من كان له أكثر من عشرة دروس في اليوم والليلة بذلاً أو تلقياً *(1)* أحمد حسن الحنفي البطالوي ثم ...

منذ 2025-04-28
من كان له أكثر من عشرة دروس في اليوم والليلة بذلاً أو تلقياً

*(1)* أحمد حسن الحنفي البطالوي ثم الكانبوري (ت:322هـ)، العالم المشهور بكثرة الدروس والإفادة.
قال عبد الحي بن فخر الدين الحسني الطالبي (ت 1341هـ): كان إماماً علامة، خيّراً، ديّناً، وَرِعاً، متواضعاً، وافر العقل، حسن الأخلاق... كثير الإنصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه، مواظباً على الاشتغال، والإقبال على الإقراء، صبوراً، مديم التدريس من غير ملل ولا ضجر، وإني لا أعلم أحدا اشتغل بالتدريس، كما اشتغل به هذا الحبر، كان يدرّس الكتب الدقيقة في المنطق والحكمة والأصول والكلام، ويباحث في المسائل العويصة من علوم متعدّدة زيادة على خمسة ‌عشر ‌درسا في كلّ يوم، وفي ذلك عرضتْ له البواسير، يهرق الدم الكثير، وهو لا يتعطّل عن التدريس، حتى غلب عليه الهزال، ومنعه الأطبّاء عن التدريس قاطبة، ولكنّه ما ترك، حتى توفي إلى رحمة الله سبحانه.
[الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام: 8/1180]

*(2)* أبو النجم محمد بن القاسم بن هبة الله التكريتي (ت:624هـ)، الفقيه الشافعي المفتي.
كان يشتغل كل يوم ‌عشرين ‌درساً، وليس له دأب إلا الاشتغال وتلاوة القرآن ليلاً ونهاراً، وكان بارعاً، كثير العلوم، قد أتقن المذهب والخلاف.
[البداية والنهاية: 17/170، وعقد الجمان في تاريخ أهل الزمان للعيني: 4/189]

*(3)* الإمام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مرّي بن حسن الحزامي الحوراني، ‌النووي، الشافعيّ (631-676هـ)، ذو التصانيف المفيدة، والمؤلفات الحميدة، العالم الرباني المتَّفق على علمه وإمامته وجلالته وزهده وورعه وعبادته.
قال تلميذه علاء الدين بن العطار (ت:724هـ): وذكر لي الشيخ -قدَّس الله روحه- قال: "‌كنتُ ‌أقرأ ‌كلَّ ‌يومِ ‌اثنتي ‌عشر ‌درساً ‌على ‌المشايخِ؛ شرحاً وتصحيحاً: درسين في "الوسيط"، ودرساً في "المهذَّب"، ودرساً في "الجمع بين الصحيحين"، ودرساً في "صحيح مسلم"، ودرساً في "اللمع" لابن جُنِّي في النحو، ودرساً في "إصلاح المنطق" لابن السِّكِّيت في اللغة، ودروساً في التصريف، ودرساً في أصول الفقه؛ تارة في "اللمع" لأبي إسحاق، وتارة في "المنتخب" لفخر الدين الرازي، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين".
قال: "وكنتُ أعلِّق جميع ما يتعلق بها؛ من شرح مُشْكِل، ووضوح عبارة، وضبط لغة".
قال: "وبارك الله لي في وقتي، واشتغالي، وأعانني عليه".
[تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين لابن العطار: 49-50]

*(4)* محمد بن أحمد بن عبد القوى نجم الدين بن ضياء الدين الإسنائى (ت: 763هـ)، المجاور بمكة، الصالح الزاهد، العالم المشارك في علوم كثيرة، قرأ فى صباه بقوص على قاضيها نور الدين الإسنائي، ثم رحل إلى القاهرة، فلازم الاشتغال بها ملازمة كثيرة شديدة، بحيث كان يبحث في اليوم والليلة على المشايخ نحو اثنا ‌عشر ‌درسا في عدة من العلوم، ويحرر في باقي الليل ما كان قد بحثه في ذلك اليوم...
[العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين: 2/25]

*(5)* أبو بكر بن علي بن محمد الحداد العَبَّادي الحنفي، الفقيه المعروف بالحدّادي (ت:800هـ)، الإمام العلامة، الهمام الفهامة، كان عالما عاملا، ناسكا فاضلا، عابدا زاهدا، قانعا. له مصنفات كثيرة نافعة، كان صبوراً على مشاق التعليم يقرئ في اليوم والليلة نحوا من خمسة ‌عشر ‌درساً في الفروع، والأصول، والنحو، واللغو، والحديث، والتفسير، والفرائض، وغير ذلك من فنون العلم.
[الأثمار الجنية في أسماء الحنفية: 2/800، وسلّم الوصول إلى طبقات الفحول: 1/83]

*(6)* عَلَاء الدّين عَليّ الايديني الملقب باليتيم (ت: 920هـ)، العالم الفاضل.
قال تلميذه عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ (ت:968هـ): وبذل نَفسه لاقراء الْعلم، وَكَانَ يدرس لكل أحد وَلَا يمْنَع الدَّرْس عَن أحد، وَرُبمَا يدرس فِي يَوْم وَاحِد عشْرين درساً مَا بَين صرف وَنَحْو وَحَدِيث، وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي كل الْعُلُوم وَبِذَلِك -كذا- نَفسه لله تَعَالَى وابتغاء لمرضاته، وَلَا يَأْخُذ أجرة من أحد، وَلَا يقبل الا الْهَدِيَّة، فَلم يقبل وَظِيفَة أصلاً، وَلم يكن لَهُ الا الْعلم وَالْعِبَادَة، وَكَانَ مشتغلاً بِنَفسِهِ فَارغًا عَن احوال الدُّنْيَا رَاضِياً من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ، وانا اقْرَأ عَلَيْهِ الصّرْف والنحو سَمِعت مِنْهُ مَا فَاتَهُ صَلَاة ابداً مُنْذُ بُلُوغه، وَلم يتَزَوَّج وَلم يقارف الْحَرَام أصلاً، وَقد جَاوز عمره التسعين وَمَا سقط مِنْهُ سنّ أصلاً، وَكَانَ يقرأ الخطوط الدقيقة، وَكَانَ يكْتب خطاً حسناً جداً وَكَانَ يَشْتَرِي الْكتاب أبتر ويكمله وَيعْمل لَهُ جلدا، وَكَانَ يعرف تِلْكَ الصَّنْعَة، وقد اجتمع لَهُ بِهَذَا الطَّرِيق كتب كَثِيرَة...
[الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية: 203]

*(7)* الإمام محمد بن عليّ محمد بن عبد الله الشوكاني (1173-1250هـ)، قاضي قضاة اليمن، العلامة المجتهد، والفقيه المفسِّر، والأديب المؤرخ، صاحب المؤلفات المشهورة، والتصانيف النافعة.
كان يبلغ دروسه في اليوم والليلة إلى نحو ثلاثة عشر درسا منها ما يأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عنه تلامذته واستمر على ذلك مدة حتى لم يبق عند احد من شيوخه مالم يكن من جملة ما قد قرأه صاحب الترجمة بل انفرد بمقروات بالنسبة إلى كل واحد منهم على انفراده إلا شيخه العلامة عبد القادر بن أحمد فإنه مات ولم يكن قد استوفى ما عنده ثم إن صاحب الترجمة فرغ نفسه لإفادة الطلبة فكانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دروس في فنون متعدة واجتمع منها في بعض الأوقات التفسير والحديث والأصول والنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والفقه والجدل والعروض وكان في أيام قراءته على الشيوخ وإقرائه لتلامذته يفتى أهل مدينة صنعاء بل ومن وفد إليها بل ترد عليه الفتاوى من الديار التهامية وشيوخه إذ ذاك أحياء وكادت الفتيا تدور عليه من أعوام الناس وخواصتهم واستمر يفتى من نحو العشرين من عمره فما بعد ذلك وكان لا يأخذ على الفتيا شيئا تنزها فإذا عوتب في ذلك قال أنا أخذت العلم بلا ثمن فأريد إنفاقه كذلك.
[البدر الطالع: 2/218-219]
وقد ذكر في ترجمة أمير اليمن الإمام المنصور بالله علي بن الإمام المهدي العباس (1151-1224هـ) واصفاً حاله قبل أن يلي القضاء الأكبر، والفنون التي كان يٌدّرسها لطلابه، قال: وكنت إذ ذاك مشتغلا بالتدريس في علوم الاجتهاد والافتاء والتضنيف، منجمعاً عن الناس لاسيما أهل الأمر وأرباب الدولة فإني لا اتصل بأحد منهم كائنا من كان، ولم يكن لي رغبة في سوى العلوم، وكنت أدرس الطلبة في اليوم الواحد نحو ثلاثة عشر درساً، منها ما هو في التفسير كالكشاف وحواشيه، ومنها ما هو في الأصول كالعضد وحواشيه والغاية وحاشيتها وجمع الجوامع وشرحه وحاشيته، ومنها ما هو في المعاني والبيان كالمطول والمختصر وحواشيهما، ومنها ما هو في النحو كشرح الرضى على الكافية والمغني، ومنها ما هو في الفقه كالبحر وضوء النهار، ومنها ما هو في الحديث كالصحيحين وغيرهما مع ما يعرض من تحرير الفتاوى ويمكن من التصنيف، فلم أشعر إلا بطلاب لي من الخليفة...
[البدر الطالع: 1/464].

*(8)* أبو الثناء شهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي البغدادي (1217-1270هـ)، الإمام المفسر، مفتي بغداد، صاحب تفسير " روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني"، والذي يُعد من التفاسير الفريدة عند أهل العلم.
كان -رحمه الله تعالى-حريصا على أن يزيد علمه في كل لحظة، لا يفتر عن اكتساب الفوائد، واقتناص الشوارد، فكان نهاره للإفتاء والتدريس، وأول ليله لمنادمة مستفيد أو جليس، ويكتب بأواخر الليل ورقات -من تفسيره-، فيعطيها صباح اليوم التالي للكتاب الذين وظفهم في داره، فلا يكلمونها تبييضاً إلا في عشر ساعات.
وكان يدرس في اليوم أربعة وعشرين درسا - كذا -، وكان أيام اشتغاله بالتفسير والإفتاء يدرس في اليوم ثلاثة عشر درسا في كتب مطولة، وكان يؤلف حتى في مرضه الأخير.
وتفسيره أعجوبة فريدة لدى العلماء من بين التفاسير، وكفاه به إمامة وفضلاً وعلماً، وقد ألفه في الليل كما علمت.
[قيمة الزمن عند العلماء لأبي غدّة: 80-81، ومجلة الرسالة: 954/13]

*(9)* عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس (1308ـ-1359هـ) العلامة المفسر والداعية المصلح، ومؤسس ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ورائد النهضة الإسلامية في الجزائر.
كان رحمه الله يعطي أكثر من ‌عشرة ‌دروس يومية، وفي أغلب الأحيان كان ينتقل بين البلدان مفتشًا في مدارس الجمعية مشرفًا على نظام السير فيها، وحضر مرة الشيخ ابن باديس افتتاح مدرسة في نواحي بسكرا، في جنوب الجزائر، وقامت طفلة تدعى "ثومة"، ترحب به، فقالت: "أحييك يا ابن باديس بلغة القرآن، وبلغة الأدباء والأجداد، وأعاهدك باسم كل زميلاتي وزملائي على استعمالها وتعليمها حتى تعود العربية لغة البلاد" فتأثر الشيخ تأثرًا واضحًا وقام قائلًا: "إني دخلت هذه البلاد ولم يكن فيها من يحترم هذه اللغة، دخلت الجزائر واللغة العربية فيها مجهولة مهجورة، فكافحت طويلًا وتألمت كثيرًا لأعيد اللغة العربية إلى الجزائر العربية، ولو لم يكن من جزاء لي إلا ما قالته ثومة لكفى".
[التفسير والمفسرون أساسياته واتجاهاته ومناهجه في العصر الحديث لفضل حسن عباس: 2/598-599]

*(10)* محمد البشير طالب الإبراهيمي الجزائري (1306-1385هـ)، الإمام العلامة الأديب الداعية المصلح.
قال رحمه الله تعالى: أنشأت فيها –[أي مدينة تلمسان]- مدرسة دار الحديث، وتبارى كرام التلمسانيين في البذل لها حتى برزت للوجود تحفة فنية من الطراز الأندلسي، وتحتوي على مسجد وقاعة محاضرات، وأقسام لطلبة العلم، واخترت لها نخبة من المعلمين الأكفاء للصغار، وتوليت بنفسي تعليم الطلبة الكبار من الوافدين وأهل البلد، فكنت ألقي ‌عشرة ‌دروس في اليوم، أبدأها بدرس في الحديث بعد صلاة الصبح، وأختمها بدرس في التفسير بين المغرب والعشاء وبعد صلاة العتمة أنصرف إلى أحد النوادي فألقي محاضرة في التاريخ الإسلامي، فألقيت في الحقبة الموالية لظهور الإسلام من العصر الجاهلي إلى مبدأ الخلافة العباسية بضع مئات من المحاضرات.
[آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي: 5/283]

*(11)* شيخنا العلامة الفقيه المفتي د. أحمد بن عبد العزيز الحداد -حفظه الله تعالى ورعاه- مدير إدارة الإفتاء بدبي.
ذكر لي -حفظه الله تعالى ورعاه- أنه كان يدرس في المدرسة الصّولتية بمكة المكرمة -وهي مدرسة تعنى بتدريس العلوم الشرعية- ست مواد -أي ستة دروس- وفي الحرم المكي الشريف من خمسة إلى ستة دروس، درسان أو ثلاثة بعد العصر عند بعض المشايخ في الصرف والبلاغة، وثلاثة بعد المغرب والعشاء عند العلامة عبد الله بن سعيد اللحجي (1343-1410هـ) -رحمه الله تعالى- في الحديث والفقه والنحو.
فكانت الدروس بين أحد عشر واثنا عشر درساً في اليوم والليلة.

*(12)* الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله تعالى-.
قال متحدثاً عن نفسه: أذكر ذات يوم من الأيام أنني اشتكيت إلى الوالد –[محمد المختار الشنقيطي (1337-1405هـ]- رحمه الله من المشقة في طلب العلم، وكانت دروسه متواصلة أثناء اليوم، بعد ‌الفجر تفسير للقرآن، وبعد الظهر صحيح ‌البخاري، وبعد العصر درس الفقه، وبعد المغرب السنن، وبعد العشاء في صحيح مسلم، خمسة دروس بالإضافة إلى دروس الجامعة، فلما وجدت بعض التعب والمشقة، وأحببت أن أقتصر على البعض، شكوت إليه رحمه الله، فقال: يا بني! والله لقد كنت أوقد ‌الفتيل لأبحث عن مسألة من مسائل الفقه، فيخنقني الدخان فأطفئه ثم أوقده ثم أطفئه، ولا أنتهي من المسألة إلا قرابة منتصف الليل، وأنتم في الكهرباء والنعمة، يقول: والله يا بني.. لقد كان يمرّ عليَّ بعض الآلام والأسقام أسلو عنها بالعلم الذي أتعلّمه.
ومما ذكر –رحمة الله عليه- يقول: كانت ‌أذني تؤلمني حتى أجد من الجهد والألم ما الله به عليم، فأضع الفتيلة في ‌أذني لكيه من أجل يسكن الألم، وكتابي في حجري لا أتحول عنه"أ.هـ.
[معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية: ص45]
فمجموع الدروس أحد عشر درساً في اليوم والليلة.

تم بحمد الله تعالى
  • 0
  • 0
  • 9

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً