*في.الهمة.نهضة.الأمة…رسائل.مهمة.للطلاب.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو ...

منذ 2025-05-17
*في.الهمة.نهضة.الأمة…رسائل.مهمة.للطلاب.cc*

#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/ohLhnV-W7Iw

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن الإنسان وليس المسلم وحده ليعجب أعظم العجب وأكبره وأشده، كيف لأناس من وصفوا بالجهل والتخلف والظلام والبطش والانتقام والخصام والشقاق والقتال والتناحر فيما بينهم في زمن يجد ما لا يحصى من هذا الركام والتخلف الأعمى والتيه الذي كانوا عليه، وكانوا أيضـًا فيه كيف انتقلوا من أمة هي هذه التي مرت، إلى أمة يتحكم بها الشرق والغرب، كيف يأتي أناس بهذا الجهل والعمى والضلال والقتال والدماء التي أزهقوها، حتى دماء إخوانهم وأقاربهم تم إزهاقها، ومع هذا فإن أولئك الرجال هم أنفسهم من وصلوا إلى قمة المجد على الإطلاق وفي غضون سنوات قليلات، الذي يهون علينا هذا -وإذا عُرف السبب بطل العجب-، ويبطل عجبنا إذا علمنا على أن هؤلاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ومن حملة الرسالة العظمى، وممن عاصروا أعظم نبي على الإطلاق، ومن حملوا راية الإسلام، ومن أخذوا بشرف القرآن، ومن عمل الليل والنهار من أجل تنفيذ أحكام الإسلام رغمًا عن ذواتهم، فضلاً عن غيرهم، هؤلاء ليسوا وحدهم، بل حقيقة تقول بأن السلف والخلف الذين أخذوا بالمنهج نفسه نجحوا وافلحوا كما فعل أولئك؛ لإنهم عرفوا الطريق وإذا عرف الطريق فإن الانسان لن يضله أبدا؛ لأنه يعرف أن هذا هو سبيل النجاة، والطريقة الوحيد إلى الفلاح…

- هؤلاء العظماء الفضلاء النجباء لما أخذوا بكتاب الله عز وجل وبما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق الأخذ نالوا أعظم الكرامات ووصلوا إلى أسمى الدرجات، وحققوا أغلى الأمنيات في غضون سنوات قليلات، والأمر الذي يجب أن أذكره، والسبب الأعظم وراء هذا الأمر كله، وهذه الرفعة، وهذا الوصول لما وصلوا إليه هي همة وقادة ملكوها في ذوات أنفسهم، فتحركوا نحو ميدان الحياة بهممهم تلك العالية، وإرادتهم تلك الجبارة التي لا يقف دونها واقف، ولا يصل إليها واصل...

- وإذا ملك الإنسان قوة الإرادة، وقوة الانطلاقة فكل شيء لا شيء؛ فهؤلاء ملكوا ما ملكوا في مدة يسيرة، بالرغم ما كانوا عليه، بسبب إرادة جبارة في أنفسهم، في ذواتهم فغيروا ما وراءهم بكل سهولة ويسر، وهذا ربنا يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم﴾، اذا غيّر الإنسان ما بالنفس، استطاع أن يغيّر الكون لا الناس وفقط، وإذا تقاعس الإنسان أمام هذه فإن كل شيء من الصغائر تصبح عظائم أمامه؛ لأنه صُغر عند نفسه فعظم كل شيء أمامه، أما الإنسان الذي كبرت همته وتوسعت مداركه، فإنه يرى كل شيء لا شيء، فإنه يرى العظيم أمام الآخرين صغيرا لديه، يتفُه كل شيء لأنه أصبح فوق كل شيء من صغائر الحياة بما معه من همة وإرادة وعزيمة…

- وكنموذج حي هذا النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه مطارد مشرد محكوم عليه بالإعدام ولو أن يؤتى برأسه أو باي شيء منه أو أي أمر يدل عليه فإن له مئة ناقة، يعني أعظم جائزة عند العرب آنذاك، ومع هذا صلى الله عليه وسلم كان لا يملك من الدنيا بجواره إلا صديق واحد هو الصديق رضي الله عنه، إنه موقف الهجرة، ومع هذا فإنه يقول وبكل عز وفخر وشرف وعظمة وهمة وإرادة، يا سراقة عَمِّ عنا خبر القوم ولك سواري كسرى، مطارد مشرد محكوم عليه بالإعدام… ومع هذا هو يفكر في غير ما يفكرون، ويأمَل من ربه ﷻ غير ما يأملون وقد طنش الجميع؛ لأنه مع رب الجميع، وأعظم عظيم جل جلاله، وعنده أجل كتاب، وخير رسالة فكل شيء يصغر أمامه ولابد.

- بل ليس هذا النموذج وفقط بل قل عن جيل الصحابة قبل إسلامهم الجيل المتخلف الذي ليس لديه شيء من حضارة مادية ولا أسلحة ولا تطور ولا صناعة ولا تكنولوجيا ولا شيء من هذا، لا يملكون الا سيوفا لا زالت محمرة دماء، أنفسهم واقاربهم واحيانـًا على بكر أخينا إذا لم يكن الا أخانا ومع هذا في خلال أقل من خمس وعشرين سنة يخرجهم عليه الصلاة والسلام قادة لأمم الأرض على الإطلاق، أي همة ملكها الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى يفعل في سنوات يسيرة ما يفعله غيره في قرون…

- ولهذا لا إشكال أن تقول: كيف واجه الصديق رضي الله عنه ردة علنية عامة لم يُكبّر آنذاك الا في مسجدين فقط، مسجد مكة، ومسجد المدينة، على خلاف آخر في هجر البحرين على ثلاثة مساجد يؤذن والبقية انتهوا إلى غير إسلام؛ لأنه مات صلى الله عليه وسلم وبالتالي مات دينه، ولكن الصديق قام مع هذا الدين مرة أخرى وقال: "والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه" وهو شيء تافه من الدنيا كيف بردهم هذا الدين، لقاتلتهم عليه حتى تنفرد سالفتي لقاتلناهم حتى ننتهي أو ننتصر…

- أولئك العظماء لما ملكوا همة استصغروا ما أمامهم من ذوات الأرض على الإطلاق، امبراطورية عظيمة تحت أقدامهم ليست بشيء يداس سواري كسرى على أرض المدينة، ويأتي ولا يُذهب إليه، ليس بشيء لأنهم ما ملكوا همة، والإنسان الذي يملك الهمة تهون امامه كل شيء ومن عرف الغاية هانت عليه الوسيلة كما قال ابن الجوزي عليه رحمة الله : "من عرف غايته هانت عليه كل وسيلة أمامه" من عرف على أن بعد بمئة ميل حتى فإن جائزة عالمية سيحصدها لا إشكال لديه أن يتدرب الليل والنهار حتى ولو بلغ الموت ما عنده أي اشكال؛ لأنه يعلم قدر الجائزة، والنفس تعطيك من الهمة بقدر ما تحدد لها من الغرض، فحدد لها أعظم طموح، وأجل أهداف، وأكبر أمنيات، كيف لا وهذا نبيك صلى الله عليه وسلم يخبر عن ربه تعالى: (إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفاسفها)، ويقول: (إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى)، وعلى قدر الشرف يكون الكلف، ونحن أمة عظيمة فينا نبي عظيم وقرآن عظيم…ونعبد العظيم تبارك وتعالى فنحتاج لعظماء ليحملوا راية هذا الدين… والإسلام دين العزة والكرامة والرفعة والعظمة والسمو والجد والاجتهاد لادين الكسل والخمول… ولا يحب ذلك أبدا… وكم تعلمنا: من جدّ وَجَدَ، ومن زرع حصد…

- لما عرف أولئك العظماء قدر ما يطلبون هانت عليهم الحياة بما فيها، ورخصت لديهم النفس الزكية التي لا يمكن حتى للبخيل ولا للغني ولا للكبير ولا للوزير إلا لقلة من الشجعان أن يقدم نفسه قبل كل شيء، إلا أولئك الذين عرفوا على أن الحياة ليست إلا عظائم وإلا فإن الحياة تافهة، وإذا لم يحقق شرفـًا وقدراً وعظمة في الحياة فهو تافه حقـًا، والحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء، وإن لم تزد للدنيا شيئا فأنت زائد عليها... فأنت بين خيارين إما أن تكون تافهًا هامشيًا، أو أن تكون عظيما…

ـ وأذكر لكم نماذج من عظماء أمتنا وإن كانوا بالآلاف حقيقة… هذا الإمام النووي وابن تيمية وابن القيم والشافعي وعظماء أمتنا لو تأملنا في حياتهم على وجه الأرض لوجدنا أنهم لم يتعمروا كثيراً، فقط ما دون الخمسين من أعمارهم، ومع هذا فلا زلنا نذكرهم، وما فعلوا في كل منبر، وعند كل درس، لكن ليست العبرة بقدر ما لبث، بل العبرة بقدر ما ضحى، ليست العبرة بالسابق ولكن العبرة بالصادق، من صدق يفوز ويغلب على من سبق، الصدق قبل الصدق، معاذ رضي الله عنه في خلال سنوات أقل من عشر أو نحوها من السنوات يصل لمرتبة أن يكون أفقه الأمة وأعلمها على الإطلاق حتى يحشر يوم القيامة على العلماء برتوة، علماء الدنيا بما فيها برتوة أي مرتفع على منبر بالرغم أنه قضى سنوات عديدة في التفقه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه عظيم فصغرت لديه العظائم لأنه عظيم أصلا…

- وهذا الإمام النووي عليه رحمة الله وهو صغير يجرجره الأطفال من المسجد لأجل أن يخرج إلى غيره ليلعب معهم فيبكي ويبقى في المسجد ليحفظ فكان النووي الإمام الأجل الغني عن التعريف بالرغم عاش دون الخمسين عاما بكثير... ومن العجيب أنه رفض الزواج لأجل العلم، ورآه تافها أمام ما يطلب، وأنه سيضيع عليه الوقت، وما يطمح، ومثله الإمام ابن تيمية عليه رحمة الله فلم يتزوج، ولما خرج والده في نزهة مع إخوانه طلبوا منه أن يخرج وقال لكم النزهة وعندي نزهة من نوع آخر مع كتاب نزهة الناظر وجنة المناظر في مذهب الإمام أحمد فقرأه في نزهة في البيت، وهم في نزهة خارجه فعادوا، وقد اكمله واستفاد، وماذا استفادوا من رحلتهم…

- همم عظيمة، وقل عن زنكي، والأيوبي، والفاتح وغيرهم كثير ممن حرموا أنفسهم حتى من التبسم ورأوه تافها أمام ما يطلبون فهان عليهم ما يريدون فوصلوا إليه، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم…

- ليس أهل الخير وفقط بل حتى أولئك الناس الذين اهتموا للدنيا، هممهم أوصلتهم لطموحاتهم فلو لم يعمل صاحب المليار دير بهمة لما وصل لما وصل إليه، وقل حتى عن المجرمين والقتلة كهتلر، والحجاج… وهذا أبو مسلم الخراساني الذي أسقط الدولة الأموية اغتم مرة فتأوه حتى كاد السرير أن ينكسر فقالت له أمه مالك يا ولدي؟ قال: همة تناطح السماء قتلتني، قالت: تنالها، فنالها، وأسقط الخلافة الأموية في سنوات، وقل عن المهلب الذي رفض أن يبني له على وجه الأرض دارا وقال أنا لي داران، إما دار في السجن أو دار على الإمارة، أنا إما أمير أو سجين، أنا ثائر دائمـًا إما أثور فأنتصر، وإما أن أسجن، فهذا أنا لا دار لي الا أن أكون شامخـًا أو واطئـًا للحظات لأجل أن أقفز بعدها لما أقفز ولو كان ما كان، ولو بذلت نفسي لأجل أن أصل لطموح…..

سهري لتنقيح العلوم ألذّ لي
من وصل غانية وطيب عناق،

وتنعمي طربـًا على أوصالها
أشهى وأمتع من مدامة ساقي
أأبيت سهران الدجى وتبيته
نومـًا وتبغى بعد ذاك لحاقي
في كلمات منظومة يقولها الإمام الزمخشري عليه رحمة الله مندبا ذلك التلميذ الذي يريد أن يصل إلى ما وصل إليه، مع قلة همته، وتفاهة طموحه، وضعف عزيمته….
أأبيت سهران الدجى وتبيته
نومـًا وتبغى بعد ذاك لحاقي
أنا أبيت سهران الليل مهتما مطلعا قارئا مؤلفا كاتبا مناضلا قائما ساجدا مجاهداً وتبغى بعدا ذلك لحاقي، أولئك اهتموا فاهتم الله لشأنهم، أولئك عظّموا أعمارهم وساعتهم فعظم أمرهم، والله يقول: {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُكرِمٍ}، وأنتم كطلبة علم - طلاب جامعة حضرموت كُليتَي الطب والهندسة- وفي بداية سنة دراسية جديدة أو إستثنائية بما أنتم قد جئتم من بلدان شتى ومن مناطق عديدة لأجل أن تطلبوا العلم، الهمة الهمة هي أعظم دافع على الإطلاق للتفوق للنجاح للفلاح، للوصول إلى أعلى الدرجات، وأسمى الأمنيات، وأرفع الكرامات، وعلى قدر ما تطلبون يجب أن يكون كلفكم، وهمتكم، وتضحياتكم، ومن عرف الغاية هانت عليه الوسيلة، وستنسون التضحية في أول وسام شرف تستلمونه…

- إن من صحت همته، وسمت نفسه، وقويت إرادته، واشتدت عزيمته، تفُه أمامه كل شيء؛ لأنه مهتم، لم يعرف غير الهمة، لم يعرف غير الإرادة، لم يعرف غير العزيمة، يسهر الليل، يقوم النهار، يثابر، يضحي، يجتهد، يتعب، يبذل، ينطلق، يسعى، كل شيء عنده لا شيء، تافه تافه؛ لأنه يطلب العظائم، ومن طلب العظائم فإنه سيضحي بكل عظيم، ويرى على أن ذلك العظيم عنده تافه، وسأذكر لكم نموذجا واحدا لشاب مثلكم ضحّى في طلب العلم، وإن كانوا بالمئات بل الآلاف تجدونهم في كتب السير خاصة المختصة بطلب العلم كصفحات من صبر العلماء أو كتاب ابن عبد البر أو الخطيب البغدادي في الرحلة في طلب العلم…

- والنموذج هو ابن القاسم رحمة الله عليه تلميذ الإمام مالك، وحامل مذهبه، والرقم الأصعب من طلابه، بعد أن تزوج وهو في العشرين من عمره وفي بلاد الأندلس أسبانيا حاليا المحتلة، وكان قد حملت زوجته لم يكن لها غير أشهر معدودة حتى لم يتبين حملها فقال لها: لقد تقت لطلب العلم، والسفر إليه، والرحلة إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الإمام مالك، فأنت يا زوجتي العزيزة بين خيارين إما أن أطلقك فتذهبي إلى أهلك معززة مكرمة، وأنفق عليك، أو أن تبقي في دارك، وإن جاء ولد أن تربيه، وعلي نفقته، قالت: بل أختار دارك، وأبقى فيه، واذهب لطلب العلم، وما أردت، وتجهز لسفره وذهب للإمام مالك للمدينة، وطلب العلم هناك حق الطلب، وفي يوم من الأيام دخل فيل إلى المدينة إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يطأها قبل ذلك، فاستغرب الناس لدخول الفيل إلى المدينة، وخرج الناس جميعا ينظرون إليه؛ لأنه لأول مرة يشاهدون فيلا، وقام إليه جميع طلاب العلم لدى الإمام مالك لك وهم بالمئات بل بالآلاف، إلا ابن القاسم لم يقم، فقال الإمام مالك: قد أذنت لهم جميعـًا ليقوموا فكن أنت معهم وقم قد أذنت لك، وظن الإمام مالك أنه الأدب منعه، فقال: يا إمام أتيت من الأندلس لأجل أن أرى مالكا، وأن آخذ من علمه، ولم آتِ من أجل الفيل، كأنه يقول أنا حددت هدفي، وجلت نفسي، وعظمت إرادتي، وأوضحت طريقي وأهدافي، ورسمت مستقبلي بيدي، فلن ألتفت لأي عائق عن ما أريد وأطمح، لا برامج جوالات، ولا وسائل التواصل الاجتماعي، ولن التفت للأصدقاء والعلاقات الجيدة معهم، وكسب ود مئات، وأنشغل بالتعرف هنا وهناك، ولم اذهب هنا وهناك للتنزه، وقضاء الوقت في التوافه، بل همتي على كتبي، وغرفتي، وميداني عملي، وهمتي أعظم أو اقضي أو اضيع لحظات من عمري في غير هدفي، يا إمام جئت من الأندلس إلى المدينة من أجل ان أرى مالكا وآخذ من علمه وليس الفيل، وبعد عشرين سنة جاء ولده الذي تركه في بطن أمه صغيرا جنينـًا في الأشهر الأولى لم يستبن حتى حمله، فسلم ذلك الشاب البهي الصورة، المفتل العضلات، فسلم على القوم بجوار الإمام مالك جميعـًا ثم قال: أيكم ابن القاسم، قالوا هذا ابن القاسم، قال: أنا ولدك الذي تركتني في بطن أمي جنينـًا، وها هي قد أوصلتك الأمانة، وأنا أطلب العلم لديك، ولدى الإمام مالك أيضًا… وكان بعد ذلك ابن القاسم هو حامل لواء الإمام مالك ومذهبه، وإذا ذُكر ابن القاسم في مذهب الإمام مالك فهو المعمول الأول بقوله، وما دونه ليسوا بشيء؛ وعلى قدر التضحية يكون الخلد، والنجاح، والسمو، والعزة والعظمة… ﴿وَاصبِر فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ﴾، ﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلًا﴾، أقول قولي هذا وأستغفر الله...

ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…

- أيها الشباب الطلاب أردت ان أخصّص لكم هذه الخطبة عن الهمة؛ كوني أعرف عظمتها، وأهميتها، بل ولأمتنا التي تعاني من ويلات، والتي تعاني من تقهقر عظيم، وانبطاح شديد، وهمم ضعيفة، وهمم تافهة صغيرة حقيرة، هم من دون الناس، وإذا كان العلماء يقولون كما نطق عنهم الإمام ابن الجوزي عليه رحمة الله: "إذا كان يمكن الوصول إلى السماء، فإن من الصغار والذل والهوان أن يبقى الإنسان على وجه الأرض"، وإنه والله لمن الذل والهوان والصغار أن نبقى على وجه الأرض بدون عمل لأمتنا، بدون انطلاقة، بدون سعي….

- أمتنا تحتاج اعظم احتياج على الإطلاق لشبابها قبل كهولها، تحتاج إلى هذه الوجوه الطيبة، تحتاج إلى هذه الفئة في كلية الهندسة بأنواعها وتخصصاتها، وكذلك الطب بتخصصاته، أو أي شيء من علوم الأرض، أو الكون، أو الإنسان، أو أي شيء كان، فإن أمتنا في أمس الحاجة إليه، بل ليس في أمس الحاجة، في ضرورة كضرورة الجائع يكاد أن يأكل من الميتة، أو ضرورة الظامئ يكاد أن يموت من العطش ليس أمامه إلا الخمر…

- أيها الشباب أمتنا في قمة احتياجها، بل في الحضيض بل هي على الموت تنتظر من ينتشلها من مأساتها، أريد لها أن تكون في هذه المأساة بدراسة حقيقية واعية وتحتاج إلى شباب عظماء، فأنتم إن شاء الله من يحملون ويعيدون للأمة المجد الذي تناسته، والذي أضاعته، وبهمم أبطالها شبابها بهمم من فيها تعود ويعود إليها المجد، فإلى المجد وإلى الرفعة وإلى العزة بما أنتم فيه، ليكن كل شيء أمامكم ليس شيء؛ لأن الهمة أعظم من كل شيء، فإن وجدتموها وجدتم كل شيء، وإن تولت عنكم وتخليتم عنها فقد تخليتم عن كل شيء،

- لا ترضون بالدون، ولا تكونوا كالذباب لا يقع إلا على القاذورات، ويرضى بالتوافه وأقل الدرجات، أما صاحب الهمة فكالنحلة لا يقع الا على الفضائل والفرائس الجيدة، يستغل وقته، ويجهد نفسه، ويسهر ليله، ويقوم نهاره، ويتعب ساعات عمره، هو كغيره ممن لا همة له كمن يطير بالطيارة بينما غيره يمشي على قدميه، يقولون إن صاحب الهمة يقطع في شهر ما يقطعه غيره في دهر، ألا فلتكن هممكم عالية، وأهدافكم نبيلة، وطموحاتكم سامية عظيمة…

- كونوا خير نماذج لأمتكم، واعلموا أنكم في ثغر من ثغار هذه الأمة فالله الله أن تؤتى من قبلكم، إن الأمة في أمس الحاجة إلى تخصصاتكم، وقد نقل ابن حجر العسقلاني في فتح الباري أن من انتدب نفسه لفرض كفاية على أمة فإن فرض الكفاية قد أصبح في نفسه فرض عين، وأي تفريط في فرض العين فهو إثم، وإن الدراسة والتخصصات التي أنتم ندبتم أنفسكم لها هي بمقام الفرائض الخمس، وإن فرضكم السادس أيها الطلاب هو فرض الدراسة، فلا تنشغلوا بغيره، ولا تهتموا بسواه، ولا تلفتوا لما عداه…

- وتذكروا إن لم تتذكروا تاريخ أمتكم وسمو مجدها فتذكروا، أن أعداء الأمة يضحون بكل غال ورخيص لأجل إنهاء أمتكم، وزوال مجدها، وانتهاء حضارتها: ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، ﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبونَ وَالَّذينَ كَفَروا إِلى جَهَنَّمَ يُحشَرونَ﴾، وأذكر لكم نموذجا واحدا أخيرا لشاب غير مسلم أراد نهضة أمته اليابانية الكافرة ولعل فيه قدوة لتنهضوا بأمتكم إن لم يكن في ابن القاسم، إنه أوساهير الذي ابتعثته دولته اليابان في وقت ما هي فيه من ذل واحتقار العالم بأكمله بعد حادثت نجازاكي وهروشيما والقنابل النووية الأمريكية هناك، فلما بعثته دولته إلى ألمانيا لدراسة أصول الميكانيكا العلمية، ليعود بأمر واحد، وينطلق من أجله هو أن ينقل حضارة أوروبا إلى اليابان، لينقل اليابان من يابان تافهة إلى يابان اليوم، وفعلا عمل ذلك ونقلها بحذافيرها من أوروبا إلى اليابان لتصبح اليابان منافسة أوروبا بل العالم كله، كان شعاره لأجل اليابان يهون كل شيء؛ لأني أنا أطلب اليابان ولا أطلب الألمان، كان يعمل الليل والنهار ولا ينام إلا ما يمكنه مواصلة العمل كما قال وكذلك الأكل، ولا يكتفي بدراسة الجامعة النظري الذي لا يعود بفائدة كبيرة بل يخرج للعمل المهني كعامل في مصاهر الحديد والألمنيوم…من أجل أن يصنع المحركات اليابانية الخالصة، وعاد بعد سنوات بدلاً من أن يذهب الألمانيون به إلى الدراسة والنظريات ذهب لمصاهير يعمل تحت أناس عاديين في الحديد وفي الصلب وفي الألمنيوم ليعود بمحركات عشر ليقل الحاكم لليابان آنذاك الميكادو قال عن صوت المحركات بعد أن اشتغلت هذه اعظم وأفضل وأجل وأجمل عزف موسيقى سمعت حياتي بكلها… فإذا كان أولئك يهدّفون ويفعلون ويجتهدون ويبذلون فأيننا: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاس}،{إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، فالهمة الهمة، والعزيمة العزيمة، والجد الجد…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199

61979ea27ccc8

  • 0
  • 0
  • 11

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً