خواطر مجاهد من ملحمة الموصل 2/5 • أفضل الحسنيين: وفي نفس المنطقة كنت قد التقيت بأخ قناص من ...

منذ 2025-05-20
خواطر مجاهد من ملحمة الموصل

2/5

• أفضل الحسنيين:

وفي نفس المنطقة كنت قد التقيت بأخ قناص من جزر الكاريبي، سمع اتصالي بأحد الإخوة العجم بالإنجليزية فاقترب مني يحاول التعرف على هذا الصوت، ولما تحادثنا قال: أتحتاج قناصا ماهرا في هذا المكان؟ قلت له: أرسله، فأرسل لي شقيقه وربيب شقيقه أبا ذر البوسني، وهو مجاهد في ربيعه الخامس عشر من البوسنة والهرسك.

فتجاذبنا وشقيقه أطراف الحديث، فكنت أسأله عن سبيل هدايته وكيف وصل للدولة الإسلامية، فأجاب: قرأت في القرآن عن الجهاد وتدبرت آياته كقول الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، فبدأت أبحث عن سبيلٍ للجهاد، فلما أُعلنت الدولة الإسلامية، سارعت وشقيقي إليها، فهيأ الله لنا السبل إليها وله الحمد والفضل، فقلت له مازحا: نرجع لجزر الكاريبي فاتحين -بإذن الله- ونأكل من صيدك، ومن جوزها وموزها، فأجاب: كلا، أنا لا أريد سوى الجنة، فابتسمت له، وقد ذكرني كلامه بخير الحسنيين، في حين كنت أنا أستعجل الأخرى.

• أسود الدواوين في ميادين القتال:

على الجهاز اللاسلكي، نادى النذير أنَّ ميليشيات الرد السريع تسللت لمبنىً تعرض لقصف عنيف، أجاب على الفور أخ يكنى بأبي مصعب ذات الصواري، يعمل ناقلاً للمؤن إلى الثغور: جهِّزوا لي أربعة إخوة وسأقتحم معهم -بإذن الله- وندوس على رقاب المرتدين؛ فهؤلاء الرافضة نساء ليسوا أهلاً للقتال والنزال.

تعجبتُ من همّة وشجاعة هذا الناقل، فرد عليه فارس آخر يقال له أبو يعقوب: صبراً أخي حتى يصل الإخوة عندي وآتيك بهم.

أحس أبو مصعب من أبي يعقوب إحجاماً فنهره، فرد عليه: على رِسلك يا أخي والله لأتقدمنّ صفّهم، وسأقتحم بهم لكني أنتظر قدومهم قرب الهدف، فما هي إلا دقائق حتى اجتمع الفُرسان، وانطلقوا نحو أعدائهم مكبِّرين، قائلين: هيا يا إخوة إنها لإحدى الحسنيين!

فمضى الفوارس يمشِّطون المبنى الذي تقبع على مقربة منه دبابة أبرامز وعجلة همر، بعد أن استغرق العدو أياماً من المعارك محاولاً فتح طريق إلى المبنى بجرافاته بسبب تدميره للشوارع.

عاد أبو مصعب برضوض بسيطة إثر قصف، وعاد معه باقي الإخوة وقد أكملوا مهمتهم، إلا ذاك الهمام المكنى بأبي يعقوب الذي سمعنا بشرى رفيقه على جهاز المناداة أن أبا يعقوب قد ارتاح، أي والله إنه ارتاح من تعب الدنيا ونكدها، ونحسبه الآن في جوف طير تسرح من الجنة حيث تشاء!

لا عجب أن يقدم هؤلاء ويتسابقوا إلى الموت في سبيل الله ولتنغيص عيش الكافرين، إذا كان قادتهم أمامهم في الصف، فأميرهم بشيبته كلما سمع بهيعةٍ طار إليها يبتغي الموت مظانه وكان يلح على تنفيذ عملية استشهادية غير أن أمراءه منعوه مرارا وتكرارا. تراه يجوب ثغور قاطع عمله، يستطلع، ويرصد، وينشر المفارز، ويقتحم بنفسه، فما بالك بجندي يرى أميره بهذه الهمة والتضحية؟ يحتقر نفسه ويرغمها على اتباعه والاقتداء بصنيعه.

كان ابن المبارك يقول: "كنت إذا نظرت إلى وجه الفضيل بن عياض احتقرت نفسي."

لعلك تسألني من هؤلاء، ولأي جيش ينتمون؟ وبأي طريقة دُرِّبوا؟

أجيبك، ببساطة إنهم أسود ديوان الصحة الذين حطَّموا كل أبجديات العلوم العسكرية. رجالٌ أفذاذٌ لم يألوا جهداً في مداواة جرحى المجاهدين، ورعية أمير المؤمنين، ولما حل بدارهم العدو كان هذا جانباً من صنيعهم، الذي لن أوفيهم وإن كتبت فيهم مجلداً، تجد أحدهم يصاب عدة إصابات متتالية فيدوس على جراحه ويرجع يدافع عن ثغره ويداوي جرحاه، كالدكتور عمر كسار.

إذ أُصيب بكسر في ساقه في جزيرة الرمادي، وجاء للموصل قبل النازلة للعلاج، فأجرى عدة عمليات لم يمثل فيها للشفاء، فنصحه الإخوة بالخروج من المدينة قبل حصارها، فأصر هو وزوجه الطبيبة شقيقة الشيخ حذيفة البطاوي على البقاء، وأبوا الخروج حتى ينالا إحدى الحسنين، وأبلوا بلاءً حسناً في مداواة الجرحى، ولما وصل العدو إلى مقربة من المجمع الطبي وحدثت الملاحم على أبوابه أبوا الخروج كما أبى بقية الكادر الطبي، حتى نالا الشهادة -نحسبهما والله حسيبهما- بالقصف الشديد الذي أحال المجمع الطبي إلى تراب، قومٌ كرامٌ بواسلٌ طلاب شهادة في سبيل الله لا شهادات و"بوردات".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR

6735978f52408

  • 0
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً