*التعاون.والتكافل.ضرورة.الوقت.الحاضر.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
منذ 2025-05-19
*التعاون.والتكافل.ضرورة.الوقت.الحاضر.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/C3GUlhHFIIE?si=ZjXCem2qgUxJoH
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/22/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الكوارث، والمحن، والطوام، والفتن، والصراعات، والغُمم قد اشتدت بقوة على الأمة وشدة لا يعلمها إلا الله، ونزل بها ما نزل، وحل بها ما حل، وما لا يشكى إلا إلى ربنا تبارك وتعالى مما نزل بها، سواء في شعوبها، أو في أفرادها، أو في دولها، أو في عامتها هذه الطوام يجب أمامها واجبات لا يحل لمسلم أن يداهن، وأن يتلاعب، وأن يتملص منها، بل واجب كل مسلم أن يكون مسلمًا كما أرتضاه الشرع أن يكون مسلمًا برقم صحيح، وذلك المسلم هو الذي من الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم حين ذكره بأنه قد أنزل نصره عليه وأيده به ثم ثنى جل وعلا مع النصر بالمؤمنين: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ} والباء هنا باء السببية أي أن النصر جاء من الله ثم بسبب المؤمنين؛ لأن الله أيده بهم، فإن لم يكونوا لن يكون النصر، ولن تكون المعركة محسومة لصالح الإسلام والمسلمين، لكن ذلك الانتصار الكبير في أي معركة كانت للأمة لا بد له من إيمان حتى يتحقق: ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾…
- واليوم معارك الأمة طاحنة وكثيرة وكبيرة ولعلها تكون في كل بيت بأي شيء كان من مشاكلها، وبأي شيء كان من عنائها، ومن أضطهادها، وظلمها وإن كانت في دول أشد دون دول أخرى، وإن كانت على مجتمعات أكثر من مجتمعات أخرى، أو حتى على بيوت أكثر من جاراتها، وبالتالي فالواجب على المسلم أن يكون مسلمًا حقا وأن يكون ممن من الله به على رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾ إذن التأليف بين قلوب المؤمنين واجب شرعي بل قال الله: {وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ ۚ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا..}، وانظر ماذا قال الله بعدها ﴿فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
ـ إذن إن لم يكن الإخاء، وإن لم تكن الألفة، وإن لم يكن الإيمان لن يكون النجاة من النار ومن الحفرة التي كدنا أن نكون فيها قبل أن نكون مسلمين، فلما أصبحنا بحمدالله في حظيرة الإسلام أنقذنا الله من حفرة النيران بهذا الدين العظيم، فإن عدنا إلى تفرقنا وإلى خصامنا وإلى ما بيننا فإن الله تبارك وتعالى، سيعيد بنا إلى ما كنا ولسنا بأكرم من آدم عليه السلام الذي أخرجه الله من الجنة بذنب واحد فقط: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
- ثم إن التأليف هذا ﴿وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، لا يمكن أن يكون ذلك من بشر، ولا من فعل بشر بل من فعل الله تبارك وتعالى فعلى المسلم أن يسعى لينال ذلك السبب الأعظم من الله تبارك وتعالى وهي بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في نفس السورة التي من الله بها على المؤمنين بالتأليف بين قلوبهم وهي الأنفال قال ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ فإذن التنازع هو سبب الفشل والخصام والشقاق والنفاق والفتن والصراعات والخيانة والمكر وأي شيء كان مما يفسد العلاقات بين المسلمين فيما بينهم البين فهو باب أكبر لدعوة واحدة هي الدعوة لأن نعود لما كنا عليه: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾… فمتى نهتدي ونعقل…!.
ـ فالواجب على المسلم أن يكون من صف رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صفه صلى الله عليه وسلم الذي أيده الله به والذي من الله به تبارك وتعالى عليه للمؤمنين بالتأليف بين قلوبهم، ألا وإنها لن تقوم قائمة لمجتمع من المجتمعات الإسلامية إلا بالترابط والتكافل والألفة والإخوة والتعاون فيما بين ذلك المجتمع ولهذا سعى الإسلام جاهدا من أول لحظة أن يغرس هذا البناء، وأن يوجد هذا البناء الأشم ولذلك كان من أوائل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعهم في المسجد ليتعارفوا، ثم إلى سبب الألفة والتراحم والتعاون والتعاطف ما بين المسلمين فكان ما بعد ذلك شرف المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فكانت المنة الربانية على الصحابة ورسول الله صلى الله عليه وسلم: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾.
ـ فإن لم يكن المسجد جامعًا للمسلمين وكلمة المسلمين واحدة فلن تكون إخوة لن تكون أخوة حقيقية وإن وجدت فإن الإسلام لا يرتضي بالمسلم أن يكون متوجهًا إليه في صلاته بينما متوجهًا إلى غيره في مشاحنات ما بينه وبين المسلمين دليل ذلك في كتاب الله تبارك وتعالى صريحًا صحيحا واضحا نقيا لا مرية فيه أبدا{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} يعني ليس المطلوب أن ان تصلوا لله وأن تكون علاقتكم بينكم وبين الله سليمة وممتازة وقوية لكن العلاقة بينكم وبين إخوانكم المسلمين ليست بعلاق جيدة، وأقرأ الآية بتمامها لتتضح لنا معالم البر الحقيقي الذي ينال به المسلم درجة التقوى: ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، إذن فالمطلوب أن يكون المسلم متكاملا في شأنه كله، فهو مسلم في المسجد، هو مسلم في السوق، هو مسلم في البيت، هو مسلم بين أصدقائه، هو مسلم في عمله، وهو مسلم في توجهه، هو مسلم هو مسلم في أفكاره، وهو مسلم أينما اتجه، وأينما حل وارتحل، وسواء كان على سبيل الحقيقة أو كان على سبيل غير الحقيقة كوسائل التواصل مثلا.
ـ فيجب أن ان يكون المسلم مسلمًا ملتزمًا بأحكام إسلامه ممثلًا له ومتمثلًا أيضا في نفسه وسائر شؤون حياته وأينما كان ولا فرق بين عبادات وبين معاملات في ديننا، بل الإسلام شامل كامل كل الكمال والشمول ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، وانظر بما ختم الله الاية الكريمة بقوله {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} إنها أجمع آية تتحدث عن صفات المتقين.
ـ ألا أيها الإخوة فإن الواجب على المسلم أن يكون مترابطًا أن يكون متكافلًا أن يكون متعاونًا أن يكون أخًا للمسلمين جميعًا، ولهذا النبي صلى الله عليه كما في البخاري ومسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال للصحابة وللأمة عامة: (بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل على راحلة فجعل يضرب يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له" قال : فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل . رواه مسلمقال الراوي: فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل….)، أي أن مالك الفائض على حاجتك هو مال أخيك، أن ما عندك من زيادة هو لأخيك…
ـ ولهذا فإن ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم تكون بعيدة على المسلم الذي يبيت شبعانا وجاره بجواره جائع وهو يعلم فقال صلى الله عليه وسلم نافيا عنه الإيمان بأنه ( لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم) وكذلك ورد عند الامام احمد عليها رحمة الله في مسنده وصححه كثير من المحققين منهم أحمد شاكر عليه رحمة الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى".
ـ ألا أيها الإخوة الأمر خطير وعظيم، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث الناس بنموذج للصحابة رضوان الله عليهم وإن كانت نماذج الصحابة كلها تصلح أن تكون هي النماذج البارزة فذكر النبي عليه الصلاة والسلام حديث اليمانيين الأشعريين كما عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: (أن الأشعريين إذا كانوا في الغزو فأرملوا أي أنتهى زادهم، أو في المدينة فقل طعامهم أي جاع أولادهم وعيالهم، جمعوا ما عندهم من زاد فجعلوه في ثوب واحد فتقاسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم.
ـ ألا من شاء أن يكون من رسول الله وفي رسول الله وراجع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليكن كذلك، وإن المسلمين اليوم قد أصبح الحال فيهم ما لا يعلمه إلا الله، وخاصة عند بعضهم، ويقوم المثل السائد فيما بينهم: "البيوت مقابر لأهلها" فلا أحد يعلم ما بجواره، وما عليه وما هو له، هل أكل أم لم يأكل، هل شبع أم لا زال جائعا وأولاده كذلك، وهكذا دواليك من أحاديث كثيرة مخيفة تبين لنا فريضة التكافل والتعاون بيننا، ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل متعايشا مع إخوانه المسلمين ولذلك قال الله تبارك وتعالى حاصرً الخير في الصدقة {لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ}، فبدأ بها {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} .
ـ ألا فإن مثل هذا يجب أن يكون بين المسلمين لا بالصدقة وحسب، بل هناك الهبة، وهناك الهدية، وهناك الوقف، وهناك النذور، وهناك الزكاة، وهناك أيضاً النفقات، وهناك الكفارات، وهناك أعداد كثيرة من الواجبات الشرعية التي فرضها الإسلام على المسلمين بغية التكاتف فيما بينهم والتراحم وأن المسلم لأخيه المسلم حقا فلقد قال صلى الله عليه وسلم عن المسلمين وهو يتحدث عنهم: (مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)…
ـ وأشبه المسلم مع إخوانه وفقًا للحديث بأنه الجسد الكبير للأمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ولا يمكن أن يتبرأ عضو عن عضو باعتبار على أن اليد ليست من اليد الأخرى، وعلى أن الرأس ليس من الجسد، وعلى أن القدم ليس مما فوقها وهكذا لا يمكن أبدا بل إذا أصيب حتى بشوكة فإن الكل يتألم لجزء يسير تألم من الجسد.
ـ فهكذا شبه النبي عليه الصلاة والسلام. الأمة بل ذكر على أنهم كالبنيان أو كالبنان في رواية اخرى أما كالبنيان المرصوص المعروف للبيوت أو كالبنان كل هذه إشباه صحيحة يشد بعضه بعضا يشد كل بنانة بنانة أخرى ويشد كل بنيان بنيان آخر فهذه هي الأمة بجموع أفرادها فإن تفرق الأفراد تفرقت الأمة وإن تشرذم الأفراد تشرذمت الأمة، وإن صح الأفراد صحت الأمة. فإن الأمة بمجموع أفرادها وإن الله لا يغير حال الأمة إلا بيتغير حال الأفراد: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فلا شك أيها الإخوة أن الكلام هذا الذي ذكرته في الخطبة الأولى هو عام لكل مسلم، وفي كل بيت، وعلى كل أخ ما دام وأن أخاه المسلم في شيء من ذلك الضر، أو الفقر، أو المصيبة، أو الطامة، أو الكارثة التي نزلت به، وحلت عليه أو أي شيء كان من هموم الحياة…
- ولكن أهم الأعظم من أنفسنا وحياتنا هم إخواننا المجاهدين في أرض غزة العزة الذين يدافعون عن كرامتنا، وعن أمتنا، وعن مقدساتنا، وعن ديننا، وعن كل شيء فينا، وعن كل واحد منا، هم منا ونحن منهم، هم لا يمكن أن يكونوا إلا بنا ونحن لا يمكن أن نكون إلا بهم فإن تركناهم للعدو ان يستأصلهم وأن يجيعهم وأن يقتلهم وأن يدمرهم وأن يفعل بهم الأفاعيل، وأبناء المسلمين ينظرون اليهم صباح مساء لهي كارثة عظيمة ووالله إنا لمسؤولون جميعًا عما يحدث لهم…!
- وما نرى من واقع الحال وما نزل بهم مما تنقله إلينا عدسات الكاميرات الصباح والمساء لهي أعظم كارثة فأين المسلمون اليوم يوم من التأثر بمصاب إخوانهم والترابط والتكافل وأن يعلموا علم يقين على أن هؤلاء إن أصيبوا أصيبت الأمة وإن هزموا لا قدر الله -ولن يهزموا وعد الله وعد الله- فإن الأمة كذلك ستهتزم، وتتشرذم أكثر، ويستهان بها أعظم، إنها فتنة بل امتحان عظيم للأمة إن خسرت الأمة فيهم خسرت الأمة في كل أفرادها، وإن أفلحت الأمة بانتصارهم فلحت الأمة في كل شيء، وهم أشبه بالمثل الذي أخذناه وعرفنا كثيرا ولعله يعرفه كل أحد باسم الأثوار الثلاثة اللاتي لفترست كل ثور انفرد به العدو وحده ثم قضي عليه وعلى إخوانه.
ـ فكذلك هم إن انفرد بهم وفعل بهم الأفاعيل سيفعل بكل عواصم الدول وكل قرية من القرى وكل فرد من الأفراد ما فعل بإخواننا فأين المسلمون اليوم من أن يهبوا لنجدتهم مع أن عدونا وعدوهم هو في أضعف وأشد وأعظم مراحل السقوط على الإطلاق والانهيار السياسي، والاقتصادي، والعسكري والمخابراتي، والثقافي، والتفكك الاجتماعي والنفسي، وقل ما شئت فضلاً على بقائه في أرض ليسه له ولا قيم له ولا مبادئ له ولا دين له ولا أخلاق ولا أي شيء كان ومعناه الانهيار بكل ما تعنيه الكلمة من انهيار عميق وعظيم ليس إلا كما يقال قشة الجمل فقط أن تزاح وأن حتى ببنان أن تلمس فإذا هو منهار.
ـ فأين الأمة أين ملايين الملايين؟ من جيوش المسلمين وأين مليارات المليارات المليارات؟ من رصاصات وقاذفات وصواريخ ودبابات وطائرات وكلام فاضي أين هذه بكلها؟!.
ـ وإن غزة اليوم تشهد أعظم مجاعة منذ أن وجد بحرب حتى هذه الحرب أعظم مجاعة تشهدها على الإطلاق، ولا يعني ذلك الحديث على أنكم لا تعلمون حديثي يعني بل الكاميرات تتحدث إلينا بالصوت والصورة، ولو أن الكاميرات ايضًا تنقل أوجاع البطون وضربات العروق وما فيها لأحسسنا بها وشمينا ريحتها…
ـ أيها الإخوة أين اسم الإسلام الحقيقي منا أين التناصر والتآزر، وأين التآخي، وأين آيات القرآن، وأين أحاديث العدنان ما تحرك فينا قيم الإسلام لهذا بكله ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل هذا حاضرا في ذهنه فاعلا في عمله وواقعه وأينما كان بكل ما يستطيع بكل ما يستطيع بيده بلسانه بماله بخبرته بسلاحه بكل شيء فإنه واجب على كل مسلم والله يقول أخيراً {فاتقوا الله ما استطعتم} وإن الاستطاعة على كل مسلم تختلف من فرد لفرد، ألا فإن الواجب على المسلم أن يتقي الله في إخوانه فإنه مسئول عنهم لا شك ولا ريب بين يدي الله فليعد للسؤال جوابا صوابا، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/C3GUlhHFIIE?si=ZjXCem2qgUxJoH
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/22/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الكوارث، والمحن، والطوام، والفتن، والصراعات، والغُمم قد اشتدت بقوة على الأمة وشدة لا يعلمها إلا الله، ونزل بها ما نزل، وحل بها ما حل، وما لا يشكى إلا إلى ربنا تبارك وتعالى مما نزل بها، سواء في شعوبها، أو في أفرادها، أو في دولها، أو في عامتها هذه الطوام يجب أمامها واجبات لا يحل لمسلم أن يداهن، وأن يتلاعب، وأن يتملص منها، بل واجب كل مسلم أن يكون مسلمًا كما أرتضاه الشرع أن يكون مسلمًا برقم صحيح، وذلك المسلم هو الذي من الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم حين ذكره بأنه قد أنزل نصره عليه وأيده به ثم ثنى جل وعلا مع النصر بالمؤمنين: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ} والباء هنا باء السببية أي أن النصر جاء من الله ثم بسبب المؤمنين؛ لأن الله أيده بهم، فإن لم يكونوا لن يكون النصر، ولن تكون المعركة محسومة لصالح الإسلام والمسلمين، لكن ذلك الانتصار الكبير في أي معركة كانت للأمة لا بد له من إيمان حتى يتحقق: ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾…
- واليوم معارك الأمة طاحنة وكثيرة وكبيرة ولعلها تكون في كل بيت بأي شيء كان من مشاكلها، وبأي شيء كان من عنائها، ومن أضطهادها، وظلمها وإن كانت في دول أشد دون دول أخرى، وإن كانت على مجتمعات أكثر من مجتمعات أخرى، أو حتى على بيوت أكثر من جاراتها، وبالتالي فالواجب على المسلم أن يكون مسلمًا حقا وأن يكون ممن من الله به على رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾ إذن التأليف بين قلوب المؤمنين واجب شرعي بل قال الله: {وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ ۚ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا..}، وانظر ماذا قال الله بعدها ﴿فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
ـ إذن إن لم يكن الإخاء، وإن لم تكن الألفة، وإن لم يكن الإيمان لن يكون النجاة من النار ومن الحفرة التي كدنا أن نكون فيها قبل أن نكون مسلمين، فلما أصبحنا بحمدالله في حظيرة الإسلام أنقذنا الله من حفرة النيران بهذا الدين العظيم، فإن عدنا إلى تفرقنا وإلى خصامنا وإلى ما بيننا فإن الله تبارك وتعالى، سيعيد بنا إلى ما كنا ولسنا بأكرم من آدم عليه السلام الذي أخرجه الله من الجنة بذنب واحد فقط: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
- ثم إن التأليف هذا ﴿وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، لا يمكن أن يكون ذلك من بشر، ولا من فعل بشر بل من فعل الله تبارك وتعالى فعلى المسلم أن يسعى لينال ذلك السبب الأعظم من الله تبارك وتعالى وهي بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في نفس السورة التي من الله بها على المؤمنين بالتأليف بين قلوبهم وهي الأنفال قال ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ فإذن التنازع هو سبب الفشل والخصام والشقاق والنفاق والفتن والصراعات والخيانة والمكر وأي شيء كان مما يفسد العلاقات بين المسلمين فيما بينهم البين فهو باب أكبر لدعوة واحدة هي الدعوة لأن نعود لما كنا عليه: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾… فمتى نهتدي ونعقل…!.
ـ فالواجب على المسلم أن يكون من صف رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صفه صلى الله عليه وسلم الذي أيده الله به والذي من الله به تبارك وتعالى عليه للمؤمنين بالتأليف بين قلوبهم، ألا وإنها لن تقوم قائمة لمجتمع من المجتمعات الإسلامية إلا بالترابط والتكافل والألفة والإخوة والتعاون فيما بين ذلك المجتمع ولهذا سعى الإسلام جاهدا من أول لحظة أن يغرس هذا البناء، وأن يوجد هذا البناء الأشم ولذلك كان من أوائل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعهم في المسجد ليتعارفوا، ثم إلى سبب الألفة والتراحم والتعاون والتعاطف ما بين المسلمين فكان ما بعد ذلك شرف المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فكانت المنة الربانية على الصحابة ورسول الله صلى الله عليه وسلم: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾.
ـ فإن لم يكن المسجد جامعًا للمسلمين وكلمة المسلمين واحدة فلن تكون إخوة لن تكون أخوة حقيقية وإن وجدت فإن الإسلام لا يرتضي بالمسلم أن يكون متوجهًا إليه في صلاته بينما متوجهًا إلى غيره في مشاحنات ما بينه وبين المسلمين دليل ذلك في كتاب الله تبارك وتعالى صريحًا صحيحا واضحا نقيا لا مرية فيه أبدا{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} يعني ليس المطلوب أن ان تصلوا لله وأن تكون علاقتكم بينكم وبين الله سليمة وممتازة وقوية لكن العلاقة بينكم وبين إخوانكم المسلمين ليست بعلاق جيدة، وأقرأ الآية بتمامها لتتضح لنا معالم البر الحقيقي الذي ينال به المسلم درجة التقوى: ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، إذن فالمطلوب أن يكون المسلم متكاملا في شأنه كله، فهو مسلم في المسجد، هو مسلم في السوق، هو مسلم في البيت، هو مسلم بين أصدقائه، هو مسلم في عمله، وهو مسلم في توجهه، هو مسلم هو مسلم في أفكاره، وهو مسلم أينما اتجه، وأينما حل وارتحل، وسواء كان على سبيل الحقيقة أو كان على سبيل غير الحقيقة كوسائل التواصل مثلا.
ـ فيجب أن ان يكون المسلم مسلمًا ملتزمًا بأحكام إسلامه ممثلًا له ومتمثلًا أيضا في نفسه وسائر شؤون حياته وأينما كان ولا فرق بين عبادات وبين معاملات في ديننا، بل الإسلام شامل كامل كل الكمال والشمول ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، وانظر بما ختم الله الاية الكريمة بقوله {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} إنها أجمع آية تتحدث عن صفات المتقين.
ـ ألا أيها الإخوة فإن الواجب على المسلم أن يكون مترابطًا أن يكون متكافلًا أن يكون متعاونًا أن يكون أخًا للمسلمين جميعًا، ولهذا النبي صلى الله عليه كما في البخاري ومسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال للصحابة وللأمة عامة: (بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل على راحلة فجعل يضرب يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له" قال : فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل . رواه مسلمقال الراوي: فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل….)، أي أن مالك الفائض على حاجتك هو مال أخيك، أن ما عندك من زيادة هو لأخيك…
ـ ولهذا فإن ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم تكون بعيدة على المسلم الذي يبيت شبعانا وجاره بجواره جائع وهو يعلم فقال صلى الله عليه وسلم نافيا عنه الإيمان بأنه ( لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم) وكذلك ورد عند الامام احمد عليها رحمة الله في مسنده وصححه كثير من المحققين منهم أحمد شاكر عليه رحمة الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى".
ـ ألا أيها الإخوة الأمر خطير وعظيم، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث الناس بنموذج للصحابة رضوان الله عليهم وإن كانت نماذج الصحابة كلها تصلح أن تكون هي النماذج البارزة فذكر النبي عليه الصلاة والسلام حديث اليمانيين الأشعريين كما عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: (أن الأشعريين إذا كانوا في الغزو فأرملوا أي أنتهى زادهم، أو في المدينة فقل طعامهم أي جاع أولادهم وعيالهم، جمعوا ما عندهم من زاد فجعلوه في ثوب واحد فتقاسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم.
ـ ألا من شاء أن يكون من رسول الله وفي رسول الله وراجع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليكن كذلك، وإن المسلمين اليوم قد أصبح الحال فيهم ما لا يعلمه إلا الله، وخاصة عند بعضهم، ويقوم المثل السائد فيما بينهم: "البيوت مقابر لأهلها" فلا أحد يعلم ما بجواره، وما عليه وما هو له، هل أكل أم لم يأكل، هل شبع أم لا زال جائعا وأولاده كذلك، وهكذا دواليك من أحاديث كثيرة مخيفة تبين لنا فريضة التكافل والتعاون بيننا، ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل متعايشا مع إخوانه المسلمين ولذلك قال الله تبارك وتعالى حاصرً الخير في الصدقة {لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ}، فبدأ بها {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} .
ـ ألا فإن مثل هذا يجب أن يكون بين المسلمين لا بالصدقة وحسب، بل هناك الهبة، وهناك الهدية، وهناك الوقف، وهناك النذور، وهناك الزكاة، وهناك أيضاً النفقات، وهناك الكفارات، وهناك أعداد كثيرة من الواجبات الشرعية التي فرضها الإسلام على المسلمين بغية التكاتف فيما بينهم والتراحم وأن المسلم لأخيه المسلم حقا فلقد قال صلى الله عليه وسلم عن المسلمين وهو يتحدث عنهم: (مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)…
ـ وأشبه المسلم مع إخوانه وفقًا للحديث بأنه الجسد الكبير للأمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ولا يمكن أن يتبرأ عضو عن عضو باعتبار على أن اليد ليست من اليد الأخرى، وعلى أن الرأس ليس من الجسد، وعلى أن القدم ليس مما فوقها وهكذا لا يمكن أبدا بل إذا أصيب حتى بشوكة فإن الكل يتألم لجزء يسير تألم من الجسد.
ـ فهكذا شبه النبي عليه الصلاة والسلام. الأمة بل ذكر على أنهم كالبنيان أو كالبنان في رواية اخرى أما كالبنيان المرصوص المعروف للبيوت أو كالبنان كل هذه إشباه صحيحة يشد بعضه بعضا يشد كل بنانة بنانة أخرى ويشد كل بنيان بنيان آخر فهذه هي الأمة بجموع أفرادها فإن تفرق الأفراد تفرقت الأمة وإن تشرذم الأفراد تشرذمت الأمة، وإن صح الأفراد صحت الأمة. فإن الأمة بمجموع أفرادها وإن الله لا يغير حال الأمة إلا بيتغير حال الأفراد: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فلا شك أيها الإخوة أن الكلام هذا الذي ذكرته في الخطبة الأولى هو عام لكل مسلم، وفي كل بيت، وعلى كل أخ ما دام وأن أخاه المسلم في شيء من ذلك الضر، أو الفقر، أو المصيبة، أو الطامة، أو الكارثة التي نزلت به، وحلت عليه أو أي شيء كان من هموم الحياة…
- ولكن أهم الأعظم من أنفسنا وحياتنا هم إخواننا المجاهدين في أرض غزة العزة الذين يدافعون عن كرامتنا، وعن أمتنا، وعن مقدساتنا، وعن ديننا، وعن كل شيء فينا، وعن كل واحد منا، هم منا ونحن منهم، هم لا يمكن أن يكونوا إلا بنا ونحن لا يمكن أن نكون إلا بهم فإن تركناهم للعدو ان يستأصلهم وأن يجيعهم وأن يقتلهم وأن يدمرهم وأن يفعل بهم الأفاعيل، وأبناء المسلمين ينظرون اليهم صباح مساء لهي كارثة عظيمة ووالله إنا لمسؤولون جميعًا عما يحدث لهم…!
- وما نرى من واقع الحال وما نزل بهم مما تنقله إلينا عدسات الكاميرات الصباح والمساء لهي أعظم كارثة فأين المسلمون اليوم يوم من التأثر بمصاب إخوانهم والترابط والتكافل وأن يعلموا علم يقين على أن هؤلاء إن أصيبوا أصيبت الأمة وإن هزموا لا قدر الله -ولن يهزموا وعد الله وعد الله- فإن الأمة كذلك ستهتزم، وتتشرذم أكثر، ويستهان بها أعظم، إنها فتنة بل امتحان عظيم للأمة إن خسرت الأمة فيهم خسرت الأمة في كل أفرادها، وإن أفلحت الأمة بانتصارهم فلحت الأمة في كل شيء، وهم أشبه بالمثل الذي أخذناه وعرفنا كثيرا ولعله يعرفه كل أحد باسم الأثوار الثلاثة اللاتي لفترست كل ثور انفرد به العدو وحده ثم قضي عليه وعلى إخوانه.
ـ فكذلك هم إن انفرد بهم وفعل بهم الأفاعيل سيفعل بكل عواصم الدول وكل قرية من القرى وكل فرد من الأفراد ما فعل بإخواننا فأين المسلمون اليوم من أن يهبوا لنجدتهم مع أن عدونا وعدوهم هو في أضعف وأشد وأعظم مراحل السقوط على الإطلاق والانهيار السياسي، والاقتصادي، والعسكري والمخابراتي، والثقافي، والتفكك الاجتماعي والنفسي، وقل ما شئت فضلاً على بقائه في أرض ليسه له ولا قيم له ولا مبادئ له ولا دين له ولا أخلاق ولا أي شيء كان ومعناه الانهيار بكل ما تعنيه الكلمة من انهيار عميق وعظيم ليس إلا كما يقال قشة الجمل فقط أن تزاح وأن حتى ببنان أن تلمس فإذا هو منهار.
ـ فأين الأمة أين ملايين الملايين؟ من جيوش المسلمين وأين مليارات المليارات المليارات؟ من رصاصات وقاذفات وصواريخ ودبابات وطائرات وكلام فاضي أين هذه بكلها؟!.
ـ وإن غزة اليوم تشهد أعظم مجاعة منذ أن وجد بحرب حتى هذه الحرب أعظم مجاعة تشهدها على الإطلاق، ولا يعني ذلك الحديث على أنكم لا تعلمون حديثي يعني بل الكاميرات تتحدث إلينا بالصوت والصورة، ولو أن الكاميرات ايضًا تنقل أوجاع البطون وضربات العروق وما فيها لأحسسنا بها وشمينا ريحتها…
ـ أيها الإخوة أين اسم الإسلام الحقيقي منا أين التناصر والتآزر، وأين التآخي، وأين آيات القرآن، وأين أحاديث العدنان ما تحرك فينا قيم الإسلام لهذا بكله ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل هذا حاضرا في ذهنه فاعلا في عمله وواقعه وأينما كان بكل ما يستطيع بكل ما يستطيع بيده بلسانه بماله بخبرته بسلاحه بكل شيء فإنه واجب على كل مسلم والله يقول أخيراً {فاتقوا الله ما استطعتم} وإن الاستطاعة على كل مسلم تختلف من فرد لفرد، ألا فإن الواجب على المسلم أن يتقي الله في إخوانه فإنه مسئول عنهم لا شك ولا ريب بين يدي الله فليعد للسؤال جوابا صوابا، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A