من قصص النصر بعد الصبر بيَّن الله -عز وجل- للأمة شروط نصرها على أعدائها وأسبابه ليدوم لها العز ...
منذ 3 ساعات
من قصص النصر بعد الصبر
بيَّن الله -عز وجل- للأمة شروط نصرها على أعدائها وأسبابه ليدوم لها العز والظفر، إن هي عملت بما علمت، ومن تلكم الأسباب الصبر والثبات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]، وذكر سبحانه أن الفئة القليلة الصابرة من المؤمنين تغلب الجمع الكثير من الكافرين بإذن الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [الأنفال: 65].
وشواهد سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسير أتباعه وتاريخ المسلمين تدلل على أن الصبر والمصابرة يحققان الجزء الأكبر من النصر.
ففي معركة الأحزاب (5 هـ)، حين اجتمع على المسلمين مشركو العرب مع من حالفهم من اليهود، وحاصروا مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى صار الحال كما وصفه الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 10-12]، ومع ذلك لم يُوهَن عزم المسلمين وثباتهم، فرابطوا على ثغور مدينتهم، لم تزعزعهم أراجيف المنافقين، بل كانوا موقنين بوعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن العاقبة لهم، وأنهم فاتحو مدائن الشام والعراق، ومحطمو عروش كسرى وقيصر، قال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
وبهذا الإيمان والتسليم امتنّ الله تعالى عليهم بنصره، وهزم عدوهم، ولكن بعد أن محّصهم وفضح المنافقين، ثم توالت بعد ذلك الفتوحات حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة الحادية عشرة للهجرة.
وفيها كانت ردة العرب الجماعية، التي لم توهن عزم الصديق -رضي الله عنه- وأصحابه، فصبر لها وثبت، وعزم على تنفيذ أمر الله بجهاد المرتدين مهما بلغت عدتهم وكثر جمعهم.
ففي اليمامة (11 هـ)، كانت المعركة مع أكبر تجمع ردة في ذلك الوقت بقيادة مسيلمة الكذاب، ولم تكن بالمعركة اليسيرة بل لاقى المسلمون فيها أنواع الشدة حتى كاد المرتدون أن يزيحوا المسلمين عن مواقعهم، قال ابن الأثير: «واشتد القتال، ولم يلق المسلمون حربا مثلها قط، وانهزم المسلمون، وخلص بنو حنيفة إلى مجّاعة [أسير عند المسلمين] وإلى خالد، فزال خالد عن الفسطاط».
ثم أعاد المسلمون ترتيب صفوفهم وبدأ الصحابة -رضي الله عنهم- وأهل القرآن منهم خاصة يحثون الناس على طلب الشهادة ويحذرونهم عاقبة الهزيمة، قال ابن الأثير: «ثم إن المسلمين تداعوا، فقال ثابت بن قيس: بئس ما عودتم أنفسكم يا معشر المسلمين! اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء، يعني أهل اليمامة، وأعتذر إليك مما يصنع هؤلاء، يعني المسلمين، ثم قاتل حتى قُتل... وقال أبو حذيفة: يا أهل القرآن، زيّنوا القرآن بالفعال! وحمل خالد في الناس حتى ردوهم إلى أبعد مما كانوا».
وصبر الفريقان وكثر القتل فيهم وكثرت الجراحات، قال ابن الأثير: «واشتد القتال وتذامرت بنو حنيفة، وقاتلت قتالا شديدا، وكانت الحرب يومئذ تارة للمسلمين وتارة للكافرين، وقُتل سالم، وأبو حذيفة، وزيد بن الخطاب، وغيرهم من أولي البصائر» ولذا كان لا بد من تمايز الصفوف، ومعرفة من أين يؤتى المسلمون، قال ابن الأثير: «فلما امتازوا قال بعضهم لبعض: اليوم يُستحى من الفرار»، وهكذا دارت رحى معركة شرسة من معارك هذه الأمة، كان لا بد فيها من بذل النفوس حتى يُبلَّغ الدين كاملا غير منقوص.
قال ابن الأثير: «وكثر القتلى في الفريقين لا سيما في بني حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قُتل مسيلمة. واشترك في قتله وحشي مولى جبير بن مطعم، ورجل من الأنصار»، وبقتل هذا الدجال أنهى المسلمون هذه الملحمة ورُزقوا النصر بعد أن صبروا لها وثبتوا.
بيَّن الله -عز وجل- للأمة شروط نصرها على أعدائها وأسبابه ليدوم لها العز والظفر، إن هي عملت بما علمت، ومن تلكم الأسباب الصبر والثبات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]، وذكر سبحانه أن الفئة القليلة الصابرة من المؤمنين تغلب الجمع الكثير من الكافرين بإذن الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [الأنفال: 65].
وشواهد سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسير أتباعه وتاريخ المسلمين تدلل على أن الصبر والمصابرة يحققان الجزء الأكبر من النصر.
ففي معركة الأحزاب (5 هـ)، حين اجتمع على المسلمين مشركو العرب مع من حالفهم من اليهود، وحاصروا مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى صار الحال كما وصفه الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 10-12]، ومع ذلك لم يُوهَن عزم المسلمين وثباتهم، فرابطوا على ثغور مدينتهم، لم تزعزعهم أراجيف المنافقين، بل كانوا موقنين بوعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن العاقبة لهم، وأنهم فاتحو مدائن الشام والعراق، ومحطمو عروش كسرى وقيصر، قال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
وبهذا الإيمان والتسليم امتنّ الله تعالى عليهم بنصره، وهزم عدوهم، ولكن بعد أن محّصهم وفضح المنافقين، ثم توالت بعد ذلك الفتوحات حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة الحادية عشرة للهجرة.
وفيها كانت ردة العرب الجماعية، التي لم توهن عزم الصديق -رضي الله عنه- وأصحابه، فصبر لها وثبت، وعزم على تنفيذ أمر الله بجهاد المرتدين مهما بلغت عدتهم وكثر جمعهم.
ففي اليمامة (11 هـ)، كانت المعركة مع أكبر تجمع ردة في ذلك الوقت بقيادة مسيلمة الكذاب، ولم تكن بالمعركة اليسيرة بل لاقى المسلمون فيها أنواع الشدة حتى كاد المرتدون أن يزيحوا المسلمين عن مواقعهم، قال ابن الأثير: «واشتد القتال، ولم يلق المسلمون حربا مثلها قط، وانهزم المسلمون، وخلص بنو حنيفة إلى مجّاعة [أسير عند المسلمين] وإلى خالد، فزال خالد عن الفسطاط».
ثم أعاد المسلمون ترتيب صفوفهم وبدأ الصحابة -رضي الله عنهم- وأهل القرآن منهم خاصة يحثون الناس على طلب الشهادة ويحذرونهم عاقبة الهزيمة، قال ابن الأثير: «ثم إن المسلمين تداعوا، فقال ثابت بن قيس: بئس ما عودتم أنفسكم يا معشر المسلمين! اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء، يعني أهل اليمامة، وأعتذر إليك مما يصنع هؤلاء، يعني المسلمين، ثم قاتل حتى قُتل... وقال أبو حذيفة: يا أهل القرآن، زيّنوا القرآن بالفعال! وحمل خالد في الناس حتى ردوهم إلى أبعد مما كانوا».
وصبر الفريقان وكثر القتل فيهم وكثرت الجراحات، قال ابن الأثير: «واشتد القتال وتذامرت بنو حنيفة، وقاتلت قتالا شديدا، وكانت الحرب يومئذ تارة للمسلمين وتارة للكافرين، وقُتل سالم، وأبو حذيفة، وزيد بن الخطاب، وغيرهم من أولي البصائر» ولذا كان لا بد من تمايز الصفوف، ومعرفة من أين يؤتى المسلمون، قال ابن الأثير: «فلما امتازوا قال بعضهم لبعض: اليوم يُستحى من الفرار»، وهكذا دارت رحى معركة شرسة من معارك هذه الأمة، كان لا بد فيها من بذل النفوس حتى يُبلَّغ الدين كاملا غير منقوص.
قال ابن الأثير: «وكثر القتلى في الفريقين لا سيما في بني حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قُتل مسيلمة. واشترك في قتله وحشي مولى جبير بن مطعم، ورجل من الأنصار»، وبقتل هذا الدجال أنهى المسلمون هذه الملحمة ورُزقوا النصر بعد أن صبروا لها وثبتوا.