*دور المخذلين تجاه قضايا المسلمين "غزة أنموذجًا"* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو ...
منذ 2025-05-19
*دور المخذلين تجاه قضايا المسلمين "غزة أنموذجًا"*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/FwgN4YK2Mi0?si=MLMaCsMc4-DzYIkK
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا جامعة حضرموت / 27/شوال/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الله تبارك وتعالى قد تحدث في بداية سورة البقرة عن أصناف الناس، وأصنافهم ثلاثة، فتحدث ربنا عن المؤمنين في صفات محصورة، لكنها هي الصفات الجامعة المانعة العظيمة التي تؤدي إلى الجنة وتبعد عن النار، وكذلك بالنسبة للآخرين الذين هم الكافرون، لقد تحدث الله تبارك وتعالى عنهم واختصر جد اختصار؛ لأن هؤلاء بالنسبة لهم الشر الذي فيهم واضح، ظاهر، معلوم، يحذر منه كل مسلم رآه، لكن تحدث الله تبارك وتعالى في أكثر من عشر آيات عن نوع من الناس يتقمصون باسم الإسلام، لكنهم النفاق في الحقيقة مزروع كل الزرع في أنفسهم، ولا يخرج ذلك النفاق، ولا ذلك المرض بشكل عام، كان نفاقًا صغيرًا أو متوسطًا أو كبيرًا، كان كفرًا كان ما كان إلا عند الفتن والمدلهمات، وعند البلاء والشرور، وعند هذه الأمور يظهر هؤلاء الذين في قلوبهم مرض، الذين يراوغون، الذين يتمتمون بكلمات باسم الإسلام ويتحدثون في الإسلام، ولعلك تراهم في المسجد يصلون، ويحجون، وبجوار الكعبة يطوفون، ولعلك تراهم أيضًا في ظاهرهم الخير، لكنهم يبيتون الشر.
- لكنهم يتربصون بالإسلام وأهل الإسلام السوء والشر، ودائمًا وأبدًا يتقنصون أي فرصة للنيل من الإسلام ومن أهل الإسلام، ولا يجدون أي ثغرة إلا استغلوها ودخلوا فيها، وركبوا الموجة كما يقال للنيل من الإسلام وأهل الإسلام، ثم يبثون ما أرادوا من طعن في دين ربهم، وأيضًا طعن بالمؤمنين جميعًا، ولا يظهرون، وأوكد إلا وقت الفتن ووقت المحن ووقت الشدائد التي تظهر على العامة، ولا تظهر على الخاصة…
- وربما تشتهر كثيرًا هذه الفئة وقت الفتنة والغمة التي تنزل على الأمة بسبب مجيئها بأمور غريبة وعجيبة، ومخالفة شديدة كما يقال: "خالف تُعرف"، ولو أن يخالف إجماع الأمة، ويطعن في كل مسلم للشرع ومقدس فيه، وهذه عادة عند هذا الصنف الذي هو صنف النفاق المعلوم، أو صنف النفاق الخفي المجهول، أو صنف الأمراض، أو صنف المرجفين، أو صنف المخذلين والمثبطين، هذه كلها الأصناف المذكورة في كتاب الله سبحانه وتعالى، ومبينة أعظم بيان وأدق بيان، وأكثر تفصيل، ونراها بأم أعيننا في واقعنا وفي كل واقع.
- والله سبحانه وتعالى عندما يتحدث عن هذه الأصناف، ولربما عن القصص بشكل عام، إنما هي عبارة عن نماذج للبشر، لتصلح هذه النماذج وهذه الصور للتطبيق في كل زمان ومكان، ويمكن أن تندرج على أشخاص كثر، ولذا كان القرآن هو الذي لا تغيره الأزمان، ولا يُطرأ عليه شيء من النقصان؛ لأنه من رب العالمين سبحانه وتعالى، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، قيوم السماوات والأرض سبحانه وتعالى، لهذا كان القرآن هو الصالح لكل زمان ومكان، فيتحدث عن نوع من البشر، أو عن نماذج من البشر، أو عن صور معينة من البشر، لينظر الناس فيها في كل وقت وفي كل حين…
- صنف منهم أولئك، نراهم مع فرعون، لا يفقهون عن مراد رسول الله، بل رسولي الله هارون وموسى عليهما السلام، لكنهم مع ذلك استخف بهم فرعون، وليس هذا الاستخفاف وحده، بل الكارثة الأعظم والأخطر والأعم هي أنهم أطاعوه، ولو أنه استخف بهم ورفضوا طاعته، فما كان فرعون وجبروته، ولا ما ادعى الألوهية، ولم يصبح ملكًا، ولا ما كان منه من كفر ومن استهزاء ومن تنقص بموسى وهارون، ومن أفعال مجرمة لا زالت مؤرخة في كتاب الله وفي تاريخ الأمم لكنهم اطَّاعوه، فاستخف فرعون هؤلاء، واستطاع أن يتلاعب عليهم، فأطاعه الناس في ذلك بسبب ربما الطغيان، بسبب لربما حالة الخوف والهلع والجبن، بسبب هذا وذاك، أو من مجاعة أو من فقر أو من سياط عذاب أو من أي شيء فسرعان ما يستسلمون: ﴿فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ﴾، ولذلك جاءت الفاء الترتيبية التعقيبية {فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ}، والفاء للترتيب مع التقيب، فكأنهم سرعوا لطاعته، مجرد ما استخف بهم وضحك على عقولهم بماله وغناه وثروته التي جمعها من خيرات بلده ومستحقات شعبه: ﴿وَنادى فِرعَونُ في قَومِهِ قالَ يا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهذِهِ الأَنهارُ تَجري مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرونَ أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ فَلَولا أُلقِيَ عَلَيهِ أَسوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ أَو جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقتَرِنينَ فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطاعوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ فَلَمّا آسَفونَا انتَقَمنا مِنهُم فَأَغرَقناهُم أَجمَعينَ فَجَعَلناهُم سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرينَ﴾.
- فكثير من العوام هؤلاء تنطلي عليهم الخدع والتفاهات، ويصدق الشائعات، ويصدق الكذبات، يصدق كثرة الأكاذيب التي تنتشر في المجتمع من هذا وذاك خاصة إذا كانت من ثقات من الناس فيما يحسبهم هو أو من مشاهير الناس كما هو عصر التفاهات اليوم، وإظهار الساقطين والساقطات، ورفع مكانتهم وإشهارهم، وتهميش غيرهم من قدوات الناس فيصدق فتبتز هذه الشخصيات كلمات، فيتبع ويصدق، والإشكالية والكارثة الكبرى أنه يروج لتلك الشائعات الكاذبة والمغرضة حتى تصبح حقيقة في نفسه: ﴿لِيَحمِلوا أَوزارَهُم كامِلَةً يَومَ القِيامَةِ وَمِن أَوزارِ الَّذينَ يُضِلّونَهُم بِغَيرِ عِلمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرونَ﴾، فيصبح ذلك لا يحمل وزر نفسه، فيحمل وزر نفسه مع أوزارهم، ويأبى إلا أن يحمل هذه الأوزار كاملة يوم القيامة: ﴿لِيَحمِلوا أَوزارَهُم كامِلَةً يَومَ القِيامَةِ....﴾، ﴿وَلَيَحمِلُنَّ أَثقالَهُم وَأَثقالًا مَعَ أَثقالِهِم...﴾.
- فيصبح ذلك الشخص بوقًا للشائعات حقها وباطلها، حرامها وحلالها، كبير جرمها وصغيره عموما ويحمل كل هذه الشائعات الكاذبة والمغرضة، وعادة تكون ضد الإسلام والدين، بل لربما على خيار الناس على الإطلاق من علماء وأنقياء وأموات وأحياء… لكنه يصدقها ويتبعها ويتقبلها كأنها حقيقة مطلقة، ويرفع من شأنها ويشيعها هذا صنف هم الجهل والعوام.
- الصنف الآخر لعلهم من أتباع الرسل، لكنهم ضعاف الإيمان، أي ما دخل الإيمان الدخول الحق في نفوسهم، أو أنهم من أتباع الرسل لكنهم في نفاق خفي ظهر للرسل ولم يظهر ذلك النبي نفاقهم للمجتمع؛ حتى يحافظ على المجتمع وعلى تكاتف المجتمع فلا يقتل فلانا مع أنه يتبعه فيفتن المسلمين ويفتن غيرهم ممن لم يدخبمل الإسلام أصلا، ويشاع في الناس: "إن فلانًا يقتل أصحابه!"، فكانت هذه حكمة، ولذلك موسى عليه السلام ما ظهر هؤلاء إلا لما ترائت الجمعان: ﴿فَلَمّا تَراءَى الجَمعانِ قالَ أَصحابُ موسى إِنّا لَمُدرَكونَ﴾، البحر أمامهم، وفرعون خلفهم، وأين ينجون من ذلك؟ فقالوا: "إِنّا لَمُدرَكونَ"، فكان الجواب الحاسم من صاحب النفس الطيبة والإيمان الراسخ والثقة الكبيرة بربه: ﴿قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾!.
- فالمؤمن الحق لا تزعزعه الشبهة والشهوة، ولا البلاء والمحنة، ولا الشدة والفتنة، ولا أي شيء من ذلك البتة، بل هو واثق بربه تمام الثقة، وفي كل لحظة، وأيضًا لا يمكن أن يترك فرصة لهؤلاء، بل إنه ليسحقهم بما معه من ثقة بربه وموعود بنصره، وآيات كثيرة في كتابه لا يمكن أبداً أن يتزعزع بشبهة: ﴿كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾.
- فهؤلاء هم المؤمنون حقًا، هؤلاء من نحسبهم على خير، هؤلاء لا يمكن أن يتقبلوا أي شائعة ورائحة وكلمة بل يحتاط: من أنت، ما دليلك، ما توثيقك، من قال لك، لا يمكن أبداً أن يسمع الشائعة أو الكلمة الشيطانية يقذفها في أذنه فتخالج قلبه، ثم يصبح متردداً مشككاً أو حاملاً لوزره، ناقلاً له إلى غيره: ﴿وَلَولا إِذ سَمِعتُموهُ قُلتُم ما يَكونُ لَنا أَن نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ﴾ .
- فهذا هو الذي يواجه به كل مغرض: ﴿لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا...﴾، وهذا شعاره عند الضراء،
وعند مصائبه، عند كربه، هي رسالة الله إليه ومهدئة بقلبه ليطمئن ﴿لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا...﴾ دائماً وأبداً.
- تطبيقات كثيرة على الأمم السابقة، لكن ماذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم؟ ماذا عن كتاب ربنا؟ ماذا عن آيات نتلوها مسموعة في كل لحظة؟ ماذا عنها؟ ألم يكن أولئك الذين نافقوا، والذين تمردوا، والذين أرجفوا، والذين خططوا، والذين تخاذلوا، والذين فعلوا ما فعلوا، وفي وقت الفتن والشدائد والملمات التي نزلت على النبي ﷺ وعلى الصحابة، بدأوا يظهرون، وبدأت أصواتهم ترتفع، انظر إليهم في وقت البلاء في وقت الفتنة والشدة، في وقت قُتل سبعون من الصحابة: ﴿وَما أَصابَكُم يَومَ التَقَى الجَمعانِ فَبِإِذنِ اللَّهِ وَلِيَعلَمَ المُؤمِنينَ﴾، ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا...﴾ هنا القصة والحكاية، هنا المعركة حامية الوطيس، هنا ترتفع رؤوس المنافقين لأول مرة في وقت أعظم بلاء وشدة تمر على النبي ﷺ وعلى كل بيت في المدينة ومكة: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ.....﴾
- فترى أصحاب النفاق أكثر ما يرفعون رؤرسهم بكلماتهم التافهة، وألسنتهم المسعورة المأفوكة، ووقاحتهم الممقوتة بمثل أهذا جهاد أهذا قتال أهذه مقاومة لا إنما هؤلاء فئران، هؤلاء مبتدعون فسقة، هؤلاء ليسوا على السنة، هؤلاء لا يدافعون عن الأمة، بل على المصلحة، هؤلاء جلبوا الفتن والشر لفلسطين والأمة عامة، هؤلاء قتلوا، هؤلاء هم من تسببوا، هؤلاء هم من فعلوا الأفاعيل، هؤلاء هم من يركنون على الإيرانيين، هؤلاء هم روافض خبثاء، هؤلاء، وهكذا كلمات يتمتم بها المنافقون المرجفون المثبطون المخذلون سواء كان بلحية أطول من حذائه، أو بلا لحية، أو كانت قصيرة، أو كان منافقاً متمرداً، أو ساقطاً مجرمًا أو تافهًا مشهورًا، أو مأفوكًا مغمورًا، أو كان ما كان من ذلك، أو من مخابرات صهيونية عالمية تجري كان على المسلمين وفي دواخل المسلمين، أو في خارجهم، لا يظهرون إلا وقت الفتنة: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ....﴾، هم الذين يقولون ليس جهاداً بل هو قتال في سبيل الشيطان، قتال في سبيل المناصب، والمال، والحظوة والجاه، ليس قتالاً هذا أبدا ﴿ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ....﴾.
- لكن كان الرد القرآني: ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ.....﴾، وهم أنفسهم من حذروا من الإنفاق المالي على المجاهدين حتى يموتوا جوعًا، ويتم محاصرتهم تمامًا ﴿هُمُ الَّذينَ يَقولونَ لا تُنفِقوا عَلى مَن عِندَ رَسولِ اللَّهِ حَتّى يَنفَضّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلكِنَّ المُنافِقينَ لا يَفقَهونَ﴾، ويستهزؤون بمن ينفقون عليهم: ﴿الَّذينَ يَلمِزونَ المُطَّوِّعينَ مِنَ المُؤمِنينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذينَ لا يَجِدونَ إِلّا جُهدَهُم فَيَسخَرونَ مِنهُم سَخِرَ اللَّهُ مِنهُم وَلَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾…
- بل قالوا: ﴿الَّذينَ قالوا لِإِخوانِهِم وَقَعَدوا لَو أَطاعونا ما قُتِلوا قُل فَادرَءوا عَن أَنفُسِكُمُ المَوتَ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، كما يقول المنافقون في هذا الزمان: لو شاورونا ما قُتلوا، لو عادوا إلينا ما هلموا، لو أتوا إلينا لدعمناهم، لو فعلوا ما فعلوا، لو نافقوا مثلنا لسلموا للصهاينة من زمان كما سلمنا نحن وارتحنا من الإسلام وأهله وصرنا عملاء وتصهينا، ودعمناهم بالمال والسلاح والغذاء والدواء وكل شيء مر من بلادنا ومن خيراتنا بكل سلام وأمان، وعقدنا تحالفات معهم لا علاقة لها بديننا...، والأهم لو أنهم سلموا أسلحتهم لكانوا مثل عباس ونحن جميعا… والأمر يطول… جدا: ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ.....﴾!.
- وعلى العموم ماذا جنت لنا الاتفاقيات، والمؤتمرات والتحالفات والتنازلات، ماذا، وماذا جنت لنا القرارات الأممية الإلزامية وعددها أكثر من أربع وثلاثين قراراً أممياً يصدُر من أروقة مجلس الأمن لأجل فلسطين وحق الفلسطينيين، حتى باحتلال إسرائيل لفلسطين عامة لا تعترف بها المنظومة الأممية، وألزمت الصهاينة بالخروج من فلسطين فورًا ومع ذلك لم ولن يكون له غير الخزي والعار، فما الذي نفعت هذه قرارات… غير أن الذي نعرفه وعلى يقين به: أن ما أُخذ بالقوة فلن يسترد بالقوة، وإنما القوة السلاح ولا قوة سواها!.
- وأخيرا والأمر يطول في الحديث عن نماذج المنافقين في الكتاب والسنة لكن هم الذين ظهروا يوم الأحزاب، وقالوا ما قالوا في وقت الفتنة والمأزق الأعظم الذي نزل على النبي والصحابة، وتجمعت قريش كلها، وغطفان، وثقيف، واليهود، والمنافقون من الداخل كما قال الله واصفا الحال: ﴿إِذ جاءوكُم مِن فَوقِكُم وَمِن أَسفَلَ مِنكُم وَإِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللَّهِ الظُّنونا هُنالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنونَ وَزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا﴾، فهنا يظهرون:
﴿وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾… يعني أين النصر الذي تتحدثون عنه؟ أين الجهاد الذي تقولون؟ أين الله الذي تتمتون؟ أين القرآن؟ أين آياته؟ أين أحاديث النبي؟ أينما تقولون؟ أينما تتحدثون؟ أين هذه كلها؟ من قتل الأطفال؟ من قتل النساء؟ من هدم البيوت؟ من أجاع الناس: ﴿وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾!. - وفوق ذلك قالوا في الآية التي تليها محرضين الناس على التمرد والترك النبي والصحابة وحدهم في نحر العدو: ﴿يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم...﴾ وهي دعوة الناس إلى التخاذل ولم يكتفوا بأنهم مخذولون في أنفسهم، بل يدعون الناس إلى ذلك صراحة: ﴿وَإِذ قالَت طائِفَةٌ مِنهُم يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعوا وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ.....﴾، فريق منهم وليس كلهم، يستأذنون لأجل الهروب أما البقية فهربوا دون إذن أصلا كما قال تعالى: ﴿إِنَّما يَستَأذِنُكَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَارتابَت قُلوبُهُم فَهُم في رَيبِهِم يَتَرَدَّدونَ وَلَو أَرادُوا الخُروجَ لَأَعَدّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقيلَ اقعُدوا مَعَ القاعِدينَ لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا وَلَأَوضَعوا خِلالَكُم يَبغونَكُمُ الفِتنَةَ وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ لَقَدِ ابتَغَوُا الفِتنَةَ مِن قَبلُ وَقَلَّبوا لَكَ الأُمورَ حَتّى جاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمرُ اللَّهِ وَهُم كارِهونَ﴾، فهم هنا في الأحزاب قالوا: {يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ} أراضينا ستنتهب، بلادنا ستحتل، وأولادنا وأطفالنا وملكنا سيزوب وجاهنا وهذه بكله سيذهب فهم يتهربون من الجهاد بكل كلمة ذعر وخوف وتخاذل: ﴿ يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعوا وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ وَما هِيَ بِعَورَةٍ إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا﴾.
هذه الحقيقة فضحهم الله: {إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا}، ثم قال ﴿وَلَو دُخِلَت عَلَيهِم مِن أَقطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الفِتنَةَ لَآتَوها وَما تَلَبَّثوا بِها إِلّا يَسيرًا﴾، ولو دخلت عليهم، جاءتهم فتنة أكبر وأعظم وأشد في أنفسهم وأولادهم وممتلكاتهم ما تلبثوا بها إلا يسيراً، والفتنة هي الكفر والخروج حتى عن الإسلام، والسب والشتم مستعدين تمام الاستعداد، واستعدوا حتى لتسليم بعض ديارهم وبعض أموالهم إن لم يكن كل هذه؛ لتسلم الرؤوس وتسلم بعض الأموال، وبعض النساء، وبعض الأرض، هكذا هم على استعداد تام، إن لم يكن التسليم الحقيقي، فيكون التسليم بالأفكار، وبالأقوال، وبالأعمال، المهم لا هم لهم إلا سلامة أنفسهم وأرواحهم فقط ولا علاقة لهم بشعوبهم وأمتهم ودينهم….!.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- إن الله سبحانه وتعالى قد جلى لنا أمر هؤلاء الذين تحدثنا عنهم من أصحاب نفاق، وأصحاب الشر، والنفوس الخبيثة السيئة التي لا تظهر إلا في وقت الفتن والملمات التي تنزل على الأمة، ومشاغبة تعد على القضايا العامة التي فيها ما فيها، وهم يظهرون كالأفاعي: ﴿قَد يَعلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقينَ مِنكُم وَالقائِلينَ لِإِخوانِهِم هَلُمَّ إِلَينا وَلا يَأتونَ البَأسَ إِلّا قَليلًا﴾، لا يمكن أن يقتربوا من بأس، من خوف، من شيء من هذا، أو حتى واحد بالمئة، من خوف يتركون سبعين باباً، بل ألف باب من الذي يمكن أن يدخل عليهم النقص في الأموال، والنقص في الأنفس، والنقص في الملك، والنقص في أي شيء كان منهم تماماً…
- ثم كيف فضحهم الله: ﴿أَشِحَّةً عَلَيكُم فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم....﴾. أنت الذي ودفّت بنا، أنت الذي أوصلتنا، أنت الذي فعلت بنا، أنت الذي بدأت القتال، أنت الذي قدتنا، أنت الذي أوصلتنا إلى مهلكة، أنت، وأنت، وأنت، وسقت الأمة بكلها: ﴿ فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم كَالَّذي يُغشى عَلَيهِ مِنَ المَوتِ فَإِذا ذَهَبَ الخَوفُ سَلَقوكُم بِأَلسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الخَيرِ....﴾، لكن قال الله: ﴿وَإِنَّ مِنكُم لَمَن لَيُبَطِّئَنَّ فَإِن أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قالَ قَد أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذ لَم أَكُن مَعَهُم شَهيدًا وَلَئِن أَصابَكُم فَضلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقولَنَّ كَأَن لَم تَكُن بَينَكُم وَبَينَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيتَني كُنتُ مَعَهُم فَأَفوزَ فَوزًا عَظيمًا﴾،
والعجب أن يجعلها نعمة أن الله خلّفه، ولم يجعله في شرف للأمة، وفي دفاع عن الأمة: ﴿فَليُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يَشرونَ الحَياةَ الدُّنيا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ فَيُقتَل أَو يَغلِب فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجرًا عَظيمًا﴾ ،﴿لا يَستَأذِنُكَ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ أَن يُجاهِدوا بِأَموالِهِم وَأَنفُسِهِم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالمُتَّقينَ﴾. - وهناك آياتٌ في كتاب الله كثيرة تبين لنا مدى خطر هذه الأصناف المريضة المجرمة في المجتمع، ولعل أسباب ظهور هذه الأصناف إما مرض، وإما ضعف إيمان، وإما ركون على هذا وذاك من أمور الدنيا، وإما خوف على مصلحة أو نفس، وإما هلع وجبن، وإما نقص عقيدة…، وإما قنوط من رحمة الله عز وجل، وعدم فقه للسنن الكونية والمتغيرات الربانية التي تجري على الأمة، بل تجري على الأمم كلها، هذه الأشياء التي ذكرتها من أسباب ظاهرة أو من أسباب خفية هي التي تؤدي إلى هذه الكوارث، وتؤدي إلى هذه الأصناف، وتجعل هؤلاء يظهرون في الأمة بكل قوة…
- فبينما الله سبحانه وتعالى ينادي: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ....﴾. ويقول: ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم...﴾، ويقول: ﴿انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم وَأَنفُسِكُم في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾، فإذا هم يقولون: ﴿ وَقالوا لا تَنفِروا فِي الحَرِّ...﴾، ﴿قالوا لَو نَعلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعناكُم....﴾.
- فواجب المجتمع أن يتنبه لهؤلاء، وأن يحذر منهم، وأن يبقى دائماً وأبداً على حذر من أمراض النفوس، والمثبطين المرجفين المخذلين عامة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَومًا بِجَهالَةٍ فَتُصبِحوا عَلى ما فَعَلتُم نادِمينَ﴾، وليحذروا هم من غضب الله: ﴿لَئِن لَم يَنتَهِ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفونَ فِي المَدينَةِ لَنُغرِيَنَّكَ بِهِم ثُمَّ لا يُجاوِرونَكَ فيها إِلّا قَليلًا مَلعونينَ أَينَما ثُقِفوا أُخِذوا وَقُتِّلوا تَقتيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبديلًا﴾، ألا فواجب المجتمع أن لا يكون منهم، ولا أن يستمع لهم، ونعوذ بالله أن نكون ممن قال الله فيهم: ﴿سَمّاعونَ لِلكَذِبِ أَكّالونَ لِلسُّحتِ...﴾، ﴿وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ﴾.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/FwgN4YK2Mi0?si=MLMaCsMc4-DzYIkK
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا جامعة حضرموت / 27/شوال/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الله تبارك وتعالى قد تحدث في بداية سورة البقرة عن أصناف الناس، وأصنافهم ثلاثة، فتحدث ربنا عن المؤمنين في صفات محصورة، لكنها هي الصفات الجامعة المانعة العظيمة التي تؤدي إلى الجنة وتبعد عن النار، وكذلك بالنسبة للآخرين الذين هم الكافرون، لقد تحدث الله تبارك وتعالى عنهم واختصر جد اختصار؛ لأن هؤلاء بالنسبة لهم الشر الذي فيهم واضح، ظاهر، معلوم، يحذر منه كل مسلم رآه، لكن تحدث الله تبارك وتعالى في أكثر من عشر آيات عن نوع من الناس يتقمصون باسم الإسلام، لكنهم النفاق في الحقيقة مزروع كل الزرع في أنفسهم، ولا يخرج ذلك النفاق، ولا ذلك المرض بشكل عام، كان نفاقًا صغيرًا أو متوسطًا أو كبيرًا، كان كفرًا كان ما كان إلا عند الفتن والمدلهمات، وعند البلاء والشرور، وعند هذه الأمور يظهر هؤلاء الذين في قلوبهم مرض، الذين يراوغون، الذين يتمتمون بكلمات باسم الإسلام ويتحدثون في الإسلام، ولعلك تراهم في المسجد يصلون، ويحجون، وبجوار الكعبة يطوفون، ولعلك تراهم أيضًا في ظاهرهم الخير، لكنهم يبيتون الشر.
- لكنهم يتربصون بالإسلام وأهل الإسلام السوء والشر، ودائمًا وأبدًا يتقنصون أي فرصة للنيل من الإسلام ومن أهل الإسلام، ولا يجدون أي ثغرة إلا استغلوها ودخلوا فيها، وركبوا الموجة كما يقال للنيل من الإسلام وأهل الإسلام، ثم يبثون ما أرادوا من طعن في دين ربهم، وأيضًا طعن بالمؤمنين جميعًا، ولا يظهرون، وأوكد إلا وقت الفتن ووقت المحن ووقت الشدائد التي تظهر على العامة، ولا تظهر على الخاصة…
- وربما تشتهر كثيرًا هذه الفئة وقت الفتنة والغمة التي تنزل على الأمة بسبب مجيئها بأمور غريبة وعجيبة، ومخالفة شديدة كما يقال: "خالف تُعرف"، ولو أن يخالف إجماع الأمة، ويطعن في كل مسلم للشرع ومقدس فيه، وهذه عادة عند هذا الصنف الذي هو صنف النفاق المعلوم، أو صنف النفاق الخفي المجهول، أو صنف الأمراض، أو صنف المرجفين، أو صنف المخذلين والمثبطين، هذه كلها الأصناف المذكورة في كتاب الله سبحانه وتعالى، ومبينة أعظم بيان وأدق بيان، وأكثر تفصيل، ونراها بأم أعيننا في واقعنا وفي كل واقع.
- والله سبحانه وتعالى عندما يتحدث عن هذه الأصناف، ولربما عن القصص بشكل عام، إنما هي عبارة عن نماذج للبشر، لتصلح هذه النماذج وهذه الصور للتطبيق في كل زمان ومكان، ويمكن أن تندرج على أشخاص كثر، ولذا كان القرآن هو الذي لا تغيره الأزمان، ولا يُطرأ عليه شيء من النقصان؛ لأنه من رب العالمين سبحانه وتعالى، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، قيوم السماوات والأرض سبحانه وتعالى، لهذا كان القرآن هو الصالح لكل زمان ومكان، فيتحدث عن نوع من البشر، أو عن نماذج من البشر، أو عن صور معينة من البشر، لينظر الناس فيها في كل وقت وفي كل حين…
- صنف منهم أولئك، نراهم مع فرعون، لا يفقهون عن مراد رسول الله، بل رسولي الله هارون وموسى عليهما السلام، لكنهم مع ذلك استخف بهم فرعون، وليس هذا الاستخفاف وحده، بل الكارثة الأعظم والأخطر والأعم هي أنهم أطاعوه، ولو أنه استخف بهم ورفضوا طاعته، فما كان فرعون وجبروته، ولا ما ادعى الألوهية، ولم يصبح ملكًا، ولا ما كان منه من كفر ومن استهزاء ومن تنقص بموسى وهارون، ومن أفعال مجرمة لا زالت مؤرخة في كتاب الله وفي تاريخ الأمم لكنهم اطَّاعوه، فاستخف فرعون هؤلاء، واستطاع أن يتلاعب عليهم، فأطاعه الناس في ذلك بسبب ربما الطغيان، بسبب لربما حالة الخوف والهلع والجبن، بسبب هذا وذاك، أو من مجاعة أو من فقر أو من سياط عذاب أو من أي شيء فسرعان ما يستسلمون: ﴿فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ﴾، ولذلك جاءت الفاء الترتيبية التعقيبية {فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ}، والفاء للترتيب مع التقيب، فكأنهم سرعوا لطاعته، مجرد ما استخف بهم وضحك على عقولهم بماله وغناه وثروته التي جمعها من خيرات بلده ومستحقات شعبه: ﴿وَنادى فِرعَونُ في قَومِهِ قالَ يا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهذِهِ الأَنهارُ تَجري مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرونَ أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ فَلَولا أُلقِيَ عَلَيهِ أَسوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ أَو جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقتَرِنينَ فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطاعوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ فَلَمّا آسَفونَا انتَقَمنا مِنهُم فَأَغرَقناهُم أَجمَعينَ فَجَعَلناهُم سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرينَ﴾.
- فكثير من العوام هؤلاء تنطلي عليهم الخدع والتفاهات، ويصدق الشائعات، ويصدق الكذبات، يصدق كثرة الأكاذيب التي تنتشر في المجتمع من هذا وذاك خاصة إذا كانت من ثقات من الناس فيما يحسبهم هو أو من مشاهير الناس كما هو عصر التفاهات اليوم، وإظهار الساقطين والساقطات، ورفع مكانتهم وإشهارهم، وتهميش غيرهم من قدوات الناس فيصدق فتبتز هذه الشخصيات كلمات، فيتبع ويصدق، والإشكالية والكارثة الكبرى أنه يروج لتلك الشائعات الكاذبة والمغرضة حتى تصبح حقيقة في نفسه: ﴿لِيَحمِلوا أَوزارَهُم كامِلَةً يَومَ القِيامَةِ وَمِن أَوزارِ الَّذينَ يُضِلّونَهُم بِغَيرِ عِلمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرونَ﴾، فيصبح ذلك لا يحمل وزر نفسه، فيحمل وزر نفسه مع أوزارهم، ويأبى إلا أن يحمل هذه الأوزار كاملة يوم القيامة: ﴿لِيَحمِلوا أَوزارَهُم كامِلَةً يَومَ القِيامَةِ....﴾، ﴿وَلَيَحمِلُنَّ أَثقالَهُم وَأَثقالًا مَعَ أَثقالِهِم...﴾.
- فيصبح ذلك الشخص بوقًا للشائعات حقها وباطلها، حرامها وحلالها، كبير جرمها وصغيره عموما ويحمل كل هذه الشائعات الكاذبة والمغرضة، وعادة تكون ضد الإسلام والدين، بل لربما على خيار الناس على الإطلاق من علماء وأنقياء وأموات وأحياء… لكنه يصدقها ويتبعها ويتقبلها كأنها حقيقة مطلقة، ويرفع من شأنها ويشيعها هذا صنف هم الجهل والعوام.
- الصنف الآخر لعلهم من أتباع الرسل، لكنهم ضعاف الإيمان، أي ما دخل الإيمان الدخول الحق في نفوسهم، أو أنهم من أتباع الرسل لكنهم في نفاق خفي ظهر للرسل ولم يظهر ذلك النبي نفاقهم للمجتمع؛ حتى يحافظ على المجتمع وعلى تكاتف المجتمع فلا يقتل فلانا مع أنه يتبعه فيفتن المسلمين ويفتن غيرهم ممن لم يدخبمل الإسلام أصلا، ويشاع في الناس: "إن فلانًا يقتل أصحابه!"، فكانت هذه حكمة، ولذلك موسى عليه السلام ما ظهر هؤلاء إلا لما ترائت الجمعان: ﴿فَلَمّا تَراءَى الجَمعانِ قالَ أَصحابُ موسى إِنّا لَمُدرَكونَ﴾، البحر أمامهم، وفرعون خلفهم، وأين ينجون من ذلك؟ فقالوا: "إِنّا لَمُدرَكونَ"، فكان الجواب الحاسم من صاحب النفس الطيبة والإيمان الراسخ والثقة الكبيرة بربه: ﴿قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾!.
- فالمؤمن الحق لا تزعزعه الشبهة والشهوة، ولا البلاء والمحنة، ولا الشدة والفتنة، ولا أي شيء من ذلك البتة، بل هو واثق بربه تمام الثقة، وفي كل لحظة، وأيضًا لا يمكن أن يترك فرصة لهؤلاء، بل إنه ليسحقهم بما معه من ثقة بربه وموعود بنصره، وآيات كثيرة في كتابه لا يمكن أبداً أن يتزعزع بشبهة: ﴿كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾.
- فهؤلاء هم المؤمنون حقًا، هؤلاء من نحسبهم على خير، هؤلاء لا يمكن أن يتقبلوا أي شائعة ورائحة وكلمة بل يحتاط: من أنت، ما دليلك، ما توثيقك، من قال لك، لا يمكن أبداً أن يسمع الشائعة أو الكلمة الشيطانية يقذفها في أذنه فتخالج قلبه، ثم يصبح متردداً مشككاً أو حاملاً لوزره، ناقلاً له إلى غيره: ﴿وَلَولا إِذ سَمِعتُموهُ قُلتُم ما يَكونُ لَنا أَن نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ﴾ .
- فهذا هو الذي يواجه به كل مغرض: ﴿لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا...﴾، وهذا شعاره عند الضراء،
وعند مصائبه، عند كربه، هي رسالة الله إليه ومهدئة بقلبه ليطمئن ﴿لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا...﴾ دائماً وأبداً.
- تطبيقات كثيرة على الأمم السابقة، لكن ماذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم؟ ماذا عن كتاب ربنا؟ ماذا عن آيات نتلوها مسموعة في كل لحظة؟ ماذا عنها؟ ألم يكن أولئك الذين نافقوا، والذين تمردوا، والذين أرجفوا، والذين خططوا، والذين تخاذلوا، والذين فعلوا ما فعلوا، وفي وقت الفتن والشدائد والملمات التي نزلت على النبي ﷺ وعلى الصحابة، بدأوا يظهرون، وبدأت أصواتهم ترتفع، انظر إليهم في وقت البلاء في وقت الفتنة والشدة، في وقت قُتل سبعون من الصحابة: ﴿وَما أَصابَكُم يَومَ التَقَى الجَمعانِ فَبِإِذنِ اللَّهِ وَلِيَعلَمَ المُؤمِنينَ﴾، ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا...﴾ هنا القصة والحكاية، هنا المعركة حامية الوطيس، هنا ترتفع رؤوس المنافقين لأول مرة في وقت أعظم بلاء وشدة تمر على النبي ﷺ وعلى كل بيت في المدينة ومكة: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ.....﴾
- فترى أصحاب النفاق أكثر ما يرفعون رؤرسهم بكلماتهم التافهة، وألسنتهم المسعورة المأفوكة، ووقاحتهم الممقوتة بمثل أهذا جهاد أهذا قتال أهذه مقاومة لا إنما هؤلاء فئران، هؤلاء مبتدعون فسقة، هؤلاء ليسوا على السنة، هؤلاء لا يدافعون عن الأمة، بل على المصلحة، هؤلاء جلبوا الفتن والشر لفلسطين والأمة عامة، هؤلاء قتلوا، هؤلاء هم من تسببوا، هؤلاء هم من فعلوا الأفاعيل، هؤلاء هم من يركنون على الإيرانيين، هؤلاء هم روافض خبثاء، هؤلاء، وهكذا كلمات يتمتم بها المنافقون المرجفون المثبطون المخذلون سواء كان بلحية أطول من حذائه، أو بلا لحية، أو كانت قصيرة، أو كان منافقاً متمرداً، أو ساقطاً مجرمًا أو تافهًا مشهورًا، أو مأفوكًا مغمورًا، أو كان ما كان من ذلك، أو من مخابرات صهيونية عالمية تجري كان على المسلمين وفي دواخل المسلمين، أو في خارجهم، لا يظهرون إلا وقت الفتنة: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ....﴾، هم الذين يقولون ليس جهاداً بل هو قتال في سبيل الشيطان، قتال في سبيل المناصب، والمال، والحظوة والجاه، ليس قتالاً هذا أبدا ﴿ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ....﴾.
- لكن كان الرد القرآني: ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ.....﴾، وهم أنفسهم من حذروا من الإنفاق المالي على المجاهدين حتى يموتوا جوعًا، ويتم محاصرتهم تمامًا ﴿هُمُ الَّذينَ يَقولونَ لا تُنفِقوا عَلى مَن عِندَ رَسولِ اللَّهِ حَتّى يَنفَضّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلكِنَّ المُنافِقينَ لا يَفقَهونَ﴾، ويستهزؤون بمن ينفقون عليهم: ﴿الَّذينَ يَلمِزونَ المُطَّوِّعينَ مِنَ المُؤمِنينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذينَ لا يَجِدونَ إِلّا جُهدَهُم فَيَسخَرونَ مِنهُم سَخِرَ اللَّهُ مِنهُم وَلَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾…
- بل قالوا: ﴿الَّذينَ قالوا لِإِخوانِهِم وَقَعَدوا لَو أَطاعونا ما قُتِلوا قُل فَادرَءوا عَن أَنفُسِكُمُ المَوتَ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، كما يقول المنافقون في هذا الزمان: لو شاورونا ما قُتلوا، لو عادوا إلينا ما هلموا، لو أتوا إلينا لدعمناهم، لو فعلوا ما فعلوا، لو نافقوا مثلنا لسلموا للصهاينة من زمان كما سلمنا نحن وارتحنا من الإسلام وأهله وصرنا عملاء وتصهينا، ودعمناهم بالمال والسلاح والغذاء والدواء وكل شيء مر من بلادنا ومن خيراتنا بكل سلام وأمان، وعقدنا تحالفات معهم لا علاقة لها بديننا...، والأهم لو أنهم سلموا أسلحتهم لكانوا مثل عباس ونحن جميعا… والأمر يطول… جدا: ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ.....﴾!.
- وعلى العموم ماذا جنت لنا الاتفاقيات، والمؤتمرات والتحالفات والتنازلات، ماذا، وماذا جنت لنا القرارات الأممية الإلزامية وعددها أكثر من أربع وثلاثين قراراً أممياً يصدُر من أروقة مجلس الأمن لأجل فلسطين وحق الفلسطينيين، حتى باحتلال إسرائيل لفلسطين عامة لا تعترف بها المنظومة الأممية، وألزمت الصهاينة بالخروج من فلسطين فورًا ومع ذلك لم ولن يكون له غير الخزي والعار، فما الذي نفعت هذه قرارات… غير أن الذي نعرفه وعلى يقين به: أن ما أُخذ بالقوة فلن يسترد بالقوة، وإنما القوة السلاح ولا قوة سواها!.
- وأخيرا والأمر يطول في الحديث عن نماذج المنافقين في الكتاب والسنة لكن هم الذين ظهروا يوم الأحزاب، وقالوا ما قالوا في وقت الفتنة والمأزق الأعظم الذي نزل على النبي والصحابة، وتجمعت قريش كلها، وغطفان، وثقيف، واليهود، والمنافقون من الداخل كما قال الله واصفا الحال: ﴿إِذ جاءوكُم مِن فَوقِكُم وَمِن أَسفَلَ مِنكُم وَإِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللَّهِ الظُّنونا هُنالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنونَ وَزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا﴾، فهنا يظهرون:
﴿وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾… يعني أين النصر الذي تتحدثون عنه؟ أين الجهاد الذي تقولون؟ أين الله الذي تتمتون؟ أين القرآن؟ أين آياته؟ أين أحاديث النبي؟ أينما تقولون؟ أينما تتحدثون؟ أين هذه كلها؟ من قتل الأطفال؟ من قتل النساء؟ من هدم البيوت؟ من أجاع الناس: ﴿وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾!. - وفوق ذلك قالوا في الآية التي تليها محرضين الناس على التمرد والترك النبي والصحابة وحدهم في نحر العدو: ﴿يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم...﴾ وهي دعوة الناس إلى التخاذل ولم يكتفوا بأنهم مخذولون في أنفسهم، بل يدعون الناس إلى ذلك صراحة: ﴿وَإِذ قالَت طائِفَةٌ مِنهُم يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعوا وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ.....﴾، فريق منهم وليس كلهم، يستأذنون لأجل الهروب أما البقية فهربوا دون إذن أصلا كما قال تعالى: ﴿إِنَّما يَستَأذِنُكَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَارتابَت قُلوبُهُم فَهُم في رَيبِهِم يَتَرَدَّدونَ وَلَو أَرادُوا الخُروجَ لَأَعَدّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقيلَ اقعُدوا مَعَ القاعِدينَ لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا وَلَأَوضَعوا خِلالَكُم يَبغونَكُمُ الفِتنَةَ وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ لَقَدِ ابتَغَوُا الفِتنَةَ مِن قَبلُ وَقَلَّبوا لَكَ الأُمورَ حَتّى جاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمرُ اللَّهِ وَهُم كارِهونَ﴾، فهم هنا في الأحزاب قالوا: {يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ} أراضينا ستنتهب، بلادنا ستحتل، وأولادنا وأطفالنا وملكنا سيزوب وجاهنا وهذه بكله سيذهب فهم يتهربون من الجهاد بكل كلمة ذعر وخوف وتخاذل: ﴿ يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعوا وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ وَما هِيَ بِعَورَةٍ إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا﴾.
هذه الحقيقة فضحهم الله: {إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا}، ثم قال ﴿وَلَو دُخِلَت عَلَيهِم مِن أَقطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الفِتنَةَ لَآتَوها وَما تَلَبَّثوا بِها إِلّا يَسيرًا﴾، ولو دخلت عليهم، جاءتهم فتنة أكبر وأعظم وأشد في أنفسهم وأولادهم وممتلكاتهم ما تلبثوا بها إلا يسيراً، والفتنة هي الكفر والخروج حتى عن الإسلام، والسب والشتم مستعدين تمام الاستعداد، واستعدوا حتى لتسليم بعض ديارهم وبعض أموالهم إن لم يكن كل هذه؛ لتسلم الرؤوس وتسلم بعض الأموال، وبعض النساء، وبعض الأرض، هكذا هم على استعداد تام، إن لم يكن التسليم الحقيقي، فيكون التسليم بالأفكار، وبالأقوال، وبالأعمال، المهم لا هم لهم إلا سلامة أنفسهم وأرواحهم فقط ولا علاقة لهم بشعوبهم وأمتهم ودينهم….!.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- إن الله سبحانه وتعالى قد جلى لنا أمر هؤلاء الذين تحدثنا عنهم من أصحاب نفاق، وأصحاب الشر، والنفوس الخبيثة السيئة التي لا تظهر إلا في وقت الفتن والملمات التي تنزل على الأمة، ومشاغبة تعد على القضايا العامة التي فيها ما فيها، وهم يظهرون كالأفاعي: ﴿قَد يَعلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقينَ مِنكُم وَالقائِلينَ لِإِخوانِهِم هَلُمَّ إِلَينا وَلا يَأتونَ البَأسَ إِلّا قَليلًا﴾، لا يمكن أن يقتربوا من بأس، من خوف، من شيء من هذا، أو حتى واحد بالمئة، من خوف يتركون سبعين باباً، بل ألف باب من الذي يمكن أن يدخل عليهم النقص في الأموال، والنقص في الأنفس، والنقص في الملك، والنقص في أي شيء كان منهم تماماً…
- ثم كيف فضحهم الله: ﴿أَشِحَّةً عَلَيكُم فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم....﴾. أنت الذي ودفّت بنا، أنت الذي أوصلتنا، أنت الذي فعلت بنا، أنت الذي بدأت القتال، أنت الذي قدتنا، أنت الذي أوصلتنا إلى مهلكة، أنت، وأنت، وأنت، وسقت الأمة بكلها: ﴿ فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم كَالَّذي يُغشى عَلَيهِ مِنَ المَوتِ فَإِذا ذَهَبَ الخَوفُ سَلَقوكُم بِأَلسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الخَيرِ....﴾، لكن قال الله: ﴿وَإِنَّ مِنكُم لَمَن لَيُبَطِّئَنَّ فَإِن أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قالَ قَد أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذ لَم أَكُن مَعَهُم شَهيدًا وَلَئِن أَصابَكُم فَضلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقولَنَّ كَأَن لَم تَكُن بَينَكُم وَبَينَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيتَني كُنتُ مَعَهُم فَأَفوزَ فَوزًا عَظيمًا﴾،
والعجب أن يجعلها نعمة أن الله خلّفه، ولم يجعله في شرف للأمة، وفي دفاع عن الأمة: ﴿فَليُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يَشرونَ الحَياةَ الدُّنيا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ فَيُقتَل أَو يَغلِب فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجرًا عَظيمًا﴾ ،﴿لا يَستَأذِنُكَ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ أَن يُجاهِدوا بِأَموالِهِم وَأَنفُسِهِم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالمُتَّقينَ﴾. - وهناك آياتٌ في كتاب الله كثيرة تبين لنا مدى خطر هذه الأصناف المريضة المجرمة في المجتمع، ولعل أسباب ظهور هذه الأصناف إما مرض، وإما ضعف إيمان، وإما ركون على هذا وذاك من أمور الدنيا، وإما خوف على مصلحة أو نفس، وإما هلع وجبن، وإما نقص عقيدة…، وإما قنوط من رحمة الله عز وجل، وعدم فقه للسنن الكونية والمتغيرات الربانية التي تجري على الأمة، بل تجري على الأمم كلها، هذه الأشياء التي ذكرتها من أسباب ظاهرة أو من أسباب خفية هي التي تؤدي إلى هذه الكوارث، وتؤدي إلى هذه الأصناف، وتجعل هؤلاء يظهرون في الأمة بكل قوة…
- فبينما الله سبحانه وتعالى ينادي: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ....﴾. ويقول: ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم...﴾، ويقول: ﴿انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم وَأَنفُسِكُم في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾، فإذا هم يقولون: ﴿ وَقالوا لا تَنفِروا فِي الحَرِّ...﴾، ﴿قالوا لَو نَعلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعناكُم....﴾.
- فواجب المجتمع أن يتنبه لهؤلاء، وأن يحذر منهم، وأن يبقى دائماً وأبداً على حذر من أمراض النفوس، والمثبطين المرجفين المخذلين عامة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَومًا بِجَهالَةٍ فَتُصبِحوا عَلى ما فَعَلتُم نادِمينَ﴾، وليحذروا هم من غضب الله: ﴿لَئِن لَم يَنتَهِ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفونَ فِي المَدينَةِ لَنُغرِيَنَّكَ بِهِم ثُمَّ لا يُجاوِرونَكَ فيها إِلّا قَليلًا مَلعونينَ أَينَما ثُقِفوا أُخِذوا وَقُتِّلوا تَقتيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبديلًا﴾، ألا فواجب المجتمع أن لا يكون منهم، ولا أن يستمع لهم، ونعوذ بالله أن نكون ممن قال الله فيهم: ﴿سَمّاعونَ لِلكَذِبِ أَكّالونَ لِلسُّحتِ...﴾، ﴿وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ﴾.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A