تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

منذ يوم
تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

4/6

إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ..

ثم ذكر -تعالى- قول طائفة ممن كانوا في عسكر المسلمين من المنافقين في معركة الأحزاب: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عسكر بالمسلمين عند جبل سَلْعٍ وجعل الخندق بينه وبين العدو، فقالت طائفة منهم، لا مقام لكم هنا لكثرة العدو فارجعوا إلى المدينة، وقيل لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين الشرك، وقيل لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم.

ثم ذكر -سبحانه- حال المنافقين في تلك الغزاة ومقالهم في أكثر من موطن، فتارة يقولون :أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا والثبات بهذا الثغر إلى هذا الوقت، وإلا فلو كنا سافرنا قبل هذا لما أصابنا هذا. وتارة يقولون: أنتم مع قلتكم وضعفكم، تريدون أن تكسروا العدو وقد غركم دينكم، كما قال الله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49]، وتارة يقولون: أنتم مجانين لا عقل لكم، تريدون أن تهلكوا أنفسكم والناس معكم. وتارة يقولون أنواعا من الكلام المؤذي الشديد، وبعد أن ذكر –سبحانه- حال المنافقين والثابتين من المؤمنين في سورة الأحزاب، حَثَّ عباده المؤمنين على التأسي والاقتداء برسوله -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأحداث، فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فأخبر -سبحانه- أن الذين يبتلون بالعدو كما ابتلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهم فيه أسوة حسنة حيث أصابهم مثل ما أصابه، فليتأسوا به في التوكل والصبر، ولا يظنوا أن هذه نقم لصاحبها وإهانة له، فإنه لو كان كذلك ما ابتلي بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير الخلائق، بل بها تنال الدرجات العالية، وبها يكفِّر الله الخطايا لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تأويل هذه الآية: "هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، ولهذا قال –تعالى- للذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، أي: هلَّا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله؟ ولهذا قال: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}"، انتهى كلامه رحمه الله.

ولقد صرف الله الأحزاب عام الخندق بما أرسل عليهم من ريح الصبا، وبما فرَّق به بين قلوبهم حتى شتت شملهم ولم ينالوا خيرا، كما في قوله سبحانه: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25].

فنسأله -سبحانه- أن يصرف الأحزاب عن دولة الخلافة، كما صرفها عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، رضوان الله عليهم.

أربَّ البيت عفوك والمتابا
وألهمنا بعزتك الصوابا
وألبسنا بفضلك تاج نصر
وألبس جمع كفرهم العذابا
فقد خشعت جوانح كل فرد
وأحنينا لعزتك الرقابا


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR

6682761216a48

  • 0
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً