سلسلة البدر التمام في شرح أركان الإسلام - الركن - الرابع صيام رمضان الدرس الأول: حكم صيام رمضان ...

منذ 2018-04-27
سلسلة البدر التمام في شرح أركان الإسلام - الركن - الرابع صيام رمضان
الدرس الأول:
حكم صيام رمضان وحكم منكره
صوم رمضان ركن من أركان الإِسلام، وفرض من فرائضه. قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] (البقرة 183).
وفي قوله تعالى [كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ] مواساة لأمة النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم ليسوا أول من فرض عليهم الصيام، فهو عبادة قديمة.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ] (البخاري 8).
وأجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان، وأنه أحد أركان الإِسلام، التي عُلِمَت من الدين بالضرورة، وأن منكره كافر مرتد عن الإسلام. (من كتاب الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز).
وهناك فرق بين تارك للصيام وهو مقر به وبين منكر
الصيام. فالأول عاصٍ بتركه للصيام الذي افترضه الله عليه، وعليه أن يتوب من ذلك ويقضي ما عليه.
وأما الثاني فهو كافر مرتد عن دين الله تعالى لأنه أنكر ركناً من أركان هذا الدين، وأيضاً إنكاره للصيام إنكارٌ للقرآن، الذي أثبت فرضية الصيام.
تعريف الصوم
هو التعبد لله، بالإمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
شرح التعريف
التعبد لله: ليؤكد أهمية النية في الصيام، وليخرج من معنى العبادة من أمسك لغرض علاجي أو إضراباً عن الطعام أو أمر أخر.
بالإمساك: وهو الامتناع عن تناول المفطرات كالطعام والشراب، وما يقوم مقامهما كالحقن المغذية، والامتناع
عن الجماع وما في معناه كتعمد الاستمناء.
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس: هذا هو التوقيت الذي حده الله عز وجل لإمساك الصائم، فقال [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ] (البقرة 187). فمن أمسك بعد الفجر، أو أفطر قبل غروب الشمس ذاكراً مختاراً متعمداً، فصيامه باطل، وعليه القضاء.
أما من فعل ذلك بالخطأ أو النسيان فسيأتي تفصيل حكمه فيما بعد.

الحكمة من مشروعية الصيام
الصيام فيه تزكية للنفس، وتطهيرٌ لها من الأخلاق الرذيلة السيئة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف الصائم بصفات الأخلاق الحميدة فقال [الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ] (البخاري 1894).
وفيه باعث على العطف على المساكين والإحساس بآلامهم
لما يذوقه الصائم من ألم الجوع والعطش.

بداية فرض الصوم وكيفيته
فرض الصوم أول ما فرض على المسلمين في السنة الأولى للهجرة عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة يقول ابن عباس رضي الله عنه {قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ} (البخاري 2004).
فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيامه [أَرسل رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ] [البخاري 2007].
وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ] (البخاري 2001).
هذا كان أول ما فرض من الصيام على المسلمين ثم بعد ذلك فرض صيام رمضان في السنة الثانية للهجرة.
وهذا من التدرج في تشريع الأحكام كالعادة في دين الإسلام.
وقد قال بعض المفسرين أن صيام رمضان لما فرض كان في أول الأمر على التخيير من شاء صام ومن شاء أفطر وفدى عن صيامه بإطعام مسكين، وذلك من قول الله تعالى [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ] فقالوا يطيقونه: أي يطيقون الصيام لكنهم لا يريدون الصوم فعليهم الفدية، والصيام خير لهم مع جواز الفطر.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ [لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ، حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا] (مسلم 1145).
ثم جاء الأمر بالإلزام في قوله تعالى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ] فكل من شهد أي حضر شهر رمضان وتوفرت فيه شروط وجوب الصوم، وجب عليه الصيام ولا يجوز الفطر إلا لأصحاب الأعذار. (مختصر من تفسير ابن كثير).
* وكان زمن الإمساك من العشاء أو النوم بعد المغرب إلى غروب الشمس، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ [كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لاَ وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ] فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ] [البخاري 1915].
ثم نسخ كل ذلك من رحمة الله علينا فأصبح زمن الصوم من الفجر إلى غروب الشمس فقط وباقي الليل نأكل ونشرب ونتمتع بما أحل الله لنا.

59df34c2e3914

  • 0
  • 0
  • 82

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً