*بلاء.غزة.هل.مر.بالأمة.مثله.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي ...
منذ 2025-05-19
*بلاء.غزة.هل.مر.بالأمة.مثله.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/12795
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 16/ جمادى الثانية/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الله تبارك وتعالى قد اختصر الأمور في آية واحدة من كتابه الكريم وكل آياته محكمات، وعظيمات، وفيها أكبر، وأعظم، أبلغ العظات، إنها في سورة محمد صلى الله عليه وسلم، أو في سورة القتال عند كثير من علماء الإسلام كانوا يسمونها كذلك، وكان ابن عباس يطلق عليها ذلك، إنها سورة القتال التي قال الله تبارك وتعالى فيها: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾ إنه ابتلاء في بتلاء في ابتلاء، وتمحيص في تمحيص في تمحيص، وبما يريد الله تبارك وتعالى يبتلي أفراد الأمة بما شاء، ويبتلي مجموع الأمة بما شاء، وكيف شاء، وفي الوقت الذي يشاء تبارك وتعالى، ولكن المختصر الشديد لهذا الابتلاء بكله سواء كان على الأفراد، أو كان على المجتمعات، أو كان على الدول، والشعوب، أو كان على الأمة بمجموعها فردًا فردًا، فإن الاختصار لذلك بكله: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾…
- ولهذا كان السلف الصالح يهابون هذه الآية أيما هيبة، ويخافون منها أيما خوف، ويرتجفون لها، ويتعظون بما فيها، ويدققون في تفاصيلها، وكانوا يدعون ويصرخون: يا ربنا اللهم إنا نعوذ بك أن تبتلي أخبارنا: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾، بنختبر ونختبر، ونمتحن ونكرر من أجل هذا كله فمن الصابر، ومن المجاهد؟ ومن المرابط، ومن الثابت؟ ومن ذلك الذي ابتلاه الله، وامسح ظهر ناجحًا في ذلك الامتحان؟ من ذلك التقي؟ الذي يظهر وتظهر تقواه؟ ثم إذا ما وصلت فتنة فإنه يقع فيها، من ذلك المصلي، القائم، القانت، العابد، من ذلك الذاكر لله، ومن إذا ما واجهته فتنة من الفتن فإنه يصبر، فإنه يحتسب، فإنه ينجح في الاختبار، فإنه يكون مجاهداً حقًا، إنهم قليل من الناس، سواء كان بامتحان في صحة، أو بامتحان بفقر، أو بامتحان في ولد أو بامتحان في دراسته أو بامتحان في عمره أو في امتحان في أي شيء كان منه فإنه يواجه ذلك البلاء بصدر رحب…
- وانظروا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم كيف علّمنا أكبر وأفضل تعليم، وأبلغ وأعظم تعليم، وفي أعظم وأشد الصعوبات التي وجهها النبي صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري أن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلنا: ألا تدعو الله لنا؟ فقعد وهو محمر وجهه وقال : "كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بمنشار، فيوضع فوق رأسه، فيشق باثنين، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" رواه البخاري، وأمتنا اليوم بأفرادها، ومجموعها تعاني من الضعف، وربما معه اليأس، واستعجال النصر…
- إن الواجب على الأمة اليوم أن تعد عدتها، وأن تعود إلى ربها لتنال منه كرامتها، وتستعيد بذلك مجدها، وتخرج من ركامها، ولا تفقد الأمل بمولاها جل وعلا، ولهذا علمنا صلى الله عليه وسلم في وقت الشدة أن نكون أقوياء في إيماننا، وفي صلاحنا، وفي خيرنا، وعلاقتنا بربنا، وأن نذلل المستحيل لأجل الأمل الذي ننتظر تحقيقه لهذا الدين وانظروا معي لنموذج الأحزاب المعركة الأشد على المسلمين التي لم يمر ولن يمر على الأمة أعظم منها؛ لأنها اجتمعث العرب قاطبة واليهود من الداخل والخارج، والمنافقون معهم للقضاء على الإسلام الكائن في المدينة وحدها لا مثل اليوم أكثر من ملياري مسلم، وجهزوا جيشا جرارا يفوق من في المدينة رجالا ونساء وصغارا وكبارا... بل الحيوانات أيضا، صورها القرآن: ﴿إِذ جاءوكُم مِن فَوقِكُم وَمِن أَسفَلَ مِنكُم وَإِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللَّهِ الظُّنونا هُنالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنونَ وَزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا﴾ لكنه صلى الله عليه وسلم واجه ذلك بقمة الأمل قال أحد الصحابة: حين أمرنا رسول الله ﷺ بحفر الخندق، عرض لنا فى بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة، لا تأخذ فيها المعاول، فشكوا ذلك إلى رسول الله ﷺ، فلما رآها أخذ المعول وقال: "بسم الله" وضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إنى لأبصر قصورها الحمر إن شاء الله" ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر، فقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إنى لأبصر قصر المدائن الأبيض"، ثم ضرب الثالثة فقال: "بسم الله" فقطع بقية الحجر، فقال: "الله أكبر أُعطيت مفاتيح اليمن، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة…
ـ فحوّل صلى الله عليه وسلم تلك المحنة والبلاء إلى منحة، ورفعة، وأمل، إنه النبي صلى الله عليه وسلم فماذا عن الصحابة؟ انظروا إليهم في غزوة ذات الرقاع التي ما سميت بذلك كما في البخاري ومسلم إلا لأنهم رضي الله عنهم تشققت أقدامهم، وسقطت أظافرهم؛ لكثرة أحجارها الحادّة التي أثّرت على أقدامهم فاصطروا للفّ الخِرَق والجلود على الأرجل، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "وكنا نلفّ على أرجلنا الخِرَق، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع"، فكان ما كانفيها من شدة وتعب، ومع هذا عادوا منتصرين على عدوهم والأهم على المنافقين الذين لم يخرجوا في غزوة أكبر مما خرجوا من غزوة ذات الرقاع الذي قال عن الصحابة وعن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبدالله بن ابي رأس المنافقين: إنما مثلنا ومثل هؤلاء كمثل من قال سمّن كلبك يأكلك، ويعنب بهم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين جاءوا من مكة مهاجرين؛ لأنه وقعت مشكلة، وأججوا فتنة بين الأنصار الأوس والخزرج، وقال ابن أبي: أما وقد فعلوها لأن عدت إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ويعني نفسه أنها الأعز والنبي هو الأذل كما سجلها القرآن: ﴿يَقولونَ لَئِن رَجَعنا إِلَى المَدينَةِ لَيُخرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسولِهِ وَلِلمُؤمِنينَ وَلكِنَّ المُنافِقينَ لا يَعلَمونَ﴾، ثم كان بعدها ما كان نهاية عبدالله ابن سلول ونهاية أصحابه إلا ما قل منهم جدا…
- لقد ابتلوا فصبروا، لقد امتحنوا فثبتوا ونجحوا، لقد جاءتهم الهزائم من كل جهة لكنهم رضوان الله عليهم كانوا أكبر منها واعظم، وانظر إليهم في اليرموك والقادسية التي واجهوا فيهما أعظم ما واجه الناس جميعا، وأعظم معارك العرب والعجم قاطبة، إنها إسقاط الامبراطورية الفارسية، والرومانية، ومع هذا كان عددهم لا يتجاوزوا حتى عشر معشار ما لعدوهم من عدد وعدة، وأيضا دراية بالأرض ومع هذا كان معهم الله، وشعارهم قول الله: {إنّ اللَّهَ مَعَنَا}، فما هُزموا، وما خابوا، وما خسروا، وما فشلوا، وما رسبوا عليهم رضوان الله، إنهم صحابة رسول الله الذين حملوا مع آلامهم وجراحاتهم حملوا هم الدين والجهاد في سبيل الله والصبر والمجاهدة وبالتالي انتصروا وثبتوا وكان مكان…
- واليوم أسطورة التاريخ غزة العزة والكرامة وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع تضرب أروع البطولات، والصبر، والثبات، والتضحية، والكرامة، والإباء، وتتحدى العالم أجمع، وتقاوم الدنيا كلها بما معهم من جيوش وعدة وعتاد، بل أمريكا والدول الخامس، ومجلس الأمن، وكل الدنيا، ومع هذا انظروا لما ضربوا في التاريخ من صورة رائعة أبهرت الدنيا كلها حتى لقد جاء في تقارير عالمية لعل كثير منكم شاهدها إن كان يتتبعها على أن مئات بل الآف من الغرب قد أسلموا بسبب أحداث غزة، وأرادوا التعرف على دين يجعل أتباعه بهذا المستوى؛ لأنهم رأوا الصبر، لأنهم رأوا الأمل، لأنهم رأوا ما لم يتخيلوا أمام هذا الصلف الصهيوني الفاجر، والإرهابي الغاشم، والعدو الأمريكي الظاهر، وكل العالم المتخاذل والمتآمر، ومع هذا يصبرون بكل ما تعنيه الكلمة من صبر، وثبات، ورباطة جأش، بينما يقتل القتيل من الصهاينة فتقوم الأرض، بل هم يستجدون الشرق والغرب في هذه اللحظة لأجل حيقاف الحرب ولكن بشيء يحفظ لهم ماء الوجه سواء عسكري، أو مخابراتي، أو سياسي، لكنهم عجزوا وسيعجزون، لكنهم ندموا وسيندمون، لكنهم خسروا وسيخسرون، لكنهم خرجوا وسيخرجون…
- وسينتهون من هذه الأرض المقدسة حتمًا، وسيخرجون منها بإذن الله قريبًا، فإنها تبتلع كل أعدائها، فإنها تنهي كل من غزاها، لأنها تفضح كل من تآمر عليها، هكذا عهدناها، إنها أرض مباركة كما وصفها الله في كتابه الكريم، والمباركة لا تحمل الخبائث: ﴿سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ﴾ وفي سورة الأنبياء لما هاجر ابراهيم ولوط عليهما السلام إليها قال ﴿وَنَجَّيناهُ وَلوطًا إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها لِلعالَمينَ﴾، وسليمان عليه السلام: ﴿وَلِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تَجري بِأَمرِهِ إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها وَكُنّا بِكُلِّ شَيءٍ عالِمينَ﴾، هكذا هي تلك الأرض فلا يبقى خبيث ولا تحتمل الخبائث أبدا منذ تاريخها في بداية الإسلام إلى نهاية هذه الأرض والدنيا على الإطلاق، أقول قولي هذا وأستغفر الله…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن احداث غزة ومحنة غزة والفتنة العظيمة التي نراها على أرض الإسراء والمعراج ليست بجديدة على الأمة، لقد مرت بالأمة أحداث كبرى، وفتن عظمى، ليست وحسب ما سبق وذكرنا في خطبتنا الأولى، بل هناك غيرها وأشد منها حتى قال عنها ابن الأثير عليه رحمة الله (فلو قال قائلٌ إن العالم منذُ خلق الله آدم وإلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا يدانيها، وقال: ولعل الخلائق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج)، يعني بها اقتحام واجتياح التتار لبغداد، وبلاد الإسلام عامة والذين قدموا من جهة الصين حتى وصلوا لقلب العالم العربي، وقتلوا على طريقهم ملايين الملايين حتى لم يتبق من الناس هناك إلا أفراد لقد استأصل الناس ووصل إلى بغداد وفيها أكبر تجمع سكاني في الأرض أكثر من مليوني رجل وامرأة، فأبادهم جميعًا غير عشرات…
- ثم جاء بعده ما جاء من أحداث قال عنها العلماء ومنها ابن الأثير وابن كثير عليهم رحمة الله على أن من نجا منهم دخلوا في القبور، ودخلوا أيضا في الحشوش يعني البيارات وأنقل كلام ابن كثير: (ودخل كثيرٌ من الناس في الآبار، وأماكن الحشوش، والوسخ، وكمنوا أيامًا لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب، فيفتحها التتار إما بالكسر أو بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجرى الميازيب من الدماء في الأزقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب، ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوفٍ وجوع، وأُعمل السيف في أهل بغداد أربعين يوماً، وكان الرجل يُستدعى من دار الخلافة من بني العباس الخلفاء فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى المقبرة فيذبح كما تذبح الشاة، ويأسرون من يختارون من بناته وجواريه، ولما انقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها والقتلى في الطرقات كأنها التلول، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء فحصل بسبب ذلك الوباء الشديد، حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام، فمات خلقٌ كثير في بلاد الشام مِن تغير الجو وفساد الريح، واجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون، لما نودي بـ بغداد الأمان وأنهى جيش التتار مهمته خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير كأنهم الموتى إذا نبشوا، وقد أنكر بعضهم بعضاً، فلا يعرف الوالد ولده، ولا الأخ أخاه، وأخذ الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى)…
- فهل رأيتم بلاء ومحنة أعظم من هذه، وشدة أكبر من هذه، ونازلة أطم من هذه، لكن ماذا عن المجاعة الشديدة التي قال عنها ابن حجر: (وقع في الشام غلاءٌ عظيم، واستمرت الشدة حتى أكلوا الميتات، ووقع أيضاً في حلب حتى بيع المكوك بثلاثمائة إلى أن بلغ الألف؛ حتى أكلوا الميتة والقطط والكلاب، وباع كثيرٌ من المقلين أولادهم، وافتقر خلقٌ كثير، ويقال إن بعضهم أكل بعضاً حتى أكل بعضهم ولده، ثم عقب بعد ذلك الوباء، ففني خلقٌ كثير حتى كان يدفن العشرة والعشرون في قبر بغير غسلٍ ولا صلاةٍ ويقال: إن ذلك دام في بلاد الشام ثلاث سنين)، وقال ابن كثير: (وأكلت القطط والكلاب والميتات والجيفات، وتماوت الناس في الطرقات، وعجزوا عن التغسيل والتكفين والإقبار، فكانوا يلقون موتاهم في الآبار حتى أنتنت المدينة وضجر الناس، فإنا لله وإنا إليه راجعون).
- إنها كوارث عظمى لم يكن يتوقع أنها تعود أمة محمد صلى الله عليه وسلم أبدا، ولن تقوم لهم قائمة بتاتًا، وسينتهون لأبد الآبدين قطعًا، لكنها عادت وبقيت وأفضل وأعظم، وستظل هكذا إلى قيام الساعة وقد بشرنا صلى الله عليه وسلم بقوله: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر"، وقال: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض".
- فيا أيها الإخوة البلاء لابد منه في هذه الدنيا ﴿لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا﴾، ولكن من ينجح، ولكن من يصبر ،ولكن من يحتسب، ولكن من ذلك الذي يجاهد: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾، وفوق هذا: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾ فإنا لله وانا اليه راجعون، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/12795
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 16/ جمادى الثانية/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الله تبارك وتعالى قد اختصر الأمور في آية واحدة من كتابه الكريم وكل آياته محكمات، وعظيمات، وفيها أكبر، وأعظم، أبلغ العظات، إنها في سورة محمد صلى الله عليه وسلم، أو في سورة القتال عند كثير من علماء الإسلام كانوا يسمونها كذلك، وكان ابن عباس يطلق عليها ذلك، إنها سورة القتال التي قال الله تبارك وتعالى فيها: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾ إنه ابتلاء في بتلاء في ابتلاء، وتمحيص في تمحيص في تمحيص، وبما يريد الله تبارك وتعالى يبتلي أفراد الأمة بما شاء، ويبتلي مجموع الأمة بما شاء، وكيف شاء، وفي الوقت الذي يشاء تبارك وتعالى، ولكن المختصر الشديد لهذا الابتلاء بكله سواء كان على الأفراد، أو كان على المجتمعات، أو كان على الدول، والشعوب، أو كان على الأمة بمجموعها فردًا فردًا، فإن الاختصار لذلك بكله: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾…
- ولهذا كان السلف الصالح يهابون هذه الآية أيما هيبة، ويخافون منها أيما خوف، ويرتجفون لها، ويتعظون بما فيها، ويدققون في تفاصيلها، وكانوا يدعون ويصرخون: يا ربنا اللهم إنا نعوذ بك أن تبتلي أخبارنا: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾، بنختبر ونختبر، ونمتحن ونكرر من أجل هذا كله فمن الصابر، ومن المجاهد؟ ومن المرابط، ومن الثابت؟ ومن ذلك الذي ابتلاه الله، وامسح ظهر ناجحًا في ذلك الامتحان؟ من ذلك التقي؟ الذي يظهر وتظهر تقواه؟ ثم إذا ما وصلت فتنة فإنه يقع فيها، من ذلك المصلي، القائم، القانت، العابد، من ذلك الذاكر لله، ومن إذا ما واجهته فتنة من الفتن فإنه يصبر، فإنه يحتسب، فإنه ينجح في الاختبار، فإنه يكون مجاهداً حقًا، إنهم قليل من الناس، سواء كان بامتحان في صحة، أو بامتحان بفقر، أو بامتحان في ولد أو بامتحان في دراسته أو بامتحان في عمره أو في امتحان في أي شيء كان منه فإنه يواجه ذلك البلاء بصدر رحب…
- وانظروا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم كيف علّمنا أكبر وأفضل تعليم، وأبلغ وأعظم تعليم، وفي أعظم وأشد الصعوبات التي وجهها النبي صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري أن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلنا: ألا تدعو الله لنا؟ فقعد وهو محمر وجهه وقال : "كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بمنشار، فيوضع فوق رأسه، فيشق باثنين، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" رواه البخاري، وأمتنا اليوم بأفرادها، ومجموعها تعاني من الضعف، وربما معه اليأس، واستعجال النصر…
- إن الواجب على الأمة اليوم أن تعد عدتها، وأن تعود إلى ربها لتنال منه كرامتها، وتستعيد بذلك مجدها، وتخرج من ركامها، ولا تفقد الأمل بمولاها جل وعلا، ولهذا علمنا صلى الله عليه وسلم في وقت الشدة أن نكون أقوياء في إيماننا، وفي صلاحنا، وفي خيرنا، وعلاقتنا بربنا، وأن نذلل المستحيل لأجل الأمل الذي ننتظر تحقيقه لهذا الدين وانظروا معي لنموذج الأحزاب المعركة الأشد على المسلمين التي لم يمر ولن يمر على الأمة أعظم منها؛ لأنها اجتمعث العرب قاطبة واليهود من الداخل والخارج، والمنافقون معهم للقضاء على الإسلام الكائن في المدينة وحدها لا مثل اليوم أكثر من ملياري مسلم، وجهزوا جيشا جرارا يفوق من في المدينة رجالا ونساء وصغارا وكبارا... بل الحيوانات أيضا، صورها القرآن: ﴿إِذ جاءوكُم مِن فَوقِكُم وَمِن أَسفَلَ مِنكُم وَإِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللَّهِ الظُّنونا هُنالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنونَ وَزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا﴾ لكنه صلى الله عليه وسلم واجه ذلك بقمة الأمل قال أحد الصحابة: حين أمرنا رسول الله ﷺ بحفر الخندق، عرض لنا فى بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة، لا تأخذ فيها المعاول، فشكوا ذلك إلى رسول الله ﷺ، فلما رآها أخذ المعول وقال: "بسم الله" وضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إنى لأبصر قصورها الحمر إن شاء الله" ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر، فقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إنى لأبصر قصر المدائن الأبيض"، ثم ضرب الثالثة فقال: "بسم الله" فقطع بقية الحجر، فقال: "الله أكبر أُعطيت مفاتيح اليمن، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة…
ـ فحوّل صلى الله عليه وسلم تلك المحنة والبلاء إلى منحة، ورفعة، وأمل، إنه النبي صلى الله عليه وسلم فماذا عن الصحابة؟ انظروا إليهم في غزوة ذات الرقاع التي ما سميت بذلك كما في البخاري ومسلم إلا لأنهم رضي الله عنهم تشققت أقدامهم، وسقطت أظافرهم؛ لكثرة أحجارها الحادّة التي أثّرت على أقدامهم فاصطروا للفّ الخِرَق والجلود على الأرجل، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "وكنا نلفّ على أرجلنا الخِرَق، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع"، فكان ما كانفيها من شدة وتعب، ومع هذا عادوا منتصرين على عدوهم والأهم على المنافقين الذين لم يخرجوا في غزوة أكبر مما خرجوا من غزوة ذات الرقاع الذي قال عن الصحابة وعن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبدالله بن ابي رأس المنافقين: إنما مثلنا ومثل هؤلاء كمثل من قال سمّن كلبك يأكلك، ويعنب بهم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين جاءوا من مكة مهاجرين؛ لأنه وقعت مشكلة، وأججوا فتنة بين الأنصار الأوس والخزرج، وقال ابن أبي: أما وقد فعلوها لأن عدت إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ويعني نفسه أنها الأعز والنبي هو الأذل كما سجلها القرآن: ﴿يَقولونَ لَئِن رَجَعنا إِلَى المَدينَةِ لَيُخرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسولِهِ وَلِلمُؤمِنينَ وَلكِنَّ المُنافِقينَ لا يَعلَمونَ﴾، ثم كان بعدها ما كان نهاية عبدالله ابن سلول ونهاية أصحابه إلا ما قل منهم جدا…
- لقد ابتلوا فصبروا، لقد امتحنوا فثبتوا ونجحوا، لقد جاءتهم الهزائم من كل جهة لكنهم رضوان الله عليهم كانوا أكبر منها واعظم، وانظر إليهم في اليرموك والقادسية التي واجهوا فيهما أعظم ما واجه الناس جميعا، وأعظم معارك العرب والعجم قاطبة، إنها إسقاط الامبراطورية الفارسية، والرومانية، ومع هذا كان عددهم لا يتجاوزوا حتى عشر معشار ما لعدوهم من عدد وعدة، وأيضا دراية بالأرض ومع هذا كان معهم الله، وشعارهم قول الله: {إنّ اللَّهَ مَعَنَا}، فما هُزموا، وما خابوا، وما خسروا، وما فشلوا، وما رسبوا عليهم رضوان الله، إنهم صحابة رسول الله الذين حملوا مع آلامهم وجراحاتهم حملوا هم الدين والجهاد في سبيل الله والصبر والمجاهدة وبالتالي انتصروا وثبتوا وكان مكان…
- واليوم أسطورة التاريخ غزة العزة والكرامة وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع تضرب أروع البطولات، والصبر، والثبات، والتضحية، والكرامة، والإباء، وتتحدى العالم أجمع، وتقاوم الدنيا كلها بما معهم من جيوش وعدة وعتاد، بل أمريكا والدول الخامس، ومجلس الأمن، وكل الدنيا، ومع هذا انظروا لما ضربوا في التاريخ من صورة رائعة أبهرت الدنيا كلها حتى لقد جاء في تقارير عالمية لعل كثير منكم شاهدها إن كان يتتبعها على أن مئات بل الآف من الغرب قد أسلموا بسبب أحداث غزة، وأرادوا التعرف على دين يجعل أتباعه بهذا المستوى؛ لأنهم رأوا الصبر، لأنهم رأوا الأمل، لأنهم رأوا ما لم يتخيلوا أمام هذا الصلف الصهيوني الفاجر، والإرهابي الغاشم، والعدو الأمريكي الظاهر، وكل العالم المتخاذل والمتآمر، ومع هذا يصبرون بكل ما تعنيه الكلمة من صبر، وثبات، ورباطة جأش، بينما يقتل القتيل من الصهاينة فتقوم الأرض، بل هم يستجدون الشرق والغرب في هذه اللحظة لأجل حيقاف الحرب ولكن بشيء يحفظ لهم ماء الوجه سواء عسكري، أو مخابراتي، أو سياسي، لكنهم عجزوا وسيعجزون، لكنهم ندموا وسيندمون، لكنهم خسروا وسيخسرون، لكنهم خرجوا وسيخرجون…
- وسينتهون من هذه الأرض المقدسة حتمًا، وسيخرجون منها بإذن الله قريبًا، فإنها تبتلع كل أعدائها، فإنها تنهي كل من غزاها، لأنها تفضح كل من تآمر عليها، هكذا عهدناها، إنها أرض مباركة كما وصفها الله في كتابه الكريم، والمباركة لا تحمل الخبائث: ﴿سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ﴾ وفي سورة الأنبياء لما هاجر ابراهيم ولوط عليهما السلام إليها قال ﴿وَنَجَّيناهُ وَلوطًا إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها لِلعالَمينَ﴾، وسليمان عليه السلام: ﴿وَلِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تَجري بِأَمرِهِ إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها وَكُنّا بِكُلِّ شَيءٍ عالِمينَ﴾، هكذا هي تلك الأرض فلا يبقى خبيث ولا تحتمل الخبائث أبدا منذ تاريخها في بداية الإسلام إلى نهاية هذه الأرض والدنيا على الإطلاق، أقول قولي هذا وأستغفر الله…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن احداث غزة ومحنة غزة والفتنة العظيمة التي نراها على أرض الإسراء والمعراج ليست بجديدة على الأمة، لقد مرت بالأمة أحداث كبرى، وفتن عظمى، ليست وحسب ما سبق وذكرنا في خطبتنا الأولى، بل هناك غيرها وأشد منها حتى قال عنها ابن الأثير عليه رحمة الله (فلو قال قائلٌ إن العالم منذُ خلق الله آدم وإلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا يدانيها، وقال: ولعل الخلائق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج)، يعني بها اقتحام واجتياح التتار لبغداد، وبلاد الإسلام عامة والذين قدموا من جهة الصين حتى وصلوا لقلب العالم العربي، وقتلوا على طريقهم ملايين الملايين حتى لم يتبق من الناس هناك إلا أفراد لقد استأصل الناس ووصل إلى بغداد وفيها أكبر تجمع سكاني في الأرض أكثر من مليوني رجل وامرأة، فأبادهم جميعًا غير عشرات…
- ثم جاء بعده ما جاء من أحداث قال عنها العلماء ومنها ابن الأثير وابن كثير عليهم رحمة الله على أن من نجا منهم دخلوا في القبور، ودخلوا أيضا في الحشوش يعني البيارات وأنقل كلام ابن كثير: (ودخل كثيرٌ من الناس في الآبار، وأماكن الحشوش، والوسخ، وكمنوا أيامًا لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب، فيفتحها التتار إما بالكسر أو بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجرى الميازيب من الدماء في الأزقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب، ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوفٍ وجوع، وأُعمل السيف في أهل بغداد أربعين يوماً، وكان الرجل يُستدعى من دار الخلافة من بني العباس الخلفاء فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى المقبرة فيذبح كما تذبح الشاة، ويأسرون من يختارون من بناته وجواريه، ولما انقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها والقتلى في الطرقات كأنها التلول، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء فحصل بسبب ذلك الوباء الشديد، حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام، فمات خلقٌ كثير في بلاد الشام مِن تغير الجو وفساد الريح، واجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون، لما نودي بـ بغداد الأمان وأنهى جيش التتار مهمته خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير كأنهم الموتى إذا نبشوا، وقد أنكر بعضهم بعضاً، فلا يعرف الوالد ولده، ولا الأخ أخاه، وأخذ الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى)…
- فهل رأيتم بلاء ومحنة أعظم من هذه، وشدة أكبر من هذه، ونازلة أطم من هذه، لكن ماذا عن المجاعة الشديدة التي قال عنها ابن حجر: (وقع في الشام غلاءٌ عظيم، واستمرت الشدة حتى أكلوا الميتات، ووقع أيضاً في حلب حتى بيع المكوك بثلاثمائة إلى أن بلغ الألف؛ حتى أكلوا الميتة والقطط والكلاب، وباع كثيرٌ من المقلين أولادهم، وافتقر خلقٌ كثير، ويقال إن بعضهم أكل بعضاً حتى أكل بعضهم ولده، ثم عقب بعد ذلك الوباء، ففني خلقٌ كثير حتى كان يدفن العشرة والعشرون في قبر بغير غسلٍ ولا صلاةٍ ويقال: إن ذلك دام في بلاد الشام ثلاث سنين)، وقال ابن كثير: (وأكلت القطط والكلاب والميتات والجيفات، وتماوت الناس في الطرقات، وعجزوا عن التغسيل والتكفين والإقبار، فكانوا يلقون موتاهم في الآبار حتى أنتنت المدينة وضجر الناس، فإنا لله وإنا إليه راجعون).
- إنها كوارث عظمى لم يكن يتوقع أنها تعود أمة محمد صلى الله عليه وسلم أبدا، ولن تقوم لهم قائمة بتاتًا، وسينتهون لأبد الآبدين قطعًا، لكنها عادت وبقيت وأفضل وأعظم، وستظل هكذا إلى قيام الساعة وقد بشرنا صلى الله عليه وسلم بقوله: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر"، وقال: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض".
- فيا أيها الإخوة البلاء لابد منه في هذه الدنيا ﴿لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا﴾، ولكن من ينجح، ولكن من يصبر ،ولكن من يحتسب، ولكن من ذلك الذي يجاهد: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ وَنَبلُوَ أَخبارَكُم﴾، وفوق هذا: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾ فإنا لله وانا اليه راجعون، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A