سلسلة معاملات محرمة (4) المضاربة بنسبة ثابتة في رأس المال: قدر الله عز وجل لعباده الرزق وهم في ...

منذ 2018-04-27
سلسلة معاملات محرمة
(4) المضاربة بنسبة ثابتة في رأس المال:
قدر الله عز وجل لعباده الرزق وهم في بطون أمهاتهم، ثم شرع لتحصيل هذا الرزق بعد وجودهم في هذه الحياة أسباباً يتخذونها، وأمرهم بالسعي في الأرض لجلب ما قدر الله لهم من رزق. فقال الله تعالى [هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ] (الملك 15). وقال تعالى [فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] (الجمعة 10).
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق وهو يقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.
ومن أسباب تحصيل الرزق وسعته المضاربة بين صاحب مال وصاحب مهنة أو غير ذلك ممن لا مال لهم
والمضاربة: نوع من أنواع الشراكة بين مالكٍ لمال وغير مالكٍ لمال.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضارب في مال خديجة رضي الله عنها، فهو أول مضارب في الإسلام.
وصورتها: أن يأتي رجل معه مال لكنه لا يعرف كيف يعمل به، فيذهب لرجل أخر ليس معه مال لكنه يعرف في التجارة أو هو صاحب مهنة يستطيع أن يعمل في مهنته بهذا المال فيَربَحُ ويُرْبِحُ صاحب المال معه.
وهذه الكيفية مباحة في الشرع ولا غبار عليها ولا إثم فيها لا على صاحب المال ولا على المضارب الأخر.
إلا أن الناس إما بجهلهم بضوابطها وشروطها الشرعية، أو بجشعهم في حب المال والربح ولا فرق عندهم أن يكون من الحلال أو من الحرام أدخلوا عليها شروطاً أخلت بحلها ونقلتها من صورة الحل إلى الحرام.
فيشترط صاحب المال على من يضارب معه أن يأخذ منه المال ولا علاقة له بالربح أو الخسارة ويطالبه بمبلغٍ ثابت في كل شهر أو في كل عام أو على حسب اتفاقهم، أو يطلب منه نسبة ثابتة من الأرباح والباقي له (كأن يقول صاحب المال للمضارب لي من الربح 100 جنيه ولك الباقي).
أو العكس يطلب المضارب من صاحب المال مالاً ويغريه بأن له مبلغ كذا في كل شهر ولا علاقة له بالخسارة أو أي شيء.
فهذه الصورة للمضاربة أخلت بحلها وصارت حراماً على الطرفين بعد أن أحلها الله وسيلة للرزق.
والسؤال: لماذا صارت حراماً؟
الجواب: هذه الصورة صارت محرمة لأنها لم تعد بهذا الوضع مضاربة، بل انتقلت إلى معاملة أخرى وهي القرض بفائدة ربوية. فهذا المضارب صاحب المال غاية ما فعل أنه أقرض الأخر مبلغاً من المال وسيأخذ عليه فائدة شهرية أو سنوية أو بحسب اتفاقهم.
والدليل على ما أقول أنه لا يتحمل أي شيء من خسارة الطرف الأخر، بل هو أصلاً لا يعرف شيئاً عن هذا المشروع، بل ربما لا يعرف في أي شيء يعمل شريكه.
إلى جانب أنها محرمة لأجل الربا، فهي أيضاً محرمة لأنها تحدث العداوة والبغضاء بين المضارب وصاحب المال، حيث أن صاحب المال له مبلغ ثابت في كل شهر فإذا كان ربح المضارب أكثر منه بكثير وقع في نفسه شيء منه، والعكس لو أن المضارب خسر وجاء صاحب المال يطالبه بالمبلغ الثابت لوقع في نفسه منه شيء، وكل ما يوقع العدوة والشحناء بين الناس حرمه الله عز وجل.
إذاً: فما هي الصورة الصحيحة التي أحلها الله، ويبارك الله لنا فيها وفي رزقنا منها؟
الصورة الصحيحة للمضاربة (الشراكة): أن يأتي رجل معه مال لكنه لا يعرف كيف يعمل به، فيذهب لرجل أخر ليس معه مال لكنه يعرف في التجارة أو هو صاحب مهنة يستطيع أن يعمل في مهنته بهذا المال فيعطيه المال على أن يكون الربح بينهما مناصفة أو بحسب اتفاقهم، وبالتالي فإن المال الذي يأخذه صاحب المال يختلف من شهر لأخر، بخلاف الصورة الربوية الأخرى الذي كان فيها المال ثابت.
ويشترط أن يكون صاحب المال عالماً بما يعمل فيه المضارب
* وإذا حدثت خسارة لا قدر الله يتحملها صاحب المال وحده، أما المضارب بمجهوده فلا يتحمل نسبة من خسارة رأس المال لأنه أيضاً خسر جهده ووقته، هذا إذا لم تكن الخسارة بتفريط من المضارب أو بتقصير منه، فإن كان المضارب قصر أو فرط في عمله وتسبب في الخسارة فهو الذي يتحملها.

59df34c2e3914

  • 0
  • 0
  • 182

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً