آخر جمعة من رمضان أحكام زكاة الفطرة #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي ...

منذ 2025-05-19
آخر جمعة من رمضان أحكام زكاة الفطرة
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط وانظم بقناة الشيخ تليجرام 👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/14226
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 26/رمضان/
1445هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فإن الأيام تطوى، والعمر يمضي، وإنما هذه الأيام، وهذا العمر، وهذه السنين، وهذه الساعات، واللحظات، وكل شيء في الحياة إنما يذكّر الإنسان برحيله الكبير، وبمغادرة الحياة الدنيا إلى الحياة الأخرى، لمغادرة دار الدنيا إلى دار البقاء، لهجرته من هذه الدار التي هي كما قيل عنها:
أحلام نوم أو كظل زائل
إن الحليم بمثلها لا يُخدع

- هذه الأيام والأزمنه الذاهبة الآتية إنما هي عبرة وعظة ورمضان شاهد على ذلك؛ إذ هو أقرب مثال لنا لننظر في أيامنا وأعمالنا، وفي أزماننا أنه كما رحل سنرحل، وكما ذهب سنذهب، وكما ودعنا سيودعنا غيرنا في الدنيا، وسنودع الدنيا نحن أيضًا، وهذه الأيام دول تذهب أيام وتخلف غيرها، ونذهب عنها ونرحل إلى غيرها، وإنما الدنيا فقط متاع الغرور كما سماها الله عز وجل، وإنما هو سفر قصير لإقامة طويلة إما في الجنة وإما في النار عياذًا بالله.

- ألا فالاعتبار والاتعاظ في هذا الشهر المبارك هو واجب المسلم الحق، هو واجب المسلم الصادق، فلنعتبر ولنتعظ، وليعلم كل مسلم علم يقين أن عمره سيذهب، وأن حياته ستفنى، وأن صحته وغناه سيعبر، وأن كل شيء لديه، وأن كل شيء تملكه، وأن كل شيء كان معه فسيفقده كما فقد رمضان، ذلك الحبيب لكثير من الخلق، مع أن فيه ما فيه من العناء، وحرمان الناس من لذة شهوة وأكل وشرب، ومع ذلك هو حبيب للمسلمين رغم ما عانوا من مشقة الصيام، ومشقة الجوع، ومشقة الظمأ، ومشقة المرض الذي لعله أتاهم لكن صبروا إلى أن أفطروا، ولعلها مشاق كثيرة فهذا يعمل في وسط النهار، ومع هذا يجد في الصيام سلوة، يجد فيه متعة؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الله تعالى سيجازيه به الجنة إن شاء الله؛ لأنه تبارك وتعالى قد قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به"… وما ظنكم بجزاء أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين…

- وإنه كما رحل رمضان فسترحل بقية أيام عمرنا فلنستعد للرحيل إلى ربنا جل وعلا، ألا فالعبرة والاتعاظ واجب الإنسان في كل شيء في هذه الحياة… ألا وإن كان رحل أكثر رمضان لكن بقي ما أجمع علماء الإسلام على أن أفضل ما فيه هو آخره، وأفضل ما في آخره أوتاره، وهي التي يُرجى أن تكون فيها ليلة القدر خاصة ليلة السابع والعشرين من رمضان كما ذكره كثير من علماء الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم قد تحدث عنها كثيرًا، وأخبر عنها طويلًا أعني ليلة السابع والعشرين حتى كان بعض الصحابة يقسمون بالله على أن الليلة التي هي ليلة القدر محققة هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، وأنها أرجح في الأحاديث من غيرها من الليالي…

- ألا فإن المسلم لا يجوز أن يفوته الخير، وإن الخير كل الخير في رمضان وفي العشر الأواخر منه وليلة القدر بخصوصها، ألا وإن فاته رمضان وأيامه ولياليه الماضية فهنا بقيت اللحظات التي يتوج بها، والتي جعلها الله خير ليلة في العام على الإطلاق: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ﴾، فهي تزيد عمرًا إلى عمرك، فلو أن مسلمًا تعمّر أكثر من ثمانين سنة في خير، وآخر أدرك ليلة القدر لكانت ليلة القدر كافية وافية في أن يلحق من أدركها بمن فاتته في أكثر من ثمانين سنة وهو في خير دائم: ﴿لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾…
- علمًا أن من خيرية ليلة القدر أن كل عبادة، وكل طاعة، وكل صلاة، وكل قراءة للقرآن، وكل عمل صالح يرفع لله من العبد فكأنه صدقة جارية لأكثر من ثمانين سنة، وكأنه يعمل هذا العمل في أكثر من ثمانين سنة: ﴿لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾… والألف الشهر يعادل أكثر من ثلاث وثمانين سنة، ألا فليجتهد المسلم؛ فإن هذه هي الفرصة السانحة، هي الفرصة العظيمة، هو الباب الأكبر الذي فتحه الله عز وجل للمسلمين خاصة ولم يجعل هذه الخاصية لغيرهم، فلنقدرها حق قدرها، ولنري الله خيرًا من أنفسنا فيها: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ﴾!.

- ألا وإن في آخر رمضان واجب المسلم أن يتنبه إلى فريضة شرعية جعلها الله عز وجل في آخر الصيام كطهرة وفريضة يجب تأديتها، سواء كان لتعويض عما نقص في الصيام، أو ما حدث من اللغو أو الرفث في نهار رمضان؛ لأنه شهر عظيم عَظَّمه الله، فإن حدث شيء في صيام العبد فعليه أن يُكفّر ذلك في آخر الشهر بفريضة واجبة فرضها الإسلام على كل مسلم، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، ذكرًا أو أنثى، على كل فرد وعبد، لم يُستثن شرع أي أحد.

- إذن فالتكليف بفريضة زكاة الفطر على الجميع، حيث أنها تخاطب الرؤوس ولا تخاطب المكلفين، فهي تخاطب رأس المسلم ما دام وُجد على ظهر الحياة من آخر يوم من رمضان، وقبل غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويجب إخراجها حتى قبل إقامة صلاة العيد، ويُفضل إخراجها عن الجنين في بطن أمه، لكن ذلك يُعتبر استحبابًا لا وجوبًا، ولا يُعفى أحد من إخراجها عن كل حي وعن كل نفس، ولهذا تُسمى زكاة النفس، والنفوس، وزكاة الفطرة، وزكاة الفطر؛ لأنها مقيدة بالفطر منه، وتسمى زكاة الرؤوس، كما تُعرف أيضًا بزكاة رمضان وصدقة رمضان وصدقة الجبر وصدقة الفطر، أي جبر النقص الحاصل من الصائم….

- وهذه كلها أسماء متعددة لشيء واحد، هي الفريضة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان كواجب على المسلم إخراجها عنه وعن من يعول من أهله ممن تجب عليه النفقة عليهم، سواء على أولاده الصغار الذين لا يزالون تحت نفقته، أو على زوجته، أو على والديه، أو على من يحتاج من أسرته، أما الشاب الذي يستطيع أن ينفق على نفسه غالباً، فإنه يخرج عن نفسه على الأقل، تعظيمًا للشرع، وتعليمًا لنفسه ليتعود على أداء الفرض المالي.

- فإن أخرج الأب فذلك، وقد سقط عن الولد الواجب، وأيضاً إن أخرجها عن أمه التي ليست عنده، بل عند أخيه تسكن، فلا بأس أن يُخرجها عنها، ومن كان خارج موطنه الأصل كالمغترب، أو البعيد داخل الوطن أو خارج الوطن، سواء كان هناك أو هنا فيخرجها في محل فطره، فإن أرسلها لبلده فيجوز خاصة إن كان فقراء بلده أشد وأحوج، لكن يكون تقديرها بقيمة اثنين كيلو ونصف من الأرز في موطن إقامته المؤقت
ثم يرسل لأهله ليسلموها للفقير كزكاة فطرة عنه، وإن كان الأفضل والأحسن أن يخرج الإنسان عن نفسه في المكان الذي قام فيه وفي الموطن الذي أقام فيه، لكن ذلك لا يُعتبر واجبًا حتميًا، بل قد تكون المصلحة في غير ذلك، مثل أن يخرجها لفقير بعيد عنه، فقد يعرف فقيرًا من الفقراء أو قريبًا من الأقارب، أشد حاجة ممن يعرف هنا فله أن يخرجها في ذلك المكان كما سبق…

- والمطلوب من المسلم أن يتخلص من هذه الزكاة التخلص الشرعي الواجب وليس أن يخرجها من ماله ثم يضعها لمن شاء لا لفقير بمسمى الفقير في الشرع، بل ربما يتحايل المسلم عليها فيضعها في يد غني أو في يد أحد أفراد الأسرة الذي لا يستحقها أصلًا، أو ربما يتحايل على الزكاة أن يُبادل بها إنسانًا: "أعطني زكاتك وأنا أعطيك زكاتي"، أو يخرجها للسيارة ونحوها قبل صلاة العيد، ثم يعود بها إلى بيته مدعيًا بأن المطلوب أن يخرجها من البيت قبل الصلاة ثم إذا عادت إليه ووزعها بعد الصلاة فلا إشكال، وهكذا دواليك من الحيل التي يندى لها الجبين على هذه الفريضة الشرعية التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم…

- ألا فلا يحل للمسلم أن يتحايل على هذه الفريضة الشرعية، بل الواجب عليه أن يخرجها من أفضل ماله، ومن غالب قوته، كما أَمَر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ بعضهم قد يخرجها من الشيء الذي لا يأكله منه غالبًا فقد يأكل نوعًا من أنواع الطعام، مثل الأنواع الغالية، وقد ربما يأكل هو وأسرته من النوع الجيد فإذا ما جاءت زكاة الفطرة أخرج من النوع الرخيص أو النوع دون الوسط، أو من النوع الذي لا يأكل منه أبدًا كالأرز مثلًا يأكل وأهله من النوع الفاخر، وشركة ممتازة، وبسعر غال، فإذا كانت الزكاة يخرج من أقل الأنواع في السوق وأرخصها، فهذه محرمة، وحيلة على الزكاة مردودة، بل الواجب عليه أن يخرجها من غالب ما يأكل، ومما يرتضيه لنفسه كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ﴾ أي لو جعلت نفسك مقام الفقير هل ستأخذ هذا؟ لن تأخذه، ولن تأكله؛ لأنه خبيث: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم وَمِمّا أَخرَجنا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ إِلّا أَن تُغمِضوا فيهِ وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ﴾، الشيء الذي لا تريده. أن تيمم، لا، بل قال الله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ....!.

- وبالتالي فهذه الزكاة المفروضة واجب المسلم أن يخرج من أحب ماله إليه، أو على أقل الأحوال مما يأكل غالبًا فإن كان يأكل من أنواع متوسطة وأيضًا عالية فليخرج من النوع الوسط إن كان ولا بد.

- أيضًا أيها الإخوه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حددها، وحدد كم يخرج المسلم منها، وهذا التحديد من رسول الله ثابت قدره في كل زمان، وفي كل مكان، وعلى كل شخص فإنها تجب عليه بذلك القدر، ولا يختلف من بلد لبلد، ولا من زمان لزمان، هو الصاع الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم، ويقدر بالأوزان في أيامنا بقدر الكيلوين ونصف بالكيلو جرام.

- والأفضل والأحوط للمسلم أن يخرجها بالكيل، لا بالوزن؛ لأن الكيل أضبط، ويستوي فيه الخفيف والثقيل كالذرة والدقيق والأرز، فيأخذ شيئًا كقصعة ونحوها كعلبة الدانو الكبير، ثم يملؤها ويخرجها للفقير بقدر كل فرد في أسرته، فإن هذا المكيل يتساوى فيها الشيء الموجود كثيرًا والشيء الذي هو قليل، فقد ربما يتساوى مثلًا البر المطحون مع البر غير المطحون، فإذا أخرجها بالوزن فلا بأس .

- أيضًا يخرجها من الأكل الذي هو غالب في بلده، فمثلا لا تصح في زماننا من التمر مع أنها كانت تصح في زمنه عليه الصلاة والسلام، إذن فلا تصح الآن أن يخرجها من التمر؛ لأنه لم يعد قوتًا بل أصبح للفاكهة أقرب، ومنها ألصق، وإنما يخرج التمر في زماننا من يريد أن يتخلص من الزائد عنده… أو يخاف تنتهي صلاحيته لكثرته ولا زال مكدسًا لديه في بيته!.

- ألا فإن زكاة الفطر فريضة شرعية عظيمة فواجب المسلم أن يتنبه لها، وأن يحرص على أدائها على أكمل وجه؛ لأنها فريضة، والفرائض دائمًا تؤدى لله عز وجل كما يجب، وكما هي في تشريعه لها، لعل الله أن يتقبلها منه ﴿إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾ وإلا ردت عليه، وليس له إلا التعب.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:

- فأيها الإخوة، هذه الفريضة الشرعية المسماة بزكاة الفطرة لا يحل للمسلم أن يؤخرها عن وقتها الذي هو صلاة العيد، مع جواز أن يقدمها عن وقتها عند أكثر الفقهاء، حتى من أول رمضان، حتى في المذهب الشافعي وغيره يجوز له عندهم أن يخرجها من أول رمضان، بل عند الحنفية يجوز له أن يخرجها لعامين كاملين؛ لأنها زكاة واجبة على الرأس، فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ الزكاة من بعض الصحابة مقدمًا فهذه منها قياسا.

- فيجوز للمسلم أن يخرجها قبل وجوبها؛ لأن لها وقتان، وقت موسع وهو من أول رمضان عند الجمهور، ووقت مضيق وهو من غروب شمس آخر يوم من رمضان حتى صلاة العيد، ثم لا يحل له بعد ذلك أي تأخير، ألا فمن كان فقيره في مكان بعيد فليبادر لإيصالها له في الوقت الموسع حتى تصل إليه قبل صلاة العيد، ولا داعي أن يضيق على نفسه فيتأخر في إخراجها أو يتحايل عليها بحجج واهية كضيق الوقت، وقلة الفقراء…

- للعلم أن الوقت الموسع هو وقت مباح، ووقت جائز الإخراج فيه والمضيق واجب، فإذا رأى مسلم فقيراً من الفقراء يحتاج لها في أول رمضان، أو في منتصف رمضان، أو حتى فرضًا لو عمل بقول الحنفية، ليخرجها قبل ذلك بسنة ما دام أنه رأى فقيراً يحتاج جداً وليس له إلا هي، ولا يستطيع أن يخرج أيضاً من صدقاته، فلا بأس أن يخرجها، وإن كان الأفضل والأحسن والأحوط والراجح أيضاً هو أن يخرجها فقط في شهر رمضان، لا يزيد عنه أبداً بعد صلاة العيد، بعد صلاة العيد، ولا ينقص عن شهر رمضان.

- ولو افترضنا أن مسلماً يريد أن يعطيها لفقير محتاج جدًا، أو قد وعده بذلك، أو يعرفه أشد حاجة من غيره، لكن لم يستطع أن يصل إليه بسبب بُعد مكانه، فالراجح أنه يجوز أن يتصل عليه وأن يخبره بأن زكاة الفطرة لديه، ثم الفقير يعين من يقبضها عنه، أو يجرج المخرج لها هو وكيله، فهذه أيضاً جائزة لا حرج منها، لأن الفقير قد وكله بأن يقبض عنه.

- والراجح أنها محصورة في الفقراء والمساكين، وليست كزكاة المال الواجبة العامة التي توزع في ثمانية أصناف أو أقل؟ أما زكاة الفطرة، فهي محصورة على الفقراء والمساكين وفق الراجح كن أقوال الفقهاء؛ فقد جمعها النبي صلى الله عليه وسلم لصنفين من الفقراء، أو من يتساوون مع الفقراء، وهم المساكين الذين هم أشد حاجة عند بعض الفقهاء، فهي محصورة في هذين الصنفين، فلا تُعطى لعاملين عليها ولا لدولة، لكن لو أن الدولة تعطي مرتبات ثم تخصم منها مباشرة كما تفعل بعض الدول، مثل اليمن، فلا حرج أن نعتبرها زكاة شرعية، ويخرج الباقي، فإذا كان لديهم أطفال صغار غير مسجلين في سجلات العمل، فلا بأس أن يخرج الزكاة عنهم، فهذا ما لا يسقط عنه، أو خصمت الدولة أقل مما يجب عليه فيجب أن يكمّل الباقي كما هو في بعض الأحيان قد تخصم الدولة عنهم شيئًا يسيرًا لا يساوي ما يجب عليهم، فهنا يجب عليه شرعًا أن يكمل الباقي، فلا يسقط عنه ذلك الإخراج الإجباري…

- ولا يحل للمسلم أن يعطي زكاته لظالم، رغبة منه أو اختيارًا، خاصة ممن ينفقونها في قتل المسلمين أو ظلمهم، ولا يحل له أن يعطيها لمن ينفقها في الباطل، مثل الشمال الذي تُعطى فيه للرافضة، لأن ذلك يعد اختيارًا خاطئًا، أما إذا كانت تُؤخذ منه قهرًا، فحينها يمكنه أن يعطي من ماله ما يدفع شرهم عنه لا كل الزكاة.

- وأخيرًا فنختم بمسألة دقيقة تتعلق بجواز إخراج الزكاة بالقيمة النقدية، هل يجوز للمسلم أن يخرجها من الدراهم أو من الطعام؟

- الراجح أنه لا بأس أن يخرجها من أيٍ من الأمرين: النقد أو الطعام، وإن كان الأفضل أن تكون من الطعام، لأنه هو الأصل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا نظرنا إلى الأحاديث نجد أن العلة في ذلك هي إغناء الفقير، لذا فإن أي شيء يمكن أن يغني الفقير يعتبر جائزاً، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما علق الحكم على هذه العلة، وبالتالي فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، وبما أن العلة هي إغناء الفقير، فإن إخراج الزكاة بما يحقق هذا الهدف جائز، وفي عصرنا نجد أن النقد هو الوسيلة الأكثر فاعلية لتلبية احتياجات الفقراء، فالكثير من الفقراء يعانون من احتياجات مالية ملحة، لكن هناك بعض الفقهاء الذين يرون أن المعونة الغذائية لا تكفي، ما يؤدي إلى بيع ما يحصلون عليه من طعام بأسعار منخفضة.

- وأما كيف يقدر ما يجب عليه بالنقد، فنقول: انظر في أقرب بقالة لك عن سعر كيلوين ونصف الكيلو من الأرز ونحوه الذي ستخرجه، وعن كل نفس، ثم ادفعه للفقراء، فمثلا لو كان قيمة الاثنين كيلو والنصف ثلاثة آلاف ريال، وأنتم ثلاثة في البيت فيجب عليك تسعة آلاف ريال، وهكذا…

- وأما عن فرض النبي صلى الله عليه وسلم إخراج الطعام فلأنه في عصره لم يكن النقد متاحًا على نطاق واسع، وكان الذهب والفضة (كالدينار والدرهم) عملات نادرة في ذلك الزمان، لذا كانت الزكاة تُفرض على ما يتوفر لدى المسلمين في ذلك الوقت.

- وفي زمن معاوية رضي الله عنه أخرجها وأمر الناس أن يخرجوها بالنقد، وحدد لهم قدراً من الدنانير أن يخرجوا منها أو من الدراهم، وذلك لأنه وجد أن هذا النقد موجود لديهم، وقد أصبحت الدولة الإسلامية بإدارة جيدة، وبالتالي، فإذا أخرجوها بهذا المقدار فلا بأس أن يخرجوها به، وهذا هو مذهب كثير من الفقهاء كالحنفية وغيرهم، بل كان معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهو فقيه الأمة، بشهادة نبينا ﷺ، يأخذها حتى من اللباس والقطن من أهل اليمن، ويأخذ أيضاً من النقد، لكونه رأى أن هؤلاء أغنياء وعندهم قدرة على البديل غير الطعام فأعلمهم به.

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A

61979ea27ccc8

  • 0
  • 0
  • 0

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً