وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ ...

منذ 2025-04-10
وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}، أي إذا دعوا إلى التحاكم إلى ما أنزل الله والى الرسول أعرضوا إعراضا مستكبرين، كما قال تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: 48]، قال ابن القيم: "هذا دليل على أن من دُعي الى تحكيم الكتاب والسنة فلم يقبل وأبى ذلك أنه من المنافقين، و{يَصُدُّونَ} هنا لازم لا متعد، هو بمعنى يُعرضون، لا بمعنى يمنعون غيرهم، ولهذا أتى مصدره على صدود، ومصدر المتعدي صدا"، فإذا كان المعرض عن ذلك قد حكم الله -سبحانه- بنفاقهم، فكيف بمن ازداد إلى إعراضه منعَ الناس من تحكيم الكتاب والسنة، والتحاكم إليهما، بقوله وعمله وتصانيفه، ثم يزعم مع ذلك أنه إنما أراد الإحسان والتوفيق؛ الإحسان في فعله ذلك والتوفيق بين الطاغوت الذي حكَّمه وبين الكتاب والسنة؟
قلت: وهذا حال كثير ممن يدعي العلم والإيمان في هذه الأزمان، إذا قيل لهم تعالوا نتحاكم الى ما أنزل الله والى الرسول {رَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون: 5]، ويعتذرون أنهم لا يعرفون ذلك ولا يعقلون، {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 88].

وقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}، قال ابن كثير: "أي فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في المصائب بسبب ذنوبهم، واحتاجوا إليك في ذلك"، وقال ابن القيم: "قيل المصيبة فضيحتهم، إذا أُنزل القرآن بحالهم ولا ريب أن هذا أعظم المصيبة والإضرار، فالمصائب التي تصيبهم بما قدمت أيديهم في أبدانهم وقلوبهم وأديانهم بسبب مخالفة الرسول -عليه الصلاة والسلام- أعظمها مصائب القلب والدين، فيُرى المعروف منكرا، والهدى ضلالا، والرشاد غيا، والحق باطلا، والصلاح فسادا، وهذا من المصيبة التي أصيب بها في قبله، وهو الطبع الذي أوجبه مخالفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتحكيم غيره، قال سفيان الثوري: في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]، قال: هي أن تطبع على قلوبهم".

وقوله تعالى: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}، قال ابن كثير: "أي: يعتذرون ويحلفون إن أردنا بذهابنا إلى غيرك إلا الإحسان والتوفيق، أي المداراة والمصانعة".

وقال غيره: "{إِلَّا إِحْسَانًا}، أي: لا إساءة، و{وَتَوْفِيقًا} أي: بين الخصمين، ولم نرد مخالفة لك، ولا تسخطا لحكمك"". [من كتاب: تيسير العزيز الحميد، باختصار]


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 69
الخميس 25 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

67645820478e1

  • 1
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً