وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (٢/٢) ولتتأمل الأخت المسلمة حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه ...

منذ يوم
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ

(٢/٢)
ولتتأمل الأخت المسلمة حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه أبو داود وغيره، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن)، هذا المسجد بيت الله وأحب البقاع إليه سبحانه، وهذه الصلاة عمود الدين، ومع ذلك لا يلزم الشارع المرأة بصلاة الجماعة التي أوجبها في حق الرجل، وإنما يجعل من صلاتها في بيتها –بل، وفي حجرتها- خير ا لها من خروجها لتشهد الجماعة في المسجد، وما ذاك إلا زيادة في صيانة المرأة وحجبها عن الأنظار ما استطيع إلى ذلك سبيلا.

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المرأة عورة، فإذا خرجت، استشرفها الشيطان) [رواه الترمذي].

ولا تحسبن المسلمة الملتزمة بالحجاب الشرعي أن خمارها ينأى بها عن هذا الحديث، وأن المرأة تكون فقط عورة إذا كانت سافرة أو متبرجة، بل هي عورة متى ما خرجت من بيتها، وإن كان لا يبدو منها شيء، ورحم الله التابعي الجليل سفيان الثوري إذ يقول: «ليس للمرأة خير من بيتها وإن كانت عجوزا»! [الطحاوي: مختصر اختلاف العلماء].

فمجرد خروجها من بيتها قد تكون فيه فتنة عليها أو على الرجال الذين يرونها، خاصة إن تكلمت معهم، لذلك قال الله تعالى لنساء النبي، صلى الله عليه وسلم: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}، والخضوع بالقول يعني التكسر عند الكلام وترقيق الصوت، فتكون نتيجة ذلك: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، فيطمع الذي في قلبه مرض في قرن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام -رضي الله عنهم- خير القرون على الإطلاق، فكيف بزماننا هذا؟ زمان الفتن والموبقات. عن يحيى بن سعيد، «عن عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء، لمنعهن كما مُنعت نساء بني إسرائيل. قلت لعمرة: أَوَمُنعن؟ قالت: نعم» [متفق عليه]؛ سبحان الله! هذا ما توصلت إليه عائشة الفقيهة المحدّثة مما رأته من المُحْدَثات والتجاوزات من بعض نساء عصرها، فماذا لو أدركت الصدّيقة زماننا هذا، بل ماذا لو يرى نبينا -صلوات ربنا وسلامه عليه- ما عليه نساء اليوم، إلا من عصم الله؟!

وحريّ ببعض الحائمين حول حمى الشبهات ومراتعها أن يضعوا حديث أم المؤمنين السالف ذكره نصب أعينهم وهم يفتون في بعض أحكام النساء، حتى أصبحت المرأة تخرج دون ضابط، ولو أن تخرج في اليوم الواحد مرات ومرات فلها ذلك، بل وإن كانت معتدة عدة وفاة، فلا ضير في خروجها في غير حاجة ولا مصلحة ولا ضرورة، والله المستعان.

وقد سئل الإمام أحمد -رحمه الله- عن خروج النساء في العيدين فأجاب: «لا يعجبني ذلك»، وقال ابن المبارك، رحمه الله: «أكره اليوم الخروج للنساء في العيدين»، وقال أبو حنيفة: «كان النساء يرخص لهن في الخروج إلى العيد، فأما اليوم فإنني أكرهه».

فإذا كان هؤلاء الفقهاء قد كرهوا خروج المرأة لأداء شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام درءاً لمفاسد قدّروها حينها، فكيف بخروجها المتكرر في أيامنا هذه حتى أصبحت خرّاجة ولّاجة؟

ومن اللطائف القرآنية في قول الله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}، أن الله تعالى قد وصف الحور في الجنة بالقصور، قال القرطبي: «{مَقْصُورَاتٌ} محبوسات مستورات، {فِي الْخِيَامِ} في الحجال، لسن بالطوافات في الطرق، قاله ابن عباس»، هذا والجنة فيها الكمال فلا فتن ولا زيغ ولا ضلال، ومع ذلك تحبس الحور على أزواجهن، فلا يراهن غيرهم كما هو قول جمهور المفسرين.
ثم إن على الإخوة الرجال أن يتذكروا أن زوجاتهم من رعيتهم التي سيُسألون عنها، فلا يترك الزوج لزوجته أمر خروجها على غاربه، وله أن يمنعها إن أكثرت من الخروج، ورضي الله عن عمر الذي كاد يمنع زوجه من الخروج إلى المسجد من غيرته لولا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدم منعهن؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «كانت امرأةٌ لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في جماعة في المسجد، فقيل لها: لِمَ تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: فما يمنعه أن ينهاني؟ قالوا: يمنعه قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)» [رواه البخاري].

فلا بأس بالتزاور بين المسلمات، ولا بأس بالتزاور لصلة الأرحام، ولا بأس بالذهاب إلى السوق ولكن دون إفراط، فيكون الخروج طارئا على الأصل الذي هو القرار، والمؤمنة في خدرها أقرب ما تكون من ربها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

6682761216a48

  • 3
  • 0
  • 8

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً