قصة شهيد: أبو محمد السهلي صبر فظفر هذه قصة بطل من أبطال الإسلام، الذين صدقوا ما عاهدوا الله ...
منذ 2025-02-25
قصة شهيد:
أبو محمد السهلي
صبر فظفر
هذه قصة بطل من أبطال الإسلام، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، كما نحسبه، فما انحرف عن وجهته، ولا تراجع عن مطلبه في أن يُعقر جواده ويهراق دمه فيكون من أعظم الشهداء درجة عند الله، وكلما تأخر عن تحقيق أمنيته ازداد إصرارا على تحقيقها، حتى أكرمه الله بالانضمام إلى جماعة المسلمين، فقُتل تحت راية أهل التوحيد في هذا الزمان، راية الدولة الإسلامية.
إنه (ثامر بن محمد بن عبيدان السهلي) تقبله الله، من أرض القصيم الودود الولود، الرجل الذي أغواه الشيطان بضع سنين فجذبه إلى ملذات الدنيا، حتى هداه الله فعاد يبحث عن طريق الاستقامة، ويتحرى صالح الأعمال ليكفّر بها عن سيئاته التي تاب منها.
فلما علم أن الجهاد هو أفضل الأعمال عزم على القيام به، فولّى وجهه شطر العراق مع اثنين من أصحابه ليلحق بالمجاهدين هناك، ويشاركهم في مقارعة الغزو الأمريكي الصليبي، فباع سيارته، وحمل معه 100 ألف ريال ليعين بها المجاهدين، ومضى مهاجرا إلى الله لا يبغي الرجوع، ولكن الطواغيت من آل سعود وجنودهم كانوا له بالمرصاد، فاعتُقل هو وصاحباه في معبر حديثة على الحدود مع دويلة الأردن، لتبدأ بذلك محنة السجن التي أظهرت صلابة معدنه، وصفاء جوهره، وما زادته إلا إيمانا وتسليما.
كان سجن مديرية المباحث في بريدة أول محطات جهاده لطواغيت الجزيرة، دخله عام 1427 هـ، وفيه خالط الموحّدين الصابرين، فازداد علمه بالولاء والبراء، وطبّقه واقعا عمليا في سلوكه ومعاملته مع جنود الطاغوت، فكان لا يخاف في الله لومة لائم، يتصدى للسجانين وإدارتهم رغم ما يلقاه من أذى على يديهم، فعذبوه وجلدوه، حتى اسودَّ ظهره من أثر عصيهم وسياطهم.
نُقل بعدها إلى سجن الملز في الرياض منتصف العام 1428 هـ، ليغادره في نهاية العام إلى سجن الحائر، حيث أمضى فيه شهرين أو ثلاثة، ليعيده المرتدون معاقبا إلى سجن الملز، حيث صبوا عليه ألوان العذاب صبّا، وآذوه وإخوانه أشد الإيذاء، دون أن تلين له عزيمة، أو ينكسر له شموخ، أو تهون له كرامة، بل كان يمعن في تحدّي جنود الطاغوت وإسماعهم ما يكرهون، فيجتمعون عليه ويوسعونه ضربا حتى يقع على الأرض من الإعياء، ثم يعود لما كان، كيلا يفرحوا بهزيمته أو يستبشروا بانكساره، حتى أيس منه المرتدون، وصار كبراؤهم يشتكون منه، ومن مشاكله في السجن، ولم يتوقف عن ذلك إلا بعد أن رقّ لحال إخوانه الذين ينالهم انتقام جند الطاغوت كلما غضبوا منه وأيسوا من تأثير العقوبات فيه.
لبث أبو محمد في السجن بضع سنين، حتى أخرجه الله منه عام 1434 هـ، وبدل أن ينشغل بإصلاح دنياه، والتعويض عما فاته منها كما يفعل المنتكسون، عاد ليبحث عن غايته القديمة، وينقب عن الطريق إلى ساحات الجهاد، ولما كانت الطريق إلى العراق صعبة خطرة في ذلك الوقت، لم يبق أمامه من بدٍّ سوى البحث عن الشهادة في أرض اليمن، حيث كان تنظيم القاعدة ينشط حينها، ولم تكن عقيدة التنظيم ومنهجه قد وضعت على المحك، فيظهر زيف شعاراته، ويستبين سبيل قادته الضالّين المبدّلين، فمضى أبو محمد مهاجرا إلى الله من جديد ينوي الشهادة في سبيل الله، ويتحرى الراية التي سيموت تحتها.
فوصل -تقبله الله- إلى اليمن في العام 1435 هـ، ولما اختار وضع اسمه في قوائم الاستشهاديين، أخذه المشرفون إلى مضافة مغلقة بقي فيها أياما عديدة، حتى جاؤوه يوما وأبلغوه بموعد عمليته الاستشهادية.
فتجهز لها واستعد، ومضى إلى هدفه مضيا مودّعا لهذه الحياة، مقبلا على الآخرة، وكان الهدف حاجزا للمرتدين في منطقة نشيمة في مدينة شبوة، وقدّر الله أن لا ينجح في التنفيذ على هدفه، فانسحب من الموقع، ولم يجد أحدا في أثره يدلّه على طريق العودة، فاجتهد في تذكره حتى بلغ مأمنه.
ولم تمض فترة طويلة حتى سمع هيعة للحرب أخرى، فقام ولبّى، يبتغي الموت مظانّه، ومضى بسيارته المفخخة إلى هدف جديد، وهو ثكنه عسكرية في محور (عتق)، وهو يسأل الله أن يكرمه بالشهادة في غزوته هذه، ولم يَدُرْ في خلده أن ربّه سبحانه ربما أخره عن نيلها في هذا الموقف ليزيد من أجره ويرفع من مقامه، فاكتشف المرتدون أمره، واضطر للانسحاب من الموقع مجددا وسلّمه الله من الأسر.
انسحب تنظيم القاعدة من شبوة بأمر من قادتهم المخذولين لتجنب الصدام مع المرتدين، فاستقر أبو محمد السهلي معهم لفترة من الزمن في حضرموت، وهو على أمله القديم، أن يرزقه الله القتل في سبيله، ويوفقه لتنفيذ عملية استشهادية تمزق المرتدين وتعظم فيهم النكاية.
فلمّا دُعي إلى محاولته الجديدة في حضرموت، فرح واستبشر مظنة أن ينال الشهادة فيها، بعد أن حيل بينه وبينها بقدر الله من قبل، ثم ودّع إخوانه يوم العملية، وركب سيارته إلى مكان الهدف، ليُفاجَأ هناك بأنّ رصد الموقع كان قديما، وأن هناك حاجزا قد استجد في الموقع يعيق دخوله إلى البوابة التي تؤدي إلى المرتدين، فعاد أدراجه، وحاول المشرفون على العملية إصلاح خطئهم بزرع عبوة ناسفة لتفجير الحاجز، وفتح طريق العبور للاستشهادي، فلما انفجرت العبوة انطلق أبو محمد ليعبر الحاجز ويقتحم البوابة، وكانت المصيبة أن علقت سيارته في الحاجز لأن التفجير لم يدمّره بشكل كامل، فوقع في مرمى نيران المرتدين، الذين استهدفوا السيارة، وأصابوه بجراح في فخذه وكتفه، ولكن إصابته لم تمنعه من سحب سيارته إلى الخلف تحت وابل الرصاص، فمكث في مركز للعلاج حتى آخر العام 1435 هـ.
في ذلك الوقت كانت أخبار الدولة الإسلامية تملأ الآفاق، وكان إعلان الخلافة حدثا يهز العالم كله، ويهزّ قلوب أكثر الموحدين، التي خفقت في مشارق الأرض ومغاربها فرحا وسرورا بذلك، فانطلقوا يرسلون البيعات، معلنين السمع والطاعة لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين الشيخ أبي بكر البغدادي، حفظه الله.
وكان أبو محمد السهلي -تقبله الله- ممن بلغه الأمر، وسمع بالخبر، فعزم على أن يطيع الله تعالى فيلتزم الجماعة، كيف لا وهو الذي طالما تحّرى الحق، وبذل الغالي والنفيس في سبيل بلوغه، وصبر على الأذى فيه، فاحتال لأمره، وورّى على يهود الجهاد بإبداء رغبته في تقديم النصيحة لمن بايع الدولة الإسلامية ليأمن مكر يهود الجهاد، وينجي نفسه من سجنهم الذي أعتدوه لمن عرفوا غايته الحميدة.
يسرّ الله له الوصول إلى إخوانه في ولاية اللواء الأخضر، فكان يستعجل البيعة حتى جاءه مَن قَبِلها مِنه، فصار جنديا من جنود الخلافة، دون أن ينسى أو يتراجع عن هدفه الذي ثبت عليه، فازداد إصرارا على تنفيذ العملية الاستشهادية، وقد صار يعتقد أن الله أخره عن تنفيذها، لينال ثوابها في هذا الركب المبارك، وتكون نتيجتها العاجلة أو الآجلة تمكينا لهذا الدين، لا إزهاقا للنفس في مشاريع الضلالة التي يسوّقها يهود الجهاد، ويضيعوا في سبيلها الدماء والجهود، ليسلموا ثمارها للديموقراطيين والصحوات.
صبر أبو محمد على تأخر عمليته، وفرح إخوانه بمكوثه معهم، كما فرحوا بقدومه عليهم، فهو البشوش الذي لا تفارقه الابتسامة، السخي الكريم الذي لا يبخل بماله، السهل اللين الذي لا يضنّ بجهد في خدمة المجاهدين، فيطبخ لهم، ويقوم على شؤونهم، وهو ملازم لكتاب الله يقرؤه، محافظ على صيام داود، عليه السلام، فيصوم يوما ويفطر يوما، وهو على ذلك منذ أيام سجنه، حتى حان موعد رحيله.
فلما وجد المجاهدون هدفا ثمينا، ألحّ عليهم أن يكون له فيه نصيب، فيسّر الله له ذلك، فدفع ثمن سيارته من جيبه، ليكون ممن خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء، ثم ركب مركوبه الذي ألفه من قبل، ومضى يشق طريقه بين صفوف المرتدين، ليعقر جواده في وسط جمع للمرتدين في عدن، ويُفجِّر سيارته في «فندق القصر» مقر إقامة الطاغوت خالد بحاح، فيحرق المرتدين بناره، ويمزّقهم بعصفه، ويهدّ بنيانهم بقصفه، فنال ما تمنّى، وكانت خاتمة سِفره سعدا، كما نحسب، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 53
الخميس 3 صفر 1438 هـ
• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
أبو محمد السهلي
صبر فظفر
هذه قصة بطل من أبطال الإسلام، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، كما نحسبه، فما انحرف عن وجهته، ولا تراجع عن مطلبه في أن يُعقر جواده ويهراق دمه فيكون من أعظم الشهداء درجة عند الله، وكلما تأخر عن تحقيق أمنيته ازداد إصرارا على تحقيقها، حتى أكرمه الله بالانضمام إلى جماعة المسلمين، فقُتل تحت راية أهل التوحيد في هذا الزمان، راية الدولة الإسلامية.
إنه (ثامر بن محمد بن عبيدان السهلي) تقبله الله، من أرض القصيم الودود الولود، الرجل الذي أغواه الشيطان بضع سنين فجذبه إلى ملذات الدنيا، حتى هداه الله فعاد يبحث عن طريق الاستقامة، ويتحرى صالح الأعمال ليكفّر بها عن سيئاته التي تاب منها.
فلما علم أن الجهاد هو أفضل الأعمال عزم على القيام به، فولّى وجهه شطر العراق مع اثنين من أصحابه ليلحق بالمجاهدين هناك، ويشاركهم في مقارعة الغزو الأمريكي الصليبي، فباع سيارته، وحمل معه 100 ألف ريال ليعين بها المجاهدين، ومضى مهاجرا إلى الله لا يبغي الرجوع، ولكن الطواغيت من آل سعود وجنودهم كانوا له بالمرصاد، فاعتُقل هو وصاحباه في معبر حديثة على الحدود مع دويلة الأردن، لتبدأ بذلك محنة السجن التي أظهرت صلابة معدنه، وصفاء جوهره، وما زادته إلا إيمانا وتسليما.
كان سجن مديرية المباحث في بريدة أول محطات جهاده لطواغيت الجزيرة، دخله عام 1427 هـ، وفيه خالط الموحّدين الصابرين، فازداد علمه بالولاء والبراء، وطبّقه واقعا عمليا في سلوكه ومعاملته مع جنود الطاغوت، فكان لا يخاف في الله لومة لائم، يتصدى للسجانين وإدارتهم رغم ما يلقاه من أذى على يديهم، فعذبوه وجلدوه، حتى اسودَّ ظهره من أثر عصيهم وسياطهم.
نُقل بعدها إلى سجن الملز في الرياض منتصف العام 1428 هـ، ليغادره في نهاية العام إلى سجن الحائر، حيث أمضى فيه شهرين أو ثلاثة، ليعيده المرتدون معاقبا إلى سجن الملز، حيث صبوا عليه ألوان العذاب صبّا، وآذوه وإخوانه أشد الإيذاء، دون أن تلين له عزيمة، أو ينكسر له شموخ، أو تهون له كرامة، بل كان يمعن في تحدّي جنود الطاغوت وإسماعهم ما يكرهون، فيجتمعون عليه ويوسعونه ضربا حتى يقع على الأرض من الإعياء، ثم يعود لما كان، كيلا يفرحوا بهزيمته أو يستبشروا بانكساره، حتى أيس منه المرتدون، وصار كبراؤهم يشتكون منه، ومن مشاكله في السجن، ولم يتوقف عن ذلك إلا بعد أن رقّ لحال إخوانه الذين ينالهم انتقام جند الطاغوت كلما غضبوا منه وأيسوا من تأثير العقوبات فيه.
لبث أبو محمد في السجن بضع سنين، حتى أخرجه الله منه عام 1434 هـ، وبدل أن ينشغل بإصلاح دنياه، والتعويض عما فاته منها كما يفعل المنتكسون، عاد ليبحث عن غايته القديمة، وينقب عن الطريق إلى ساحات الجهاد، ولما كانت الطريق إلى العراق صعبة خطرة في ذلك الوقت، لم يبق أمامه من بدٍّ سوى البحث عن الشهادة في أرض اليمن، حيث كان تنظيم القاعدة ينشط حينها، ولم تكن عقيدة التنظيم ومنهجه قد وضعت على المحك، فيظهر زيف شعاراته، ويستبين سبيل قادته الضالّين المبدّلين، فمضى أبو محمد مهاجرا إلى الله من جديد ينوي الشهادة في سبيل الله، ويتحرى الراية التي سيموت تحتها.
فوصل -تقبله الله- إلى اليمن في العام 1435 هـ، ولما اختار وضع اسمه في قوائم الاستشهاديين، أخذه المشرفون إلى مضافة مغلقة بقي فيها أياما عديدة، حتى جاؤوه يوما وأبلغوه بموعد عمليته الاستشهادية.
فتجهز لها واستعد، ومضى إلى هدفه مضيا مودّعا لهذه الحياة، مقبلا على الآخرة، وكان الهدف حاجزا للمرتدين في منطقة نشيمة في مدينة شبوة، وقدّر الله أن لا ينجح في التنفيذ على هدفه، فانسحب من الموقع، ولم يجد أحدا في أثره يدلّه على طريق العودة، فاجتهد في تذكره حتى بلغ مأمنه.
ولم تمض فترة طويلة حتى سمع هيعة للحرب أخرى، فقام ولبّى، يبتغي الموت مظانّه، ومضى بسيارته المفخخة إلى هدف جديد، وهو ثكنه عسكرية في محور (عتق)، وهو يسأل الله أن يكرمه بالشهادة في غزوته هذه، ولم يَدُرْ في خلده أن ربّه سبحانه ربما أخره عن نيلها في هذا الموقف ليزيد من أجره ويرفع من مقامه، فاكتشف المرتدون أمره، واضطر للانسحاب من الموقع مجددا وسلّمه الله من الأسر.
انسحب تنظيم القاعدة من شبوة بأمر من قادتهم المخذولين لتجنب الصدام مع المرتدين، فاستقر أبو محمد السهلي معهم لفترة من الزمن في حضرموت، وهو على أمله القديم، أن يرزقه الله القتل في سبيله، ويوفقه لتنفيذ عملية استشهادية تمزق المرتدين وتعظم فيهم النكاية.
فلمّا دُعي إلى محاولته الجديدة في حضرموت، فرح واستبشر مظنة أن ينال الشهادة فيها، بعد أن حيل بينه وبينها بقدر الله من قبل، ثم ودّع إخوانه يوم العملية، وركب سيارته إلى مكان الهدف، ليُفاجَأ هناك بأنّ رصد الموقع كان قديما، وأن هناك حاجزا قد استجد في الموقع يعيق دخوله إلى البوابة التي تؤدي إلى المرتدين، فعاد أدراجه، وحاول المشرفون على العملية إصلاح خطئهم بزرع عبوة ناسفة لتفجير الحاجز، وفتح طريق العبور للاستشهادي، فلما انفجرت العبوة انطلق أبو محمد ليعبر الحاجز ويقتحم البوابة، وكانت المصيبة أن علقت سيارته في الحاجز لأن التفجير لم يدمّره بشكل كامل، فوقع في مرمى نيران المرتدين، الذين استهدفوا السيارة، وأصابوه بجراح في فخذه وكتفه، ولكن إصابته لم تمنعه من سحب سيارته إلى الخلف تحت وابل الرصاص، فمكث في مركز للعلاج حتى آخر العام 1435 هـ.
في ذلك الوقت كانت أخبار الدولة الإسلامية تملأ الآفاق، وكان إعلان الخلافة حدثا يهز العالم كله، ويهزّ قلوب أكثر الموحدين، التي خفقت في مشارق الأرض ومغاربها فرحا وسرورا بذلك، فانطلقوا يرسلون البيعات، معلنين السمع والطاعة لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين الشيخ أبي بكر البغدادي، حفظه الله.
وكان أبو محمد السهلي -تقبله الله- ممن بلغه الأمر، وسمع بالخبر، فعزم على أن يطيع الله تعالى فيلتزم الجماعة، كيف لا وهو الذي طالما تحّرى الحق، وبذل الغالي والنفيس في سبيل بلوغه، وصبر على الأذى فيه، فاحتال لأمره، وورّى على يهود الجهاد بإبداء رغبته في تقديم النصيحة لمن بايع الدولة الإسلامية ليأمن مكر يهود الجهاد، وينجي نفسه من سجنهم الذي أعتدوه لمن عرفوا غايته الحميدة.
يسرّ الله له الوصول إلى إخوانه في ولاية اللواء الأخضر، فكان يستعجل البيعة حتى جاءه مَن قَبِلها مِنه، فصار جنديا من جنود الخلافة، دون أن ينسى أو يتراجع عن هدفه الذي ثبت عليه، فازداد إصرارا على تنفيذ العملية الاستشهادية، وقد صار يعتقد أن الله أخره عن تنفيذها، لينال ثوابها في هذا الركب المبارك، وتكون نتيجتها العاجلة أو الآجلة تمكينا لهذا الدين، لا إزهاقا للنفس في مشاريع الضلالة التي يسوّقها يهود الجهاد، ويضيعوا في سبيلها الدماء والجهود، ليسلموا ثمارها للديموقراطيين والصحوات.
صبر أبو محمد على تأخر عمليته، وفرح إخوانه بمكوثه معهم، كما فرحوا بقدومه عليهم، فهو البشوش الذي لا تفارقه الابتسامة، السخي الكريم الذي لا يبخل بماله، السهل اللين الذي لا يضنّ بجهد في خدمة المجاهدين، فيطبخ لهم، ويقوم على شؤونهم، وهو ملازم لكتاب الله يقرؤه، محافظ على صيام داود، عليه السلام، فيصوم يوما ويفطر يوما، وهو على ذلك منذ أيام سجنه، حتى حان موعد رحيله.
فلما وجد المجاهدون هدفا ثمينا، ألحّ عليهم أن يكون له فيه نصيب، فيسّر الله له ذلك، فدفع ثمن سيارته من جيبه، ليكون ممن خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء، ثم ركب مركوبه الذي ألفه من قبل، ومضى يشق طريقه بين صفوف المرتدين، ليعقر جواده في وسط جمع للمرتدين في عدن، ويُفجِّر سيارته في «فندق القصر» مقر إقامة الطاغوت خالد بحاح، فيحرق المرتدين بناره، ويمزّقهم بعصفه، ويهدّ بنيانهم بقصفه، فنال ما تمنّى، وكانت خاتمة سِفره سعدا، كما نحسب، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 53
الخميس 3 صفر 1438 هـ
• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at