تداووا عباد الله لا يكمل إيمان عبد إلا بالتوكل على الله في أموره كلها، وما تعلق قلب عبد بغير ...

منذ 2025-04-10
تداووا عباد الله

لا يكمل إيمان عبد إلا بالتوكل على الله في أموره كلها، وما تعلق قلب عبد بغير الله -سبحانه- إلا نقص من إيمانه بقدر ذلك، حتى إذا توكل على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله –تعالى- كان مشركا.

وفي المرض يُبتلى الناس في صدق توكلهم على الله تعالى، فالمؤمنون يتوجهون إليه وحده في طلب الشفاء، وتحصيل الأجر والجزاء، أما من فقد التوحيد فإنه يتعلق بالأنداد طالبا منهم الشفاء من دون الله تعالى، كما يفعل عبّاد "الأولياء" والقبور، وبين أفعال أولئك الموحدين وهؤلاء المشركين، تبرز قضية التعلق بالأسباب المادية المشروعة للنجاة من الأمراض والوقاية منها، من أطباء وأدوية ولقاحات وغيرها.

إذ يختلف الناس بين مغالٍ في تلك الأسباب والتعلق بها طلبا للشفاء، وبين تاركٍ لها طلبا للتوكل الحق على الله سبحانه، وبين هؤلاء وهؤلاء من هو على منهاج النبوة في الاستشفاء، بطلب التداوي بالوسائل المشروعة، دون أن يؤثر ذلك على صدق توكلهم على الله تعالى، وهذا ما سنسعى -بحول الله- لتبيينه في هذه المقالة.

- بين التوكل والأخذ بالأسباب:

التوكل على الله من أعمال القلوب، وهو من العبادات القلبية ومن توحيد العبادة الذي جاء به جميع الرسل، ومن توكل على الله –تعالى- في كل أحواله فقد حاز الأجر العظيم وكفى بها نعمة، وأما العمل بالأسباب المشروعة فهو من أعمال الجوارح المتممة للتوكل.

فمع الأمر بالتوكل جاءت الشريعة بالحث على السعي بالجوارح لتحصيل الأسباب في كل ما نحتاجه لبلوغ المقاصد الدينية، وقد تكون الأسباب حينها واجبة مثل الإعداد للجهاد، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وكذلك الأسباب التي يُتوصل بها إلى الحاجات البدنية الضرورية في حفظ البدن وعلاجه، ففي مجال الطب والتداوي تكون الوقاية والعلاج باتخاذ الأسباب الوقائية والعلاجية التي خلقها الله -تعالى- لعباده، ودلَّهم عليها من خلال السنة النبوية الكريمة، أو علّمهم أهميتها بما شاء، وهذه الأسباب لا تبطل التوكل إذا كان المسلم لا يلتفت إليها إلا من باب اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في تحصيل مقصد شرعي أو حاجة ضرورية.

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس الدرع والمغفر، ويتخذ أسباب الحماية لبدنه، مع شجاعته وطلبه للشهادة وحبه القتل عدة مرات كما ثبت في الحديث الصحيح، وكذلك اتخذ أسباب النصر في الحرب من وضع الخطط، وتعبئة الجنود، والتورية على وجهات سراياه وغزواته، وكذلك ادخر الطعام لأهله وغير هذا كثير، وقد جاء في صحيح ابن حبان أن عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- قال: قال رجل للنبي، صلى الله عليه وسلم: أُرسل ناقتي وأتوكل؟ قال: (اعقلها وتوكل)، فإن الاحتياط من ربط الناقة لا ينافي توكلَّه على الله، بل إن التوكل القلبي يستلزم السبب العملي.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 70
الخميس 3 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC11AR

67645820478e1

  • 1
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً