من تعلّق طاغوتاً وُكل إليه • رُوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من تعلّق شيئا وُكل ...

منذ يوم
من تعلّق طاغوتاً وُكل إليه

• رُوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من تعلّق شيئا وُكل إليه) [رواه النسائي عن أبي هريرة].

قال سليمان آل الشيخ، رحمه الله: «من تعلّق قلبه شيئا بحيث يتوكل عليه ويرجوه، وَكلَه الله إلى ذلك الشيء، فإن تعلّق العبد بربه وإلهه وسيده ومولاه، ربِّ كل شيء ومليكه، وكله إليه، فكفاه ووقاه وحفظه وتولاه، ونعم المولى ونعم النصير، كما قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدهُ} [الزمر: 36]، ومن تعلّق بالسحر والشياطين، وكله الله إليهم فأهلكوه في الدنيا والآخرة، وبالجملة فمن توكل على غير الله كائنا من كان، وُكل إليه، وأتاه الشر في الدنيا والآخرة من جهته مُقابَلة له بنقيض قصده، وهذه سنة الله في عباده التي لا تُبدّل، وعادته التي لا تُحوّل، أن من اطمأن إلى غيره أو وثق بسواه، أو ركن إلى مخلوق يدبره، أجرى الله تعالى له بسببه أو من جهته خلاف ما علَّق به آماله، وهذا أمر معلوم بالنص والعيان. ومن تأمل ذلك في أحوال الخلق بعين البصيرة النافذة رأى ذلك عياناً» [تيسير العزيز الحميد].

وقال رحمه الله: «التعلّق يكون بالقلب، ويكون بالفعل، ويكون بهما جميعا، أي: من تعلّق شيئا بقلبه، أو تعلّقه بقلبه وفعله، وُكل إليه، أي: وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلّقه، فمن تعلّقت نفسه بالله، وأنزل حوائجه بالله، والتجأ إليه، وفوّض أمره كلَّه إليه، كفاه كل مؤنة، وقرّب إليه كل بعيد، ويسّر له كل عسير، ومن تعلّق بغيره أو سكن إلى علمه وعقله ودوائه وتمائمه، واعتمد على حوله وقوته، وَكلَه الله إلى ذلك وخذله، وهذا معروف بالنصوص والتجارب؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]...» [تيسير العزيز الحميد].

أفما آن لصحوات الردة -بجميع فرقهم وطوائفهم- أن يتدبروا واقعهم وحالهم؟ ألا يرون أن توكّلهم على الطواغيت وموالاتهم لعبّاد الصليب وقولَهم لهم {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} لم يُجْدِ شيئا سوى أن خلّى الحَكَمُ العدل -عز وجل- بينهم وبين عدوّهم الغاشم، حتى دخل الجيش النصيري وحلفاؤه من الروافض والصليبيين ديارهم واستباح دماءهم وأموالهم في أحياء حلب الشرقية والقديمة؟ دخلها بسويعات، من غير صواريخ ذكية ولا مسيّرات قاصفة ولا تحالف دولي ليس له مثيل في التاريخ المعاصر، أفلا يتدبّرون؟!

ولم يقدّم طاغوت الإخوان المرتدين أردوغان لعبيده من الصحوات شيئا، سوى اجتماعات مع صليبيي روسيا السفّاحين وتهاني لصليبيي أمريكا بمناسبة نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة وحملات على المهاجرين والأنصار الذين كانوا السد المنيع أمام تقدم النصيرية في مدينة حلب وأريافها قبل غدر صحوات الردة بهم؟

نعم، من تعلّق شيئا وُكل إليه، فمن تعلّق طاغوتا عابدا لهواه، وُكل إليه، فاستخدمه في تحقيق مصالحه الشخصية والحزبية ثم رماه في مزبلة التاريخ مع غيره من الخونة الغادرين، فكيف إذا قاتل المتوكلُ على الطاغوت تحت راية جاهلية وفي سبيله ولإعلاء كلمته في أرض الشام المباركة؟!

ولو كان طاغوتهم أردوغان يخاف على أعراضهم، لأرسل جنوده الكفرة الفجرة نحو النصيرية الباطنية والبعثية العلمانية لقتالهم وقتلهم، ولوهب للصحوات ما عنده في ترسانة الجيش التركي المرتد من مضادات للطيران الروسي والسوري العتيق، لكن أنّى له ذلك؟ فحلب ليست جزءا من دولته المرتدة ولن يسمح لها إخوانه من الصليبيين أن تكون كذلك، فلا حاجة له فيها سوى القضاء على الـ PKK المرتدين، لمنعهم من زلزلة عرشه الفاني.

وما زال المجاهدون الموحدون يرجون لمن انتسب إلى الإسلام والسنة من الصحوات في حلب وإدلب وغيرهما وارتد وطنيا أو علمانيا أو ممتنعا عن الشرائع أو متوليا للمرتدين، أن يتوب إلى الله -جل وعلا- ويكفُر بما دونه، ويوالي فيه، ويعادي فيه، ويقاتل في سبيله، وحده لا شريك له، ويعلن ملّة الخليلين -عليهما الصلاة والسلام- على الملأ دون خجل، متوكّلا على الحي القيوم، متبرئا من الدعم المشروط والكافر الطاغوت.

ومن قتل ألف ألف من المهاجرين والأنصار، وأراد التوبة، فله الأمان، كما قال أمير المؤمنين -حفظه الله- وسلطان الشريعة خير له من أرض تُحكم بقوانين الفصائل وأعرافها، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، والحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 58
الخميس 8 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

671c2d4603ce0

  • 0
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً