صحيفة النبأ العدد 51 حوار: أمير ديوان القضاء مرتدو الصحوات طوائف ممتنعة عن أحكام ...

منذ 23 ساعة
صحيفة النبأ العدد 51
حوار:
أمير ديوان القضاء
مرتدو الصحوات طوائف ممتنعة عن أحكام الشريعة

(١/٥)
• نرجو أن تشرح العلاقة بين إقامة الدولة الإسلامية وتحكيم الشريعة وتطبيق الحدود.

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد...

إن تحكيم شريعة الله في الأرض شرط من شروط إسلامية الدولة، فإذا أطلق مسمّى «الدولة الإسلامية» فإنه يتضمن أن هذه الدولة تحكم بشريعة الإسلام، وعندما نتكلم عن الشريعة في هذا المجال فإننا نقصد أحكام الشريعة كاملة، فهي بهذا المفهوم تتجاوز مجرد إقامة الحدود، وإن كان هذا الأمر -وهو إقامة الحدود- قد صار اليوم دليلا وشعارا على تحكيم الشريعة.

ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا بين المفهومين، وأقصد بذلك تحكيم الشريعة وإقامة الحدود، ولنا على ذلك دليل من كلام الله -عز وجل- حيث ورد هذا الارتباط كسبب لنزول قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، إذ نزلت هذه الآية في اليهود الذين بدّلوا حدّاً من حدود الله، وهو حد الزاني المحصن، من الرجم كما أمرهم الله في التوراة، إلى الجلد والتحميم كما أمرهم أحبارهم لخشيتهم من الناس واسترضاء لهم، فجاء بيان رب العزة -جل وعلا- أن من غيّر حدا من حدود الله واستبدل به عقوبة أخرى، فإنه قد حكم بغير ما أنزل الله، وصار من الكافرين.

وكذلك لدينا دليل حسي مشهود على هذا الارتباط من أحكام المشركين الوضعية، فالدول الصليبية -مثلا- رغم أنها تحكم بالأهواء وآراء الرجال، فإن أحكامهم تتشابه مع بعض أحكام الشريعة أحيانا، على سبيل المصادفة، أو على سبيل ما بقي لديهم من شرائع كتبهم، أو مما أعجبهم من أحكام الشريعة ووجدوا أن من المنفعة لهم الأخذ بها، ولكننا نجد في المقابل أنهم يشنون حربا شعواء على تطبيق الحدود الشرعية كما أنزلها الله، ويعدونها مناقضة لـ «حقوق الإنسان» كما وضعوها هم، وبالتالي استجاب لذلك كثير من أوليائهم، فصاروا عندما يذكرون تحكيم الشريعة يصرحون بأنهم سيستندون في قوانينهم الوضعية على «مبادئ الشريعة الإسلامية»، ويقصدون بذلك أنهم يأخذون من أحكام الإسلام ما يقر به المشركون أو ما يقر به كل البشر تقريبا، من وجوب العدل، وحفظ النفس والمال، وما شابه، فلا يطبقون من أحكام الإسلام إلا ما يأذن به المشركون وعلى رأسهم الدول الصليبية، ويستثنون بالتالي إقامة الحدود الشرعية، وخاصة حدود السرقة والزنا، لما فيها من تناقض مع مواثيق المنظمات الكفرية الدولية، كالأمم المتحدة وغيرها.

• كثير من الدول الطاغوتية الموالية للصليبيين تصر على وصف نفسها بأنها «إسلامية» رغم أنها تحكم بغير ما أنزل الله، فنرجو أن تشرح الغاية من وراء هذه الدعوى الكاذبة.

تسمية الدول التي لا تحكم بالشريعة بـ»دول إسلامية» هو من قبيل تسمية الأشياء بغير اسمها، لتحريف حكمها، كما بيّن عليه الصلاة والسلام: (إن أناسا من أمتي يشربون الخمر، يسمونها بغير اسمها) [رواه أحمد والنسائي]، وهذه من ألاعيب الشيطان أنه يزيّن القبيح بتغيير اسمه، كما فعل مع الشجرة التي نُهي آدم -عليه السلام- عن الأكل منها، فسمّاها بشجرة الخلد لكي يزين لآدم معصية الله بالأكل منها، وهكذا يفعل علماء السوء اليوم بتسمية هذه الدول الطاغوتية الكافرة بالدول «الإسلامية» ليزينوها في أعين الناس وليدعوا الناس إلى اتباعها في الكفر.

وكما أن الفرد لا ينفعه ادعاء الإسلام مع ارتكابه النواقض، فكذا لا ينفع الدول ادعاء الإسلام مع ارتكابها ناقض الحكم بغير ما أنزل الله، بل تسمّى دولا مرتدة، كما يسمى الفرد مرتدا إذا ارتكب ناقضا، وكفره أعظم من كفر الكافر الأصلي.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 51
الخميس 19 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

67892a3c56358

  • 4
  • 0
  • 8

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً