نعمة الصحة والابتلاء بالمرض أمر الله -تعالى- عباده بالحفاظ على أنفسهم من كل ما يؤذيها ويَضر بها، ...

منذ 2025-04-10
نعمة الصحة والابتلاء بالمرض

أمر الله -تعالى- عباده بالحفاظ على أنفسهم من كل ما يؤذيها ويَضر بها، وحثهم على الطيبات وحرم عليهم الخبائث والأرجاس التي تضر بعقولهم أو أبدانهم، وأرسل نبيَّه بذلك المنهج الرباني المتكامل الذي شمل أمور الدين والدنيا، فزخرت السنة بأنواع من المنح الربانية التي تقي المسلم في بدنه وعقله، قال سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، قال الطبري رحمه الله: "وقوله: ويُحل لهم الطيبات: وذلك ما كانت الجاهلية تحرمه من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي. ويحرم عليهم الخبائث وذلك لحم الخنزير والربا، وما كانوا يستحلونه من المطاعم والمشارب التي حرمها الله".

الصحة نعمة مغبون فيها كثير من الناس
ومن عظيم ما أنعم الله به -سبحانه- على خلقه هو نعمة تمام الصحة التي لا يعرفها إلا من يفقدها، ولو فقدها لدفع كل ما يملك ليعالج نفسه ويسترجع صحته ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وقد دلت السنة على نعمة الصحة فيما رواه البخاري في الأدب المفرد وغيره من أهل السنن، وهو قوله، صلى الله عليه وسلم: (من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده، عنده طعام يومه فكأنما حيزت له الدنيا)، وكذلك ما رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، قال ابن بطال -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث الجليل: "معنى الحديث أن المرء لا يكون فارغا حتى يكون مَكفيا صحيح البدن، فمن حصل له ذلك فليحرص على ألا يُغبن بأن يترك شكر الله على ما أنعم به عليه، ومن شكره امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فمن فرّط في ذلك فهو المغبون".

- تحريم إتلاف النفوس:

ومن عجيب أمر بعض الناس أنهم يسعون لإتلاف صحتهم بما حرم الله -تعالى- من الموبقات والخبائث بأيديهم، مثل السجائر وغيرها من المسكرات التي تعطل العقل وتغيبه بنسب متفاوتة وتضر بالجسد ضررا عظيما، فتلك وغيرها من المحرمات هي قتل بطيء وإهلاك للبدن وقد نهى الله –تعالى- عن قتل النفس فقال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، وهكذا جاءت الشريعة الغراء بصيانة الدين والنفس، ولأجل الدين ترخُص النفس بالجهاد في سبيل الله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، وأما ما عدا ذلك فلا يجوز للمسلم أن يُلحق الضرر ببدنه أو يفعل ما يضر بصحته مهما كانت الأسباب، وقد روى الحاكم في مستدركه عن جابر أن رجلا من قوم الطفيل بن عمرو الدوسي هاجر مع الطفيل فمرض الرجل، قال: فضجر فجاء إلى قرن فأخذ مشقصا فقطع رواجبه فمات، فرآه الطفيل في المنام فقال: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما شأن يديك؟ قال: قيل لي إنا لا نصلح منك ما أفسدت من نفسك، قال: فقصها الطفيل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (اللهم وليديه فاغفر، ورفع يديه)، فهذا الرجل لم يقصد قتل نفسه ولكنه فعل فعلا أدى إلى قتله، وغفر الله له بسبب هجرته كما هو ظاهر الحديث من دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- له، وتأمل ما قيل له: إنَّا لا نصلح منك ما أفسدت، فهذا الجسد لا يُتلف إلا في مرضاة الله وطاعته لا بهوى النفس وملذاتها ودوافعها.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 69
الخميس 25 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC11AR

67645820478e1

  • 1
  • 0
  • 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً