نماذج لذهول العلماء أو استغراقهم بالعلم هذه مواقف لذهول بعض الأعلام عما حولهم وانشغالهم بالعلم، ...
منذ 2025-04-28
نماذج لذهول العلماء أو استغراقهم بالعلم
هذه مواقف لذهول بعض الأعلام عما حولهم وانشغالهم بالعلم، إما تفكيراً، أو نسخاً، أو مذاكرة، فمنهم من لم يشعر بما يجري حوله أو منه، أو لم يشعر بالوقت في أسوأ الظروف، أو يظل قائماً يتدارس مع صاحبه من العتمة حتى الصبح، وصدق أبو الطيب حين قال:
إذا تغلغل فكر المرء في طَرَفٍ
مِن مجده غرقَتْ فيه خواطرهُ
فنشرع بذكرهم رحمهم الله تعالى، ورزقنا الاقتداء بهم:
(1) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم، التركي، ثم المروزي (118-181هـ)، الإمام، شيخ الإسلام، عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته، الحافظ، الغازي.
قال علي بن الحسن بن شقيق: قمت مع ابن المبارك ليلة باردة ليخرج من المسجد، فذاكرني عند الباب بحديث وذاكرته، فما زال يذاكرني حتى جاء المؤذن فأذن للفجر.
[تذكرة الحفاظ: 1/203]
(2) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري، أبو سعيد البصري اللؤلؤي (135-198هـ)، الإمام، الحافظ، الناقد، المجود.
قال أبو داود السجستاني: التقى وكيع وعبد الرحمن [ابن مهدي] في الحرم بعد العشاء فتواقفا حتى سمعا أذان الصبح.
[سير أعلام النبلاء: 9/195]
(3) أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الذهلي، الشيباني، المروزي، ثم البغدادي(164-241هـ)، إمام أهل السنة، والصابر في المحنة، وأحد أئمة المذاهب الأربعة.
قال قُتَيْبة بن سعيد: كان وَكِيع إذا كانت العَتْمَة ينصرف معه أحمد بن حنبل، فيقف على الباب فيُذَاكره. فأخذ وَكِيع ليلةً بعضادتي الباب ثمّ قال: يا أبا عبد الله، أريد أن ألقي عليك حديث سُفْيان. قال: هات. قال: تحفظ عن سُفْيان، عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل كذا؟ قال: نعم. ثنا يحيى. فيقول: سَلَمَةُ كذا وكذا، فيقول: ثنا عبد الرحمن. فيقول: وعن سَلَمَةَ كذا وكذا. فيقول: أنت حدَّثتنا. حتّى يفرغ من سَلَمَةَ، فيقول أحمد: فتحفظ عن سَلَمَةَ كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا. ثمّ يأخذ في حديث شيخ، شيخ.
فلم يزل قائمًا حتّى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب. أو قالت: الزُّهْرة.
[تاريخ الإسلام: 18/68]
(4) محمد بن عبد السلام (سَحْنُون) بن سعيد بن حبيب التنوخي، أبو عبد الله (202-256هـ) الفقيه المالكي المناظر صاحب التصانيف.
كانت لمحمد بن سحنون سرية -أي جارية- يقال لها أم قدام. فكان عندها يوماً، وقد شغل في تأليف كتاب الى الليل، فحضر الطعام، فاستأذنته، فقال لها: أنا مشغول الساعة. فلما طال عليها، جعلت تلقمه الطعام، حتى أتت عليه. وتمادى هو على ما هو فيه الى أن أذن لصلاة الصبح. فقال: شغلنا عنك الليلة يا أم قدام. هات ما عندك. فقالت قد والله يا سيدي ألقمته لك. فقال لها: ما شعرت بذلك.
[ترتيب المدارك: 4/215]
(5) الإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد القشيري، النيسابوري أبو الحسين (206-261هـ)، الإمام المحدّث الحافظ، صاحب الصحيح.
قال أحمد بن سلمة: عُقِد لمسلم مجلس المذاكرة، فذكر له حديثٌ لم يعرفه، فانصرفَ إلى منزله، وأوقدَ السِّراج، وقال لمن في الدار: لا يدخلنَّ أحدٌ منكم هذا البيت، فقيل له: أُهِديت لنا سلَّةٌ فيها تمرٌ، فقال: قدِّموها إليّ، فقدَّموها إليه، فكان يأكل تمرةً تمرة، فأصبح وقد فنيَ التمرُ ووجدَ الحديث.
وقال ابن عساكر: أقامَ مسلمٌ ليلةً يفتِّش على حديثٍ، وبينَ يديه سلَّة من تمر، فلم يزل يفتِّشُ عليه ويأكلُ من السلَّة، حتَّى لم يبقَ فيها شيء، فماتَ...
[مرآة الزمان في تواريخ الأعيان: 15/448]
(6) محمد بن محمد بن سليمان، أبو بكر الأزدي الواسطي، المعروف بابن الباغندي (ت:312هـ)، الإمام، الحافظ، محدث العراق.
قال عمر بن أحمد الواعظ: قام أبو بكر الباغندي ليصلي، فكبّر ثم قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين، فسبحنا به. فقال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
[تاريخ بغداد: 4/345، وتاريخ دمشق: 55/169]
(7) محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأموي بالولاء الشهير بـ أبو العباس الأَصَمّ، (247 - 346هـ)، الإمام الثقة الحافظ الرُّحلة.
قالَ أبو عبد الله الحاكم: حضرتُ أَبَا العباس [الأصم] يوماً في مسجده، فخرج ليؤذّن لصلاة لعصر، فوقف موضع المئذنة، ثم قال بصوتٍ عال: أخبرنا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: أخبرنا الشّافعيّ، ثمّ ضحِك وضحِك النّاس، ثمّ أذَّن.
[تاريخ دمشق: 56/293، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 3/54، والسير للذهبي: 15/458].
(8) يحظيه ولد عبد الودود الجكني الشنقيطي (1265-1359هـ)، العلامة الكبير، وسيبويه زمانه.
حُكي أنه خرج بعد العصر ليأتي لشيخه بدلو ماء من الحي المجاور، فحان وقت المغرب وهو في الطريق عند نار قد أوقدها الرعاة في خشب، فصلى المغرب ثم جلس يدرس عند تلك النار، ويقرأ كتاب الإضافة من الألفية، ويردده، فلم يشعر إلا وقد طلع الفجر، ففاتته العشاء، حصل هذا وهو في ليلة شاتية فمن استغراقه في العلم لم يشعر بالبرد أو الجوع والعطش.
والحمد لله رب العالمين.
وكتبه: محمد علي حميسان غفر الله له ولأهله ومشايخه وأحبابه والمسلمين... اللهم آمين.
هذه مواقف لذهول بعض الأعلام عما حولهم وانشغالهم بالعلم، إما تفكيراً، أو نسخاً، أو مذاكرة، فمنهم من لم يشعر بما يجري حوله أو منه، أو لم يشعر بالوقت في أسوأ الظروف، أو يظل قائماً يتدارس مع صاحبه من العتمة حتى الصبح، وصدق أبو الطيب حين قال:
إذا تغلغل فكر المرء في طَرَفٍ
مِن مجده غرقَتْ فيه خواطرهُ
فنشرع بذكرهم رحمهم الله تعالى، ورزقنا الاقتداء بهم:
(1) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم، التركي، ثم المروزي (118-181هـ)، الإمام، شيخ الإسلام، عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته، الحافظ، الغازي.
قال علي بن الحسن بن شقيق: قمت مع ابن المبارك ليلة باردة ليخرج من المسجد، فذاكرني عند الباب بحديث وذاكرته، فما زال يذاكرني حتى جاء المؤذن فأذن للفجر.
[تذكرة الحفاظ: 1/203]
(2) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري، أبو سعيد البصري اللؤلؤي (135-198هـ)، الإمام، الحافظ، الناقد، المجود.
قال أبو داود السجستاني: التقى وكيع وعبد الرحمن [ابن مهدي] في الحرم بعد العشاء فتواقفا حتى سمعا أذان الصبح.
[سير أعلام النبلاء: 9/195]
(3) أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الذهلي، الشيباني، المروزي، ثم البغدادي(164-241هـ)، إمام أهل السنة، والصابر في المحنة، وأحد أئمة المذاهب الأربعة.
قال قُتَيْبة بن سعيد: كان وَكِيع إذا كانت العَتْمَة ينصرف معه أحمد بن حنبل، فيقف على الباب فيُذَاكره. فأخذ وَكِيع ليلةً بعضادتي الباب ثمّ قال: يا أبا عبد الله، أريد أن ألقي عليك حديث سُفْيان. قال: هات. قال: تحفظ عن سُفْيان، عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل كذا؟ قال: نعم. ثنا يحيى. فيقول: سَلَمَةُ كذا وكذا، فيقول: ثنا عبد الرحمن. فيقول: وعن سَلَمَةَ كذا وكذا. فيقول: أنت حدَّثتنا. حتّى يفرغ من سَلَمَةَ، فيقول أحمد: فتحفظ عن سَلَمَةَ كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا. ثمّ يأخذ في حديث شيخ، شيخ.
فلم يزل قائمًا حتّى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب. أو قالت: الزُّهْرة.
[تاريخ الإسلام: 18/68]
(4) محمد بن عبد السلام (سَحْنُون) بن سعيد بن حبيب التنوخي، أبو عبد الله (202-256هـ) الفقيه المالكي المناظر صاحب التصانيف.
كانت لمحمد بن سحنون سرية -أي جارية- يقال لها أم قدام. فكان عندها يوماً، وقد شغل في تأليف كتاب الى الليل، فحضر الطعام، فاستأذنته، فقال لها: أنا مشغول الساعة. فلما طال عليها، جعلت تلقمه الطعام، حتى أتت عليه. وتمادى هو على ما هو فيه الى أن أذن لصلاة الصبح. فقال: شغلنا عنك الليلة يا أم قدام. هات ما عندك. فقالت قد والله يا سيدي ألقمته لك. فقال لها: ما شعرت بذلك.
[ترتيب المدارك: 4/215]
(5) الإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد القشيري، النيسابوري أبو الحسين (206-261هـ)، الإمام المحدّث الحافظ، صاحب الصحيح.
قال أحمد بن سلمة: عُقِد لمسلم مجلس المذاكرة، فذكر له حديثٌ لم يعرفه، فانصرفَ إلى منزله، وأوقدَ السِّراج، وقال لمن في الدار: لا يدخلنَّ أحدٌ منكم هذا البيت، فقيل له: أُهِديت لنا سلَّةٌ فيها تمرٌ، فقال: قدِّموها إليّ، فقدَّموها إليه، فكان يأكل تمرةً تمرة، فأصبح وقد فنيَ التمرُ ووجدَ الحديث.
وقال ابن عساكر: أقامَ مسلمٌ ليلةً يفتِّش على حديثٍ، وبينَ يديه سلَّة من تمر، فلم يزل يفتِّشُ عليه ويأكلُ من السلَّة، حتَّى لم يبقَ فيها شيء، فماتَ...
[مرآة الزمان في تواريخ الأعيان: 15/448]
(6) محمد بن محمد بن سليمان، أبو بكر الأزدي الواسطي، المعروف بابن الباغندي (ت:312هـ)، الإمام، الحافظ، محدث العراق.
قال عمر بن أحمد الواعظ: قام أبو بكر الباغندي ليصلي، فكبّر ثم قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين، فسبحنا به. فقال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
[تاريخ بغداد: 4/345، وتاريخ دمشق: 55/169]
(7) محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأموي بالولاء الشهير بـ أبو العباس الأَصَمّ، (247 - 346هـ)، الإمام الثقة الحافظ الرُّحلة.
قالَ أبو عبد الله الحاكم: حضرتُ أَبَا العباس [الأصم] يوماً في مسجده، فخرج ليؤذّن لصلاة لعصر، فوقف موضع المئذنة، ثم قال بصوتٍ عال: أخبرنا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: أخبرنا الشّافعيّ، ثمّ ضحِك وضحِك النّاس، ثمّ أذَّن.
[تاريخ دمشق: 56/293، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 3/54، والسير للذهبي: 15/458].
(8) يحظيه ولد عبد الودود الجكني الشنقيطي (1265-1359هـ)، العلامة الكبير، وسيبويه زمانه.
حُكي أنه خرج بعد العصر ليأتي لشيخه بدلو ماء من الحي المجاور، فحان وقت المغرب وهو في الطريق عند نار قد أوقدها الرعاة في خشب، فصلى المغرب ثم جلس يدرس عند تلك النار، ويقرأ كتاب الإضافة من الألفية، ويردده، فلم يشعر إلا وقد طلع الفجر، ففاتته العشاء، حصل هذا وهو في ليلة شاتية فمن استغراقه في العلم لم يشعر بالبرد أو الجوع والعطش.
والحمد لله رب العالمين.
وكتبه: محمد علي حميسان غفر الله له ولأهله ومشايخه وأحبابه والمسلمين... اللهم آمين.