*دروس.وعبر.من.محنة.المغرب.وليبيا.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي ...
منذ 2025-05-18
*دروس.وعبر.من.محنة.المغرب.وليبيا.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/QbRErm3U8dk?si=W-IJZXxL-u5XbFsB
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 30/ صفر/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الله عز وجل يبتلي خلقه بما شاء، وكيف شاء، في الوقت الذي يشاء، وإن من أعظم الابتلاءات وأشدها، وأخطرها، وأفظعها أيضًا أن يبتلي الله الأمة كلهاء بلاء عامًا، أو أغلب الأمة أو شعبًا، بأكمله، أو دولة بعينها، إنه ينذر بقلق كبير، وينذر ايضًا بعقاب إلهي عظيم، وأن الخطر شديد، والذنب كبير، والغضب الرباني قد عم وطم، وبالتالي فالواجب على أفراد الأمة عامة، وذلك الشعب خاصة مراجعة أنفسهم، ومحاسبتها حسابًا عسيرًا؛ فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾ ولو أنه أخذنا بكل شيء لما بقينا أبدا ﴿وَلَو يُؤاخِذُ اللَّهُ النّاسَ بِظُلمِهِم ما تَرَكَ عَلَيها مِن دابَّةٍ...َ﴾ أي دابة تدب على ظهرها ما تركها، لذنوب ولجرائم الناس ولمعاصيهم أيضًا دون إحداث توبة منهم، ومراجعة حقيقية لأنفسهم، ومحاسبة تردعهم، بل إذا كان الله عز وجل قد قال للصحابة الكرام وهم الصحابة خير القرون على الإطلاق وأفضل الناس بعد الأنبياء بإجماع: ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير}، وإذا كان الخطاب من الله جل وعلا للصحابة الكرام فماذا عني، وعنك، وعن الآخرين، وفي زماننا هذا على العموم، وما هي ذنوبنا، وما كسبته أيدينا، وما اجترحناه!.
- فالواجب علينا أن نراجع أنفسنا، وأن نعود لربنا، وأن لا تُؤتى أمتنا من قبلنا، ولا يهلك غيرنا بسببنا، ولا يصاب الناس من قبلنا؛ فكلنا على ثغر من ثغور أمتنا فإن أحسنا حراسته فلن تؤتى منه، ولن يغزوها أحد من بوابته، فاحرسوا ثغوركم، واحذروا أن تؤتى أمتكم من قبلكم.
- ألا وإن أحدث مصيبة أصيبت بها الأمة خلال الأيام الأخيرة ما سمعنا من زلزال مدمر في المغرب أو بالكارثة العظمى التي حلت على ليبيا الشقيقة بالسيول الجارفة، والفيضانات العميمة، والتي راح ضحية هذه عشرات الآلاف من البلدين الشقيقين، إنها مصيبة عامة ليست خاصة، ومعناه فالواجب على الناس أن يراجعوا أنفسهم عامة ليس خاصة وفقط؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ فهي تعم الناس جميعًا، خاصة إذا جاهروا بالمعصية، وبارزوا الله بها علانية: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ أَوَلَم يَهدِ لِلَّذينَ يَرِثونَ الأَرضَ مِن بَعدِ أَهلِها أَن لَو نَشاءُ أَصَبناهُم بِذُنوبِهِم وَنَطبَعُ عَلى قُلوبِهِم فَهُم لا يَسمَعونَ﴾، إنها قصتنا باختصار شديد، وخطب وجيز، بل قل عن قول ربنا العزيز: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ أَو يَأخُذَهُم في تَقَلُّبِهِم فَما هُم بِمُعجِزينَ أَو يَأخُذَهُم عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُم لَرَءوفٌ رَحيمٌ﴾، إنها سنن الله جلا وعلا: ﴿فَهَل يَنظُرونَ إِلّا سُنَّتَ الأَوَّلينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبديلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحويلًا﴾، ووالله ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة، وهذا البلاء قد نزل، فأين التوبة التي بها يرفع ربنا تبارك وتعالى ما حل بنا، ونزل بساحتنا، وسخطه الذي نزل علينا.
- ويكفينا من هذه الابتلاءات والمصائب والنكبات أعظم درس، وأجل تذكرة، وأعظم عبرة: ﴿فَاعتَبِروا يا أُولِي الأَبصارِ﴾، ﴿وَما نُرسِلُ بِالآياتِ إِلّا تَخويفًا﴾، فما بالنا لا نعتبر، ولماذا لا نتعظ وننزجر، أم تراه صدق فينا قول ربنا عز وجل: ﴿وَنُخَوِّفُهُم فَما يَزيدُهُم إِلّا طُغيانًا كَبيرًا﴾، ألا فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من انتظر حتى يكون عبرة لغيره: ﴿لِنَجعَلَها لَكُم تَذكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾.
- وهنا في نهاية خطبتي الأولى أنبه أننا لا نعمم الذنوب على الجميع؛ فلا شك ولا ريب على أن العذاب العام بل والفتنة والمحنة والاختبار والامتحان من الله تعالى قد يكون على بعضهم على سبيل التمحيص، والرفعة، والشهادة كل هذا كائن، أما المذنب والعاصي فهو تمحيص له، وعقاب على ذنبه، ولهذا قال الله عز وجل للصحابة الكرام: ﴿وَلِيَعلَمَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ﴾، فابتليتكم بالقتل لآخذ منكم شهداء، واصطفيهم بها، ثم قال بعدها مباشرة: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَمحَقَ الكافِرينَ﴾ الكافر لا تصيبه هذه المصائب بكثرة؛ لأن الله عز وجل قد أخر عليه عذابه ونقمته وسخطه وغضبه في الآخرة، أما المؤمن والمسلم فإنه يبتليه في الدنيا ليرفع عنه عذاب الآخرة أو يخفف عنه ولذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله كما عند أبي داوود وغيره وحسنه الألباني وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا القتل، والزلازل، والفتن"، ولشدة الحر، وكثرة من هو في الشمس، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…:
- الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ﴾ ليبلونكم فهي بلوى ربانية، ومحنة إلهية، نتلقاها بكل رحابة صدر، ونسلم بها دونما ضيق وقلق، وقد ابتلي إخواننا في المغرب وفي ليبيا أخيراً بهذه الكوارث العظيمة، والمصائب العميمة، والمصائب الجليلة، التي أخذت آلاف النفوس، وفجع بها مئات الألوف، بل ملايين من الأمة، إنها مصيبة عامة يجب على الناس أن يرددوا إذا أرادوا أن يرحمهم الله وأن يهديهم الله وأن يأجرهم الله كما حدثنا جلا وعلا: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾ ، فالعودة إلى الله، والصبر على قضاء الله، والدعاء والتضرع لله عز وجل أبواب كثيرة لرفع العقوبة؛ فإنه جل وعلا قد أخبرنا في كتابه الكريم بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَومٍ سوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُم مِن دونِهِ مِن والٍ}، وقال: ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَأَنَّ اللَّهَ سَميعٌ عَليمٌ﴾، فالتغيير مطلوب منا جميعًا، والمراجعة أيضًا مطلوبة بل وواجبة وسريعة؛ فقد ربما بذنبي وبذنبك وبذنب فلان وفلان ربما أصيبوا بما أصيبوا به، ونزل عليهم الهلاك بذنوبنا….
- ورضي الله عن الفاروق عمر لما سُمعت زلزلة يسيرة في المدينة تحركت منها الأسرة قال يا أهل المدينة: ماذا أحدثتم، ماذا فعلتم، ماذا صنعتم، بأي ذنب أتينا، من أي رجل أصبنا، بسبب من نزل علينا؟ يا أهل المدينة والله لو زلزلت المدينة مرة أخرى ما ساكنتكم فيها أبدا، وهو يخاطب أفضل وأعظم وأورع وأزهد وأتقى جيل عرفته البشرية على الإطلاق بعد الأنبياء، ما الذي أحدثوا، وما هو الذي أصابهم، وبأي ذنب أصابهم جل وعلا، ما هي المعصية، ما هي الكبيرة، ما هي تلك الذنوب؟ مراجعة لأنفسهم؛ لأنه يعلم ما في كتاب الله على أنه ما من مصيبة نصاب بها إلا بسبب أنفسنا ولا غير أنفسنا: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾.
- فيا أيها الإخوة التوبة التوبة، والمراجعة المراجعة، والمحاسبة لأنفسنا حتى لا نظلم غيرنا بذنوبنا وبمعاصينا فيعم العقاب، وينزل العذاب: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً...ِ﴾ والواجب علينا أيضًا الدعاء لإخواننا سواء الشهداء بأن يتقبلهم الله، أو الجرحى بأن يشفيهم الله، أو بالمفقودين بأن يخرجهم الله، أو أولئك الذين أصابهم من الرعب والقلق والخوف والجوع ما أصابهم أن يلطف بهم ويصبرهم، ويجبر مصابهم، فعلينا الدعاء عامة وسنصلي على الشهداء الذين قضوا في هذه المأساة الكبيرة في المغرب وفي ليبيا صلاة الغائب عليهم بعد صلاة الجمعة، فصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/QbRErm3U8dk?si=W-IJZXxL-u5XbFsB
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 30/ صفر/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الله عز وجل يبتلي خلقه بما شاء، وكيف شاء، في الوقت الذي يشاء، وإن من أعظم الابتلاءات وأشدها، وأخطرها، وأفظعها أيضًا أن يبتلي الله الأمة كلهاء بلاء عامًا، أو أغلب الأمة أو شعبًا، بأكمله، أو دولة بعينها، إنه ينذر بقلق كبير، وينذر ايضًا بعقاب إلهي عظيم، وأن الخطر شديد، والذنب كبير، والغضب الرباني قد عم وطم، وبالتالي فالواجب على أفراد الأمة عامة، وذلك الشعب خاصة مراجعة أنفسهم، ومحاسبتها حسابًا عسيرًا؛ فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾ ولو أنه أخذنا بكل شيء لما بقينا أبدا ﴿وَلَو يُؤاخِذُ اللَّهُ النّاسَ بِظُلمِهِم ما تَرَكَ عَلَيها مِن دابَّةٍ...َ﴾ أي دابة تدب على ظهرها ما تركها، لذنوب ولجرائم الناس ولمعاصيهم أيضًا دون إحداث توبة منهم، ومراجعة حقيقية لأنفسهم، ومحاسبة تردعهم، بل إذا كان الله عز وجل قد قال للصحابة الكرام وهم الصحابة خير القرون على الإطلاق وأفضل الناس بعد الأنبياء بإجماع: ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير}، وإذا كان الخطاب من الله جل وعلا للصحابة الكرام فماذا عني، وعنك، وعن الآخرين، وفي زماننا هذا على العموم، وما هي ذنوبنا، وما كسبته أيدينا، وما اجترحناه!.
- فالواجب علينا أن نراجع أنفسنا، وأن نعود لربنا، وأن لا تُؤتى أمتنا من قبلنا، ولا يهلك غيرنا بسببنا، ولا يصاب الناس من قبلنا؛ فكلنا على ثغر من ثغور أمتنا فإن أحسنا حراسته فلن تؤتى منه، ولن يغزوها أحد من بوابته، فاحرسوا ثغوركم، واحذروا أن تؤتى أمتكم من قبلكم.
- ألا وإن أحدث مصيبة أصيبت بها الأمة خلال الأيام الأخيرة ما سمعنا من زلزال مدمر في المغرب أو بالكارثة العظمى التي حلت على ليبيا الشقيقة بالسيول الجارفة، والفيضانات العميمة، والتي راح ضحية هذه عشرات الآلاف من البلدين الشقيقين، إنها مصيبة عامة ليست خاصة، ومعناه فالواجب على الناس أن يراجعوا أنفسهم عامة ليس خاصة وفقط؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ فهي تعم الناس جميعًا، خاصة إذا جاهروا بالمعصية، وبارزوا الله بها علانية: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ أَوَلَم يَهدِ لِلَّذينَ يَرِثونَ الأَرضَ مِن بَعدِ أَهلِها أَن لَو نَشاءُ أَصَبناهُم بِذُنوبِهِم وَنَطبَعُ عَلى قُلوبِهِم فَهُم لا يَسمَعونَ﴾، إنها قصتنا باختصار شديد، وخطب وجيز، بل قل عن قول ربنا العزيز: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ أَو يَأخُذَهُم في تَقَلُّبِهِم فَما هُم بِمُعجِزينَ أَو يَأخُذَهُم عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُم لَرَءوفٌ رَحيمٌ﴾، إنها سنن الله جلا وعلا: ﴿فَهَل يَنظُرونَ إِلّا سُنَّتَ الأَوَّلينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبديلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحويلًا﴾، ووالله ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة، وهذا البلاء قد نزل، فأين التوبة التي بها يرفع ربنا تبارك وتعالى ما حل بنا، ونزل بساحتنا، وسخطه الذي نزل علينا.
- ويكفينا من هذه الابتلاءات والمصائب والنكبات أعظم درس، وأجل تذكرة، وأعظم عبرة: ﴿فَاعتَبِروا يا أُولِي الأَبصارِ﴾، ﴿وَما نُرسِلُ بِالآياتِ إِلّا تَخويفًا﴾، فما بالنا لا نعتبر، ولماذا لا نتعظ وننزجر، أم تراه صدق فينا قول ربنا عز وجل: ﴿وَنُخَوِّفُهُم فَما يَزيدُهُم إِلّا طُغيانًا كَبيرًا﴾، ألا فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من انتظر حتى يكون عبرة لغيره: ﴿لِنَجعَلَها لَكُم تَذكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾.
- وهنا في نهاية خطبتي الأولى أنبه أننا لا نعمم الذنوب على الجميع؛ فلا شك ولا ريب على أن العذاب العام بل والفتنة والمحنة والاختبار والامتحان من الله تعالى قد يكون على بعضهم على سبيل التمحيص، والرفعة، والشهادة كل هذا كائن، أما المذنب والعاصي فهو تمحيص له، وعقاب على ذنبه، ولهذا قال الله عز وجل للصحابة الكرام: ﴿وَلِيَعلَمَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ﴾، فابتليتكم بالقتل لآخذ منكم شهداء، واصطفيهم بها، ثم قال بعدها مباشرة: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَمحَقَ الكافِرينَ﴾ الكافر لا تصيبه هذه المصائب بكثرة؛ لأن الله عز وجل قد أخر عليه عذابه ونقمته وسخطه وغضبه في الآخرة، أما المؤمن والمسلم فإنه يبتليه في الدنيا ليرفع عنه عذاب الآخرة أو يخفف عنه ولذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله كما عند أبي داوود وغيره وحسنه الألباني وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا القتل، والزلازل، والفتن"، ولشدة الحر، وكثرة من هو في الشمس، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…:
- الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ﴾ ليبلونكم فهي بلوى ربانية، ومحنة إلهية، نتلقاها بكل رحابة صدر، ونسلم بها دونما ضيق وقلق، وقد ابتلي إخواننا في المغرب وفي ليبيا أخيراً بهذه الكوارث العظيمة، والمصائب العميمة، والمصائب الجليلة، التي أخذت آلاف النفوس، وفجع بها مئات الألوف، بل ملايين من الأمة، إنها مصيبة عامة يجب على الناس أن يرددوا إذا أرادوا أن يرحمهم الله وأن يهديهم الله وأن يأجرهم الله كما حدثنا جلا وعلا: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾ ، فالعودة إلى الله، والصبر على قضاء الله، والدعاء والتضرع لله عز وجل أبواب كثيرة لرفع العقوبة؛ فإنه جل وعلا قد أخبرنا في كتابه الكريم بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَومٍ سوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُم مِن دونِهِ مِن والٍ}، وقال: ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَأَنَّ اللَّهَ سَميعٌ عَليمٌ﴾، فالتغيير مطلوب منا جميعًا، والمراجعة أيضًا مطلوبة بل وواجبة وسريعة؛ فقد ربما بذنبي وبذنبك وبذنب فلان وفلان ربما أصيبوا بما أصيبوا به، ونزل عليهم الهلاك بذنوبنا….
- ورضي الله عن الفاروق عمر لما سُمعت زلزلة يسيرة في المدينة تحركت منها الأسرة قال يا أهل المدينة: ماذا أحدثتم، ماذا فعلتم، ماذا صنعتم، بأي ذنب أتينا، من أي رجل أصبنا، بسبب من نزل علينا؟ يا أهل المدينة والله لو زلزلت المدينة مرة أخرى ما ساكنتكم فيها أبدا، وهو يخاطب أفضل وأعظم وأورع وأزهد وأتقى جيل عرفته البشرية على الإطلاق بعد الأنبياء، ما الذي أحدثوا، وما هو الذي أصابهم، وبأي ذنب أصابهم جل وعلا، ما هي المعصية، ما هي الكبيرة، ما هي تلك الذنوب؟ مراجعة لأنفسهم؛ لأنه يعلم ما في كتاب الله على أنه ما من مصيبة نصاب بها إلا بسبب أنفسنا ولا غير أنفسنا: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾.
- فيا أيها الإخوة التوبة التوبة، والمراجعة المراجعة، والمحاسبة لأنفسنا حتى لا نظلم غيرنا بذنوبنا وبمعاصينا فيعم العقاب، وينزل العذاب: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً...ِ﴾ والواجب علينا أيضًا الدعاء لإخواننا سواء الشهداء بأن يتقبلهم الله، أو الجرحى بأن يشفيهم الله، أو بالمفقودين بأن يخرجهم الله، أو أولئك الذين أصابهم من الرعب والقلق والخوف والجوع ما أصابهم أن يلطف بهم ويصبرهم، ويجبر مصابهم، فعلينا الدعاء عامة وسنصلي على الشهداء الذين قضوا في هذه المأساة الكبيرة في المغرب وفي ليبيا صلاة الغائب عليهم بعد صلاة الجمعة، فصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books