من عجيب أحوال بعض الأئمة في حفظ الوقت للقراءة والسماع مر معنا في مقال سابق نماذج في طلب العلم ...

منذ 2025-04-29
من عجيب أحوال بعض الأئمة في حفظ الوقت للقراءة والسماع

مر معنا في مقال سابق نماذج في طلب العلم تعلماً وتعليماً وسماعا عند ساعة الاحتضار، وفي هذا المقال سنذكر بعض الأعاجيب التي سطرتها كتب التاريخ في تراجم بعض الأعلام ممن حرص على القراءة والسماع في أحوال لا تخطر ببال الكثير منا، فمنهم من كان يسعى للاستزادة من العلم وبذله في كل أحواله حتى عند الأكل والمشي ودخول الخلاء، بل وعند صلاة النافلة، وهذه نماذج لبعض أولئك الأعلام رحمهم الله تعالى:

1 - الإمام ‌ابن ‌تيمية الجد (590-653هـ).
مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله ‌بن ‌تيمية الحراني الحنبلي.
قال ابن رجب الحنبلي: الفقيه، الإمام، المقريء، المحدث المفسر، الأصولي، النحوي، مجد الدين، أبو البركات، شيخ الإسلام، وفقيه الوقت، وأحد الأعلام.
قال الذهبي الحافظ: كان الشيخ مجد الدين معدوم النظير في زمانه، رأسا في الفقه وأصوله، بارعا في الحديث ومعانيه، له اليد الطولى في معرفة القرآن والتفسير، وصنف التصانيف، واشتهر اسمه، وبعد صيته، وكان فرد زمانه في معرفة المذهب، مفرط الذكاء، متين الديانة، كبير الشأن.
قال شيخنا أبو عبد الله بن القيم: حدثني -أخو شيخنا- عبد الرحمن ابن عبد الحليم بن تيمية -قلت: وقد أجازني عبد الرحمن هذا عن أبيه - قال: كان الجد إذا دخل ‌الخلاء يقول لي: اقرأ في هذا الكتاب، وارفع صوتك حتى أسمع.
قلت: يشير بذلك إلى قوة حرصه على العلم وحصوله، وحفظه لأوقاته.
[ذيل طبقات الحنابلة: 4/1].

2 – الإمام أبو حاتم الرّازي (195-277 هـ).
محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، الإمام، الحافظ، الناقد، شيخ المحدثين، الحنظلي الغطفاني، من تميم بن حنظلة بن يربوع.
كان من بحور العلم، طوف البلاد، وبرع في المتن والإسناد، وجمع وصنف، وجرح وعدل، وصحح وعلل.
قال الحَسَنُ بنُ الحُسَيْن الدَّرَسْتِينِيَّ: سمعتُ أبا حاتم يقول: قال لي أبو زُرْعة: ما رأيتُ أحرَصَ على طَلَبِ الحديثِ منك! فقلتُ له: إنَّ عبد الرحمن ابني لَحَرِيصٌ. فقال: مَنْ أشبَهَ أباه فما ظَلَم. قال الرَّقَّام: فسألتُ عبد الرحمن عن اتفاقِ ‌كَثْرةِ ‌السماعِ ‌له ‌وسؤالاتِهِ لأبيه؟ فقال: ربَّما كان يأكُلُ وأقرَأُ عليه، ويَمْشِي وأقرَأُ عليه، ويدخُلُ الخَلَاءَ وأقرَأُ عليه، ويدخُلُ البيتَ في طَلَبِ شيء وأقرَأُ عليه!.
[سير أعلام النبلاء: 13/247].

3 – الإمام أبو الحسن الدارقطني (306-385 هـ).
أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله البغدادي، الإمام، الحافظ، المجود، المقرئ، المحدث، شيخ الإسلام، علم الجهابذة.
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: حدثني الصوري، قال: سمعت رجاء بن محمد الأنصناوي يقول: كنا عند الدارقطني يوما والقارئ يقرأ عليه، وهو قائم يصلي نافلة، فمر حديث فيه ذكر نسير بن ذعلوق، فقال القارئ: بشير بن ذعلوق، فقال الدارقطني: سبحان الله، فقال القارئ: بشير بن ذعلوق، فقال الدارقطني: سبحان الله، فقال القارئ: يسير بن ذعلوق، فقال الدارقطني (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) فقال القارئ: نسير بن ذعلوق ومر في قراءته، أو كما قال.
حدثني حمزة بن محمد بن طاهر، قال: كنت عند أبي الحسن الدارقطني، وهو قائم يتنفل فقرأ عليه أبو عبد الله ابن الكاتب حديثا لعمرو بن شعيب، فقال: عمرو بن سعيد، فقال أبو الحسن: سبحان الله، فأعاد الإسناد، وقال: عمرو بن سعيد، ووقف فتلا أبو الحسن: (يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)، فقال ابن الكاتب: عمرو بن شعيب.
[تاريخ بغداد: 13/492-493].

والحمد لله رب العالمين.
  • 1
  • 0
  • 3

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً