الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 84: مقال: إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة ...

منذ 2025-05-11
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 84:
مقال:

إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين

2/2
• الفتح ابتلاء بالخير.. فطوبى لمن شكر

وقد وجدنا في زماننا هذا من أهل الضلال من يكرر سؤال أسلافه لأهل التوحيد، طالبا من جنود الدولة الإسلامية أن يُروه من الآيات المحسوسة كي يؤمن بصحة رايتها، وصواب منهجها، ولعل أشهر الآيات التي طلبها أولئك المضلون أن يروا للدولة الإسلامية التمكين في الأرض، والظفر بالأعداء، فلم يلتفت أمراء الدولة الإسلامية وعلماؤها لهذه الدعاوى الفارغة، واستمروا في دعوتهم وجهادهم، معلنين للعالم كله، أن آية صحة منهجهم موافقته لكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأن آية صدق إيمانهم بهذا الدين، مطابقة أقوالهم لفعالهم، بأن يجاهدوا أعداء الله حتى يمكنهم الله في الأرض، فيقيموا حكم الله فيها.

فلما جاء أمر الله، ورأى الضالون بأعينهم ما كانوا يطلبون رؤيته من تمكين في الأرض للدولة الإسلامية، نكصوا على أعقابهم، وقالوا ما هذا إلا مؤامرة أمريكية، أو خطة إيرانية رافضية، وشابهوا بذلك أسلافهم من أهل الضلال، الذين إن جاءهم ما يطلبون ازدادوا كفرا، كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [النمل: 13]، بل خرج أحد المرتدين، لينقض شروطه السابقة، ويقول: حتى لو فتحت الدولة الإسلامية القدس، فإنه لن يتراجع عن عدائه لها، وتحريضه على قتالها.

بينما رأى جنود الدولة الإسلامية فيما مُكّنوا فيه من الأرض، وما فتح لهم من البلاد، نعمة ينبغي شكرها بطاعة الله -تعالى- فيها، كما قال سليمان -عليه السلام- لما رأى آية من آيات ربه التي أنعم بها عليه: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 16]، فأقاموا الدين كاملا، وحكموا الشريعة كما أمر الله سبحانه، وجددوا الخلافة، ووحدوا جماعة المسلمين، ودعوا الناس إلى التوحيد، ونبذ الشرك، وكفَّروا المشركين بمختلف مللهم، وقاتلوهم، فكانت أفعالهم آية على صدق أقوالهم، وكانت إقامتهم للدين آية على صحة منهجهم، واستقامة طريقتهم، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

• المحنة ابتلاء بالشر .. فطوبى لمن صبر

واليوم يعود أهل الضلال إلى منهاجهم القديم، ليستدلوا لأنفسهم ومن يسمع لهم، على اتهامهم للدولة الإسلامية بالزيغ والضلال، ولجنودها بالظلم والطغيان، بما يراه الناس من تحشد أمم الكفر كلها لحربها، واجتماعهم على قتالها، وانحسار رقعة تمكينها، وقتل جنودها وأمرائها، حتى يقول قائلهم: لو كانت الدولة الإسلامية على حق لما جرى لها ما جرى، عقب الفتح والتمكين، والجماعة والخلافة.

ونسي هؤلاء الضالون المضلون، أن هذه حال أصحاب دعوة الحق في كل زمان، أن يبتليهم الله بأعدائهم ثم تكون لهم العاقبة، كما قال موسى -عليه السلام- لقومه، إذ وعدهم أن العاقبة لهم، بالتمكين في الأرض، وهم في أوج محنتهم: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، وهو ما أقر به الكافر هرقل عظيم الروم، حين سأله فأجابه فقال له بعد ذلك: "سألتك: هل قاتلتموه فزعمت أنكم قاتلتموه، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة" [متفق عليه]، فلا ينظر إلى حال الموحدين ساعة ابتلائهم بالشر، كما لا ينظر إلى حالهم ساعة ابتلائهم بالخير، ولا يستدل لهم أو عليهم بسجالات الحروب، وتقلبات الأيام، ولا سواء، فقتلانا في الجنة وقتلى الكافرين في النار.

بل إننا -بفضل الله- نستدل على صحة منهج الدولة الإسلامية، وصدق دعوتها بالولاء لله ورسوله والمؤمنين والبراءة من المشركين والمرتدين، وقتالهم، وإقامة شرع الله في أرضه، وثبات جنودها وأمرائها على ذلك، ورفضهم لأي مداهنة في دين الله، وشدة عداء الكفار بكل أصنافهم للدولة الإسلامية، وصراعهم المستميت للقضاء عليها، وتقديم ذلك على كل أولوياتهم وأهدافهم الأخرى، كما قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]، وكما قال سبحانه: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، والحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 84
الخميس 13 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR

671c2d4603ce0

  • 0
  • 0
  • 6

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً