قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي.: *خطورة.نشر.الشائعات.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق ...
منذ 2025-05-16
قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي.:
*خطورة.نشر.الشائعات.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Tx7GaQ59D_w
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد حدثنا بحديث يخاف منه المؤمنون، ويجل منه قلوب الخائفين، ويرتدع من عظمته من ملك مثقال حبة من إيمان في قلبه، من وجد في قلبه ولو الشيء البسيط من خوف رب العالمين سبحانه وتعالى، حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، ورواه غيره أيضـًا أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا عن ليلة رأى فيها ملكين أو في رواية رجلين، أخذاه صلى الله عليه وسلم، فانطلقا به صلى الله عليه وسلم إلى الارض المقدسة، فكان أول ما رآه عليه الصلاة والسلام مما رآه من أهوال وعجائب وما يمكن أن نسميه أشد العذاب، رآى عليه الصلاة والسلام مما يعذب به أهل النار في قبورهم قبل أن يصلوا إلى النار التي سيصلونها بعد ذلك إن لم يمن الله عليهم برحمة منه فقال: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ ". قُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالَا : انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا… " والحديث طويل جدا،
- فقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الرجل الذي قائم عليه ملك، ورجل جالس على الأرض، وذلك الملك الذي هو قائم على رأسه بيده كلوب من حديد، سيخ من حديد، شيء عظيم من حديد يحمله على يده، قال وذاك تحته وهذا الكلوب الحديد الذي فيه شيء يدخل ويخرج (معكوف معطوف) قال يدخله في فيه، فيأخذ بشدقه حتى يصل به إلى قفاه، ثم يأتي إلى الجهة الأخرى من فيه فيأخذ بها أيضـًا بذلك الذي بيده حتى يأخذ ذلك الشدق إلى قفاه أيضـًا، قال ثم يلتئم هذا الفم كله شدقه هذا وذاك فيلتئما، ثم يعود ذلك الملك مرة أخرى فيعذبه كذلك، قال فقلت للملكين بجواري ما هذا؟ فقالا انطلق انطلق ثم انطلقا به عليه الصلاة والسلام فارأى أمورا أخرى ليست في موضوعنا، موضوعنا هذا الذي نريد هو أول رجل رآه النبي صلى الله عليه وسلم في عذابه، هو هذا الرجل الذي يعذبه ذلك الملك، ما في يده من حديد فيأخذ بشقه الأول ثم الآخر، حتى يصل به إلى قفاه، قال صلى الله عليه وسلم فيفعل به كذلك إلى يوم القيامة، ثم بعد أن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى أخبره الملكين بما رأى، قُلْتُ أي النبي ﷺ: "طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ. قَالَا : نَعَمْ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، يعني في قبره هكذا إلى يوم القيامة يعذب بهذا العذاب؛ لأنه كذب كذبة فبلغت الآفاق، سمعها الناس تناقلتها الأخبار، تحدث الناس عنها، نشروها، عملوا لها إعادة توجيه، وأعظم ما يمكن أن تتصور هي في زمننا لا في الأزمان الماضية فتبلغ الآفاق هي (وسائل التواصل الاجتماعي)، الإعلام الأكبر، القرية العالمية، أو قل النافذة الإعلامية العالمية الكبرى، الذي يتحكم إنسان واحد بعالم، وهو جالس على كرسيه، متكئ على أريكته، يتحكم بعالم بأكمله، وينشر ما أراد، ويتابعه ملايين، بل قل ربما مليارات، كذبة واحدة يقولها فتنتشر عند هؤلاء جميعـًا (تبلغ الآفاق)، وهذا عذابه، وهذا ما يذوقه، حتى يصل إلى ربه، ثم الحساب، ثم إما جنة وإما نار بسبب كذبة، بسبب ما كذب، بسبب ما قال، بسبب ما نطق، بسبب ما شهد، هذا جزاؤه وهذا عذابه.
- فضلًا عن ما في البخاري ومسلم، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفع الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم "، وفي رواية لهما : " يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " وبالا أي لا تكون لها وزنا كبيرا في قلبه، لا يتوقع أنها ستصل إلى ما وصلت إليه، لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفا، كذبة، كلمة، قول، منشور، خبر، حديث، أي شيء كان مما يتصور أن ينتشر بين الناس، فيقوم هذا الطباخ فيطبخ هذه الكذبة فينشرها للناس فتصل إلى مسامعهم، أو إلى أيديهم، أو أمام ناظريهم دبلجة فبركة منتجة شيطنة فتصل إليهم، خاصة المساكين الضعفاء الذين يصدقون كل ما يسمعون، ويشاهدون، وكلما يقرأون، بل لا يقتصرون على قراءته في أنفسهم حتى ينشروه إلى غيرهم، بل بالعكس: الصدق قليل ما ينتشر، والكذب أكثر ما ينتشر، أكثر ما يتحدث عنه، أكثرما يذاع؛ لأن الشيطان بجنوده قد أعدوا عدتهم من أجل نشر هذا، وسخروا أدواتهم لخدمته، وما خبره عنا ببعيد في أحد الذي صاح في الناس إن محمدا قد قُتل، وكذلك مشاركته للمشركين في غزوة بدر وأصبح هو بجنوده معهم، وقل عن يومي العقبة الذي نادى الناس بصوته إن محمدا قد جمع الناس في العقبة وصاح بالناس كذلك، وقل عن إخباره في أماكن أخرى من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وعداوة الشيطان له فينقل النبي صلى الله عليه وسلم لنا ذلك، لكن نحن الآن لا شيء ينقل لنا على أن الشيطان هو الذي كذب، هو الذي كذب، هو الذي موّل، هو الذي قذفها في قلوب أحبابه…
لا وحي لنا يعلمنا الآن أن الشيطان هو الذي كذب على الناس، وحدثهم بذلك الحديث، وكتب لهم ذلك المنشور، ونقل لهم ذلك الخبر… غير أن الله قد قال لنا: ﴿وَلا تَأكُلوا مِمّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّهِ عَلَيهِ وَإِنَّهُ لَفِسقٌ وَإِنَّ الشَّياطينَ لَيوحونَ إِلى أَولِيائِهِم لِيُجادِلوكُم وَإِن أَطَعتُموهُم إِنَّكُم لَمُشرِكونَ﴾ فالشياطين بلا ريب يوصلون ما أرادوا لأوليائهم من الإنس…
- فيجب على المسلم أن يسائل نفسه قبل أن ينشر أي شيء، وقبل أن ينقل أي خبر خاصة في عصرنا، ووضعنا، يسأل: إن هذا الشيء سيكون عقابي في أول لحظة من قبري حتى أصل إلى ربي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، إن المؤمن الذي عنده ذرة إيمان يخاف من كل كلمة في منشور أن نتحقق فيها قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفا"، فيأخذ حيطته فلا ينشر شيئـًا الا وهو متأكد من صحته، أن يجعل نصب عينيه، وشعار حياته والمصدر الأولى له قول الله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَومًا بِجَهالَةٍ فَتُصبِحوا عَلى ما فَعَلتُم نادِمينَ﴾، لأنه نداء الله للمؤمنين، فلا يمكن أن يجرؤ فينشر أي شيء أبدا بدون أن يتأكد من صحته.
- ثم ليعلم يقينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد توعد هؤلاء بمقعد في النار لكل كاذب: " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين" رواه مسلم، الذي يحدّث عن رسول الله بحديث فينقل ذلك الحديث للآخرين فهو كاذب من ضمن الكذبة الذين كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعوا الحديث، وإن كان لم يكذب الحديث لكنه نشره، فمن حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث وإن كان هو لم يكتب ذلك الحديث، وإن كان هو ليس بواضع الحديث، وإن كان ليس هو بكاتب الحديث، وإنما نقله إلى غيره فهو أحد هؤلاء الذين كذبوا على رسول صلى الله عليه وسلم، وكأنه هو من كتب الحديث وإن لم يكتب فهو أحد الكذابين، وكما في الحديث المتواتر الذي رواه كل علماء السنة الذين نقلوها عن رسولنا صلى الله عليه وسلم إلينا : "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"، هنيئـًا له، ليهنأ به ذلك المقعد من النار، مجهز له، مهيئ له حتى يدخل ذلك المقعد هو، لا يدخله أحد غيره؛ لأن ذلك الرجل يستحقه بكذبه، لا على أحد بل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المرسل من الواحد الأحد، فيجب أن يكون هذا الحديث هو الأول ظهورا في ذاكرتنا، قبل أي نشر، أخاف أن يكون كذبا، وبالتالي فأتبين، ولا أتسرع بالنقل، والتحديث... وانظر لأعظم شائعة تناقلها المؤمنون عن حسن نية فعزرهم الله تبارك وتعالى وعرفوا خطأهم: ﴿إِذ تَلَقَّونَهُ بِأَلسِنَتِكُم وَتَقولونَ بِأَفواهِكُم ما لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ وَتَحسَبونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظيمٌ وَلَولا إِذ سَمِعتُموهُ قُلتُم ما يَكونُ لَنا أَن نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعودوا لِمِثلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ﴾… والمصدر الرسمي والأول والطباخ لهذه الكذبة الكبرى والفرية العظمى رأس النفاق ابن أبي ذاك الذي تولى كبره وفبركته ونشره: ﴿إِنَّ الَّذينَ جاءوا بِالإِفكِ عُصبَةٌ مِنكُم لا تَحسَبوهُ شَرًّا لَكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَكُم لِكُلِّ امرِئٍ مِنهُم مَا اكتَسَبَ مِنَ الإِثمِ وَالَّذي تَوَلّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذابٌ عَظيمٌ﴾.
و:(بئس مطية الرجل زعموا) كما في الحديث الصحيح، وفي آخر: (بئس الرجل أن يحدث بكل ما سمع)، وفي آخر: (على هذا فاشهد أو دع)، وفي آخر: (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، خير من أن تنشر أن لا تنشر ما دمت وأنت لا تعلم، وإذا كنت على حرص عليه وعلى نشره فاسأل قبل أن تتداوله إلى غيرك، اسأل من يعلم: ﴿ فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ﴾
{وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ}، الرجوع إلى المرجعيات الصحيحة قبل أن ينشر ما يريد، قبل أن يحدث بما يشك في علمه، فإن الواجب عليه أن يعود إلى مرجعياته..
- حتى أحيانـًا لا يحتاج إلى مرجعيات كبرى، بل يرجع إلى عقله؛ فهناك أخبار كاذبة زائفة لا يصدقها العقل، لا يمكن أن تدخل في العقل، كذب محض لا ريب فيه، أشياء تافهة كثيرا ما نقرأه لا يصدقها عقل ولا نقل، لكن أناس قد أعمتهم الغفلة، أو التعصب، أو الكذب الطافح عليهم، أو الحب، أو السفه، أو الطيش، مجرد أن ينشر فيكون أحد الكذابين، ويكون هو المتوعَّد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكم سمعنا مثلًا من أخبار على أن الساعة قائمه، وأن الساعة ستقوم يوم فلان وفلان، وأن طفلًا خُلق مباشرة من بطن أمه فقال الساعة في اليوم الفلاني ومات، أو أنه مكتوب بأن الساعة ستقوم في اليوم الفلاني، والشهر الفلاني، والساعة الفلانية، ومات ذلك الصبي، أو كبش مكتوب عليه، أو نطق، أو رجل قام من قبره فقال أيها الناس في الجمعة الفلانية الساعة…
- كم سمعنا من أخبار كهذه، وكم رُوج لها، وكم انتشرت، واخافت من أناس، لسنوات ونحن نسمع ونقرأ ويؤتى إلينا بهذه الأخبار ويصدقها ملايين وينتظرون الساعة فعلا، بالرغم لا يعلمها إلا الله، يصدق هؤلاء الكذبة المردة المرجفون في المدينة كما سماهم الله، ولا يصدق الله الذي اختص بعلم الساعة، ﴿يَسأَلونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرساها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجَلّيها لِوَقتِها إِلّا هُوَ ثَقُلَت فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ لا تَأتيكُم إِلّا بَغتَةً يَسأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾، لا يظهرها في ذلك الوقت إلا هو عند قيامها، ومع هذا يصدق الكثير مثل هذه الأخبار، أو أي أخبار تافهة، أخبار كاذبة يعلمها من عنده علم أو قل أدنى عقل فضلًا عن علم كبير، أو عن عقل جبار، بل هي تافهة ساقطة يُضحك منها ومع هذا تجد لها جمهورها…
أقول قولي هذا واستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن الكذب قد شاع في الحقيقة، وذاع وأصبح له صيته الأكبر، والأعلى، وأصبح له الرواج الأسمى، وأصبح أغلب ما ينتشر هو غير صحيح، حتى أن القاعدة الرسمية الذي ينتشر سريعـًا بين الناس هو كذب، حتى أنه مكتوب في التوراة أن أكثر ما يقال ليس بصحيح، ما يقوله الناس ويتحدث الناس ويكون على ألسنتهم متداول ليس بصحيح إذا ذاع وخاصة في المجال الديني؛ لأن أكثر الناس أصحاب عاطفه جياشة ما إن يرى حديثـًا إلا وينشر ذلك الحديث، وما إن يرى منشورا إلا ويقوم بتعميمه، وما إن يرى خبرا أو شيئـًا من هذا إلا ويعرّض نفسه لخطر عظيم في دينه، لو أنه لم ينشر شيئـًا كان خيرا له كما مر معنا….
- والحقيقة ليس هذا المجال الديني الشرعي وفقط، بل هو في كل المجالات وإن كنت تحدثت عن المجال الشرعي؛ لأنه أخطر وأكبر وأعظم فيما سمعتم..
ولكن أيضـًا هناك في كل المجالات أخبار لها ما لها وخاصة في مجالين مجال سياسي، ومجال اقتصادي، الاقتصادي وهو أقل من السياسي، يحدثني أحد الإخوة أمس -وهو ما أثارني فجعلته اليوم موضوعي- أن أحدهم خسر تجارة بمليارات الدولارات يخسر كل شيء في لحظات عبر التويتر بتغريدة كاذبة أو مزورة أو تم اختراق حسابه…
- أو في المجال السياسي وهي الحرب الكبرى المفتوحة، أخطر من فوهات البنادق، وأخطر من الطائرات والأسلحة، ولا والله للذين في الجبهات أهدى وأسكن ممن هم هنا وهناك ليسوا عند القتل الحقيقي، والمعارك، يخافون من هم في بعيد أكثر ممن هم في قريب بسبب الأخبار الكاذبة: ﴿ِ لِيَحزُنَ الَّذينَ آمَنوا وَلَيسَ بِضارِّهِم شَيئًا إِلّا بِإِذنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ﴾ هذا الله يتحدث عن الشيطان وعن أعوانه، وعن المطابخ الكاذبة، المنافقة، المرجفة: ﴿لَئِن لَم يَنتَهِ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفونَ فِي المَدينَةِ لَنُغرِيَنَّكَ بِهِم ثُمَّ لا يُجاوِرونَكَ فيها إِلّا قَليلًا﴾ وقد اجتمعوا في آية واحده، لنسلطنك عليهم، لنفضحنهم لنرينك إياهم، هكذا يقول الله، كم انتشرت من أخبار يأسّت الناس، فزّعت الناس، يخاف الناس بأخبار كاذبة، بأخبار زائفة، بتضليل مغرض أرعن، وكل واحد ينشر ولو تأكدت من أين المصدر لوجدته من رجل نعوذ بالله أن تنظر إلى وجهه فضلًا عن أن تحدثه، كاذب، فاجر، منافق، عربيد، فاسق، خبيث، مجرم.. هذا هو الحق، هذا هو الشيء الذي يجب أن يعلمه الناس، إن أكثر أخبار مروعة لهم هي أخبار صنعها السفهاء والحمقاء من أجل أن يخاف الناس، ولو أنهم تركوا الناس على الحق لكان أقل من واحد بالمئة مما هم فيه، من خوف وفزع، وكانوا في أمن وآمان، ألا فلنتق الله في كل شيء، فلا ننشر إلا ما نعلم ونتأكد من صحته، ومن مصدره، وليكن الخبر الأول عندنا هو ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا...﴾، وفي قراءة حمزة أحد القراء السبعة: {فتثبتوا}، فالتبين والتثبت والتأكد من صحة الشيء ايًا كان في أي مجال كان، في الديني، في السياسي، في الأقتصادي، في الأجتماعي، في أي شيء، هو المصدر الأول عندنا على الإطلاق، ثم المصادر الأخرى تأتي بعد الآية، فلا نمتثل إلى غيره إلا بعد أن نتأكد، الا بعد أن نتبين.
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199
*خطورة.نشر.الشائعات.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Tx7GaQ59D_w
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد حدثنا بحديث يخاف منه المؤمنون، ويجل منه قلوب الخائفين، ويرتدع من عظمته من ملك مثقال حبة من إيمان في قلبه، من وجد في قلبه ولو الشيء البسيط من خوف رب العالمين سبحانه وتعالى، حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، ورواه غيره أيضـًا أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا عن ليلة رأى فيها ملكين أو في رواية رجلين، أخذاه صلى الله عليه وسلم، فانطلقا به صلى الله عليه وسلم إلى الارض المقدسة، فكان أول ما رآه عليه الصلاة والسلام مما رآه من أهوال وعجائب وما يمكن أن نسميه أشد العذاب، رآى عليه الصلاة والسلام مما يعذب به أهل النار في قبورهم قبل أن يصلوا إلى النار التي سيصلونها بعد ذلك إن لم يمن الله عليهم برحمة منه فقال: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ ". قُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالَا : انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا… " والحديث طويل جدا،
- فقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الرجل الذي قائم عليه ملك، ورجل جالس على الأرض، وذلك الملك الذي هو قائم على رأسه بيده كلوب من حديد، سيخ من حديد، شيء عظيم من حديد يحمله على يده، قال وذاك تحته وهذا الكلوب الحديد الذي فيه شيء يدخل ويخرج (معكوف معطوف) قال يدخله في فيه، فيأخذ بشدقه حتى يصل به إلى قفاه، ثم يأتي إلى الجهة الأخرى من فيه فيأخذ بها أيضـًا بذلك الذي بيده حتى يأخذ ذلك الشدق إلى قفاه أيضـًا، قال ثم يلتئم هذا الفم كله شدقه هذا وذاك فيلتئما، ثم يعود ذلك الملك مرة أخرى فيعذبه كذلك، قال فقلت للملكين بجواري ما هذا؟ فقالا انطلق انطلق ثم انطلقا به عليه الصلاة والسلام فارأى أمورا أخرى ليست في موضوعنا، موضوعنا هذا الذي نريد هو أول رجل رآه النبي صلى الله عليه وسلم في عذابه، هو هذا الرجل الذي يعذبه ذلك الملك، ما في يده من حديد فيأخذ بشقه الأول ثم الآخر، حتى يصل به إلى قفاه، قال صلى الله عليه وسلم فيفعل به كذلك إلى يوم القيامة، ثم بعد أن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى أخبره الملكين بما رأى، قُلْتُ أي النبي ﷺ: "طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ. قَالَا : نَعَمْ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، يعني في قبره هكذا إلى يوم القيامة يعذب بهذا العذاب؛ لأنه كذب كذبة فبلغت الآفاق، سمعها الناس تناقلتها الأخبار، تحدث الناس عنها، نشروها، عملوا لها إعادة توجيه، وأعظم ما يمكن أن تتصور هي في زمننا لا في الأزمان الماضية فتبلغ الآفاق هي (وسائل التواصل الاجتماعي)، الإعلام الأكبر، القرية العالمية، أو قل النافذة الإعلامية العالمية الكبرى، الذي يتحكم إنسان واحد بعالم، وهو جالس على كرسيه، متكئ على أريكته، يتحكم بعالم بأكمله، وينشر ما أراد، ويتابعه ملايين، بل قل ربما مليارات، كذبة واحدة يقولها فتنتشر عند هؤلاء جميعـًا (تبلغ الآفاق)، وهذا عذابه، وهذا ما يذوقه، حتى يصل إلى ربه، ثم الحساب، ثم إما جنة وإما نار بسبب كذبة، بسبب ما كذب، بسبب ما قال، بسبب ما نطق، بسبب ما شهد، هذا جزاؤه وهذا عذابه.
- فضلًا عن ما في البخاري ومسلم، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفع الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم "، وفي رواية لهما : " يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " وبالا أي لا تكون لها وزنا كبيرا في قلبه، لا يتوقع أنها ستصل إلى ما وصلت إليه، لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفا، كذبة، كلمة، قول، منشور، خبر، حديث، أي شيء كان مما يتصور أن ينتشر بين الناس، فيقوم هذا الطباخ فيطبخ هذه الكذبة فينشرها للناس فتصل إلى مسامعهم، أو إلى أيديهم، أو أمام ناظريهم دبلجة فبركة منتجة شيطنة فتصل إليهم، خاصة المساكين الضعفاء الذين يصدقون كل ما يسمعون، ويشاهدون، وكلما يقرأون، بل لا يقتصرون على قراءته في أنفسهم حتى ينشروه إلى غيرهم، بل بالعكس: الصدق قليل ما ينتشر، والكذب أكثر ما ينتشر، أكثر ما يتحدث عنه، أكثرما يذاع؛ لأن الشيطان بجنوده قد أعدوا عدتهم من أجل نشر هذا، وسخروا أدواتهم لخدمته، وما خبره عنا ببعيد في أحد الذي صاح في الناس إن محمدا قد قُتل، وكذلك مشاركته للمشركين في غزوة بدر وأصبح هو بجنوده معهم، وقل عن يومي العقبة الذي نادى الناس بصوته إن محمدا قد جمع الناس في العقبة وصاح بالناس كذلك، وقل عن إخباره في أماكن أخرى من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وعداوة الشيطان له فينقل النبي صلى الله عليه وسلم لنا ذلك، لكن نحن الآن لا شيء ينقل لنا على أن الشيطان هو الذي كذب، هو الذي كذب، هو الذي موّل، هو الذي قذفها في قلوب أحبابه…
لا وحي لنا يعلمنا الآن أن الشيطان هو الذي كذب على الناس، وحدثهم بذلك الحديث، وكتب لهم ذلك المنشور، ونقل لهم ذلك الخبر… غير أن الله قد قال لنا: ﴿وَلا تَأكُلوا مِمّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّهِ عَلَيهِ وَإِنَّهُ لَفِسقٌ وَإِنَّ الشَّياطينَ لَيوحونَ إِلى أَولِيائِهِم لِيُجادِلوكُم وَإِن أَطَعتُموهُم إِنَّكُم لَمُشرِكونَ﴾ فالشياطين بلا ريب يوصلون ما أرادوا لأوليائهم من الإنس…
- فيجب على المسلم أن يسائل نفسه قبل أن ينشر أي شيء، وقبل أن ينقل أي خبر خاصة في عصرنا، ووضعنا، يسأل: إن هذا الشيء سيكون عقابي في أول لحظة من قبري حتى أصل إلى ربي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، إن المؤمن الذي عنده ذرة إيمان يخاف من كل كلمة في منشور أن نتحقق فيها قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفا"، فيأخذ حيطته فلا ينشر شيئـًا الا وهو متأكد من صحته، أن يجعل نصب عينيه، وشعار حياته والمصدر الأولى له قول الله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَومًا بِجَهالَةٍ فَتُصبِحوا عَلى ما فَعَلتُم نادِمينَ﴾، لأنه نداء الله للمؤمنين، فلا يمكن أن يجرؤ فينشر أي شيء أبدا بدون أن يتأكد من صحته.
- ثم ليعلم يقينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد توعد هؤلاء بمقعد في النار لكل كاذب: " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين" رواه مسلم، الذي يحدّث عن رسول الله بحديث فينقل ذلك الحديث للآخرين فهو كاذب من ضمن الكذبة الذين كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعوا الحديث، وإن كان لم يكذب الحديث لكنه نشره، فمن حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث وإن كان هو لم يكتب ذلك الحديث، وإن كان هو ليس بواضع الحديث، وإن كان ليس هو بكاتب الحديث، وإنما نقله إلى غيره فهو أحد هؤلاء الذين كذبوا على رسول صلى الله عليه وسلم، وكأنه هو من كتب الحديث وإن لم يكتب فهو أحد الكذابين، وكما في الحديث المتواتر الذي رواه كل علماء السنة الذين نقلوها عن رسولنا صلى الله عليه وسلم إلينا : "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"، هنيئـًا له، ليهنأ به ذلك المقعد من النار، مجهز له، مهيئ له حتى يدخل ذلك المقعد هو، لا يدخله أحد غيره؛ لأن ذلك الرجل يستحقه بكذبه، لا على أحد بل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المرسل من الواحد الأحد، فيجب أن يكون هذا الحديث هو الأول ظهورا في ذاكرتنا، قبل أي نشر، أخاف أن يكون كذبا، وبالتالي فأتبين، ولا أتسرع بالنقل، والتحديث... وانظر لأعظم شائعة تناقلها المؤمنون عن حسن نية فعزرهم الله تبارك وتعالى وعرفوا خطأهم: ﴿إِذ تَلَقَّونَهُ بِأَلسِنَتِكُم وَتَقولونَ بِأَفواهِكُم ما لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ وَتَحسَبونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظيمٌ وَلَولا إِذ سَمِعتُموهُ قُلتُم ما يَكونُ لَنا أَن نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعودوا لِمِثلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ﴾… والمصدر الرسمي والأول والطباخ لهذه الكذبة الكبرى والفرية العظمى رأس النفاق ابن أبي ذاك الذي تولى كبره وفبركته ونشره: ﴿إِنَّ الَّذينَ جاءوا بِالإِفكِ عُصبَةٌ مِنكُم لا تَحسَبوهُ شَرًّا لَكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَكُم لِكُلِّ امرِئٍ مِنهُم مَا اكتَسَبَ مِنَ الإِثمِ وَالَّذي تَوَلّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذابٌ عَظيمٌ﴾.
و:(بئس مطية الرجل زعموا) كما في الحديث الصحيح، وفي آخر: (بئس الرجل أن يحدث بكل ما سمع)، وفي آخر: (على هذا فاشهد أو دع)، وفي آخر: (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، خير من أن تنشر أن لا تنشر ما دمت وأنت لا تعلم، وإذا كنت على حرص عليه وعلى نشره فاسأل قبل أن تتداوله إلى غيرك، اسأل من يعلم: ﴿ فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ﴾
{وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ}، الرجوع إلى المرجعيات الصحيحة قبل أن ينشر ما يريد، قبل أن يحدث بما يشك في علمه، فإن الواجب عليه أن يعود إلى مرجعياته..
- حتى أحيانـًا لا يحتاج إلى مرجعيات كبرى، بل يرجع إلى عقله؛ فهناك أخبار كاذبة زائفة لا يصدقها العقل، لا يمكن أن تدخل في العقل، كذب محض لا ريب فيه، أشياء تافهة كثيرا ما نقرأه لا يصدقها عقل ولا نقل، لكن أناس قد أعمتهم الغفلة، أو التعصب، أو الكذب الطافح عليهم، أو الحب، أو السفه، أو الطيش، مجرد أن ينشر فيكون أحد الكذابين، ويكون هو المتوعَّد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكم سمعنا مثلًا من أخبار على أن الساعة قائمه، وأن الساعة ستقوم يوم فلان وفلان، وأن طفلًا خُلق مباشرة من بطن أمه فقال الساعة في اليوم الفلاني ومات، أو أنه مكتوب بأن الساعة ستقوم في اليوم الفلاني، والشهر الفلاني، والساعة الفلانية، ومات ذلك الصبي، أو كبش مكتوب عليه، أو نطق، أو رجل قام من قبره فقال أيها الناس في الجمعة الفلانية الساعة…
- كم سمعنا من أخبار كهذه، وكم رُوج لها، وكم انتشرت، واخافت من أناس، لسنوات ونحن نسمع ونقرأ ويؤتى إلينا بهذه الأخبار ويصدقها ملايين وينتظرون الساعة فعلا، بالرغم لا يعلمها إلا الله، يصدق هؤلاء الكذبة المردة المرجفون في المدينة كما سماهم الله، ولا يصدق الله الذي اختص بعلم الساعة، ﴿يَسأَلونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرساها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجَلّيها لِوَقتِها إِلّا هُوَ ثَقُلَت فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ لا تَأتيكُم إِلّا بَغتَةً يَسأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾، لا يظهرها في ذلك الوقت إلا هو عند قيامها، ومع هذا يصدق الكثير مثل هذه الأخبار، أو أي أخبار تافهة، أخبار كاذبة يعلمها من عنده علم أو قل أدنى عقل فضلًا عن علم كبير، أو عن عقل جبار، بل هي تافهة ساقطة يُضحك منها ومع هذا تجد لها جمهورها…
أقول قولي هذا واستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن الكذب قد شاع في الحقيقة، وذاع وأصبح له صيته الأكبر، والأعلى، وأصبح له الرواج الأسمى، وأصبح أغلب ما ينتشر هو غير صحيح، حتى أن القاعدة الرسمية الذي ينتشر سريعـًا بين الناس هو كذب، حتى أنه مكتوب في التوراة أن أكثر ما يقال ليس بصحيح، ما يقوله الناس ويتحدث الناس ويكون على ألسنتهم متداول ليس بصحيح إذا ذاع وخاصة في المجال الديني؛ لأن أكثر الناس أصحاب عاطفه جياشة ما إن يرى حديثـًا إلا وينشر ذلك الحديث، وما إن يرى منشورا إلا ويقوم بتعميمه، وما إن يرى خبرا أو شيئـًا من هذا إلا ويعرّض نفسه لخطر عظيم في دينه، لو أنه لم ينشر شيئـًا كان خيرا له كما مر معنا….
- والحقيقة ليس هذا المجال الديني الشرعي وفقط، بل هو في كل المجالات وإن كنت تحدثت عن المجال الشرعي؛ لأنه أخطر وأكبر وأعظم فيما سمعتم..
ولكن أيضـًا هناك في كل المجالات أخبار لها ما لها وخاصة في مجالين مجال سياسي، ومجال اقتصادي، الاقتصادي وهو أقل من السياسي، يحدثني أحد الإخوة أمس -وهو ما أثارني فجعلته اليوم موضوعي- أن أحدهم خسر تجارة بمليارات الدولارات يخسر كل شيء في لحظات عبر التويتر بتغريدة كاذبة أو مزورة أو تم اختراق حسابه…
- أو في المجال السياسي وهي الحرب الكبرى المفتوحة، أخطر من فوهات البنادق، وأخطر من الطائرات والأسلحة، ولا والله للذين في الجبهات أهدى وأسكن ممن هم هنا وهناك ليسوا عند القتل الحقيقي، والمعارك، يخافون من هم في بعيد أكثر ممن هم في قريب بسبب الأخبار الكاذبة: ﴿ِ لِيَحزُنَ الَّذينَ آمَنوا وَلَيسَ بِضارِّهِم شَيئًا إِلّا بِإِذنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ﴾ هذا الله يتحدث عن الشيطان وعن أعوانه، وعن المطابخ الكاذبة، المنافقة، المرجفة: ﴿لَئِن لَم يَنتَهِ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفونَ فِي المَدينَةِ لَنُغرِيَنَّكَ بِهِم ثُمَّ لا يُجاوِرونَكَ فيها إِلّا قَليلًا﴾ وقد اجتمعوا في آية واحده، لنسلطنك عليهم، لنفضحنهم لنرينك إياهم، هكذا يقول الله، كم انتشرت من أخبار يأسّت الناس، فزّعت الناس، يخاف الناس بأخبار كاذبة، بأخبار زائفة، بتضليل مغرض أرعن، وكل واحد ينشر ولو تأكدت من أين المصدر لوجدته من رجل نعوذ بالله أن تنظر إلى وجهه فضلًا عن أن تحدثه، كاذب، فاجر، منافق، عربيد، فاسق، خبيث، مجرم.. هذا هو الحق، هذا هو الشيء الذي يجب أن يعلمه الناس، إن أكثر أخبار مروعة لهم هي أخبار صنعها السفهاء والحمقاء من أجل أن يخاف الناس، ولو أنهم تركوا الناس على الحق لكان أقل من واحد بالمئة مما هم فيه، من خوف وفزع، وكانوا في أمن وآمان، ألا فلنتق الله في كل شيء، فلا ننشر إلا ما نعلم ونتأكد من صحته، ومن مصدره، وليكن الخبر الأول عندنا هو ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا...﴾، وفي قراءة حمزة أحد القراء السبعة: {فتثبتوا}، فالتبين والتثبت والتأكد من صحة الشيء ايًا كان في أي مجال كان، في الديني، في السياسي، في الأقتصادي، في الأجتماعي، في أي شيء، هو المصدر الأول عندنا على الإطلاق، ثم المصادر الأخرى تأتي بعد الآية، فلا نمتثل إلى غيره إلا بعد أن نتأكد، الا بعد أن نتبين.
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199