اغتنم حياتك قبل موتك [1/2] الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، ...

منذ 2025-05-19
اغتنم حياتك قبل موتك

[1/2]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فإن من رحمة الله -تعالى- بهذه الأمة أن جعل لها أوقاتا مخصوصة تُضاعف فيها الأجور وجعل لها بقاعا تُضاعف فيها الأجور، كالحرمين الشريفين فك الله أسرهما من رجس الطواغيت، وكل ذلك للتعويض عن قصر الأعمار في هذه الأمة، لأن الأمم السالفة كانت أعمارهم طويلة فكان لهم من العبادات حظ وافر، ومن رحمة الله -سبحانه وتعالى- بأمة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أن جعل لهم ما يعوِّض قصر أعمارهم، كما في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر والأيام العشرة من ذي الحجة وغيرها، وكذلك بعض العبادات التي لا يعدل أجرها شيء، مثل الجهاد في سبيل الله، ولما كان الإنسان يغفل بطبعه ويفتر عن عبادة ربه، فقد فرض الله عليه صيام شهر رمضان لتقوى نفسه على الطاعات وتنهض من الغفلة الطويلة في أشهر السنة الفائتة، وتغترف من الأجور ورفعة الدرجات، وتزيد فيها من عمل الصالحات، قال الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تأويل نهاية آية الصيام وهي قوله تعالى: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]: "يعني -تعالى ذكره- بذلك: ولتشكروا الله على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق، وتيسير ما لو شاء عسر عليكم" [جامع البيان].

• التوفيق للطاعات نعمة عظيمة تستحق الشكر

فالتوفيق للطاعات والهداية الربانية نعمة عظيمة تستحق الشكر لله -سبحانه وتعالى- بمزيد من العبادات ومزيد من الطاعات وبالاستمرار على ما كان عليه المرء في رمضان، وشكر نعمة الله -تعالى- يكون بالعمل، ولكن كثيرا من الناس تبرد همتهم وتضعف عزيمتهم عن الاستمرار على ما كانوا عليه من طاعات وعبادات في رمضان، فكأنهم لا يشكرون نعمة الله عليهم أن وفقهم لطاعته وبلغهم رمضان وهداهم للعمل الصالح.

وإياك أيها المسلم أن تغفل عن تلك الساعة التي يحين بها فراقك للدنيا فلا تجد ما ينفعك إلا ما عملت في دنياك، فاجعل كل أيامك وشهورك كأيام رمضان، تذكر أن عمرك قصير مهما طال، فاغتنم وقتك وأدرك نفسك قبل مفارقة الروح الجسد، فإما إلى جنة وإما إلى نار، تذكر أن بدنك سيبلى مهما طالت صحته، فأتلفه لله وفي سبيل الله -جل وعلا- واستمر في تميزك في طاعة الله وعبادتك له بعد رمضان وكن عبدا شكورا، قال الله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].

تذكر يا صاحب العمل أنك تتزود لآخرتك، وكثير من الناس يتزود لدنياه ويبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، وانظر حولك كم من الناس باع ماله ونفسه لله في جهاد أعداء الله، يقابلهم كثير من الناس باع آخرته بدنياه، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "فباع المغبونون منازلهم منها بأبخس الحظ وأنقص الثمن، وباع الموفقون نفوسهم وأموالهم من الله وجعلوها ثمنا للجنة، فربحت تجارتهم ونالوا الفوز العظيم، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111]، فهو -سبحانه- ما أخرج آدم منها إلا وهو يريد أن يعيده إليها أكمل إعادة" [مفتاح دار السعادة].

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 87
الخميس 5 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR

6735978f52408

  • 0
  • 0
  • 6

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً