تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

منذ 2025-02-24
تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(١/٦)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

يقول الله تعالى: {ولَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
حقا، إنه وعد الله الذي وعد، وخبره الذي صدق، فها هو العالم الكافر اليوم قد حشر ونادى، وتحالف وتحزّب، وجمعَ كل كيده وتألّب؛ كيدَه وشركاءَه وأحلافَه وأولياءَه لحرب الإسلام وأهله، وكيدِ المؤمنين ودينهم بكل ما يملكونه من كيد، وما يقدرون عليه من آلة حربية وعسكرية، جوية أو برية أو بحرية، كل هذا للسعي حثيثا لإطفاء نور الله وعداوة لدينه ومنهاجه في الأرض، وخوفا وهلعا من أن تعود لأهل الإسلام والسنة خلافتهم وقوتهم، ويعود لهم التمكين والظهور كما كان أول مرة.

إن هذه المعركة المستعرة والحرب الشاملة والجهاد الكبير الذي تخوضه دولة الإسلام اليوم ما تزيدنا -إن شاء الله- إلا إيمانا ثابتا ويقينا راسخا بأن ذلك كله ما هو إلا تقدمة للنصر المكين وإرهاصا للفتح المبين الذي وعد الله عباده، فإنا نظرنا في كتاب الله وفي تاريخ جهاد هذه الأمة الطويل لعدوها، فرأينا أن الآية البينة على قرب هلاك عدونا وزواله هو يوم شروعهم وإيذانهم بحرب الله ورسوله ودينه، وإيذائهم عباده وأولياءه، والسعي لإخراجهم من الأرض التي لله، يورثها من يشاء من عباده، يقول الله تبارك وتعالى: {وإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76].

إن بداية نصرنا وأشرفه وأعظمه هو في غاية ما يكون عليه عدونا من التجمع والتحزب والتفاخر والتكاثر، فهناك يدفع الله عن عباده، وتتجلى لهم آثار قوته وعزته وجبروته، قال الله تعالى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 53-68]؛ وقال سبحانه: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

عباد الله، إن الإيمان لا يتم تمامه في نفس جماعة المسلمين حتى تتعرض وتستعد لمجاهدة الناس في أمر هذا الإيمان، ومواجهة أهل الباطل بجميع قواهم، وهي تتعرض في ذلك الجهاد وتلك المجاهدة لمطارق الابتلاء ومرارة الأذى، وتصبر معه على النصر والهزيمة، ويصيبها من الخوف والزلزال، ثم تثبت ولا ترتاب، وتستقيم ولا تلتفت، وتمضي في طريق إيمانها الراشد، إن شاء الله، ولولا هذه الأحزاب وهذا الجهاد، لضعف الإيمان وما زاد، وفسدت القلوب وما صلحت، ولرأينا النفوس تأسن، والهمم تسترخي، والإيمان يذبل، وهكذا يكون الحال حينما نبتلى بالرخاء، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].

لقد أرصد أعداء الله من اليهود والنصارى والملاحدة والرافضة والمرتدين وأمم الكفر جمعاء إعلامهم وأموالهم وجيوشهم وعتادهم لحرب المسلمين والمجاهدين في ولاية نينوى بعد أن رأوها قاعدة من قواعد الإسلام ومنارة من مناراته تحت ظل الخلافة، فأرقهم حياة المسلمين فيها أعزة آمنين، وأرهقهم أن تحقق للناس فيها مثالا لحكم الإسلام يرونه ويعيشونه ويستفيئون ظلاله وينعمون بخيره وبركته، وهذا غاية ما يخشونه ويخافونه لأنه سبيل امتداد نفوذ الإسلام واتساع رقعته ودخول الناس فيه.

فيا أهل نينوى عامة، ويا أيها المجاهدون خاصة، الله الله في دين الله، إياكم والضعف عن جهاد عدوكم ودفعه، فإن ذلك ينقض عرى الإسلام ويطفئ نور الحق.


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

671c2d4603ce0

  • 0
  • 0
  • 6

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً