صحيفة النبأ العدد 51 حوار: أمير ديوان القضاء مرتدو الصحوات طوائف ممتنعة عن أحكام ...

منذ 22 ساعة
صحيفة النبأ العدد 51
حوار:
أمير ديوان القضاء
مرتدو الصحوات طوائف ممتنعة عن أحكام الشريعة

(٣/٥)
• ليست كل الطوائف المقصودة في السؤال ممن شاركوا في الديموقراطية أو نادوا بها، فمنهم من يعلن تكفير الديموقراطية وإن كان -لما حمله من عقائد غلاة الجهمية- لا يكفّر فاعلها، فنرجو أن توضّح للقارئ لِمَ عجزت هذه الطوائف عن تحكيم الشريعة.

ذكرنا أن السبب الأهم وراء دخول تلك التنظيمات والحركات في شرك الديموقراطيين إنما هو طاعتهم للمشركين في الدول الصليبية، والسعي لاسترضائهم، لأنهم يظنون أنه لا يمكن أن يصلوا إلى الحكم بغير رضاهم، فصاروا يوالون المشركين طلبا لرضاهم ولمساعدتهم في الوصول إلى الحكم، فهذا الضلال في جانب الولاء والبراء أدى بهم إلى الشرك في الحاكمية.

وعلى الجانب الآخر نجد النموذج الآخر من التنظيمات والحركات التي عنيتها بكلامك، يعلنون رفضهم للديموقراطية، وقد لا يرجون دعما وتأييدا من الدول الصليبية لهم، ولكنهم يخافون من غضب الصليبيين عليهم إن هم حكّموا الشريعة في المناطق التي يسيطرون عليها، وفي الوقت نفسه يرجون تأييد الشعوب وبقية الأحزاب والفصائل لهم، كي يتّقوا بهم ضرر الدول الصليبية إن هي عزمت على إيذائهم، ويخشون من وقوفهم في صف الصليبيين ضدهم وخروجهم عليهم في شكل صحوات أو ما شابهها، ولذلك يعطلون تحكيم الشريعة في مناطقهم بانتظار أن ترضى عن الشريعة تلك الأحزاب والفصائل، ولسان حال هذه الطوائف المدّعية للشريعة أن هذه الأحزاب والفصائل غير راضية عن تحكيم شريعة الله، مما يستوجب جهادها لا إرضاءها.

وفي الحالتين، أي عدم تحكيمهم للشريعة خشية غضب الصليبيين، أو خشية إغضاب الفصائل والأحزاب والهمج الرعاع أتباع كل ناعق من عوام الناس، فقد وقعوا في عين ما وقع فيه اليهود من قبل بحكمهم بغير ما أنزل الله خشية الناس، كما قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].

فهؤلاء أيضا لا يمكنهم أن يحكّموا الشريعة يوما، لأنهم ينتظرون إذن عوام الشعوب وعموم الفصائل والأحزاب لهم، وهذا ما لن يكون لأن كلا من أولئك يسيّره هواه، ويرجو الدنيا وهو غافل عن الآخرة، ولا يقبل أن يتحمّل تبعات تحكيم الشريعة من إغضاب للمشركين وحربهم لإزالة حكم الشريعة.

• هذه الفصائل التي تحدّثنا عنها ترى أنها لا تستطيع أن تفرض أحكام الشريعة على الناس فرضا، بل تسعى لأن يكون تحكيم الشريعة نابعا من رضاهم فيستجيبوا له، ويدافعوا عنه، فيظنّون أن عليهم إرضاء الناس مهما كان حالهم في السوء، هل لك تعليق على تصوّرهم الفاسد؟

بداية يجب أن نعلم أن من يرفض تحكيم شرع الله فهو كافر بالله العظيم، بالإجماع، لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، ثم يجب أن نعلم أن تحكيم شرع الله أمر من الله يجب العمل به وعدم اتّباع رضا الناس فيه، لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة: 49].

فإن أقمنا حكم الشريعة نجد أن حال الناس ينقسم بين راض بهذا الحكم وهو المسلم، ومعلن لرفضه وهو الكافر الظاهر، ومستخفٍ بكرهه لتحكيم الشريعة وهو المنافق، وكلّ يعامل بما له، فالمسلم يوالى، والكافر يعادى ويحارب، والمنافق يعامل بظاهره وهو الإسلام حتى يظهر كفره فيعامل كالزنادقة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 51
الخميس 19 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

668272a44d669

  • 0
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً