*داء.الأمة.ودواؤها.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
منذ 2025-05-19
*داء.الأمة.ودواؤها.cc.*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/16992
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا1/ربيع الأول/1446هـ ↶ .*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الناظر لأحوال الأمة في هذا البلد، وعلى تراب هذا المصر ليجد المصائب كثيرة، والويلات العظيمة، والفتن النازلة، والمدلهمات المتتالية التي تعصف ببلداننا العربية والإسلامية برمتها لا بلدنا فحسب فنرى بين حين وآخر من كوارث ومدلهمات، ومصائب ونكبات، وإبادات ومجاعات، وفقر، ودمار، وحرب، وسجن، وقتل وإبادات، وهنا وهناك، ولعلك تطلع على هذه وغيرها في أقرب نشرة إخبارية قد لا تتحدث عادة إلا عن الدول العربية والإسلامية خاصة لما فيها ما فيها من هذه الأمور العظيمة الجسيمة والمصائب الخطيرة التي لا تكاد توجد في غيرها للأسف الشديد
- ولعل هنا من الغيورين وعوام الناس حتى وهم كثير يتسائل لماذا إلا عندنا، ولماذا أحيطت إلا بنا، ولماذا لا تعرف إلا إيانا، ولماذا هذه الدماء الزكية لأبناء الإسلام والمسلمين، مع أنها طاهرة عند رب العالمين، بل هي أطهر الدماء وأزكاها وأشرفها لكن نجدها مراقه في كل ساحة، وعلى كل واد، وفي كل بلد، بل هي أتفه الدماء وأرخص الأشياء ولعلها أرخص من الماء!.
فما هو السبب، وما هي العلل، ثم يتساءل أولئك الغيورون هل هذه النكبات وهذه الكوارث وهذه المصائب أسبابها من غيرنا، أم أسبابها منا وفينا، وأسبابها من أبنائنا، أم أسبابنا من أعدائنا، أم أن أسبابها من خارج أوطاننا وفرضت علينا…!.
- هل من أسباب لها حقيقية، هل أسباب هذا التأخر، وهذا التقاعس، وهذا التناحر، وهذا الأمر الذي أصيبت به الأمة، والكابوس الذي حل عليها، وباتت منبوذة حقيرة من غيرها، وأصبحت في مؤخرة القافلة، وأصبحت أمة تافهة وأصبحت حائرة لا تدري أين تتجه… !..
- فهل أسبابها اقتصادية، أم سياسية، أم اجتماعية، أم صناعية، أم تكنولوجية، أم ماذا، أم أن أسبابها هي مخططات الآخرين عليها، والمؤامرات التي تحاك من داخلها وخارجها، والأيادي العابثة التي تديرها، وتفتعل الأزمات والمشاكل التي نراها، أم أن أسبابها هي من أدوات سلطت عليها، أم من عملاء جُعلوا عليها كعبيد لغيرهم، وأسرى بيد سواهم، أم أن أسبابها هي من تأخر أبنائها، وعدم يقظتهم لنهضتها، وعدم للمسؤولية، وأخذهم بزمام المبادرة، وتبلدهم، وضياعهم، وتركهم لدينهم، وعدم تمسكهم بما تمسك به أوائلهم الذين قادوا العالم بأسره، وحكموه من أوله إلى آخره بهذا الدين القويم..
- كل هذه الأسباب يتحدث الناس عنها، ويخبطون هنا وهناك فيها، ولا شك ولا ريب على أن هذه هي أسباب متكاملة ومتعددة تشارك من قريب أو من بعيد فيما نحن فيه، وما صرنا إليه، لكن ليست كل الأسباب، مع أن هذه ما نسميها بأسباب أو أعراض لا المرض الحقيقي الذي أصيبت به الأمة، وأصبحت على ما هي عليه اليوم.
- فهذه الأعراض أيها الإخوة هي من ضمنها وليست هي بذاتها، ولكن السبب الرئيس، والكبير، والطامة العظمى التي حلت بالأمة ولم تتيقظ بعد لإنهائه وللابتعاد عنه هو أولًا منها، هو فيها، وباختصار هو عدم عودتها الحقيقية لربها (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ...)، وهذه الآية الكريمة نزلت بعد غزوة أحد، والمعركة العظيمة التي سقط فيها خيرة الشهداء أمثال مصعب داعية الإسلام الأول وسفيرها المخضرم، وأمثال كثير منهم ما يقرب من سبعين، وقل عن نبينا صلى الله عليه وسلم الذي جرح جراحات لم يجرحها في معركة لا سابقة ولا لاحقة حتى توفى صلى الله عليه وسلم، والتحق بالرفيق الأعلى، ومع هذا فإن الله قد عزرهم وهم صحابة رسول الله، وأفضل الخلق وأزكاهم وأتقاهم وأنقاهم وأصفاهم بعد أنبياء الله مع أنهم لم يفعلوا إلا ذنبًا واحدًا فتسبب في كارثة عظيمة، وهريمة كبيرة لم يتلقوها من قبل البتة ألا وهو مخالفتهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس الجميع من خالف قطعًا ولكنهم قلة قليلة جدًا منهم لا يتجاوزوا الأربعين، وهم الرماة الذين عينهم صلى الله عليه وسلم على جبل الرماة، ومع هذا نزلت الآية، وحلت الهزيمة، وسقط من سقط من الشهداء في هذه المعركة الدامية، فإذا كان هذا الأمر حدث على قوم هم خيار أهل الأرض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بينهم، ومع هذا نزلت فيهم الآية، فمن باب أولى أن تكون متحققة في غيرهم ممن أصابهم ما أصابهم، وحل عليهم ما حل عليهم، ونزل بهم ما نزل بهم بسبب ذنوبهم وهي لا تعد ولا تحصى وليس ذنبًا واحدًا كما هو ذنب الرماة، وليس من بعض أبناء الأمة كما كان من الرماة فقط، بل هو من خاصتهم وعامتهم إلا ما رحم الله فلذلك أصاب الأمة اليوم ما أصابها: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).
- فلما فقدت الأمة الإيمان فقدت العلو في الأرض، وأصبحت ذليلة، حقيرة، لا وزن لها ولا قيمة عند أمم أهل الأرض: ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، إذن لنفهم أن السبب الأول منا وإلينا وفينا وأما الأعراض الأخرى فلا نتعلل بها، فتركنوا عليها ولا تنتشلوا أنفسكم من معارك أنتم تقودونها، وأنتم أيضاً تديرونها، وتتناحرون فيما بينكم البين على أمور تافهة وللعبث والفوضى ونبذ العقل أقرب فالواجب على المسلمين الاستيقاظ حتى لا يستفحل الأمر أكثر وأكثر، وبالتالي كلما تأخر العلاج كلما صعبت معالجته، وكلما تعسر على الأطباء انتشاله، وتقديم خدمة له، بل يؤدي غالبًا إلى وفاته وهو الإستبدال الذي ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾، ﴿إِن يَشَأ يُذهِبكُم أَيُّهَا النّاسُ وَيَأتِ بِآخَرينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَديرًا﴾، فإما أن نراجع أنفسنا، أو أن يرجعنا ربنا إليه، وأن يستبدل بنا غيرنا، وأن يجعل غيرنا هم خير منا لقيادة هذا الدين، ولعودته كما كان عليه، السابقون ألا فإن الواجب علينا أن نستيقظ، وأن نعود لله ﷻ.
- ألا وإن نبينا صلى الله عليه وسلم قد دلنا، وحذرنا، وحثنا، وبينا كل شيء لنا، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنا إلا هالك، فقال عليه الصلاة والسلام مصرحًا لا ملمحًا وذاكرًا في نفس الوقت الداء والدواء، المرض والعلاج في حديث واحد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا المرض الذي في الأمة هو مرضنا الآن مرض الكثرة مع قلة المصلحين، ألا وهو الوهن الذي أصاب الأمة: "يوشك الأمم أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها"، فقالوا أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: "لا، بل أنتم يومئذ كثير لكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن من قلوب عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن"، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت"… هذا الحديث هو أكشف حديث في موضوعنا، وأبرز حديث يوضح ويبين الكارثة التي أصبنا بها، والطامة الكبرى التي حلت علينا…
- فنحن كثير جد كثير ونبلغ الآن أكثر من ملياري مسلم فليس من قلة حتى أن غيركم يستضعفوكم لقلة عددكم، ولقلة عدتكم، ولما معكم، لا ليس لذلك وتأمل قول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة قلوب أعدائكم منكم"، يعني لا يهابونكم، ولا يخافون من عددكم، ولا من عدتكم، ولا من جيوشكم، ولا من قادتكم، ولا من أحزابكم، ولا أي شيء كان معكم، وتملكونه، وتتحكمون فيه، بل هم يحكمونكم، ويتحكمون فيكم، "أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل"… ويكفي بهذه اللفظة من العار والخزي والذل والهوان أن يقول عليه الصلاة والسلام نحن كغثاء السيل ينتهي (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ...)، كغثاء السيل "ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن"، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت" .
- إذن فالسبب هو الوهن الذي أصيبت به الأمة اليوم فجعل الله في قلوبنا هذا الوهن، وجعل في قلوب أعدائنا عدم المهابة منا، فلا خوف من قتل وإبادات وسحب وسجن ونهب وأخذ وبطش واحتقار وقل ما شئت مع أنكم كثير أكثر من ملياري مسلم، ما الذي أغنتهم هذه الكثرة، وما الذي جعل قلة قليلة في غزة العزة تعتز بدينها وبإسلامها وبانتسابها تواجه العالم بأكمله وماذاك إلا لأنها استعزت بالله، وحققت الإيمان به، فخاف منها الشرق والغرب، وحذِروا منها، وخافوا وأعدوا واستعدوا وأرعبتهم جميعا بالرغم لا تملك حتى أقل من 1% مما يملكون، ومع ذلك سقط الغرب والشرق أمامها سقوطا مدويا وذهبت مليارات لهم، وسقطت حكومات عليهم، خوفا من قلة قليلة… ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، فما دام وأنها مستعزة بدينها، وأخذت به كما يجب عليها، فلا خوف لو أجتمع من في الأرض بقوتهم، وبجبروتهم، وبأسلحتهم، وبمدخراتهم، وبسلطاتهم، وبأموالهم بأي شىء يملكونه... فلن يهزموهم…
- فالعدد والعدة مع فقد الإيمان ليس بشيء أبدًا، ومن ملك الإيمان، وعاد للرحمن، وحكّم القرآن كان الأقوى والأعظم وانتصر بإذن الله دوما، فمن استعز بالله، وعرف الله، وتعرف عليه، وخافه وحده أخضع له الدنيا: ﴿وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُكرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفعَلُ ما يَشاءُ ۩﴾؛ لأن هؤلاء الذين أخذوا بالإيمان يعلمون على أن من يملكها هو في السماء لا في الأرض، وإن ملكوا كل شيء، فهو آخذ لها إذا شاء أن يأخذها، ويبطلها إذا شاء أن يبطلها جل وعلا ومهما كانت، وكيف كانت، وبأي مكان كانت، حتى لو ملكوا ما ملكوا فإنهم لا يعجزون الله تبارك وتعالى: ﴿وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا سَبَقوا إِنَّهُم لا يُعجِزونَ﴾ ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾…
- وبالتالي هؤلاء المؤمنون الذين تعرفوا على الله حق التعرف هم من يصدق عليهم قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، فإن أخذنا بالإيمان كنا الأعلى على الأقوام، وعلى الأمم بشكل عام، أما إذا كان الإيمان ثانويًا عندنا سيقذف الله في قلوبنا الوهن الذي وصفه نبينا صلى الله عليه وسلم، ويجعل عدم المهابة منا في نفوس أعدائنا، وهو الحاصل علينا اليوم، والذي سيحصل علينا مستقبلا إن استمرينا عليه "وليقذفن الله في قلوبكم الوهن قالوا وما الوهن يا رسول الله? قال حب الدنيا وكراهية الموت..." وهو الحاصل لا شك ولا ريب، حب الدنيا وأطماعها وشهواتها وملذاتها على الآخرة وما فيها حتى يفضل الريال والريالات اليسيرة، واللحظة واللحظات القليلة على صلاة، وعلى دين، وعلى حسنات، وعلى جنة، ووالله لو نادى مناد على أن الجنة مضمونة بعمل كذا وكذا لمدة كذا مثلا أن تلزم المسجد لمدة ساعات أو كذا لك.... فلن يتبعه ولا يبالي به…
- وهذا الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ينادي ويعرض الجنة بأرخص الأثمان، وبأقل التكاليف مع هذا لا مجيب، مع أن ذلك الذي لا يجيب هو أول من يقرأ تلك الآيات الكريمة والعروض الربانية لكنها كأنها لا تعنيه، ولا يعرفها ولا تعرفه، وتخاطب غيره لا هو، ولا يدخل فيها أصلا، وهذه تنهاه عن أشياء فيه يجدها في كتاب الله وهو يعلمها علم يقين أنها فيه لكنه لا يستجيب، ولا يتغير، بل القلب في واد، ولسانه في واد آخر، الإيمان أبعد إليه من المشرق للمغرب: ﴿إِنَّ في ذلِكَ لَذِكرى لِمَن كانَ لَهُ قَلبٌ أَو أَلقَى السَّمعَ وَهُوَ شَهيدٌ﴾.
- فكيف نريد العزة، وكيف نريد أن نكون الأعلى، ولم نأخذ بزنامها، ولم نكن كما يجب أن نكون، وإنه والله لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها، فذلك العربي المسلم الذي كان يخوض الشرق والغرب بعشرات أو بمئات من العدد والعدة وليس له حتى إلا تمرات يسيرة هي عدته القوتية، وليس له إلا سيف وقليل من عدة بسلاح، وإذا به يفتح دولا، ويسقط امبروطوريات عظيمة، ويخوض معارك كبرى انتهت اليوم إلى مسميات تافهة وإلى أشياء لا قيمة لها، إما معروضة على محل تجاري اسمه محل اليرموك، أو بقالة اليرموك، أو قاعة القادسية، وإذا بداخلها الرقص والمهرجانات، أو مدينة الأندلس وإذا بها شاليهات وقل ماشئت من المحرمات…
- يا أسفي الأندلس واليرموك والقادسية أمجاد الإسلام ومعارك الإسلام الضارية إذا هي مسميات فارغة أين العزة، أين المسلمون، أين نحن من الإيمان الذي أخذوا به السابقون، وكيف ارتفعوا وسموا، وكيف أصبحوا يتحدون الشرق والغرب لأنهم أخذوا الإيمان فعلوا واعتزوا وهابهم الآخر لأنهم هابوا الله (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ ). ومن استعز بعزة غير عزة العزيز جل وعلا أهانه الله وأذله (أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا )، وهذه محور القضية استعزينا بغير الله فنادينا اليوم دول الشرق والغرب، وأصبحنا اليوم إذا أصابنا ظلم أو قتل أو دمار ننادي أين للأمم المتحدة والمنظمات الدولية وهم القصعة التي تأكلنا من كل جانب: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها"، وإن كانت هذه قصعة سياسية اليوم ننادي مجلس الأمن وننادي الأمم المتحدة وننادي الاتحاد الأوروبي وننادي أمريكا ننادي أعداءنا علينا ونستلطف أولئك ليقتلونا ويبيدونا يا للتعاسة والحماقة… أين ذهبت عقولنا، وأين كنا?م، وكيف أصبحنا، أمور مقلقة ومؤرقة ومحيرة للأسف الشديد فليس لنا إلا يقظة وعودة إلى الله تبارك وتعالى لعل الله أن يرحمنا وأن يعيدنا لماضي أسلافنا: ﴿لَيسَ لَها مِن دونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فإن الأمم قد تنهار، وقد تضعف، وتمر عليها مراحل كما تمر على أمتنا، ولكنها لا تستمر في الانهيار، ولكنها تستيقظ سريعا، أين أمة الغرب اليوم التي كانت تتعلم منا، وكانت تأتينا، وكانت ترانا فوق رأسها، وتحترمنا حق احترام، وتجلنا حق إجلال، وتخضع لنا حق خضوع، بل كانت تدفع لنا الجزية وهي ذليلة صاغرة، وكانت ترجع إلينا لحماية أنفسها وديارها وأموالها وكانت وكانت… وحدث ما شئت أن تحدث من ماض أضعناه…
- تخيل أن الغربي العجمي الذي لا يستطيع أن ينطق العربية قبل أن يأتي إلى البلاد العربية والإسلامية لابد أن يتقن اللغة العربية؛ عزة ومهابة، ولا ناطق لها من العرب، ولا يحبون الإنجليزية أصلا، ولا يتحدثون عنها، ولا هم منها وفيها، ولا شيء من ذلك أصلا، وليس كما الآن المثقف هو الذي يتمتم بها… بل يقال إن الحبيب إذا أراد أن يدلع حبيبته وأن يستميل قلبها إليه يقول لها بلكنة عربية يريد أن يتمتم بكلمات عربية لعلها تراه أنه مثقف إني أهبك يعني أحبك يقول لها ذلك وكأنه قد أخذ بلغة شريفة، وبقوم أشراف وعظماء… واليوم الواقع خير شاهد!.
- وهذا الواقع الخير شاهد أيها الإخوة لا يجوز أن يستمر، وجريمة أن يستمر، وكل مسلم بيده واجب من ذلك الواجب، ومتحمل لمسؤولية ولأمانة في عاتقه عند ربه، بأن يعمل على لسترداد مجد أمته، ولنصرة دينه، ولانتشال هذه الأمة المحمدية مما هي فيه إلى أحسن مما هي عليه، وعلى أقل الأحوال إلى أحسن مما هي فيه، أما أن تبقى تستجر الماضي، وتبقى في الحضيض، وترجع إلى الورى ألف وألف مرة، فهذا لا يحل، بل هي كارثة عظيمة، ومصيبة جليلة ربما نصاب بقارعة جميعا من ربنا ولا يستثني منا أحدا.
- فالواجب على أبناء الأمة اليوم صغيرها وكبيرها، وذكرها وأنثاها، وكل واحد من أبنائها واجب عليه أن يقوم بهذه المسؤولية، وهي مسؤولية أن يغير نفسه، وأن يغير أمته، وأن يسعى لسترداد مجده، وأن يسعى لنصرة دينه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، التغيير للنفس بالأخذ بالإيمان {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وأن يكف عن ذم نفسه وغيره وعن معاصيه دون توبة حقيقية وعودة صادقة {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ}، وأن يخاطب نفسه بأنه هو السبب لكن مع صدق التوبة إلى ربه {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وأن يجعل نصيبه الأكبر وحظه الأوفر من التوبة والفرار إلى الله تبارك وتعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} .
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/16992
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا1/ربيع الأول/1446هـ ↶ .*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الناظر لأحوال الأمة في هذا البلد، وعلى تراب هذا المصر ليجد المصائب كثيرة، والويلات العظيمة، والفتن النازلة، والمدلهمات المتتالية التي تعصف ببلداننا العربية والإسلامية برمتها لا بلدنا فحسب فنرى بين حين وآخر من كوارث ومدلهمات، ومصائب ونكبات، وإبادات ومجاعات، وفقر، ودمار، وحرب، وسجن، وقتل وإبادات، وهنا وهناك، ولعلك تطلع على هذه وغيرها في أقرب نشرة إخبارية قد لا تتحدث عادة إلا عن الدول العربية والإسلامية خاصة لما فيها ما فيها من هذه الأمور العظيمة الجسيمة والمصائب الخطيرة التي لا تكاد توجد في غيرها للأسف الشديد
- ولعل هنا من الغيورين وعوام الناس حتى وهم كثير يتسائل لماذا إلا عندنا، ولماذا أحيطت إلا بنا، ولماذا لا تعرف إلا إيانا، ولماذا هذه الدماء الزكية لأبناء الإسلام والمسلمين، مع أنها طاهرة عند رب العالمين، بل هي أطهر الدماء وأزكاها وأشرفها لكن نجدها مراقه في كل ساحة، وعلى كل واد، وفي كل بلد، بل هي أتفه الدماء وأرخص الأشياء ولعلها أرخص من الماء!.
فما هو السبب، وما هي العلل، ثم يتساءل أولئك الغيورون هل هذه النكبات وهذه الكوارث وهذه المصائب أسبابها من غيرنا، أم أسبابها منا وفينا، وأسبابها من أبنائنا، أم أسبابنا من أعدائنا، أم أن أسبابها من خارج أوطاننا وفرضت علينا…!.
- هل من أسباب لها حقيقية، هل أسباب هذا التأخر، وهذا التقاعس، وهذا التناحر، وهذا الأمر الذي أصيبت به الأمة، والكابوس الذي حل عليها، وباتت منبوذة حقيرة من غيرها، وأصبحت في مؤخرة القافلة، وأصبحت أمة تافهة وأصبحت حائرة لا تدري أين تتجه… !..
- فهل أسبابها اقتصادية، أم سياسية، أم اجتماعية، أم صناعية، أم تكنولوجية، أم ماذا، أم أن أسبابها هي مخططات الآخرين عليها، والمؤامرات التي تحاك من داخلها وخارجها، والأيادي العابثة التي تديرها، وتفتعل الأزمات والمشاكل التي نراها، أم أن أسبابها هي من أدوات سلطت عليها، أم من عملاء جُعلوا عليها كعبيد لغيرهم، وأسرى بيد سواهم، أم أن أسبابها هي من تأخر أبنائها، وعدم يقظتهم لنهضتها، وعدم للمسؤولية، وأخذهم بزمام المبادرة، وتبلدهم، وضياعهم، وتركهم لدينهم، وعدم تمسكهم بما تمسك به أوائلهم الذين قادوا العالم بأسره، وحكموه من أوله إلى آخره بهذا الدين القويم..
- كل هذه الأسباب يتحدث الناس عنها، ويخبطون هنا وهناك فيها، ولا شك ولا ريب على أن هذه هي أسباب متكاملة ومتعددة تشارك من قريب أو من بعيد فيما نحن فيه، وما صرنا إليه، لكن ليست كل الأسباب، مع أن هذه ما نسميها بأسباب أو أعراض لا المرض الحقيقي الذي أصيبت به الأمة، وأصبحت على ما هي عليه اليوم.
- فهذه الأعراض أيها الإخوة هي من ضمنها وليست هي بذاتها، ولكن السبب الرئيس، والكبير، والطامة العظمى التي حلت بالأمة ولم تتيقظ بعد لإنهائه وللابتعاد عنه هو أولًا منها، هو فيها، وباختصار هو عدم عودتها الحقيقية لربها (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ...)، وهذه الآية الكريمة نزلت بعد غزوة أحد، والمعركة العظيمة التي سقط فيها خيرة الشهداء أمثال مصعب داعية الإسلام الأول وسفيرها المخضرم، وأمثال كثير منهم ما يقرب من سبعين، وقل عن نبينا صلى الله عليه وسلم الذي جرح جراحات لم يجرحها في معركة لا سابقة ولا لاحقة حتى توفى صلى الله عليه وسلم، والتحق بالرفيق الأعلى، ومع هذا فإن الله قد عزرهم وهم صحابة رسول الله، وأفضل الخلق وأزكاهم وأتقاهم وأنقاهم وأصفاهم بعد أنبياء الله مع أنهم لم يفعلوا إلا ذنبًا واحدًا فتسبب في كارثة عظيمة، وهريمة كبيرة لم يتلقوها من قبل البتة ألا وهو مخالفتهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس الجميع من خالف قطعًا ولكنهم قلة قليلة جدًا منهم لا يتجاوزوا الأربعين، وهم الرماة الذين عينهم صلى الله عليه وسلم على جبل الرماة، ومع هذا نزلت الآية، وحلت الهزيمة، وسقط من سقط من الشهداء في هذه المعركة الدامية، فإذا كان هذا الأمر حدث على قوم هم خيار أهل الأرض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بينهم، ومع هذا نزلت فيهم الآية، فمن باب أولى أن تكون متحققة في غيرهم ممن أصابهم ما أصابهم، وحل عليهم ما حل عليهم، ونزل بهم ما نزل بهم بسبب ذنوبهم وهي لا تعد ولا تحصى وليس ذنبًا واحدًا كما هو ذنب الرماة، وليس من بعض أبناء الأمة كما كان من الرماة فقط، بل هو من خاصتهم وعامتهم إلا ما رحم الله فلذلك أصاب الأمة اليوم ما أصابها: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).
- فلما فقدت الأمة الإيمان فقدت العلو في الأرض، وأصبحت ذليلة، حقيرة، لا وزن لها ولا قيمة عند أمم أهل الأرض: ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، إذن لنفهم أن السبب الأول منا وإلينا وفينا وأما الأعراض الأخرى فلا نتعلل بها، فتركنوا عليها ولا تنتشلوا أنفسكم من معارك أنتم تقودونها، وأنتم أيضاً تديرونها، وتتناحرون فيما بينكم البين على أمور تافهة وللعبث والفوضى ونبذ العقل أقرب فالواجب على المسلمين الاستيقاظ حتى لا يستفحل الأمر أكثر وأكثر، وبالتالي كلما تأخر العلاج كلما صعبت معالجته، وكلما تعسر على الأطباء انتشاله، وتقديم خدمة له، بل يؤدي غالبًا إلى وفاته وهو الإستبدال الذي ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾، ﴿إِن يَشَأ يُذهِبكُم أَيُّهَا النّاسُ وَيَأتِ بِآخَرينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَديرًا﴾، فإما أن نراجع أنفسنا، أو أن يرجعنا ربنا إليه، وأن يستبدل بنا غيرنا، وأن يجعل غيرنا هم خير منا لقيادة هذا الدين، ولعودته كما كان عليه، السابقون ألا فإن الواجب علينا أن نستيقظ، وأن نعود لله ﷻ.
- ألا وإن نبينا صلى الله عليه وسلم قد دلنا، وحذرنا، وحثنا، وبينا كل شيء لنا، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنا إلا هالك، فقال عليه الصلاة والسلام مصرحًا لا ملمحًا وذاكرًا في نفس الوقت الداء والدواء، المرض والعلاج في حديث واحد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا المرض الذي في الأمة هو مرضنا الآن مرض الكثرة مع قلة المصلحين، ألا وهو الوهن الذي أصاب الأمة: "يوشك الأمم أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها"، فقالوا أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: "لا، بل أنتم يومئذ كثير لكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن من قلوب عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن"، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت"… هذا الحديث هو أكشف حديث في موضوعنا، وأبرز حديث يوضح ويبين الكارثة التي أصبنا بها، والطامة الكبرى التي حلت علينا…
- فنحن كثير جد كثير ونبلغ الآن أكثر من ملياري مسلم فليس من قلة حتى أن غيركم يستضعفوكم لقلة عددكم، ولقلة عدتكم، ولما معكم، لا ليس لذلك وتأمل قول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة قلوب أعدائكم منكم"، يعني لا يهابونكم، ولا يخافون من عددكم، ولا من عدتكم، ولا من جيوشكم، ولا من قادتكم، ولا من أحزابكم، ولا أي شيء كان معكم، وتملكونه، وتتحكمون فيه، بل هم يحكمونكم، ويتحكمون فيكم، "أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل"… ويكفي بهذه اللفظة من العار والخزي والذل والهوان أن يقول عليه الصلاة والسلام نحن كغثاء السيل ينتهي (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ...)، كغثاء السيل "ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن"، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت" .
- إذن فالسبب هو الوهن الذي أصيبت به الأمة اليوم فجعل الله في قلوبنا هذا الوهن، وجعل في قلوب أعدائنا عدم المهابة منا، فلا خوف من قتل وإبادات وسحب وسجن ونهب وأخذ وبطش واحتقار وقل ما شئت مع أنكم كثير أكثر من ملياري مسلم، ما الذي أغنتهم هذه الكثرة، وما الذي جعل قلة قليلة في غزة العزة تعتز بدينها وبإسلامها وبانتسابها تواجه العالم بأكمله وماذاك إلا لأنها استعزت بالله، وحققت الإيمان به، فخاف منها الشرق والغرب، وحذِروا منها، وخافوا وأعدوا واستعدوا وأرعبتهم جميعا بالرغم لا تملك حتى أقل من 1% مما يملكون، ومع ذلك سقط الغرب والشرق أمامها سقوطا مدويا وذهبت مليارات لهم، وسقطت حكومات عليهم، خوفا من قلة قليلة… ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، فما دام وأنها مستعزة بدينها، وأخذت به كما يجب عليها، فلا خوف لو أجتمع من في الأرض بقوتهم، وبجبروتهم، وبأسلحتهم، وبمدخراتهم، وبسلطاتهم، وبأموالهم بأي شىء يملكونه... فلن يهزموهم…
- فالعدد والعدة مع فقد الإيمان ليس بشيء أبدًا، ومن ملك الإيمان، وعاد للرحمن، وحكّم القرآن كان الأقوى والأعظم وانتصر بإذن الله دوما، فمن استعز بالله، وعرف الله، وتعرف عليه، وخافه وحده أخضع له الدنيا: ﴿وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُكرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفعَلُ ما يَشاءُ ۩﴾؛ لأن هؤلاء الذين أخذوا بالإيمان يعلمون على أن من يملكها هو في السماء لا في الأرض، وإن ملكوا كل شيء، فهو آخذ لها إذا شاء أن يأخذها، ويبطلها إذا شاء أن يبطلها جل وعلا ومهما كانت، وكيف كانت، وبأي مكان كانت، حتى لو ملكوا ما ملكوا فإنهم لا يعجزون الله تبارك وتعالى: ﴿وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا سَبَقوا إِنَّهُم لا يُعجِزونَ﴾ ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾…
- وبالتالي هؤلاء المؤمنون الذين تعرفوا على الله حق التعرف هم من يصدق عليهم قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، فإن أخذنا بالإيمان كنا الأعلى على الأقوام، وعلى الأمم بشكل عام، أما إذا كان الإيمان ثانويًا عندنا سيقذف الله في قلوبنا الوهن الذي وصفه نبينا صلى الله عليه وسلم، ويجعل عدم المهابة منا في نفوس أعدائنا، وهو الحاصل علينا اليوم، والذي سيحصل علينا مستقبلا إن استمرينا عليه "وليقذفن الله في قلوبكم الوهن قالوا وما الوهن يا رسول الله? قال حب الدنيا وكراهية الموت..." وهو الحاصل لا شك ولا ريب، حب الدنيا وأطماعها وشهواتها وملذاتها على الآخرة وما فيها حتى يفضل الريال والريالات اليسيرة، واللحظة واللحظات القليلة على صلاة، وعلى دين، وعلى حسنات، وعلى جنة، ووالله لو نادى مناد على أن الجنة مضمونة بعمل كذا وكذا لمدة كذا مثلا أن تلزم المسجد لمدة ساعات أو كذا لك.... فلن يتبعه ولا يبالي به…
- وهذا الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ينادي ويعرض الجنة بأرخص الأثمان، وبأقل التكاليف مع هذا لا مجيب، مع أن ذلك الذي لا يجيب هو أول من يقرأ تلك الآيات الكريمة والعروض الربانية لكنها كأنها لا تعنيه، ولا يعرفها ولا تعرفه، وتخاطب غيره لا هو، ولا يدخل فيها أصلا، وهذه تنهاه عن أشياء فيه يجدها في كتاب الله وهو يعلمها علم يقين أنها فيه لكنه لا يستجيب، ولا يتغير، بل القلب في واد، ولسانه في واد آخر، الإيمان أبعد إليه من المشرق للمغرب: ﴿إِنَّ في ذلِكَ لَذِكرى لِمَن كانَ لَهُ قَلبٌ أَو أَلقَى السَّمعَ وَهُوَ شَهيدٌ﴾.
- فكيف نريد العزة، وكيف نريد أن نكون الأعلى، ولم نأخذ بزنامها، ولم نكن كما يجب أن نكون، وإنه والله لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها، فذلك العربي المسلم الذي كان يخوض الشرق والغرب بعشرات أو بمئات من العدد والعدة وليس له حتى إلا تمرات يسيرة هي عدته القوتية، وليس له إلا سيف وقليل من عدة بسلاح، وإذا به يفتح دولا، ويسقط امبروطوريات عظيمة، ويخوض معارك كبرى انتهت اليوم إلى مسميات تافهة وإلى أشياء لا قيمة لها، إما معروضة على محل تجاري اسمه محل اليرموك، أو بقالة اليرموك، أو قاعة القادسية، وإذا بداخلها الرقص والمهرجانات، أو مدينة الأندلس وإذا بها شاليهات وقل ماشئت من المحرمات…
- يا أسفي الأندلس واليرموك والقادسية أمجاد الإسلام ومعارك الإسلام الضارية إذا هي مسميات فارغة أين العزة، أين المسلمون، أين نحن من الإيمان الذي أخذوا به السابقون، وكيف ارتفعوا وسموا، وكيف أصبحوا يتحدون الشرق والغرب لأنهم أخذوا الإيمان فعلوا واعتزوا وهابهم الآخر لأنهم هابوا الله (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ ). ومن استعز بعزة غير عزة العزيز جل وعلا أهانه الله وأذله (أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا )، وهذه محور القضية استعزينا بغير الله فنادينا اليوم دول الشرق والغرب، وأصبحنا اليوم إذا أصابنا ظلم أو قتل أو دمار ننادي أين للأمم المتحدة والمنظمات الدولية وهم القصعة التي تأكلنا من كل جانب: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها"، وإن كانت هذه قصعة سياسية اليوم ننادي مجلس الأمن وننادي الأمم المتحدة وننادي الاتحاد الأوروبي وننادي أمريكا ننادي أعداءنا علينا ونستلطف أولئك ليقتلونا ويبيدونا يا للتعاسة والحماقة… أين ذهبت عقولنا، وأين كنا?م، وكيف أصبحنا، أمور مقلقة ومؤرقة ومحيرة للأسف الشديد فليس لنا إلا يقظة وعودة إلى الله تبارك وتعالى لعل الله أن يرحمنا وأن يعيدنا لماضي أسلافنا: ﴿لَيسَ لَها مِن دونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فإن الأمم قد تنهار، وقد تضعف، وتمر عليها مراحل كما تمر على أمتنا، ولكنها لا تستمر في الانهيار، ولكنها تستيقظ سريعا، أين أمة الغرب اليوم التي كانت تتعلم منا، وكانت تأتينا، وكانت ترانا فوق رأسها، وتحترمنا حق احترام، وتجلنا حق إجلال، وتخضع لنا حق خضوع، بل كانت تدفع لنا الجزية وهي ذليلة صاغرة، وكانت ترجع إلينا لحماية أنفسها وديارها وأموالها وكانت وكانت… وحدث ما شئت أن تحدث من ماض أضعناه…
- تخيل أن الغربي العجمي الذي لا يستطيع أن ينطق العربية قبل أن يأتي إلى البلاد العربية والإسلامية لابد أن يتقن اللغة العربية؛ عزة ومهابة، ولا ناطق لها من العرب، ولا يحبون الإنجليزية أصلا، ولا يتحدثون عنها، ولا هم منها وفيها، ولا شيء من ذلك أصلا، وليس كما الآن المثقف هو الذي يتمتم بها… بل يقال إن الحبيب إذا أراد أن يدلع حبيبته وأن يستميل قلبها إليه يقول لها بلكنة عربية يريد أن يتمتم بكلمات عربية لعلها تراه أنه مثقف إني أهبك يعني أحبك يقول لها ذلك وكأنه قد أخذ بلغة شريفة، وبقوم أشراف وعظماء… واليوم الواقع خير شاهد!.
- وهذا الواقع الخير شاهد أيها الإخوة لا يجوز أن يستمر، وجريمة أن يستمر، وكل مسلم بيده واجب من ذلك الواجب، ومتحمل لمسؤولية ولأمانة في عاتقه عند ربه، بأن يعمل على لسترداد مجد أمته، ولنصرة دينه، ولانتشال هذه الأمة المحمدية مما هي فيه إلى أحسن مما هي عليه، وعلى أقل الأحوال إلى أحسن مما هي فيه، أما أن تبقى تستجر الماضي، وتبقى في الحضيض، وترجع إلى الورى ألف وألف مرة، فهذا لا يحل، بل هي كارثة عظيمة، ومصيبة جليلة ربما نصاب بقارعة جميعا من ربنا ولا يستثني منا أحدا.
- فالواجب على أبناء الأمة اليوم صغيرها وكبيرها، وذكرها وأنثاها، وكل واحد من أبنائها واجب عليه أن يقوم بهذه المسؤولية، وهي مسؤولية أن يغير نفسه، وأن يغير أمته، وأن يسعى لسترداد مجده، وأن يسعى لنصرة دينه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، التغيير للنفس بالأخذ بالإيمان {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وأن يكف عن ذم نفسه وغيره وعن معاصيه دون توبة حقيقية وعودة صادقة {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ}، وأن يخاطب نفسه بأنه هو السبب لكن مع صدق التوبة إلى ربه {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وأن يجعل نصيبه الأكبر وحظه الأوفر من التوبة والفرار إلى الله تبارك وتعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} .
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A