السلطان محمود الغزنوي يمين الدولة وقامع البدعة (١/٢) دأب السلطان محمود الغزنوي -رحمه الله- على ...

منذ 21 ساعة
السلطان محمود الغزنوي
يمين الدولة وقامع البدعة

(١/٢)
دأب السلطان محمود الغزنوي -رحمه الله- على تحطيم الأوثان وتدميرها، وقد ذكرنا ما فعل بها من الأفاعيل، وخصوصا تحطيمه أعظمها عند الهنود الوثنيين، وهو الصنم «سومنات»، وكان حرصه على التزام جماعة المسلمين، ومحاربة فرق الضلالة، كحرصه على سحق الشرك وأهله، وله في ذلك مواقف مشهورة سطّرها التاريخ.

ففي سنة (404 هـ) وبعد عودته من إحدى غزواته، راسل الخليفةَ العباسيَّ القادرَ بالله -رحمه الله- وطلب منه توليته على ما بيده، قال ابن الأثير: «فلما فرغ من غزوته عاد إلى غزنة وأرسل إلى القادر بالله يطلب منه منشورا وعهدا بخراسان وما بيده من الممالك فكتب له ذلك»، ولم يكن السلطان الغزنوي بحاجة إلى هذا العهد والمنشور ليقوي سلطانه، ولكنه الحرص على أن يسير تحت ظل إمام قرشي يجتمع عليه المسلمون.

وقد زاد الخليفة من تشريفه فأضفى عليه الألقاب، قال ابن الجوزي: «وكان الخليفة قد بعث إليه الخلع، ولقبه بيمين الدولة وأمين الملة، ثم أضيف إلى ذلك نظام الدين ناصر الحق» [المنتظم].
ولم يكن يمين الدولة ليخرج عن طاعة الخليفة القرشي إلى طاعة غيره ممن ادّعوا الخلافة ظلما وزعموا النسب الفاطمي زورا، قال ابن كثير: «وكان يخطب في سائر ممالكه للخليفة القادر بالله، وكانت رسل الفاطميين من مصر تفد إليه بالكتب والهدايا لأجل أن يكون من جهتهم، فيحرق بهم، ويحرق كتبهم وهداياهم»، وقد قام يمين الدولة بإرسال أحد رسل الفاطميين وهداياهم إلى الخليفة العباسي لينظر في أمره، قال ابن الجوزي: «وأحضر أبو العباس ما كان حمله صاحب مصر، وأدى رسالة يمين الدولة بأنه الخادم المخلص الذي يرى الطاعة فرضا ويبرأ من كل ما يخالف الدولة العباسية، فلما كان فيما بعد هذا اليوم أُخرجت الثياب إلى باب النوبي، وحُفرت حفرة وطُرح فيها الحطب، ووُضعت الثياب فوقه وضربت بالنار».

وفي سنة (396 هـ)، سار يمين الدولة إلى «المولتان» (بـ «باكستان» اليوم) ليقضي على حاكمها القرمطي الملحد. قال ابن الأثير: «كان سبب ذلك أن واليها أبا الفتوح نُقل عنه خبث اعتقاده، ونُسب إلى الإلحاد، وأنه قد دعا أهل ولايته إلى ما هو عليه، فأجابوه. فرأى يمين الدولة أن يجاهده ويستنزله عما هو عليه، فسار نحوه، فرأى الأنهار التي في طريقه كثيرة الزيادة، عظيمة المد، وخاصة سيحون، فإنه منع جانبه من العبور فأرسل إلى أندبال [ملك هندي] يطلب إليه أن يأذن له في العبور ببلاده إلى المولتان، فلم يجبه إلى ذلك، فابتدأ به قبل المولتان، وقال: نجمع بين غزوتين»، وقد استطاع السلطان الغزنوي -بفضل الله- القضاء على أندبال والوصول إلى المولتان.
قال ابن الأثير: «ولما سمع أبو الفتوح بخبر إقباله إليه علم عجزه عن الوقوف بين يديه والعصيان عليه، فنقل أمواله إلى سرنديب، وأخلى المولتان، فوصل يمين الدولة إليها ونازلها، فإذا أهلها في ضلالهم يعمهون، فحصرهم، وضيق عليهم، وتابع القتال حتى افتتحها عنوة، وألزم أهلها عشرين ألف درهم عقوبة لعصيانهم»، أي: مع توبتهم.
وقد كان السلطان محمود الغزنوي حريصا على طاعة الخليفة القرشي ومحاربة المبتدعة والزنادقة، ففي سنة (408 هـ) «امتثل يمينُ الدولة وأمين الملة أبو القاسم محمود بن سبكتكين أمرَ أمير المؤمنين، واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها، في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة، وصلبهم وحبسهم ونفاهم، وأمر بلعنهم على منابر المسلمين، وإبعاد كل طائفة من أهل البدع، وطردهم عن ديارهم، وصار ذلك سنة في الإسلام» [البداية والنهاية].

وفي سنة (420 هـ) سار يمين الدولة إلى الري، وبها «مجد الدولة» البويهي الرافضي فاقتلع ملكه وقضى عليه وعلى أجناده، وأرسل بالخبر إلى الخليفة القادر بالله، ومما جاء في رسالته كما ذكر ابن الجوزي: «وقد أزال الله عن هذه البقعة أيدي الظلمة وطهّرها من دعوة الباطنية الكفرة والمبتدعة الفجرة وقد تناهت إلى الحضرة المقدسة حقيقة الحال فيما قصر العبد عليه سعيه واجتهاده من غزو أهل الكفر والضلال وقمع من نبغ ببلاد خراسان من الفئة الباطنية الفجار، وكانت مدينة الري مخصوصة بالتجائهم إليها وإعلانهم بالدعاء إلى كفرهم، فيها يختلطون بالمعتزلة المبتدعة والغالية من الروافض المخالفة لكتاب الله والسنة يتجاهرون بشتم الصحابة ويرون اعتقاد الكفر ومذهب الإباحة».

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 51
الخميس 19 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقل كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

6775d63d38a0f

  • 3
  • 0
  • 19

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً