تداووا عباد الله (3/3) - المنهج النبوي في التداوي من الأدواء: وينبغي للمسلم أن يوازن بين ...
منذ 2025-04-10
تداووا عباد الله
(3/3)
- المنهج النبوي في التداوي من الأدواء:
وينبغي للمسلم أن يوازن بين نوع المرض الذي يوجب عليه التداوي مع نية القلب التي تصون توحيده، وبين همته في طلب منزلة السبعين ألفا بترك الاستشفاء مما يصيبه من بعض الأمراض، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت أنه وصحابته تداووا، ولكنهم لا يطلبون ما يقدرون على فعله، مثل الرقية وغيرها، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يسترقِ، ولكن رقاه جبريل -عليه السلام- من غير طلب منه، وحرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض أصحابه أن ينالوا منزلة السبعين ألفا، فقد ثبت في صحيح مسلم "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى عددا من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا، قال: كان أحدهم يسقط سوطه وهو على دابته فلا يسأل أحدا أن يرفعه إليه فينزل ويأخذه"؛ وذلك طلبا للكمال ورفعة الدرجة.
ويجب أن يُعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته جمعوا بين التداوي وبين كمال التوكل على الله تعالى، فاستدامة الصحة بنعمة الدواء وغيره مما يُتوقى به هو شرع الله تعالى، جاء به النبي، صلى الله عليه وسلم، وحث المسلمين معه على صون توكلهم من منزلقات التعلق بالأسباب، وقد أوردنا الحديث عن السبعين ألفا لتبيان كمال التوكل لكلِّ مفرِّط في توكله، وكذلك نحث كل متواكل بترك الأسباب أن يسعى لتحصيل المطلوب، فقد جاء في مسند الإمام أحمد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (تداووا عباد الله، فإن الله -عز وجل- لم ينزل داء، إلا أنزل معه شفاء، إلا الموت، والهرم)، فهنا أمر بالتداوي بالدواء من الداء، وكلاهما من خلقه -سبحانه- لحكمة بالغة قضاها، ولو كان التداوي ينافي التوكل لما حث عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، فالدواء لا يكون نافعا إلا بإذن الله -تعالى- حين يأذن بالشفاء، إلا الهرم الذي يعقبه الموت، وقال بعض أهل العلم إن التداوي يصبح واجبا إذا ثبت نفعُه أو غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك.
وما أحسن ما قاله ابن القيم، رحمه الله: "وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع، والعطش، والحر، والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزا ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلا للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلا، ولا توكله عجزا" [زاد المعاد].
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 70
الخميس 3 جمادى الآخرة 1438 هـ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC11AR
(3/3)
- المنهج النبوي في التداوي من الأدواء:
وينبغي للمسلم أن يوازن بين نوع المرض الذي يوجب عليه التداوي مع نية القلب التي تصون توحيده، وبين همته في طلب منزلة السبعين ألفا بترك الاستشفاء مما يصيبه من بعض الأمراض، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت أنه وصحابته تداووا، ولكنهم لا يطلبون ما يقدرون على فعله، مثل الرقية وغيرها، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يسترقِ، ولكن رقاه جبريل -عليه السلام- من غير طلب منه، وحرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض أصحابه أن ينالوا منزلة السبعين ألفا، فقد ثبت في صحيح مسلم "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى عددا من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا، قال: كان أحدهم يسقط سوطه وهو على دابته فلا يسأل أحدا أن يرفعه إليه فينزل ويأخذه"؛ وذلك طلبا للكمال ورفعة الدرجة.
ويجب أن يُعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته جمعوا بين التداوي وبين كمال التوكل على الله تعالى، فاستدامة الصحة بنعمة الدواء وغيره مما يُتوقى به هو شرع الله تعالى، جاء به النبي، صلى الله عليه وسلم، وحث المسلمين معه على صون توكلهم من منزلقات التعلق بالأسباب، وقد أوردنا الحديث عن السبعين ألفا لتبيان كمال التوكل لكلِّ مفرِّط في توكله، وكذلك نحث كل متواكل بترك الأسباب أن يسعى لتحصيل المطلوب، فقد جاء في مسند الإمام أحمد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (تداووا عباد الله، فإن الله -عز وجل- لم ينزل داء، إلا أنزل معه شفاء، إلا الموت، والهرم)، فهنا أمر بالتداوي بالدواء من الداء، وكلاهما من خلقه -سبحانه- لحكمة بالغة قضاها، ولو كان التداوي ينافي التوكل لما حث عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، فالدواء لا يكون نافعا إلا بإذن الله -تعالى- حين يأذن بالشفاء، إلا الهرم الذي يعقبه الموت، وقال بعض أهل العلم إن التداوي يصبح واجبا إذا ثبت نفعُه أو غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك.
وما أحسن ما قاله ابن القيم، رحمه الله: "وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع، والعطش، والحر، والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزا ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلا للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلا، ولا توكله عجزا" [زاد المعاد].
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 70
الخميس 3 جمادى الآخرة 1438 هـ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC11AR