...
منذ 2025-05-17
*كيف.غزانا.الغرب.فانهزمنا.cc*
#الشباب_ودورهم_في_نهضة_الأمة_أو_سقوطها.
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/ABRRpzDTC6E
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- سأتحدث عن مرحلة هي أعظم، وأهم مرحلة يمر بها الإنسان، مرحلة القوة، مرحلة العظمة، مرحلة الصناعة للحياة، مرحلة العزم، مرحلة البطش، مرحلة الصحة، هي مرحلة النهضة، والهمة، والإرادة، والشجاعة، هي المرحلة العظمى التي تحدد حياة الأمم، وتنهض بها، أو تدمر الأمم وتقعد بها، إنها مرحلة الشباب، هذه المرحلة التي وصفه الله عز وجل بالقوة: ﴿اللَّهُ الَّذي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضَعفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ قُوَّةٍ ضَعفًا وَشَيبَةً يَخلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ العَليمُ القَديرُ﴾، مرحلة الشباب هذه المرحلة العظمى في حياة الإنسان، {إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِم وَزِدناهُم هُدًى﴾، شباب أقوياء، { وَآتَيناهُ الحُكمَ صَبِيًّا﴾، شباب عظماء اقوياء يحملون أي راية كانت، وبكل عزم وإرادة، سواء كانت راية حق، أو راية شر، مستعدون جاهزون يتحملون، عندهم همة وقّادة للنهوض أو للسقوط، إن أرادوا خيرا كان، وإن أرادوا شرا فكذلك….
- إذا صلحوا صلحت الأمم بصلاحهم، وإن فسدوا فسدت وقعدت الأمم بفسادهم وقعودهم، إن اهتموا واستيقظوا ونهضوا نهضة الأمم، وإن قعدوا وتاهت هممهم وفترت انتهت الأمم وكانت في مهب الريح… إنهم أصحاب الإرادة العظيمة للانطلاق نحو الأفضل، أو أن يتراجعوا نحو الكسل، ونحو الخمول، ونحو لا شيء، إنهم الشباب الذين لم يخدم هذا الدين أحد أعظم منهم، ولا أجل مما فعلوه ابدا…
- ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ركّز عليهم بقوة في دعوته، حتى أنه عليه الصلاة والسلام جعل المرحلة العظمى التي ذكرها كثيرا في وصاياه وأحاديثه مرحلة الشباب، "وشاب نشأ في عبادة الله"، في حديث سبعة يظلهم الله، "ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته أمراة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله"، كل ذلك يكون في الشباب، وأغلب ما يكون عند الشباب، وأيضـًا هذا نبينا صلى الله عليه وسلم يتحدث أن أقدامنا وأنها لا تزول على الصراط يوم القيامة حتى نُسأل عن أربع أو خمس، ثم ذكر النبي عليه الصلاة والسلام مما نُسأل عنه: "وعن شبابه فيما أبلاه"، [ لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن أربع -وفي رواية عن خمس-: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم]، وقل عن وصيته صلى الله عليه وسلم: " اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"، وانظر كيف جعل: "شبابك قبل هرمك" هي الأولى…
- هذه هي مرحلة الشباب تلك المرحلة الناضجة الجاهزة المستعدة الوقادة والمهتمة، ولكن إذا سيء استخدامها عادت على الأمة بسقوطها، وبهلاكها، وبدمارها، وهو ما ركز عليه أعداء الإسلام؛ أعظم ما يفنون أعمارهم من أجل أن يفسدوا هذا الدين، من أجل أن ينهوا ما نحن فيه كمسلمين، من أجل أن يحطموا شبابنا، من أجل أن يشغلوهم بالتوافه، بتوافه الأمور، بالأشياء الحقيرة، بالأشياء التي لا تذكر بالتي يستحي من ذكرها أو من منظرها، أو من أن تُفعل أصلا، كرياضة، أو حلقات، أو مسلسلات، أو موضات، أو أنديات، أو جوالات، أو برمجيات، أو خرافات… أو أي تفاهات كانت، لا تخدم قضيتنا، ولا تعني شيئا في إسلامنا، وتهدر أوقاتنا، ولا تعود علينا ولا على أمتنا بأي نافع كان منها..
- أذكر مرة أطلعني أحد الشباب من طلابي على فيديو مفاده: شاب مفتول العضلات، وسيمـًا، جسيمـًا، حسينـًا، طويلاً، عريضـًا…من أوصاف الكمال، والجمال، ولكن يبكي، وبحرقة، رثيت لحاله وأنا عن بعد، فكيف بمن هو عن قرب، يبكي بحرقة بحراره تتساقط الدموع دمعة تلو الدمعة لا فاصل بينهما أبدا، تظن على أن هذا قد فقد أمرا عظيمـًا من نفسه، ومن أهله، ومن دينه، ومن مجتمعه، أو من مقدساته، ومن كل شيء، جاء إليه المصور اقترب منه وبدأ يسائله ما لك؟ ما الذي يبكيك؟ فقال بعبرات منتهية هالكة مذبولة وانظر لما قال هذا التافه: إن الفريق الفلاني خسر المباراة، يعني الفريق الذي يشجعه، ولم يستطع أن يكمل الكلام يتلعثم فيه، فبدأ المذيع ليفهمه يمكن أن ينهض، يمكن أن يقوم، يمكن يفوز في مرات قادمة، وشاب العربي المسلم ذاك يبكي لا يفهم أي كلام من المصور المذيع وهو ليس بلاعب في الفريق أبشركم إنما هو تاف ساقط حقير يشجع فريقـًا عن بعد آلاف الأميال، ربما يكون فريق برشلونة، أو مدريد، أو أي فريق من فريق الكفرة الفجرة…
- هذا الشاب نموذج متكرر من آلاف بل ملايين الشباب المسلمين الذين سقطت هممهم، وتفهت مطالبهم وآمالهم، وارتموا في أحضان غيرهم، وأشغلوا أنفسهم بكل سفاهة، وشبعوا من كل حقارة ونذالة، ولم يبق في حياتهم أي متسع لهموم أمتهم، ومقدسات إسلامهم، وقضايا أوطانهم، وآمال شعوبهم، وأهداف أهاليهم..
- لا بل لا تقل هذا الشاب وملايين أمثاله من العاديين بل حتى من الأشخاص الكبار ومن بيدهم كل زمام المبادرة لأجل أمتهم لكن انشغلوا بنوادي الإبل، أو بيع الصقور، أو مسابقة أجمل تيس، أو أنحف كرش، أو من هذه الحماقات وهم علية القوم بل كبار المسؤولين... أراح أمتنا منهم…
- وإن نسيت ما نسيت فلن أنسى ذلك الصقر الذي بيع في مزاد علني بدولة هي أم الدول المسلمة بمئات الآلاف من عملة تلك الدولة، بينما ملايين المسلمين يموتون جوعا، أو يكادون…
- أيها الإخوة هذه نماذج من نماذج شبابنا الذين سقطوا في توافه الحياة، وسفاهات وحماقات القوم، فضلاً عن توافه كبرى أشغلونا أعداء ديننا بها، اليوم يحزن الشباب ولا يمكن ان يفوتوا توافه أمورهم من مثلاً متابعات، أو من مسلسلات، أو من رياضات، أو من فتح النت مثلاً، لا يمكن أن يترك الدخول إلى موقع من المواقع، أو صفحه من الصفحات، أو حسابـًا من الحسابات، لا يمكن أن يترك فيسبوك، أو تويتر، أو سنابشات… أو أي نوع من أنواع الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي مما نعرفها ومما لا نعرفها لا يمكن أن يتركها، يحزن يتألم يتحسر يحس بكآبة كبرى نزلت عليه؛ لأنه ما دخل هنا أو هناك، أو فاته هذا أو ذاك، يمكن يضحي بكل شيء إلا تافه أمره، ولكنه لا يحزن إن فاتته صلاته، وإن طاعته ذهبت، وأنه لم يحضر جماعة، ولم يكبر للإحرام معها، أو لم يحافظ عليها أصلاً، أو لا يعرف صلاة أبدا، هذه كلها عادي أمام توافه حياته، وشؤونه الخاصة…
- لقد سقط شبابنا سقوطا مدويًا، وانهزموا انهزامًا فاضحًا، وخسروا خسارة كبرى، ورسبوا أمام هذا الاختبار والبلاء رسوبًا ظاهرًا، فيمكن أن يترك كل شيء من أمور دينه دون أن يبالي إلا هذه التوافه، يغيب عن كتاب ربه تبارك وتعالى أيامًا إلا البرنامج الفلاني، أو وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن يذهب ليحجز عند المباراة من فجر الجمعة أو من قبل الجمعة؛ لأن المباراة ستكون عصر الجمعة، من الأربعاء من الخميس وهو يجهز مكانـًا لها ليحضر المئات والآلاف، ولكن أن يحضر للجماعة، للمحاضرة لا لا تسل عنه، أصبح الهين عندنا عظيمًا، وأصبح العظيم عندنا حقيرا، انقلبت الأمور، أصبح الشباب يهتمون بتوافه الحياة وبشهواتهم، وملذاتهم، ومتعهم، وما أنتج لنا الغرب؛ لأجل أن يشغلونا به عن واجبنا نحو ديننا، ونحو إسلامنا، ونحو مقدساتنا، ونحو عباداتنا…
- يا أيها الناس، يا من عنده صحوة ضمير، وبصيص تفكير… إن الغرب اليوم لا يحاربنا بالسلاح وفقط، بل يحاربنا بما أنتج لنا من هذا وذاك، من وسائل الضياع، ومسقطات الشباب، وتوافه الحياة، ويبقى الشاب متعلقًا بها لا يفكر في غيرها، ولا يطمح لسواها، ولا يمكن أبدا تركها، أو التفكير في التخلي عنها، سواء من ألعاب، أو برامج، أو مسلسلات، أو ملاحقة للموضات، أو أي شيء من هذه المغريات، هو حرب من نوع آخر، هي مهلكة، ومعركة كبرى يخوضها الشباب اليوم، وقد هُزم الأغلب والأكثر من هؤلاء للأسف الشديد… وإن نسيت فلا أنسى ملاحقة تلك الموضات المخزية، والملابس والحلاقات المؤسفة، المبكية، بل أحيانـًا أستعيذ بالله مما رأيت من رؤوس كأنها رؤوس الشياطين، أو من أقدام عارية، أو ركب مفتوحة ممزقة بشكل مهين، وأعزكم الله العورات إلى نصفها، أو الوجه مستور محجب كأنه عورة أو حرمة، أمور غريبة مؤسفة يندى لها الجبين، ويستحي منها المؤمن من أن يتحدث عنها، أو ينظر إليها…
- وما أشبه الليلة بالبارحة حدثت قبل قرون خلت قصة تحكي اليوم واقعنا كأنه رأي عين، وترثي حالنا كأنه بيننا، إنها قصة الصبي في بلاد الأندلس مع الجاسوس الصليبي الذي أُرسل إلى هناك إلى الأندلس أسبانيا حاليـًا بعد الاحتلال الصليبي لها، لما أُرسل ذلك الجاسوس لينظر في أحوال المسلمين، وفي حال شبابهم بالذات، رأى موقفًا يومًا إذا بصبي يبكي بحرقة وبجواره آخر يهدئه فاقترب الجاسوس إلى ذلك الصبي الشاب وقال له الجاسوس الصليبي: يا بني على ماذا تبكي وتذرف الدمع هكذا؟ والشاب لحرقته، ولوعته، وشدة مصابه لا يستطيع أن يتحدث، ولكن ذلك الذي بجواره يحدث الجاسوس وهو لا يعرف أنه جاسوس، وقال هذا صديقي يبكي على سهمه لم يصب به اليوم، وقد كان يصيب عشرة من عشرة، يعني لا يخطئ سهمًا واحدًا، كما تقول طلقة واحدة، يصيب ولا يخطئ، واليوم أصاب تسعة وواحد لم يصبه فهو يبكي على ذلك.
فقال الجاسوس: لا بأس عليك قم وعوض بدلاً من عشرة إحدى عشر، لم تصب ستعوض ذلك الواحد، فرد عليه بعد أن رفع رأسه قائلاً: وهل ينتظرنا الإفرنجي حتى أعوضه بسهم، كما تقول بطلقة أخرى، لن ينتظر، فذهب الجاسوس منكسراً حزينـًا كئيبـًا مبلغـًا دولته الأخرى التي تتربص بالمسلمين، وقال لهم لا تغزوا المسلمين الآن ليس وقت الغزو، الآن الغزو من نوع آخر أرسلوا برامجكم، أرسلوا بناتكم، أرسلوا مغريات حياتكم، أرسلوا شهواتكم، أرسلوا متعكم، أرسلوا مادياتكم، أرسلوا كل شيء إليهم من مفاتن الحياة؛ لتدخل في قلوبهم بدلاً عن الجهاد والمعارك الطاحنة، بدلاً عن هموم الأمة إلى هموم التويتر، والفيسبوك، والسنابشات، والانستجرام، بدلاً من هموم أمة أراد الله لها الخيرية إلى هموم تافهة على شاشات الجوال، أمة بكلها تختصر هناك، أرسلوا ما تريدون وفعلاً أرسلوا بكلمة واحدة "كأس وغانية تفعلان في أمة محمد ما لا يفعله ألف مدفع" وأرسلوا ما أرادوا وبعد سنوات ذلك الجاسوس نفسه أو يشبهه نظر إلى موقف مماثل تمامـًا صبي يبكي وبجواره صديقه يهدئ من روعه، فيقترب الجاسوس منه ويقول ما لك؟ لماذا تبكي؟ فرد عليه: حبيبته تغيبت، أو تأخرت فهو يبكي عليها…
فبعث الجاوس لدولته: الآن وقتهم اعزوهم، وفعلاً جاء الغزو الصليبي وانتهت الأندلس، وأصبحت من الأندلس بلاد الإسلام التي كانت كذلك قرونا إلى بلاد نصرانية أسمها اليوم أسبانيا، بشبابها أسقطوها، بحقارة ما تابعوه، بحقارة ما تعلقوا له، واهتموا به، وأضاعوا وقتهم، وشبابهم لأجله، وأضاعوا همتهم فيه… فإذا اهتم الشباب، الصغار، الكبار، العقلاء، النساء، الذكور، الكل اهتموا بشأن أمتهم رفع الله هذه الأمة، وأعزها، ومكّن لها، وإن اهتموا بشؤون ماديتهم، وحياتهم، وأمورهم، أشغلهم الله بها، ثم ضاعوا وضاعت أمتهم وهلكوا وهلكت الأمة...
-قارنوا بين هذين الموقفين الذي يبكي على برشلونة، والذي يبكي على أنه لم يصب سهمًا وبين عمير بن أبي وقاص وهو أخو سعد، كما جاء في الصحيح، يوم بدر رآه سعد وهو يتوارى من القوم، فقال سعد: يا عمير مالك تتوارى، فقال: أخشى أن يراني رسول الله، ويردني ولا أذهب للمعركة يوم بدر، فأنا أتخفى منه، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فشفع له سعد وتركه النبي؛ لأنه أخبره بأن عمره فوق الخامسة عشرة، فذهب عمير وقال إني أرجو أن يرزقني الله الشهادة وفعلاً كان أول شهيد يوم بدر، هذا موقف لشاب صغير، قل أيضـًا عن يوم أحد يوم جاء الشباب يزدحمون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليذهبوا للقتال، بل ليسوا بشباب قد بلغوا بل كانوا صغارا أمثال عبدالله بن عمر بن الخطاب وأبوسعيد الخدري وأسامة بن زيد ورافع بن خديج وسمرة بن جندب كانوا قبل الخامسة عشر من عمرهم، ولم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم بالغزو في أحد إلا لرافع؛ لأنه كان يحسن الرماية، فلما رآه سمرة قال يا رسول الله قال: يا رسول الله أذنت لرافع ولم تأذن لي، ولو شئت لصرعته، قال تصارعا، ففعلا فصرع سمرة رافعًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبا فذهب سمره وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وذهب رافع أيضـًا لأنه يحسن الرماية، وعاد إلى المدينة عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأبو سعيد وأمثال هؤلاء وهم يبكون ويحترقون لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لهم بالجهاد، وأين نحن وأين شبابنا وبماذا انشغلوا؟ وعلى ماذا يبكون؟ وعلى ماذا يحزنون؟ وعن أي تافه يتحدثون وعلى ماذا يسهرون وعلى أي شي يصبحون… بالرغم أمتنا اليوم في أحوج وأحلك الظروف لشاب واحد ينقذها لينفعها ليخرجها لينصرها بثقافته بعلمه بتعليمه بصناعته بخبراته….بأي شيء كان، يستطيع ذلك الشاب شاب القوة والعزيمة والإرادة ولكن سقط في أوحال الغرب عن بعد بسبب ملاحقات تافهة…
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن الغرب اليوم فهموا الإسلام وخبروه بثغراته، وفهموا ما الذي من قِبله يمكن أن يجرونا إليهم راكعين إلى أقدامهم، إنهم فهموا جيداً إن أعظم ما يمكن أن يغزوا به الأمة وتغزى أمتنا من قِبله هي الماديات، هي الشهوات هي التوافه، والمغريات، هي البرمجيات، هي المسلسلات، هي هذه وتلك من الساقطات، فقربوها للأمة، وأنتجوها باحترافية عظمى وأوجدوها، وصنعوها، واحترفوا فيها؛ لينشغل ذلك الجيل العظيم وتلك الأمة أمة الخيرية بها، وتصبح أمة مستهلكة، أمة تافهة، أمة حقيرة، أمة متلقية، أمة جاهزة لما ينتجون، لقد فهموها كما فهم أبو سفيان أن الماديات هي التي تحدث أثراً في القلوب، أبو سفيان قبل إسلامه وأختم خطبتي بقصته جاءه الأعشى جاهلي كان شاعرا نحريرا بل هو أعظم شعراء الجاهلية آنذاك، وقد رغب في النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته وكان الأعشى في أواخر عمره فمر على أبي سفيان وقال له ألى أين يا أعشى؟ قال أصبحت أريد محمدا ودينه، وأنا داخل فيه، فقال إني أحذرك إياه، وإنه لا يصلح لك، وإنك تعرف ما أنت عليه وما نحن فيه، فقال لا لا أرهب ذلك، قال له أبو سفيان: فإن محمدا يحرم عليك ثلاثـًا لا تقدر على تركها، يحرم عليك الزنا، ويحرم عليك الخمر، ويحرم عليك القمار، قال فأما الزنا فإني شيخ كبير تركني ولم أتركه، وأما الخمر فقد أخذت منها وطري (شبعت)، وأما القمار فلعل الله أن يعوضني خيرا، ففهمها جيدا، ورد على أبي سفيان وأصابه في مقتله، وهذه ماديات مغرية فعلاً ولكنه أنهاها بإجابته، فقال أبو سفيان ألا أدلك على ما هو خير لنا ولك، قال هات، قال أن تعود إلى قومك هذا العام فإنا وإياه في هدنة عد إليه سنة واحدة، ونعطيك مئة ناقة حمراء وهي أعظم نوق العرب، قال أنصفت هاتها وأعود، فذهب أبو سفيان إلى نادي قريش وحدثهم عن ما يريد الأعشى، وبالتالي خسر العرب إعلامهم الأكبر والأعظم على الإطلاق إعلام الشعراء، فجمعوا له مائة ناقة وعاد إلى قومه، وقبل أن يوصل سقط من على جمل منها، ومات وانتهى، وكذلك نحن إن سقطنا في أوحالنا، وفي شهواتنا، وفي مغريات حياتنا، ونسينا عظائم ديننا، ونبينا صلى الله عليه وسلم وما يريد لنا، هلكنا، ومتنا وماتت أمتنا، ونام ديننا… ألا فلنفق من غيبوبتنا، ولنعد بقوة إلى ديننا، ولننتبه لشبابنا، ولأنفسنا ولنعلم على أن نصر ديننا إنما هو من أنفسنا أولاً، فلننتصر عليها وعلى ملذاتها وشهواتها ومتعها: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم}
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199
#الشباب_ودورهم_في_نهضة_الأمة_أو_سقوطها.
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/ABRRpzDTC6E
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- سأتحدث عن مرحلة هي أعظم، وأهم مرحلة يمر بها الإنسان، مرحلة القوة، مرحلة العظمة، مرحلة الصناعة للحياة، مرحلة العزم، مرحلة البطش، مرحلة الصحة، هي مرحلة النهضة، والهمة، والإرادة، والشجاعة، هي المرحلة العظمى التي تحدد حياة الأمم، وتنهض بها، أو تدمر الأمم وتقعد بها، إنها مرحلة الشباب، هذه المرحلة التي وصفه الله عز وجل بالقوة: ﴿اللَّهُ الَّذي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضَعفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ قُوَّةٍ ضَعفًا وَشَيبَةً يَخلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ العَليمُ القَديرُ﴾، مرحلة الشباب هذه المرحلة العظمى في حياة الإنسان، {إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِم وَزِدناهُم هُدًى﴾، شباب أقوياء، { وَآتَيناهُ الحُكمَ صَبِيًّا﴾، شباب عظماء اقوياء يحملون أي راية كانت، وبكل عزم وإرادة، سواء كانت راية حق، أو راية شر، مستعدون جاهزون يتحملون، عندهم همة وقّادة للنهوض أو للسقوط، إن أرادوا خيرا كان، وإن أرادوا شرا فكذلك….
- إذا صلحوا صلحت الأمم بصلاحهم، وإن فسدوا فسدت وقعدت الأمم بفسادهم وقعودهم، إن اهتموا واستيقظوا ونهضوا نهضة الأمم، وإن قعدوا وتاهت هممهم وفترت انتهت الأمم وكانت في مهب الريح… إنهم أصحاب الإرادة العظيمة للانطلاق نحو الأفضل، أو أن يتراجعوا نحو الكسل، ونحو الخمول، ونحو لا شيء، إنهم الشباب الذين لم يخدم هذا الدين أحد أعظم منهم، ولا أجل مما فعلوه ابدا…
- ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ركّز عليهم بقوة في دعوته، حتى أنه عليه الصلاة والسلام جعل المرحلة العظمى التي ذكرها كثيرا في وصاياه وأحاديثه مرحلة الشباب، "وشاب نشأ في عبادة الله"، في حديث سبعة يظلهم الله، "ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته أمراة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله"، كل ذلك يكون في الشباب، وأغلب ما يكون عند الشباب، وأيضـًا هذا نبينا صلى الله عليه وسلم يتحدث أن أقدامنا وأنها لا تزول على الصراط يوم القيامة حتى نُسأل عن أربع أو خمس، ثم ذكر النبي عليه الصلاة والسلام مما نُسأل عنه: "وعن شبابه فيما أبلاه"، [ لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن أربع -وفي رواية عن خمس-: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم]، وقل عن وصيته صلى الله عليه وسلم: " اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"، وانظر كيف جعل: "شبابك قبل هرمك" هي الأولى…
- هذه هي مرحلة الشباب تلك المرحلة الناضجة الجاهزة المستعدة الوقادة والمهتمة، ولكن إذا سيء استخدامها عادت على الأمة بسقوطها، وبهلاكها، وبدمارها، وهو ما ركز عليه أعداء الإسلام؛ أعظم ما يفنون أعمارهم من أجل أن يفسدوا هذا الدين، من أجل أن ينهوا ما نحن فيه كمسلمين، من أجل أن يحطموا شبابنا، من أجل أن يشغلوهم بالتوافه، بتوافه الأمور، بالأشياء الحقيرة، بالأشياء التي لا تذكر بالتي يستحي من ذكرها أو من منظرها، أو من أن تُفعل أصلا، كرياضة، أو حلقات، أو مسلسلات، أو موضات، أو أنديات، أو جوالات، أو برمجيات، أو خرافات… أو أي تفاهات كانت، لا تخدم قضيتنا، ولا تعني شيئا في إسلامنا، وتهدر أوقاتنا، ولا تعود علينا ولا على أمتنا بأي نافع كان منها..
- أذكر مرة أطلعني أحد الشباب من طلابي على فيديو مفاده: شاب مفتول العضلات، وسيمـًا، جسيمـًا، حسينـًا، طويلاً، عريضـًا…من أوصاف الكمال، والجمال، ولكن يبكي، وبحرقة، رثيت لحاله وأنا عن بعد، فكيف بمن هو عن قرب، يبكي بحرقة بحراره تتساقط الدموع دمعة تلو الدمعة لا فاصل بينهما أبدا، تظن على أن هذا قد فقد أمرا عظيمـًا من نفسه، ومن أهله، ومن دينه، ومن مجتمعه، أو من مقدساته، ومن كل شيء، جاء إليه المصور اقترب منه وبدأ يسائله ما لك؟ ما الذي يبكيك؟ فقال بعبرات منتهية هالكة مذبولة وانظر لما قال هذا التافه: إن الفريق الفلاني خسر المباراة، يعني الفريق الذي يشجعه، ولم يستطع أن يكمل الكلام يتلعثم فيه، فبدأ المذيع ليفهمه يمكن أن ينهض، يمكن أن يقوم، يمكن يفوز في مرات قادمة، وشاب العربي المسلم ذاك يبكي لا يفهم أي كلام من المصور المذيع وهو ليس بلاعب في الفريق أبشركم إنما هو تاف ساقط حقير يشجع فريقـًا عن بعد آلاف الأميال، ربما يكون فريق برشلونة، أو مدريد، أو أي فريق من فريق الكفرة الفجرة…
- هذا الشاب نموذج متكرر من آلاف بل ملايين الشباب المسلمين الذين سقطت هممهم، وتفهت مطالبهم وآمالهم، وارتموا في أحضان غيرهم، وأشغلوا أنفسهم بكل سفاهة، وشبعوا من كل حقارة ونذالة، ولم يبق في حياتهم أي متسع لهموم أمتهم، ومقدسات إسلامهم، وقضايا أوطانهم، وآمال شعوبهم، وأهداف أهاليهم..
- لا بل لا تقل هذا الشاب وملايين أمثاله من العاديين بل حتى من الأشخاص الكبار ومن بيدهم كل زمام المبادرة لأجل أمتهم لكن انشغلوا بنوادي الإبل، أو بيع الصقور، أو مسابقة أجمل تيس، أو أنحف كرش، أو من هذه الحماقات وهم علية القوم بل كبار المسؤولين... أراح أمتنا منهم…
- وإن نسيت ما نسيت فلن أنسى ذلك الصقر الذي بيع في مزاد علني بدولة هي أم الدول المسلمة بمئات الآلاف من عملة تلك الدولة، بينما ملايين المسلمين يموتون جوعا، أو يكادون…
- أيها الإخوة هذه نماذج من نماذج شبابنا الذين سقطوا في توافه الحياة، وسفاهات وحماقات القوم، فضلاً عن توافه كبرى أشغلونا أعداء ديننا بها، اليوم يحزن الشباب ولا يمكن ان يفوتوا توافه أمورهم من مثلاً متابعات، أو من مسلسلات، أو من رياضات، أو من فتح النت مثلاً، لا يمكن أن يترك الدخول إلى موقع من المواقع، أو صفحه من الصفحات، أو حسابـًا من الحسابات، لا يمكن أن يترك فيسبوك، أو تويتر، أو سنابشات… أو أي نوع من أنواع الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي مما نعرفها ومما لا نعرفها لا يمكن أن يتركها، يحزن يتألم يتحسر يحس بكآبة كبرى نزلت عليه؛ لأنه ما دخل هنا أو هناك، أو فاته هذا أو ذاك، يمكن يضحي بكل شيء إلا تافه أمره، ولكنه لا يحزن إن فاتته صلاته، وإن طاعته ذهبت، وأنه لم يحضر جماعة، ولم يكبر للإحرام معها، أو لم يحافظ عليها أصلاً، أو لا يعرف صلاة أبدا، هذه كلها عادي أمام توافه حياته، وشؤونه الخاصة…
- لقد سقط شبابنا سقوطا مدويًا، وانهزموا انهزامًا فاضحًا، وخسروا خسارة كبرى، ورسبوا أمام هذا الاختبار والبلاء رسوبًا ظاهرًا، فيمكن أن يترك كل شيء من أمور دينه دون أن يبالي إلا هذه التوافه، يغيب عن كتاب ربه تبارك وتعالى أيامًا إلا البرنامج الفلاني، أو وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن يذهب ليحجز عند المباراة من فجر الجمعة أو من قبل الجمعة؛ لأن المباراة ستكون عصر الجمعة، من الأربعاء من الخميس وهو يجهز مكانـًا لها ليحضر المئات والآلاف، ولكن أن يحضر للجماعة، للمحاضرة لا لا تسل عنه، أصبح الهين عندنا عظيمًا، وأصبح العظيم عندنا حقيرا، انقلبت الأمور، أصبح الشباب يهتمون بتوافه الحياة وبشهواتهم، وملذاتهم، ومتعهم، وما أنتج لنا الغرب؛ لأجل أن يشغلونا به عن واجبنا نحو ديننا، ونحو إسلامنا، ونحو مقدساتنا، ونحو عباداتنا…
- يا أيها الناس، يا من عنده صحوة ضمير، وبصيص تفكير… إن الغرب اليوم لا يحاربنا بالسلاح وفقط، بل يحاربنا بما أنتج لنا من هذا وذاك، من وسائل الضياع، ومسقطات الشباب، وتوافه الحياة، ويبقى الشاب متعلقًا بها لا يفكر في غيرها، ولا يطمح لسواها، ولا يمكن أبدا تركها، أو التفكير في التخلي عنها، سواء من ألعاب، أو برامج، أو مسلسلات، أو ملاحقة للموضات، أو أي شيء من هذه المغريات، هو حرب من نوع آخر، هي مهلكة، ومعركة كبرى يخوضها الشباب اليوم، وقد هُزم الأغلب والأكثر من هؤلاء للأسف الشديد… وإن نسيت فلا أنسى ملاحقة تلك الموضات المخزية، والملابس والحلاقات المؤسفة، المبكية، بل أحيانـًا أستعيذ بالله مما رأيت من رؤوس كأنها رؤوس الشياطين، أو من أقدام عارية، أو ركب مفتوحة ممزقة بشكل مهين، وأعزكم الله العورات إلى نصفها، أو الوجه مستور محجب كأنه عورة أو حرمة، أمور غريبة مؤسفة يندى لها الجبين، ويستحي منها المؤمن من أن يتحدث عنها، أو ينظر إليها…
- وما أشبه الليلة بالبارحة حدثت قبل قرون خلت قصة تحكي اليوم واقعنا كأنه رأي عين، وترثي حالنا كأنه بيننا، إنها قصة الصبي في بلاد الأندلس مع الجاسوس الصليبي الذي أُرسل إلى هناك إلى الأندلس أسبانيا حاليـًا بعد الاحتلال الصليبي لها، لما أُرسل ذلك الجاسوس لينظر في أحوال المسلمين، وفي حال شبابهم بالذات، رأى موقفًا يومًا إذا بصبي يبكي بحرقة وبجواره آخر يهدئه فاقترب الجاسوس إلى ذلك الصبي الشاب وقال له الجاسوس الصليبي: يا بني على ماذا تبكي وتذرف الدمع هكذا؟ والشاب لحرقته، ولوعته، وشدة مصابه لا يستطيع أن يتحدث، ولكن ذلك الذي بجواره يحدث الجاسوس وهو لا يعرف أنه جاسوس، وقال هذا صديقي يبكي على سهمه لم يصب به اليوم، وقد كان يصيب عشرة من عشرة، يعني لا يخطئ سهمًا واحدًا، كما تقول طلقة واحدة، يصيب ولا يخطئ، واليوم أصاب تسعة وواحد لم يصبه فهو يبكي على ذلك.
فقال الجاسوس: لا بأس عليك قم وعوض بدلاً من عشرة إحدى عشر، لم تصب ستعوض ذلك الواحد، فرد عليه بعد أن رفع رأسه قائلاً: وهل ينتظرنا الإفرنجي حتى أعوضه بسهم، كما تقول بطلقة أخرى، لن ينتظر، فذهب الجاسوس منكسراً حزينـًا كئيبـًا مبلغـًا دولته الأخرى التي تتربص بالمسلمين، وقال لهم لا تغزوا المسلمين الآن ليس وقت الغزو، الآن الغزو من نوع آخر أرسلوا برامجكم، أرسلوا بناتكم، أرسلوا مغريات حياتكم، أرسلوا شهواتكم، أرسلوا متعكم، أرسلوا مادياتكم، أرسلوا كل شيء إليهم من مفاتن الحياة؛ لتدخل في قلوبهم بدلاً عن الجهاد والمعارك الطاحنة، بدلاً عن هموم الأمة إلى هموم التويتر، والفيسبوك، والسنابشات، والانستجرام، بدلاً من هموم أمة أراد الله لها الخيرية إلى هموم تافهة على شاشات الجوال، أمة بكلها تختصر هناك، أرسلوا ما تريدون وفعلاً أرسلوا بكلمة واحدة "كأس وغانية تفعلان في أمة محمد ما لا يفعله ألف مدفع" وأرسلوا ما أرادوا وبعد سنوات ذلك الجاسوس نفسه أو يشبهه نظر إلى موقف مماثل تمامـًا صبي يبكي وبجواره صديقه يهدئ من روعه، فيقترب الجاسوس منه ويقول ما لك؟ لماذا تبكي؟ فرد عليه: حبيبته تغيبت، أو تأخرت فهو يبكي عليها…
فبعث الجاوس لدولته: الآن وقتهم اعزوهم، وفعلاً جاء الغزو الصليبي وانتهت الأندلس، وأصبحت من الأندلس بلاد الإسلام التي كانت كذلك قرونا إلى بلاد نصرانية أسمها اليوم أسبانيا، بشبابها أسقطوها، بحقارة ما تابعوه، بحقارة ما تعلقوا له، واهتموا به، وأضاعوا وقتهم، وشبابهم لأجله، وأضاعوا همتهم فيه… فإذا اهتم الشباب، الصغار، الكبار، العقلاء، النساء، الذكور، الكل اهتموا بشأن أمتهم رفع الله هذه الأمة، وأعزها، ومكّن لها، وإن اهتموا بشؤون ماديتهم، وحياتهم، وأمورهم، أشغلهم الله بها، ثم ضاعوا وضاعت أمتهم وهلكوا وهلكت الأمة...
-قارنوا بين هذين الموقفين الذي يبكي على برشلونة، والذي يبكي على أنه لم يصب سهمًا وبين عمير بن أبي وقاص وهو أخو سعد، كما جاء في الصحيح، يوم بدر رآه سعد وهو يتوارى من القوم، فقال سعد: يا عمير مالك تتوارى، فقال: أخشى أن يراني رسول الله، ويردني ولا أذهب للمعركة يوم بدر، فأنا أتخفى منه، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فشفع له سعد وتركه النبي؛ لأنه أخبره بأن عمره فوق الخامسة عشرة، فذهب عمير وقال إني أرجو أن يرزقني الله الشهادة وفعلاً كان أول شهيد يوم بدر، هذا موقف لشاب صغير، قل أيضـًا عن يوم أحد يوم جاء الشباب يزدحمون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليذهبوا للقتال، بل ليسوا بشباب قد بلغوا بل كانوا صغارا أمثال عبدالله بن عمر بن الخطاب وأبوسعيد الخدري وأسامة بن زيد ورافع بن خديج وسمرة بن جندب كانوا قبل الخامسة عشر من عمرهم، ولم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم بالغزو في أحد إلا لرافع؛ لأنه كان يحسن الرماية، فلما رآه سمرة قال يا رسول الله قال: يا رسول الله أذنت لرافع ولم تأذن لي، ولو شئت لصرعته، قال تصارعا، ففعلا فصرع سمرة رافعًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبا فذهب سمره وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وذهب رافع أيضـًا لأنه يحسن الرماية، وعاد إلى المدينة عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأبو سعيد وأمثال هؤلاء وهم يبكون ويحترقون لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لهم بالجهاد، وأين نحن وأين شبابنا وبماذا انشغلوا؟ وعلى ماذا يبكون؟ وعلى ماذا يحزنون؟ وعن أي تافه يتحدثون وعلى ماذا يسهرون وعلى أي شي يصبحون… بالرغم أمتنا اليوم في أحوج وأحلك الظروف لشاب واحد ينقذها لينفعها ليخرجها لينصرها بثقافته بعلمه بتعليمه بصناعته بخبراته….بأي شيء كان، يستطيع ذلك الشاب شاب القوة والعزيمة والإرادة ولكن سقط في أوحال الغرب عن بعد بسبب ملاحقات تافهة…
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن الغرب اليوم فهموا الإسلام وخبروه بثغراته، وفهموا ما الذي من قِبله يمكن أن يجرونا إليهم راكعين إلى أقدامهم، إنهم فهموا جيداً إن أعظم ما يمكن أن يغزوا به الأمة وتغزى أمتنا من قِبله هي الماديات، هي الشهوات هي التوافه، والمغريات، هي البرمجيات، هي المسلسلات، هي هذه وتلك من الساقطات، فقربوها للأمة، وأنتجوها باحترافية عظمى وأوجدوها، وصنعوها، واحترفوا فيها؛ لينشغل ذلك الجيل العظيم وتلك الأمة أمة الخيرية بها، وتصبح أمة مستهلكة، أمة تافهة، أمة حقيرة، أمة متلقية، أمة جاهزة لما ينتجون، لقد فهموها كما فهم أبو سفيان أن الماديات هي التي تحدث أثراً في القلوب، أبو سفيان قبل إسلامه وأختم خطبتي بقصته جاءه الأعشى جاهلي كان شاعرا نحريرا بل هو أعظم شعراء الجاهلية آنذاك، وقد رغب في النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته وكان الأعشى في أواخر عمره فمر على أبي سفيان وقال له ألى أين يا أعشى؟ قال أصبحت أريد محمدا ودينه، وأنا داخل فيه، فقال إني أحذرك إياه، وإنه لا يصلح لك، وإنك تعرف ما أنت عليه وما نحن فيه، فقال لا لا أرهب ذلك، قال له أبو سفيان: فإن محمدا يحرم عليك ثلاثـًا لا تقدر على تركها، يحرم عليك الزنا، ويحرم عليك الخمر، ويحرم عليك القمار، قال فأما الزنا فإني شيخ كبير تركني ولم أتركه، وأما الخمر فقد أخذت منها وطري (شبعت)، وأما القمار فلعل الله أن يعوضني خيرا، ففهمها جيدا، ورد على أبي سفيان وأصابه في مقتله، وهذه ماديات مغرية فعلاً ولكنه أنهاها بإجابته، فقال أبو سفيان ألا أدلك على ما هو خير لنا ولك، قال هات، قال أن تعود إلى قومك هذا العام فإنا وإياه في هدنة عد إليه سنة واحدة، ونعطيك مئة ناقة حمراء وهي أعظم نوق العرب، قال أنصفت هاتها وأعود، فذهب أبو سفيان إلى نادي قريش وحدثهم عن ما يريد الأعشى، وبالتالي خسر العرب إعلامهم الأكبر والأعظم على الإطلاق إعلام الشعراء، فجمعوا له مائة ناقة وعاد إلى قومه، وقبل أن يوصل سقط من على جمل منها، ومات وانتهى، وكذلك نحن إن سقطنا في أوحالنا، وفي شهواتنا، وفي مغريات حياتنا، ونسينا عظائم ديننا، ونبينا صلى الله عليه وسلم وما يريد لنا، هلكنا، ومتنا وماتت أمتنا، ونام ديننا… ألا فلنفق من غيبوبتنا، ولنعد بقوة إلى ديننا، ولننتبه لشبابنا، ولأنفسنا ولنعلم على أن نصر ديننا إنما هو من أنفسنا أولاً، فلننتصر عليها وعلى ملذاتها وشهواتها ومتعها: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم}
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199