*خطتك المقترحة في شهر الرحمة* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي ...

منذ 2025-05-19
*خطتك المقترحة في شهر الرحمة*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/_wnBROWYyfk?si=G11TYFRr0skn45Nd
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 29/شعبان /1446هـ ↶


الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فإن المؤمن، وهو في طريق سيره إلى ربه سبحانه وتعالى لا بد أن تعترضه الأهواء والرغبات والشهوات والمضلات والفتن والمدلهمات، وتتجاذبه هذه تاره إليها، وهذه الأخرى تارة إلى طريقها، وكلما استقام نحو ربه تتجاذبه أمور أخرى تريده نحوها، وهو يجاذب نفسه حتى يستقيم مع ربه سبحانه وتعالى، فإما يفوز فيفلح، وإما يخسر الخسارة الحقة في دنياه وآخراه، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم مصداقًا لذلك كله: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾… أي عن صراطه المستقيم، وعن طريقه الواضح المبين، وعن منهجه الحق، عن جنته جنة الصدق، عن ما وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة من سعادة حقة، وراحة طيبة:﴿مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، وقال: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، فهو في ضنك دائم، فحياته في شقاء وتعاسة، لأن الأهواء تجاذبته نحوها وهو أقبل عليها، ولم يغالبها، بل هو مستعد لها، لأن لا مكافح لديه حقيقي ليدفعه نحو ربه، ويجعله لا يحيد عن منهج نبيه صلى الله عليه وسلم.

- فترى ضعيف الإيمان يستسلم للهوى سريعًا، ويهرول نحوه هرولة، فكلما ارتفع شعار من شعارات الأهواء، والرغبات، والملذات، والركون إلى الدنيا الفانية فإنه ينجذب نحوها، ويحبها، ويرغب فيها، لربما يظل فيها لسنوات، وربما لأشهر، وربما حتى يموت وهو لا يزال في تخبط، وفي عَشْوَاء، وفي راية شيطانية بدأت بخطوة، وانتهت بخطوات إلى ما لا نهاية لكن من قطعها من بدايتها، فاز مع ربه، واستقام مع مولاه سبحانه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُواتِ الشَّيطانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...﴾، فبدلاً من أن كانت خطوات يسيرة نحو البعد عن ربه، إذا هي فواحش ومنكرات وكبائر وجرائم ومحرمات عظيمة، وترك فرائض، وما شئت من هذه الأمور التي تقطعه وتشغله سبحانه وتعالى، وكل يغدو، كما قال صلى الله عليه وسلم: "كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"، هو بالخيار فإما أن يعتق نفسه، فيحررها من رق الدنيا، ومن رق العبودية للشهوات والأهواء، إلى العبودية لرب العالمين سبحانه وتعالى.

- فلا بد من عبودية، فمن لم يرتض بالله معبودًا ارتضى بغيره معبودًا، وأصبح متخبطًا في أهوائه ورغباته، ومتعلقًا بحياته الدنيا، ثم لن يفلح في دنياه ولا في آخرة، فظل على ما هو عليه إن لم يكن في انهيار، لكن المؤمن الحق هو من لا يرتضي إلا بالله، إلا بسبيل ربه وبطريق مولاه وحبيبه، وبهذا المنهج الحق.﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ...﴾، هذا هو الشعار…

-ثم إن شعار المؤمن الحق أن حياته كلها وأعمالها كلها لربه سبحانه وتعالى: ﴿قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ﴾، هذا هو الطريق الذي اتخذه منذ بداية حياته حتى لاقى ربه جل جلاله دون أن تغره دنيا فانية، وحياة تافهة؛ لأنه قد ارتفع عنده الشعار الأكبر والأبرز والأعظم، وهو شعار: ﴿وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، فهو يعاجل إلى ربه سبحانه وتعالى، ولا يبتغي إلا الله، ولا يرجو إلا الله، ولا يعبد إلا الله، ولا يتبع إلا سبيل الله سبحانه وتعالى، وبذلك أفلح كل الفلاح؛ لأنه عرف الطريق الذي لا تحيد به يمنةً ويسرة، بل هو متجه نحوه مهما ارتفعت من شعارات باطلة أو أهواء كاذبة أو دنيا فانية، فقد اختار الطريق، فلا يغره شعار الباطل مهما تجمل وتحسن؛ لأنه قد انتصب نحوه الشعار الأبرز: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ فهو ينظر إليه، ويراه إمامه، ويعترض له في كل اتجاهاته ولهذا يبتغي إياه لا يبتغي سواه: ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ...﴾. وأيضًا: ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُم مِنهُ نَذيرٌ مُبينٌ﴾…

- وإذا كانت هناك أوقات عظيمة، ومواطن فاضلة، وأيام مباركة، وأزمان ربانية فإنه لا يمكن أن تفوته، ولا يمكن إلا وهو من أسبق الناس وأولهم في الاتجاه إلى رب الناس سبحانه وتعالى؛ لأن الشعار هو الشعار الذي اتخذته من قبل: ﴿وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، فهو مسارع قبل الناس، فهو لا يمكن أن يكون كأي إنسان ما دام أنه يسعى إلى ربه سبحانه وتعالى، بل هو يريد السبق، وأن يفوز دائماً وأبداً بجائزة عرضها السماوات والأرض: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾… ﴿وَإِذ قالَ موسى لِفَتاهُ لا أَبرَحُ حَتّى أَبلُغَ مَجمَعَ البَحرَينِ أَو أَمضِيَ حُقُبًا﴾…

- ذلك المؤمن الحق هو الذي يبتكر هذه الفرص ويتحينها ويتنبه لها، ويهتم كل اهتمام بما فيها، وأمثل عليها لو افترضنا أن تاجراً من التجار سمع بصفقة عظيمة مربحة، سينال بها فرصة سانحة للربح الوفير، والإنجاز العظيم، وبعمل يسير لربما يقطع بها أشواط سنوات كثيرة متعبة مرهقة ليربح كربحها، وبضائع متعددة ليصل لها، لكن فاتته هذه الصفقة… فماذا سيكون حاله؟ كم سيحزن؟ كم سيندم؟ كم سيتحسر؟ كم سيتخذ هذا الموقف درسًا لحياته ليتعلم منه ويحدث الناس عنه؛ لأنها فاتته دنيا فانية، وصفقة رابحة في دنياه الغابرة، لكن بالنسبة لأمور الآخرة ماذا عن صفقات كبيرة، وأرباح عظيمة، وأجور مباركة تفوته دون مبالاة بها البتة كشهر رمضان مثلا ونحوه…!.

- لكنه ضعف الإيمان، وانقلاب الموازين، وانعدام اليقين… وإني أنادي… ألا إن صفقات رب العالمين سبحانه وتعالى هي المربحة، هي الحقة، هي التجارة الرابحة: ﴿هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ﴾، هذه هي التجارة التي في كل لحظة تعترض للمسلم وهو بين خيارين إما أن يقبل بها، أو يعرض عنها… وهذه هي الكارثة الحقيقية التي نراها عند كثير من الناس خاصة في شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، شهر المغفرة، شهر العتق من النار، شهر التوبة شهر الإقبال على رب البرية جل جلاله… فأين نحن منه، وهل شمرنا لنغتنم هذه التجارة الرابحة، والجنة المعروضة لنا…!.

- فماذا عنا؟ وما هو موقفنا، وماذا عنا؟ ما الذي أعددنا؟ ما هو واجبنا ودورنا…هل سنغتنم هذه الفرصة أم لن نفعل أصلا؟… أم أننا تعرض لنا هذه الأمور الدنيوية فننشغل بها عن هذه الفرصة الربانية، بأرباح دنيوية، وبشهوات زائلة، وبأمور حقيرة، لكننا نترك لأجلها هذه الفرصة الربانية التي ارتفع شعارها، وظهرت علاماتها، وربنا سبحانه وتعالى المنادي بها جل وعلا: ﴿هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ﴾…!.

- فهذه التجارة الرابحة هي تجارة رمضان المبارك، هي أيام رمضان المبارك التي ينزل فيها رب العالمين سبحانه وتعالى رحمته، ويفتح جنته، ويقبل على عباده، ويقيد أعداءه، وأعداء الناس جميعاً الذين يضلونهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "وتصفَّد مردة الشياطين، وتفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وينادي منادٍ من السماء: "يا باغي الخير، أقبل، ويا باغي الشر، اقصر"، أي خفف، انتهِ، انزجر، اتعظ…

- ألا فقد جاءت فرصة العباد في الإقبال على رب العباد سبحانه وتعالى بدخول شهر رمضان المبارك فإما أن نغتنم هذه الفرصة السانحة ونتاجر مع الله بها، فنفوز بها ونفلح بسببها، أو نخسرها فيا ويلنا… وبذلك تحقق فينا دعاء جبريل عليه السلام وتأمين النبي صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف من أدركه رمضان ولم يُغفر له، قل آمين يا محمد"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمين…"..

- ألا وإن الفرص تمر مر السحاب، تمر علينا سريعًا، ولا نعرف بدايتها من نهايتها، بل لربما تخفى على كثير من الناس، ورمصان فرصتنا، وغنيمتنا، وأنسنا، وميدان سباقنا، ومحطة كبرى لنا، وفيه فوزنا، ودخول جنة ربنا المفتحة لنا كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم: "وتفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار"، ويعتق الله جل وعلا في كل يوم عبادًا من النار، بل بمجرد دخول رمضان يغفر الله للعباد: "ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن"، ومن صامه يغفر له ذنبه بشرطه: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، و "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، و: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"… فهل سنتعرض لمغفرة الله، ونقبل بحق وصدق وعزم على الله، وتكون خطتنا العظمى وفرصتنا الكبرى في الاتجاه لله جل في علاه…!.

- ثم إن الموفق من وفقه الله، ولذلك علَّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقول دبر كل صلاة: "اللهم اعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك"، فليست المسألة هينة أو يسيرة بأن كلما ارتفعت هذه صفقة ربانية أقبل عليها الإنسان، واستغلها بل كثيرون يصومون، لكن ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ومن قيامه إلا التعب والنصب، ولهذا لا يتحقق فيهم هدف الصيام وهو تحقيق التقوى في القلب…﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ فمن حقق هذه الغاية ووصل إلى هذا الهدف النبيل ألا وهو التقوى فقد فاز، وحقق مراد الصيام وهدفه…

- فالواجب علينا أن نركز على كيفية استثمار رمضان بشكل أفضل، كيف يخطط المسلم لوقته، ما هي أولوياته وجدول أعماله في هذا الشهر الفضيل، يجب أن يكون لنا الشعار الواضح في هذا الشهر، ورؤية تتعلق بكيفية استغلال هذه الفرص الثمينة التي تعرض علينا.

- كثير من الناس قد يخططون لأمور الدنيا،
لأمور تافهة، لربما يعدون برامجهم الفضائية والتواصلية، ويعدون قائمة من الأعمال المقضية في أيامهم، لكن ماذا عن الآخرة؟ ماذا عن جنة الله الباقي؟ ماذا عن ربه سبحانه وتعالى؟ كيف وكلا وهذا الله يقول: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾ فمن انشغل بغير الله، سينشغل سيتيه، ويضيع، وقد لا يفيق من غيبوبته، وقد ربما لا ينتهي منها، لكن من حدد الطريق وانشغل بربه، فإن أي قاطع يقطعه عن الله لا بد أن يرده إلى ربه سبحانه وتعالى، لأنه حدد الهدف، لأنه حدد الجدول، لأنه أعد الخطة، فإما أن يخطط لنجاته، أو يخطط لهلاكه، إما أن تكون ممن يخطط للوصول إلى ربّه، أو أن يخطط عليه فيكون في غير رضا رب العالمين سبحانه وتعالى، فهو خيار: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.

- وإن وأعظم ما ينشغل به المسلم في شهر رمضان من خطة توصله إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، هو القرآن، نعم القرآن الذي شهر رمضان بما فيه ذكرى موعد نزول القرآن، وإذا كان السلف يتركون مجالسهم، سواء كانت مجالس الذكر التعليمية، أو الأوراد الشرعية، أو الأمور الأخروية، لكنهم لا ينشغلون بها في رمضان بل فقط بالقرآن القرآن القرآن حتى إن أئمة كبار كانوا يتركون مجالس الحديث ومجالس العلم، وينطلقون إلى المسجد وإلى القرآن وإلى بيوتهم للعكوف على كتاب الله ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...﴾. فهو موعد نزول القرآن تجديد لهذا الموعد العظيم، ولذا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقى جبريل عليه السلام في رمضان، فيقرأ النبي عليه القرآن مرة، ويقرأ عليه مرتين كما في آخر سنة من حياته صلى الله عليه وسلم…

- فإذا كان السلف يودعون مجالس ويؤثِرون قراءة القرآن على كل مجلس، فماذا يجب أن ننشغل نحن؟ وما هو الشيء الذي يستحق أن نترك له هذا الكتاب الكريم والعظيم؟، وإذا كان في غير رمضان، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، "الحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها"، وهذا في أي يوم من الأيام، فماذا عن شهر رمضان؟ وإذا كان فضل الذهاب للمسجد وقراءة القرآن فيها بخير من الدنيا كلها فكيف برمضان: "أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم" فقلنا يا رسول الله نحب ذلك قال: "أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقة، أو ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل" والحديث رواه مسلم، وهكذا يقول عليه الصلاة والسلام، وهي آية فكيف وهي آيات؟ كيف وهي أجزاء؟ يرتلها ويحسنها ويتدبر فيها، ويتخشع فيها، ثم ينطلق للعمل بها.

- هذا هو الشعار الأول والأهم ألا وهو القرآن الكريم وهذه هي الخطة الأولى، وهذه هي الخطة الأسمى والأكبر والأهم أيضًا، ثم ينبغي أن نركز على قراءة السور والآيات الفاضلة، مثل آية الكرسي التي هي أعظم آية في كتاب الله، وأيضًا سورة الإخلاص التي هي أكثر سورة أجرًا والتي من قرأها مرة كأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها ثلاثًا فكأنما قرأ القرآن كله، كما في الحديث الصحيح، وكذلك من قرأها عشر مرات بنى الله له قصرًا في الجنة، عشرة مرات لا تكلفه سوى أقل من دقيقة، وإذا به يبني قصرًا في جنة الله الخالدة. لو عمل المرء في الدنيا من أجل أن يبني قصرًا لفنت حياته وأمواله من أجل ذلك، فكيف وهو في جنة الله سبحانه وتعالى؟.
- ثم كذلك ينشغل بقيام الليل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" فينشغل بقيام الليل، وليس بالضرورة أن يكون القيام بالصلاة فقط، بل يمكن أن يكون قيام الليل بقراءة القرآن، بالاستغفار، بالتكبير، بالتهليل، يتقلب من ذكر إلى ذكر، بالتفكر في مخلوقات الله، بالقراءة فيكون قائمًا لربه سبحانه وتعالى… وهذا أفضل له كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "ألا أنبئكم بخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا ذكر الله"، أي أن يذكر الإنسان ربه سبحانه وتعالى، ومن ذكر الله ذكره الله: ﴿فَاذكُروني أَذكُركُم وَاشكُروا لي وَلا تَكفُرونِ﴾.

- وفي آخر الليل قبل الفجر يلزم الاستغفار ولا بد أن يكون من ورده الذي لا يفرط فيه مهما كان الأمر، بل هو أفضل في ذلك الوقت حتى من قراءة القرآن؛ لأن قراءة القرآن وقته متسع، أما الاستغفار فأفضل وقته مضيق ففضلنا الضيق: ﴿وَبِالأَسحارِ هُم يَستَغفِرونَ﴾ ﴿الصّابِرينَ وَالصّادِقينَ وَالقانِتينَ وَالمُنفِقينَ وَالمُستَغفِرينَ بِالأَسحارِ﴾…

- وينبغي أن يحرص على المحافظة على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة من غير الفرائض، فإنه بها يبني قصرًا في الجنة كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكلما كثرت ركعاته كثرت قصوره، ولا شك ولا ريب كما في الحديث الصحيح عند البخاري وغيره.

- ويحرص على صلاة الجماعة ويدرك تكبيرة الإحرام أربعين يوما ليكتب الله براءة من النار، وبراءة من النفاق كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان براءة من النار، وبراءة من النفاق".

-أيضاً فإنه يختصر الجنة بمسألة الخشوع لربه سبحانه وتعالى، وإن فاته الخشوع في غير رمضان فلا ينبغي أن يفوته في رمضان. فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن دمعة يختصر بها الإنسان مسافات شاسعة، وأعمال كبيرة وكثيرة لكن إذا كانت خالصة لله فيها: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، فيبكي من خشية الله سبحانه وتعالى طلبًا للجنات، وخاصة في الخلوات، فيتنبه لها جيدًا؛ ففي الحديث الصحيح المتفق عليه الذي يتحدث فيه النبي صلى الله عليه وسلم ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله يقول صلى الله عليه وسلم: "ورجل ذكر الله خاليًا،ة ففاضت عيناه".

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:


- فإنه لا بد أن ننشغل بخطة محكمة تقودنا إلى الدار الآخرة ورضا رب العالمين جل جلاله، ولقد عددنا بعض العبادات والطاعات التي ينبغي للمسلم أن ينشغل بها في شهر رمضان، حتى لا تتخطفه الأهواء والملذات والرغبات، خاصة في هذه الدنيا التي قد عرضت للعبد أهواءها ورغباتها وملذاتها، فإما أن يختارها أو أن يختار ربه سبحانه وتعالى…

- ينبغي أيضًا أن ينشغل بقراءة القرآن في مسجده، ويحرص على أن يبقى في المسجد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، خاصة بعد الفجر. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن "من صلى الغداة -يعني الفجر- جماعة ثم قعد في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كان كتب الله له حجة وعمرة تامة، تامة، تامة".

كما أن من استطاع أن يعتمر العمرة الحقيقية فهو خير وبركة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان كحجة معي".

- وكذلك ينوي دوماً عند دخوله إلى المسجد في أي وقت، ومهما أراد أن يمكث فيه من وقت ولو في لحظة، ولو ساعة، ولو حتى دقائق معدودة، بأن يجعل النية نية اعتكاف في بيت الله سبحانه وتعالى.

- وكذلك ينشغل بذكر الله عامة، وينشغل بالصدقة أكثر من انشغاله بها في غيره؛ فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، وينوع صدقة للفقراء، والمساكين، والأرحام، وصدقة لإخواننا المستضعفين في غزة وفي بلاد المسلمين عامة، وينشغل بدعاء ربه جل جلاله، فهو عبادة عظيمة، ودعاء الصائم مجاب خاصة عند إفطاره، وكذا ينشغل ويصب اهتمامه بليلة القدر فهي خير من ألف شهر كما أخبر ربنا جل وعلا…

-فهذه عبادات يسيرة، وإلا فالعبادات كثيرة والعبادة تشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال والحركات والسكون، فكلما نوى العبد لربه فهو خير وبركة يصل به إليه سبحانه وتعالى،

وهناك أنواع من الخيرات المباركة التي ينبغي للمسلم أن ينشغل بها في شهر رمضان، حتى لا تشغله الأهواء والملذات: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذينَ آمَنوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾…

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A

61979ea27ccc8

  • 0
  • 0
  • 11

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً