زواج الأرملة سنّة ممتثَلة (١/٢) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ...

منذ 10 ساعات
زواج الأرملة سنّة ممتثَلة

(١/٢)
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (خير أمتي القرن الذين بُعثت فيهم، ثم الذين يلونهم) [متفق عليه]، قال النووي: «اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه، صلى الله عليه وسلم، والمراد أصحابه، وقد قدمنا أن الصحيح الذي عليه الجمهور أن كل مسلم رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو ساعة فهو من أصحابه».

وقد غلب على نساء ذاك القرن من الصحابيات الزواج إثر وفاة أو مقتل أزواجهن، باستثناء أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- اللاتي حُرِّمن على الرجال من بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن نحن تأملنا في كتب السير والتراجم والتواريخ، فقلما نجد امرأة من تيك المؤمنات الفاضلات الصالحات لم تتزوج بعد زوجها، سواء كانت صاحبة عيال أم لا، ولم نقرأ قط أن أحدا ممن حولها من النساء أو الرجال لامها على زواجها أو ثرّب عليها أو لمزها بعدم الوفاء لزوجها الأول! ومن يلمز امرأة تزوجت بعد مقتل زوجها بآخر، فليحذر من معارضة شيء شرعه الله -عز وجل- وأحلّه لعباده، فأيما امرأة يُتوفّى عنها زوجها وتتزوج ثم يُتوفّى وتتزوج ثم يُتوفّى وتتزوج، وهكذا إلى ما شاء الله، ولو مائة مرة، فيأتي من يلومها وينهاها دون مسوّغ شرعي، بل من باب أن هذا «عيب»، فيقدّم بذلك «ثقافة العيب» المستفحلة بين الناس -إلا من عصم ربنا- على الحلال الذي أحله الله، أو الحرام الذي حرمه الله، فمثل هذا اللائم يُخشى عليه.

وقد جاء في «المحبر» لأبي جعفر البغدادي فصل أسماه: «أسماء من تزوج ثلاثة أزواج فصاعدا من النساء»، ذكر منهن مجموعة من خيرة الصحابيات، رضي الله عنهن.

ثم إن الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يتسابقون لخطبة مسلمة قتل عنها زوجها، وكفالة يتيم مات عنه أبوه، فهل غاب عن الصحابة والصحابيات ما فقهته المعترضات على زواج الأرامل في يومنا هذا؟ حاشاهم حاشاهم!
وبناتُ نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- وحفيداته، منهن من تزوجت رجلا واثنان وثلاثة، قال ابن كثير، رحمه الله: «زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، وهو ابن أخت خديجة، أمه هالة بنت خويلد، فولدت له ابنا اسمه علي، وبنتا اسمها أمامة بنت زينب، وقد تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة، ومات وهي عنده، ثم تزوجت بعده بالمغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب» [البداية والنهاية].

وقال: «وأما أم كلثوم فتزوجها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فولدت له زيدا ومات عنها، فتزوجت بعده ببني عمها جعفر واحدا بعد واحد؛ تزوجت بعون بن جعفر فمات عنها، فخلف عليها أخوه محمد فمات عنها، فخلف عليها أخوهما عبد الله بن جعفر، فماتت عنده» [البداية والنهاية].

نعم تزوجت أم كلثوم أربعة رجال وهي من هي؛ حفيدة النبي -صلى الله عليه وسلم- وابنة علي وفاطمة -رضي الله عنهما- فلم تُغمز فيها عين، ولم يُلمز بها بلسان، ولم تسمع قولا بائسا أن ويحك، كيف نسيت زوجك الأول وما كان بينكما من العشرة والود؟

كما وللمؤمنات أسوة حسنة في الصحابية أسماء بنت عميس صاحبة الهجرتين -رضي الله عنها وعن أزواجها- جاء في «معرفة الصحابة» لأبي نعيم: «هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب، فولدت له بأرض الحبشة عبد الله، وعونا، ومحمدا ابناء جعفر بن أبي طالب، ثم قتل عنها جعفر، فخلف عليها أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، فولدت له محمد بن أبي بكر الصديق عام حجة الوداع بالشجرة، ثم توفي عنها فتزوجها علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فولدت له يحيى بن علي بن أبي طالب».

كذلك: «خولة بنت قيس بن قهد بن ثعلبة الأنصارية أم محمد، وقيل: أم حبيبة، قتل عنها حمزة بن عبد المطلب، وخلف عليها النعمان بن عجلان الأنصاري».

وفي «أسد الغابة» لابن الأثير: «عاتكة بنت زيد تزوجها عبد الله بن أبي بكر، فلما قتل تزوجها الفاروق عمر، فلما قتل تزوجها الزبير بن العوام».
ولك أيتها المسلمة أن تتفكري، كيف تتزوج المرأة على مثل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب!

وما هذا إلا غيض من فيض تاريخ نساء خير القرون، وإننا إن نحن ذهبنا نعدد المتزوجات بعد أزواجهن منهن لما أحصيناهن.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 54
الخميس 10 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

675b0ecd560d4

  • 1
  • 0
  • 3

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً