العام إحدى المقاذف
فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن
على سُرر تُعلى بخضر المطارف
ولكن قبري بطن نسر مَقيلُه
بجو السماء في نسور عواكف
فأُقتل قصعاً ثم يُرمى بأعظمي
بأرض الخلى بين الرياح العواصف
وأمسي شهيدا ثاوياً في عصابة
يصابون في فج من الأرض خائف

إنها غزوة (صايكول) الأخيرة التي رحّل فيها الأبطال المئات من ملاحدة الأكراد، وأذاقوهم بأسلحتهم الفردية طعم الخوف وألوان العذاب، والتي لن ينسى طعمها الملاحدة وأولياؤهم الصليبيون الذين فقدوا أحد خبرائهم فيها، الذي تبين لاحقا أنه يحمل الجنسية الكندية كما أكد الأعداء عبر إعلامهم.

أحد أبطال هذه الغزوة يقص علينا بعض مجريات الغزوة ويفسر لنا أهمية الأسلوب الذي اتبعه المقاتلون في اقتحامهم وهو الانغماس، ونجاعته في إرهاب العدو، وإيقاع عدد كبير من القتلى في صفوف العدو مقابل عدد قليل من المهاجمين، قائلا: «إن للانغماس عوامل نجاح وأسس يجب اتباعها كي يكون أنكى في العدو، فمن أسس الانغماس على الصعيد الشخصي، الإيمان القوي بالله، والعقيدة الراسخة، والقناعة بجدوى أسلوب الانغماس وأهميته، والشجاعة، واللياقة الجسدية العالية، وسرعة البداهة».

وأضاف أنه وعلى الصعيد العملي لا بد من المباغتة والمفاجأة، وسرعة الانقضاض على العدو، والخفة في الحركة، والتنبه لعامل الزمن، وخداع العدو، ودراسة المنطقة التي يراد الانغماس فيها ومعرفتها بشكل جيد، كذلك رصد أماكن تمركز العدو وعدد أفراده وعدد آلياته وجميع إمكانياته، ولا بد من الاستعانة بأبناء المنطقة في حال كان هذا ممكنا، ومعرفة المناصرين من الأعداء، لأنه كثيرا ما يستطيع المجاهد المنغمس الرجوع بعد تنفيذ مهمته فيحتاج لمن يعينه على طريق العودة، وإيوائه وإطعامه في حال حوصر لفترة طويلة أو كان مكان الانغماس بعيدا عن خطوط المجاهدين.

• تحييد سلاح الجو

ونوه إلى أن أسلوب الانغماس في الأعداء في ظل الحرب الشرسة التي تخاض ضد الدولة الإسلامية وجنودها هو من أنجع الأساليب التي تكبد العدو الكثير من الخسائر البشرية والمادية، إضافة إلى أن الانغماس يفوت على الأعداء فرصة استخدام سلاح الجو بشكل كامل، ناصحاً بأن يبدأ الانغماس في الأعداء أول الليل كي يتسنى للإخوة المنغمسين العمل طيلته، إذ يصعب على الأعداء رؤيتهم أو معرفة عددهم أو اتجاههم، الأمر الذي يسهل على الإخوة الانغماس وتحقيق الهدف من ورائه، مشيرا إلى أن الانغماس في النهار يفقد الإخوة الكثير من عوامل النجاح ويكون الوقت أمامهم قصيرا جدا للتحرك والمناورة، وقد يوقف عملهم قناص واحد، أما في الليل فلا يستطيع أحد تحديد أماكنهم وأعدادهم، بإذن الله.

وقال إن العديد من المجاهدين الآن -ولله الحمد- يحبون الانغماس لما يرون من فوائده الكثيرة ونجاعته في إيقاع القتل في الأعداء وتشتيتهم والتنكيل بهم.

• السيطرة على 6 قرى وقطع «طريق السد»

وعن الغزوة قال: «ابتدأنا المسير باتجاه القرى المستهدفة في العاشرة والنصف مساء ليلة التاسع والعشرين من رمضان، حيث انقسمنا إلى مجموعتين، في كل مجموعة 20 أخا، كان هدف المجموعة التي كنت فيها التسلل وراء خطوط العدو والوصول إلى عمق أراضيهم والسيطرة على كل من قرى بير شمالي، وبير بكار، وجيوف، وقريدان، وبير دم، بطريقة الانغماس في الصفوف الخلفية للعدو، والحمد لله تم لنا ذلك خلال الساعات الثلاث الأولى من الاقتحام، وكانت مهمة المجموعة الثانية ضرب خط العدو الأول والسيطرة على قريتي القادرية وكردشان، والتقاء المجموعتين بعد تحقيق كل منهما هدفه.

وأوضح أنه وبعد السيطرة على القرى لم يتمكن الإخوة الاقتحاميون في المجموعة الثانية من ضرب الخط الأول للعدو لأسباب عسكرية عديدة، فما كان منا نحن مجموعة الانغماسيين إلا الانتشار في القرى التي يسيطر عليها الملحدون والتفرق بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى في صفوف العدو، وكان بيننا ثلاثة إخوة رفضوا الانحياز وتعاهدوا على المضي قدما إلى أعمق نقاط العدو والإثخان فيهم وعدم الرجعة إلى أن يقتلوا بحول الله، وهو ما تم لهم نحسبهم والله حسيبهم، وهم الذين مكنهم الله من قطع «طريق السد» وخط الإمداد الذي يصل جبهة الملحدين الشرقية بالغربية لساعات طويلة.

• نفذ بحزامه الناسف ولم يُقتل

وأضاف أنه وبعد تفرقهم توجه وحيدا إلى قرية بير دم، ظنا منه أن بها مجموعة من الإخوة وبعد دخوله القرية جاء رتل مؤلف من عشر سيارات للملحدين، فدخل الأخ أحد البيوت ولم يعرفوا بأي بيت دخل، وبدأ الملحدون بتمشيط القرية بيتا بيتا، وعندما اقتربوا من البيت الذي كان فيه فتح رشاشه عليهم ليقتل ويصيب عددا جيدا منهم، وكان الوقت قريبا من الظهر واستمر اشتباكه معهم إلى ما قبل المغرب اشتباكات متقطعة، وبدأت ذخيرته تقل شيئا فشيئا وتقترب من النفاد. وذكر أن آخر تلك الاشتباكات كانت مع مجموعة اقتربت من البيت الذي كان فيه ظنا منها أنه قد قُتل، وكان عددهم ستة وبعد اقترابهم من مكان تواجده وبسبب نفاد ذخيرته عزم الأخ على تفجير حزامه الناسف في الجنود المتقدمين باتجاهه، وبعد اقترابهم منه ودخولهم حيز التشظي استعد للتنفيذ بالحزام فخرج بوجههم مكبرا -الله أكبر- وسحب الصاعق بقوة، ليتفاجأ بأن الصاعق خرج بيده وأن الحزام لم ينفجر، بينما كان حال المرتدين الفزع والخوف والتخبط عند سماعهم التكبير، وهربوا من أمامه، فما كان من الأخ إلا أن تناول بندقيته وأردى ثلاثة منهم قتلى بينما تمكن الثلاثة الآخرون من الفرار لنفاد ذخيرته.

• قتل 24 منهم وأخرجه الله سالماً

وقال أنه وفور قتل الثلاثة تناول حقيبة صغيرة فيها الكثير من الذخيرة كانت بيد أحد القتلى، وتحول إلى بيت آخر، بينما ظن الملحدون أنه ما زال في ذلك البيت وانهالوا عليه رميا بقذائف الـ RPG وبالـ PKS وغيرهما من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وعند حلول الظلام ظن الملحدون أن الأخ قد قُتل، فبدأ بالتسلل بين أظهرهم في تمام العاشرة ليلا وهو يردد قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}، فتمكن من الخروج من بينهم بتوفيق من الله ورعاية، ومشى مسافة 2 كيلو متر فوجد بيتا في قرية صغيرة وكان يعرف أهل البيت منذ كان من سكان المنطقة، فآووه في إحدى الغرف وقدموا له الطعام والماء، وفي اليوم الثاني أخرجوه من القرية خفية وتابع سيره مسافة 7 كيلو متر تقريبا ولم يكن معه زاد من طعام أو ماء، فاضطر لدخول بيت آخر، لم يكن يعرف أهله هذه المرة فقدموا له كذلك الماء وأرشدوه إلى الطريق إلى أن وصل إلى نقاط رباط الإخوة.

وأكد أنه وأثناء خروجه من القرية التي كان محاصرا بها شاهد مجموعتين من قتلى الملحدين كانوا قد جمعوا بهما قتلاهم، في الأولى 13 قتيلا وفي الثانية 11 قتيلا.

• مقتل صليبي كندي ومسؤول كبير من ملاحدة الأكراد

من جهته قال أحد الإخوة الانغماسيين الذين شاركوا في الغزوة كذلك، أنه وفي بداية اقتحامهم لإحدى القرى كان الهدف الوصول لبيت مرتد شكّل كتيبة لقتال المجاهدين، وعند اقترابهم من مشارف القرية تفاجؤوا بسيارتين قادمتين باتجاههم من طرف السد تقل عددا من الملاحدة فكمنوا لهم، وعندما باتت السيارتان تحت نيرانهم اشتبكوا مع من فيها على مسافة قريبة وقتلوا أربعة جنود منهم، وتفاجؤوا أن من بين القتلى مقاتلين أجانب ومسؤولين من ملاحدة الأكراد كانت معهم أجهزة إلكترونية لتوجيه الطيران وتحديد المواقع، وأن الهلكى الأربعة يحملون أجهزة اتصال وأسلحة ويرتدون ملابس عسكرية، ليعلم فيما بعد من إعلام الملحدين أن من بين القتلى خبير عسكري يحمل الجنسية الكندية، ومسؤول كبير في قواتهم المرتدة.

كانت هذه بعض أحداث غزوة من غزوات جنود الخلافة التي تتكرر في كل ولاياتها، والتي يكتبها الانغماسيون بدمائهم وأشلائهم، فيرحلون بعد كتابتها إلى جنات الخلود بإذن الله، ويتركون وراءهم فرحة في قلوب الموحدين، وغصة ولوعة في قلوب المشركين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

66827433edad6

  • 2
  • 0
  • 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً