الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 77 الافتتاحية: قاعدة الظواهري بين الرضا بالديموقراطية ...
منذ 2025-04-29
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 77
الافتتاحية:
قاعدة الظواهري بين الرضا بالديموقراطية والقتال في سبيلها
إن للانحطاط دركات، كما للعلو والرفعة درجات، فأما أهل الأهواء والشهوات فهم يستسهلون الدركات، ويفرحون بكثرة من يهبط معهم فيها، ويرضيهم موقعهم منها مهما كان سحيقا، وهم يرون غيرهم قد هوى أكثر منهم، وانحط إلى دركات أبعد منهم.
أما أهل النور والهدى، وأتباع أولي العزم من الرسل، فهم يمضون صعودا إلى ذرى المعالي، مهما كانت الصعوبات والمشاق، لا توحشهم قلة السالكين، ولا تخذّلهم كثرة المنتكسين والمتراجعين، وهم على أمرهم هذا حتى يصطفي الله منهم الشهداء، ويمكنهم في الأرض ليقيموا دينه فيها.
ومن تابع مسيرة الدولة الإسلامية منذ قيامها قبل عقد من الزمن، ومسيرة أعدائها من الفصائل المنتسبة للإسلام زورا، يدرك أنها ما زالت -بفضل الله- في علو وسمو، بدينها وعقيدتها، وما زال جنودها في جهاد وصبر الموقنين بلقاء الله عز وجل، ويدرك أن أعداءها ما زالوا في انحطاط وتنازلات في دينهم وعقيدتهم، حتى وصل بهم الأمر إلى المجاهرة بالكفر بعد الاستخفاء به، وإلى إعلان دخولهم في فسطاط الكافرين بعد زعمهم العداوة له، فصدق في الدولة الإسلامية وأعدائها قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عمران: 179].
وإن كان الجهاد في العراق قد فضح الله فيه الإخوان المرتدين وإخوانهم من السرورية، وأظهر نهايتهم المخزية وهم جنود مجندة لدى الصليبيين والروافض، فقد كانت الشام وغيرها من بلدان الثورات -بفضل الله- المكان الذي فضح الله فيه تنظيم القاعدة وعقيدته الضالة، وقادته الفاسدين المفسدين، وعلماء السوء المرقِّعين لهم، المنقلبين على أعقابهم.
لقد ظن الظواهري ومن معه من أرباب الضلالة أن المظاهرات التي خرجت في بعض البلدان ستكون الباب لتمكينهم في الأرض، وحلموا بأن يترقبهم الناس ليسلِّموا لهم الحكم، ويعطوهم البيعة، فيقيموا الدول التي رسموها في مناماتهم، كما أقام الطاغوت الخميني دولته إثر سقوط شاه إيران المرتد، فباركوا تلك الثورات، وأيدوا منهجها السلمي البدعي، بعد سنين طويلة من التنظيرات والخطب عن عدم جدوى هذه الخيارات.
ثم كانت الطامة الكبرى عندما أبدوا تأييدهم الضمني للحكومات الديموقراطية المرتدة التي نشأت على أنقاض حكم الطواغيت المستبدين في تونس ومصر وليبيا، التي أسموها في خطابهم "حكومات ما بعد الثورات" ليخفوا حقيقتها، ويدلِّسوا في بيان حكمها، وذلك بإعلانهم الصريح عدم العداء لها، والسكوت عن ردتها، ما دامت تحظى برضى الدهماء والغوغاء، وذلك بحجة عدم الاصطدام بهؤلاء، والتفرغ لمعركتهم الباردة مع أمريكا الصليبية وحلفائها.
وكان في عدم قتال هذه الحكومات الطاغوتية، أو مناصبتها العداء، بل والدخول تحت وصايتها، والقتال تحت رايتها -كما حدث في ليبيا- إعلان واضح للناس بأنهم يقبلون قتال الطواغيت المستبدين في بعض الأحيان، وينهون عنه في أحيان أخرى كما ورد في وثيقة العار التي كتبها الظواهري، ولكن هذا القتال يتوقف بمجرد تطبيق الديموقراطية والسماح لأوليائهم من الإخوان المرتدين بالمشاركة فيها، بل ويستعدون لمناصرة هؤلاء الطواغيت الجدد، وقتال أعدائهم إن لزم، كما فعلوا في مصر بعد سقوط حكم الطاغوت مرسي.
واليوم نجدهم في الشام يباركون للطاغوت أردوغان فوزه في إقرار التعديلات التي اقترحها على الدستور التركي الجاهلي، ويكادون يَعدُّون هذا الاستفتاء الكفري نصرا للإسلام، وفتحا من الله تعالى، ولا يستحون من إعلان أن سبب فرحهم بالأمر هو لمجرد "فرح الشعب التركي" الذي عمَّموا عليه وصف الإسلام، ونسوا أن الفرح بالكفر كفر، وأن المسلم لا يفرح بإقرار دستور كفري يعطي حق التشريع لغير الله، ويُلزَم بالتحاكم إلى غير ما أنزل الله، فمن فرح به ليس بمسلم، كما نسوا أيضا أن "الشعب التركي" لم يفرح عشرات الملايين فيه بالتعديلات الدستورية، وأصروا على الدستور الكفري القديم، ونسوا أن يبينوا للناس حكم هؤلاء الذين لم يفرحوا بالتعديلات في نظرهم.
وإن كانت المرحلة السابقة قد كشفت مداهنة تنظيم القاعدة لطواغيت الديموقراطية، بل وموالاتهم، فإن المراحل القادمة ستكشف لنا -بإذن الله- عن مشاركته في الديموقراطية الكفرية فعليا، وإرسالهم المرشحين إلى البرلمانات، ليزاحموا العلمانيين على كفر القوانين، واحترام الدساتير، ولن يطول صبرهم على ترك ساحة الكفر هذه للإخوان المرتدين، وإن من سار على الدرب وصل.
- المصدر: صحيفة النبأ - العدد 77
الخميس 23 رجب 1438 هـ
الافتتاحية:
قاعدة الظواهري بين الرضا بالديموقراطية والقتال في سبيلها
إن للانحطاط دركات، كما للعلو والرفعة درجات، فأما أهل الأهواء والشهوات فهم يستسهلون الدركات، ويفرحون بكثرة من يهبط معهم فيها، ويرضيهم موقعهم منها مهما كان سحيقا، وهم يرون غيرهم قد هوى أكثر منهم، وانحط إلى دركات أبعد منهم.
أما أهل النور والهدى، وأتباع أولي العزم من الرسل، فهم يمضون صعودا إلى ذرى المعالي، مهما كانت الصعوبات والمشاق، لا توحشهم قلة السالكين، ولا تخذّلهم كثرة المنتكسين والمتراجعين، وهم على أمرهم هذا حتى يصطفي الله منهم الشهداء، ويمكنهم في الأرض ليقيموا دينه فيها.
ومن تابع مسيرة الدولة الإسلامية منذ قيامها قبل عقد من الزمن، ومسيرة أعدائها من الفصائل المنتسبة للإسلام زورا، يدرك أنها ما زالت -بفضل الله- في علو وسمو، بدينها وعقيدتها، وما زال جنودها في جهاد وصبر الموقنين بلقاء الله عز وجل، ويدرك أن أعداءها ما زالوا في انحطاط وتنازلات في دينهم وعقيدتهم، حتى وصل بهم الأمر إلى المجاهرة بالكفر بعد الاستخفاء به، وإلى إعلان دخولهم في فسطاط الكافرين بعد زعمهم العداوة له، فصدق في الدولة الإسلامية وأعدائها قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عمران: 179].
وإن كان الجهاد في العراق قد فضح الله فيه الإخوان المرتدين وإخوانهم من السرورية، وأظهر نهايتهم المخزية وهم جنود مجندة لدى الصليبيين والروافض، فقد كانت الشام وغيرها من بلدان الثورات -بفضل الله- المكان الذي فضح الله فيه تنظيم القاعدة وعقيدته الضالة، وقادته الفاسدين المفسدين، وعلماء السوء المرقِّعين لهم، المنقلبين على أعقابهم.
لقد ظن الظواهري ومن معه من أرباب الضلالة أن المظاهرات التي خرجت في بعض البلدان ستكون الباب لتمكينهم في الأرض، وحلموا بأن يترقبهم الناس ليسلِّموا لهم الحكم، ويعطوهم البيعة، فيقيموا الدول التي رسموها في مناماتهم، كما أقام الطاغوت الخميني دولته إثر سقوط شاه إيران المرتد، فباركوا تلك الثورات، وأيدوا منهجها السلمي البدعي، بعد سنين طويلة من التنظيرات والخطب عن عدم جدوى هذه الخيارات.
ثم كانت الطامة الكبرى عندما أبدوا تأييدهم الضمني للحكومات الديموقراطية المرتدة التي نشأت على أنقاض حكم الطواغيت المستبدين في تونس ومصر وليبيا، التي أسموها في خطابهم "حكومات ما بعد الثورات" ليخفوا حقيقتها، ويدلِّسوا في بيان حكمها، وذلك بإعلانهم الصريح عدم العداء لها، والسكوت عن ردتها، ما دامت تحظى برضى الدهماء والغوغاء، وذلك بحجة عدم الاصطدام بهؤلاء، والتفرغ لمعركتهم الباردة مع أمريكا الصليبية وحلفائها.
وكان في عدم قتال هذه الحكومات الطاغوتية، أو مناصبتها العداء، بل والدخول تحت وصايتها، والقتال تحت رايتها -كما حدث في ليبيا- إعلان واضح للناس بأنهم يقبلون قتال الطواغيت المستبدين في بعض الأحيان، وينهون عنه في أحيان أخرى كما ورد في وثيقة العار التي كتبها الظواهري، ولكن هذا القتال يتوقف بمجرد تطبيق الديموقراطية والسماح لأوليائهم من الإخوان المرتدين بالمشاركة فيها، بل ويستعدون لمناصرة هؤلاء الطواغيت الجدد، وقتال أعدائهم إن لزم، كما فعلوا في مصر بعد سقوط حكم الطاغوت مرسي.
واليوم نجدهم في الشام يباركون للطاغوت أردوغان فوزه في إقرار التعديلات التي اقترحها على الدستور التركي الجاهلي، ويكادون يَعدُّون هذا الاستفتاء الكفري نصرا للإسلام، وفتحا من الله تعالى، ولا يستحون من إعلان أن سبب فرحهم بالأمر هو لمجرد "فرح الشعب التركي" الذي عمَّموا عليه وصف الإسلام، ونسوا أن الفرح بالكفر كفر، وأن المسلم لا يفرح بإقرار دستور كفري يعطي حق التشريع لغير الله، ويُلزَم بالتحاكم إلى غير ما أنزل الله، فمن فرح به ليس بمسلم، كما نسوا أيضا أن "الشعب التركي" لم يفرح عشرات الملايين فيه بالتعديلات الدستورية، وأصروا على الدستور الكفري القديم، ونسوا أن يبينوا للناس حكم هؤلاء الذين لم يفرحوا بالتعديلات في نظرهم.
وإن كانت المرحلة السابقة قد كشفت مداهنة تنظيم القاعدة لطواغيت الديموقراطية، بل وموالاتهم، فإن المراحل القادمة ستكشف لنا -بإذن الله- عن مشاركته في الديموقراطية الكفرية فعليا، وإرسالهم المرشحين إلى البرلمانات، ليزاحموا العلمانيين على كفر القوانين، واحترام الدساتير، ولن يطول صبرهم على ترك ساحة الكفر هذه للإخوان المرتدين، وإن من سار على الدرب وصل.
- المصدر: صحيفة النبأ - العدد 77
الخميس 23 رجب 1438 هـ