إقامة الدولة الإسلامية بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة إن الدولة الإسلامية هي الوسيلة الوحيدة ...
منذ 2025-04-10
إقامة الدولة الإسلامية بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة
إن الدولة الإسلامية هي الوسيلة الوحيدة لإقامة الدين، وتحقيق العدل بين الناس الذي فرضه الله -تعالى- على خلقه، وجعل تحكيم شريعته شرطا له، وبغياب هذا الدين، وبتحكيم غير شريعة الله -سبحانه- يطغى الكفر، ويسود الظلم، ولعلاج ذلك يلجأ الناس إلى مسالك شتى، فمنهم من يرى أن إقامة الدين إضافة إلى كونها واجبا شرعيا، فإنها تتضمن تحقيق العدل، وهم المسلمون لرب العالمين، ومنهم من يسعى لإقامة كل ما يحسبه عدلا بأي طريق كانت، ولأسباب دنيوية محضة، وهم المفسدون من دعاة الإصلاح في كل ملّة ودين باطل.
إذ يتساوى البشر جلهم برغبتهم في إقامة العدل داخل المجتمعات التي يحيون فيها، ويرون في ذلك وسيلة لتجنيبهم ظلم الآخرين لهم، وفتح المجال أمامهم ليحيوا حياتهم الدنيوية بأمان أكبر، وسعادة أكثر، ولذلك نرى كثرة ما كتبه الفلاسفة والمتكلمون من الجاهليين في مسائل الحكم، لكونه وسيلة لإقامة العدل، وسعادة البشر، وظهرت مصطلحات كثيرة تحوم حول "الحكم العادل" و"المدينة الفاضلة" التي يحلم الناس بوجودها والعيش فيها، وقد قام عدد لا يحصى من الثورات والحروب في الأمم المختلفة لتحقيق هذه الغايات.
فبإغفال الناس للمنهج الذي بيّنه لهم خالقهم -جلّ وعلا- لتحقيق العدل فيما بينهم، وتحصيل السعادة في الدارين، لا يلبثون أن يختلفوا فيما بينهم، وأن يظهر فيهم الأئمة المضلون الذين يزعم كل منهم أنه وحده من يعرف الطريق لتحقيق العدل، وأنه وحزبه هم الوحيدون الذين بإمكانهم إقامته في الأرض، وعندما تتصارع رؤاهم حول العدل الذي يزعمون مع رؤى غيرهم ومصالحهم، لا يبقى إلا السلاح حكما بينهم، إذ لا أصل متفق عليه بينهم يرجعون إليه لحسم التنازع.
- قالوا إنّما نحن مصلحون:
وعلى هذا يسير الكثيرون ممن يزعمون اتّباع أنبياء الله ورسله -عليهم السلام- ممن ترك السنة وسار على طريق الهوى والبدعة، فضلَّ عن الصراط المستقيم، واتبع كلٌّ منهم سبيلا من السبل، عليه شيطان يدعو إلى النار، وكلٌّ منهم يدّعي أنه وريث علم النبوة، وحامي حمى الشريعة، وكلٌّ منهم يؤمل أتباعه بأنه سيعيد الدين إلى ما كان عليه في حياة أنبيائهم، بل وسيحقق لهم ما لم يتحقق لأولئك الأنبياء من الظفر والتمكين، وتحكيم الكتاب وإقامة الدين، وفي المحصلة ظهرت فيهم الفرق المتعددة؛ ففي النصارى إحدى وسبعون فرقة، وفي اليهود ثنتان وسبعون، ليتبعهم من يزعمون الانتساب إلى أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، فينقسموا بدورهم إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها على ضلالة إلا فرقة تسير على منهاج النبوة، على ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام.
ومن يرجع إلى تاريخ كثير من تلك الفرق يجد أن مبدأ الانحراف في مناهج كثير منها، الذي قادها إلى الخروج عن الدين بالكلية إنما هو مناداتهم بالعودة إلى منهاج النبوة مع بنائهم دعاواهم على أصول فاسدة، وسعيهم في إقامة دولة تختلف كثيرا عن دولة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ما برحوا يزداد بهم الانحراف، ويبتعد بهم سبيلهم عن الصراط المستقيم، وهم يزيدون على دينهم وينقصون بما يخدم منهجهم الضال، حتى باتت أديانهم المختلفة شيئا مختلفا عن دين الإسلام الذي خرجوا بادئ الأمر يطلبون إعادته لما كان عليه السلف الأول.
- الرافضة.. تاريخ طويل من الضلال:
فالرافضة -إن صدق عدُّهم من أولى الفرق ظهورا- هم استمرار للانحراف الذي بدأ عند بعض الناس بتعصبهم لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، واعتقادهم أنه لن يعيد الدين إلى ما كان عليه قبل انقطاع الوحي، ولن يحفظه إلى يوم القيامة إلا رجال من آل النبي وذريته، فظهرت في الشيعة عقيدة الوصاية على الدين التي حصروها بعلي، رضي الله عليه، وخرجوا بكذبةٍ مفادها أن النبي –صلى الله عليه وسلم- نصّ عليه خليفة من بعده، وأظهروا بدعة تفضيله على الصحابة وخاصة الشيخين، ثم تطوّر بهم الأمر إلى الغلو في علي بل إلى تأليهه في حياته وبعد موته، وأصبحت مسألة إمامة أهل البيت أصلا في دينهم، فلا يرون طريقا لإصلاح الدين إلا أن تكون إمامة الدين لواحد من أبناء فاطمة، رضي الله عنها.
وهذا الاتجاه البدعي في الإصلاح المزعوم -الذي ألزموا به أنفسهم- ذهب بهم في كل مرة يموت فيها إمامهم المنصوب إلى القول برجعته، أو إنكار موته، بل ووصل بهم الأمر إلى أن ينسبوا لأحد أئمتهم ابنا لم يكن له، وذلك لما وصلت سلسلة الإمامة التي تنتقل حلقاتها من الآباء إلى الأبناء إلى طريق مسدود، عندما انعدمت سلالة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، فخرجوا بكذبة الإمام الثاني عشر الذي أسموه (محمد المهدي بن الحسن العسكري)، ليواروا سوءة ضلالهم في مسألة الوصاية، بأن خلت الأرض من وصي يحقق شروطهم النَسبيّة والشرعية، واخترعوا قصة غيبته في سرداب سامراء إلى آخر الزمان ليستمر منهجهم البدعي الشركي الضال، زاعمين ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 69
لقراءة المقال، تيليغرام:
@WMC11AR
إن الدولة الإسلامية هي الوسيلة الوحيدة لإقامة الدين، وتحقيق العدل بين الناس الذي فرضه الله -تعالى- على خلقه، وجعل تحكيم شريعته شرطا له، وبغياب هذا الدين، وبتحكيم غير شريعة الله -سبحانه- يطغى الكفر، ويسود الظلم، ولعلاج ذلك يلجأ الناس إلى مسالك شتى، فمنهم من يرى أن إقامة الدين إضافة إلى كونها واجبا شرعيا، فإنها تتضمن تحقيق العدل، وهم المسلمون لرب العالمين، ومنهم من يسعى لإقامة كل ما يحسبه عدلا بأي طريق كانت، ولأسباب دنيوية محضة، وهم المفسدون من دعاة الإصلاح في كل ملّة ودين باطل.
إذ يتساوى البشر جلهم برغبتهم في إقامة العدل داخل المجتمعات التي يحيون فيها، ويرون في ذلك وسيلة لتجنيبهم ظلم الآخرين لهم، وفتح المجال أمامهم ليحيوا حياتهم الدنيوية بأمان أكبر، وسعادة أكثر، ولذلك نرى كثرة ما كتبه الفلاسفة والمتكلمون من الجاهليين في مسائل الحكم، لكونه وسيلة لإقامة العدل، وسعادة البشر، وظهرت مصطلحات كثيرة تحوم حول "الحكم العادل" و"المدينة الفاضلة" التي يحلم الناس بوجودها والعيش فيها، وقد قام عدد لا يحصى من الثورات والحروب في الأمم المختلفة لتحقيق هذه الغايات.
فبإغفال الناس للمنهج الذي بيّنه لهم خالقهم -جلّ وعلا- لتحقيق العدل فيما بينهم، وتحصيل السعادة في الدارين، لا يلبثون أن يختلفوا فيما بينهم، وأن يظهر فيهم الأئمة المضلون الذين يزعم كل منهم أنه وحده من يعرف الطريق لتحقيق العدل، وأنه وحزبه هم الوحيدون الذين بإمكانهم إقامته في الأرض، وعندما تتصارع رؤاهم حول العدل الذي يزعمون مع رؤى غيرهم ومصالحهم، لا يبقى إلا السلاح حكما بينهم، إذ لا أصل متفق عليه بينهم يرجعون إليه لحسم التنازع.
- قالوا إنّما نحن مصلحون:
وعلى هذا يسير الكثيرون ممن يزعمون اتّباع أنبياء الله ورسله -عليهم السلام- ممن ترك السنة وسار على طريق الهوى والبدعة، فضلَّ عن الصراط المستقيم، واتبع كلٌّ منهم سبيلا من السبل، عليه شيطان يدعو إلى النار، وكلٌّ منهم يدّعي أنه وريث علم النبوة، وحامي حمى الشريعة، وكلٌّ منهم يؤمل أتباعه بأنه سيعيد الدين إلى ما كان عليه في حياة أنبيائهم، بل وسيحقق لهم ما لم يتحقق لأولئك الأنبياء من الظفر والتمكين، وتحكيم الكتاب وإقامة الدين، وفي المحصلة ظهرت فيهم الفرق المتعددة؛ ففي النصارى إحدى وسبعون فرقة، وفي اليهود ثنتان وسبعون، ليتبعهم من يزعمون الانتساب إلى أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، فينقسموا بدورهم إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها على ضلالة إلا فرقة تسير على منهاج النبوة، على ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام.
ومن يرجع إلى تاريخ كثير من تلك الفرق يجد أن مبدأ الانحراف في مناهج كثير منها، الذي قادها إلى الخروج عن الدين بالكلية إنما هو مناداتهم بالعودة إلى منهاج النبوة مع بنائهم دعاواهم على أصول فاسدة، وسعيهم في إقامة دولة تختلف كثيرا عن دولة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ما برحوا يزداد بهم الانحراف، ويبتعد بهم سبيلهم عن الصراط المستقيم، وهم يزيدون على دينهم وينقصون بما يخدم منهجهم الضال، حتى باتت أديانهم المختلفة شيئا مختلفا عن دين الإسلام الذي خرجوا بادئ الأمر يطلبون إعادته لما كان عليه السلف الأول.
- الرافضة.. تاريخ طويل من الضلال:
فالرافضة -إن صدق عدُّهم من أولى الفرق ظهورا- هم استمرار للانحراف الذي بدأ عند بعض الناس بتعصبهم لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، واعتقادهم أنه لن يعيد الدين إلى ما كان عليه قبل انقطاع الوحي، ولن يحفظه إلى يوم القيامة إلا رجال من آل النبي وذريته، فظهرت في الشيعة عقيدة الوصاية على الدين التي حصروها بعلي، رضي الله عليه، وخرجوا بكذبةٍ مفادها أن النبي –صلى الله عليه وسلم- نصّ عليه خليفة من بعده، وأظهروا بدعة تفضيله على الصحابة وخاصة الشيخين، ثم تطوّر بهم الأمر إلى الغلو في علي بل إلى تأليهه في حياته وبعد موته، وأصبحت مسألة إمامة أهل البيت أصلا في دينهم، فلا يرون طريقا لإصلاح الدين إلا أن تكون إمامة الدين لواحد من أبناء فاطمة، رضي الله عنها.
وهذا الاتجاه البدعي في الإصلاح المزعوم -الذي ألزموا به أنفسهم- ذهب بهم في كل مرة يموت فيها إمامهم المنصوب إلى القول برجعته، أو إنكار موته، بل ووصل بهم الأمر إلى أن ينسبوا لأحد أئمتهم ابنا لم يكن له، وذلك لما وصلت سلسلة الإمامة التي تنتقل حلقاتها من الآباء إلى الأبناء إلى طريق مسدود، عندما انعدمت سلالة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، فخرجوا بكذبة الإمام الثاني عشر الذي أسموه (محمد المهدي بن الحسن العسكري)، ليواروا سوءة ضلالهم في مسألة الوصاية، بأن خلت الأرض من وصي يحقق شروطهم النَسبيّة والشرعية، واخترعوا قصة غيبته في سرداب سامراء إلى آخر الزمان ليستمر منهجهم البدعي الشركي الضال، زاعمين ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 69
لقراءة المقال، تيليغرام:
@WMC11AR