✍- 📚 #مختصر_الكلام_في_أحكام_الرؤى_والأحلام 📚 💡 #خلاصات_فقهية ﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏ ◈- *من منشورات قناة فتاوى ...

منذ 2025-05-22
✍- 📚 #مختصر_الكلام_في_أحكام_الرؤى_والأحلام 📚 💡

#خلاصات_فقهية
﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏
◈- *من منشورات قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي، على تليجرام.*
*للاشتراك↓👇*
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
---------

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ, وبــــــــعــــد:

💡 *لماذا أحكام الرؤى...!!!*

لا يخلو يوم من الأيام-تقريباً- إلا ويأتيني سائل جديد يطلب مني تعبير رؤياه, بالرغم أني قد كررت مرارا أنه لا علم لي بتعبير الرؤى, ولم يفتحِ الله عليّ في هذا الباب؛ فهو باب يؤتيه الله من يشاء من عباده كيوسف عليه السلام: (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ)[يوسف:21], ومن كثرة السائلين هممت وكثيراً أن أجعل حالتي الدائمة –واتساب- لا علم لي بتعبير الرؤى, ولكثرة ما رأيت من أولئك ألزمت نفسي وفرّغت من وقتي لأكتب فقهاً عاماً مختصراً في الرؤى وأحكامها في الفقه الإسلامي؛ لعل هذا المنشور يسد ثغرة كبيرة لدى القارئ الكريم, ويسعف السائل إسعافاً طارئا, ويهدّئ من روعه, ويجد فيه فوائد جمّة كان الأصل العلم بها قبل هذا الوقت, ولعلي بهذا المنشور -إن شاء الله- أصحّح بعض الأخطاء الواقعة عند كثير من الناس في شأن الرؤى وأحكامها, وسيجد في ثنايا هذه الأسطر ما يشفي غليله, ويريح نفسه, ويزيل عنه عناء كثيرا -بإذن الله- وذلك بالأدلة الشرعية لا غير, والآن آن الأوان للبدء بما نريد فأقول مستعيناً بالله تعالى:

لقد قص الله علينا في كتابه الكريم بعض أخبار الرؤى وصدقها وعظمتها كقصة رؤيا نبي الله يوسف عليه السلام عندما حدّث والده برؤياه كما أخبر الله عنه: (إنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)[يوسف:4], وعن الملك ورؤياه:(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ)[يوسف:43-44] وعن صاحبَي يوسف في سجنه: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[يوسف 36].

↩ومن عظيم أمر الرؤى في ديننا أن نبينا صلى الله عليه وسلم أوّل ما بُدئ به الوحي: الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح كما في الحديث المتفق عليه (يعني يراها في الواقع كما رآها مناماً سواء بسواء).
ومما يدل على أهمية الرؤى و شأنها ما جاء من اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بها, وسؤال أصحابه-وكثيرا- عن رؤاهم في المنام, ففي البخاري عن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا» قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ) رواه البخاري.
↩ومن عظيم اهتمام الشرع الإسلامي بالرؤى -ومن أهميتها كذلك- ما وردت به الأحاديث الصحيحة وأسوق بعضا منها: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ " رواه البخاري ومسلم, واقتراب الزمان قيل المراد به اعتدال الليل والنهار، وقيل قرب قيام الساعة؛ فكأنه: كلما ابتعد الناس عن زمن النبوة والحق ثبّت الله المؤمنين بتلك الرؤى المبشّرة.
بل هي من أجزاء النبوة كما مرّ في الحديث السابق وفي غيرها من الأحاديث الصحيحة ومن ذلك أنّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) رواه الترمذي وأبي داود وصححه الألباني, وفي رواية لمسلم عن ابن عمر: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ) رواه مسلم, وفي تفسير الحديث قال كثير من العلماء لعل معنى هذا: أنّ النبي صَلَّى الله عليه وسلم كان أول ما بُدئ به الوحي أنه يرى الرؤيا فتجيء مثل فلق الصبح، فاستمر ذلك معه قبل نزول جبريل عليه السلام عليه ستة أشهر، ثم إنه عليه الصلاة والسلام استمرت نبوتُه ورسالتُه ثلاثة وعشرين سنة، وكان نصيبها جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة, يعني: ستة أشهر بالنسبة لثلاثة وعشرين سنة جزء من ستة وأربعين جزءاً, وقال بعض العلماء –كالطبري-: هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي، فالمؤمن الصالح : تكون رؤياه جزءاً من ستة وأربعين جزءاً، والفاسق جزءاً من سبعين جزءا أي بعد من المؤمن.
بل ما هو أعظم ويهمنا واقعاً معاصراً أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : «لم يَبْقَ بعدي من النبوة إلا الْمُبَشِّرَاتُ، قالوا: وما الْمُبَشِّرَاتُ ؟ قال : الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو تُرى له » رواه البخاري, وفي رواية: (ذَهَبَتْ النُّبُوَّةُ ، وَبَقِيَتْ الْمُبَشِّرَاتُ) أخرجه أحمد وابن ماجة وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

📌 *أقــســــام الــــــرؤى* 🌷


-ليس كلما يراه الإنسان في منامه يصح أن يعبّر, أو له تعبير, أو تحقّق في الواقع, وإنما هناك قسم واحد فقط يُعبّر, وهذا القسم نادر الوقوع, وقبل أن أسوق شرح الأقسام الثلاثة وعلاماتها وأمثلتها وتفاصيلها أذكر الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم وغيره, والذي فيه بيان لأقسام الرؤى: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (" الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ "), وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلاثٌ :مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ) صحّحه الألباني, ففي الحديثين نص صريح أن الرؤى على أقسام ثلاثة:

1-رؤيا حق(وهي التي سمّاها الحديث بالصالحة), وتنقسم هذه إلى قسمين: إما مبشّرة مفرحة للمؤمن, وإما منذرة محذّرة له من أو عن شر فيتقيه ويبتعد عنه (وسيأتي كيف يتعامل معهما), ومثالهما من القرآن رؤيا يوسف وصاحبَيه والملك فيما سبق.

2-رؤيا شيطانية( وتسمّى حلما لا رؤيا وقد تسمّى رؤيا من باب المجاز وسأستخدم هنا اللفظين) ودليل ذلك حديث أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:( الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ...) رواه البخاري، ومسلم, وهذه الرؤيا( الحُلُم): تحزن وتقلق الإنسان في نومه أو بعد نومه بلافائدة تعود عليه, ولذا يكره للمسلم أن يشغل بها نفسه ومن حوله-وسيأتي التفصيل-, وخير مثال لها ما ثبت في صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِي قُطِعَ فَأَنَا أَتَّبِعُهُ، فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «لَا تُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي الْمَنَامِ» رواه مسلم.

3-حديث النفس أو أضغاث الأحلام, ولعلها الأغلب في الرؤى( وهي الأسهل وستأتي أمثلـتها).

-ونأتي الآن لمزيد تفصيل عن كل ما سبق من أقسام الرؤى وإنما ذاك مختصر والتالي نوع تفصيل:
إذاً ليس كل ما يراه الناس في منامهم يكون في الحقيقة رؤيا؛ بل كثير من الناس يرى ولا تكون رؤياه حقا؛ بل تكون من أحاديث النفس أو تكون من تلعّب الشيطان بالإنسان في المنام –وقد سبقتا-.
ومثال حديث النفس: كرجل نام وهو يحدث نفسه بالسفر فرأى أنه مسافر, فهذا من حديث النفس لا تعبير له ولا يشغل به نفسه أبدا, ومثله من نام على عطش شديد فرأى أنه يسبح بين ماء أو يشربه... وهكذا.
وأما رؤيا تلعّب الشيطان بالإنسان في نومه فعلامتها: تكون غير واضحة المعالم, وإنما ملخبطة من هنا وهناك, وتفاهات وأضحوكات لا مثال لها في الواقع, ولا يُعلم أين أولها من آخرها, ومثالها الحديث السابق: عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِي قُطِعَ فَأَنَا أَتَّبِعُهُ، فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «لَا تُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي الْمَنَامِ» رواه مسلم, ومن هذا الحديث يتبيّن لنا أن الإنسان منهي أن يخبر عن تلعّب الشيطان به في منامه, ولا ينبغي له أن يخبر الناس بها فضلا عن أن يسعى لتعبيرها, أو يشغل نفسه بها, أو ينتظر وقوعها حقيقة بل يجعل هذا القسم والذي قبله(حديث النفس) وجودهن كعدمهن تماما.

- *وباختصار:* فلعل القسمين السابقين(حديث النفس وتلعّب الشيطان) هما الغالب في رؤى الناس, ومع ذلك تجدهم يشغلون أنفسهم وغيرهم بالحديث عنهما, وطلب تعبيرهما وبإلحاح شديد, ويقلق نفسه بهما بالرغم النهي الوارد في ذلك, وما ذاك إلا من تحزين الشيطان للإنسان, والسعي لجعله مهموما مغموما - في نومه وصحوه -منتظرا للشر متى يقع عليه: (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) المجادلة(10), وإذا أخرجنا ما سبق(رؤيا حديث النفس وتلعّب الشيطان) فلم تبقَ لنا إلا رؤيا الحق, أو ما سمّاها الحديث السابق بِالرُؤْيَا الصَّالِحَةِ, وعلامتها : تكون واضحة المعالم والمداخل والمخارج, محفوظة معلومة لدى الرائي, وفيها أمثال وإشارات يعقلها العلماء المتخصّصون في هذا المجال: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)[العنكبوت:43],
وقد جاءت التوجيهات النبوية كيف يتعامل المسلم مع الرؤى بأقسامها, وهنا سأسوق الأحاديث ثم أعقّب بتعداد تلك الآداب والتوجيهات:

💡 *الأحاديث التي وردت في التعامل مع الرؤى:*

1-ففي المتفق عليه: (الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ), وفي حديث آخر صحيح: «وَلَا يُحَدِّثُ بِهَا إِلَّا لَبِيبًا أَوْ حَبِيبًا» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارمي وصححه الألباني.
2- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ ) رواه البخاري.
3-وعَنْ أَبِي رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يَتَحَدَّثْ بِهَا، فَإِذَا تَحَدَّثَ بِهَا سَقَطَتْ» رواه أبو داود والترمذي وصحّحه الألباني.
4-وعند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ).
5- وفي حديث أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ، حِينَ يَسْتَيْقِظ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَيَتَعَوّذْ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ)رواه البخاري ومسلم, وفي رواية البخاري: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ ).
6-وعن أَبَي سَلَمَةَ، قال: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا، وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ» البخاري، ومسلم, وفي رواية أخرى قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: «إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا هِيَ أَثْقَلُ عَلَيَّ مِنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا كُنْتُ أُبَالِيهَا» رواه البخاري ومسلم.
7- وعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» رواه مسلم.
8- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَتَحَوَّلْ وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا ) صحيح سنن ابن ماجه.

📌 *آداب وضوابط في التعامل مع الرؤى:*

من خلال الأحاديث السابقة
ما سبق كان بالنسبة لنصوص الأحاديث التي ذكرت آداب وضوابط من رأى رؤيا، والآن أسوق الآداب تلك ملخّصة من الأحاديث السابقة وهي على ما يلي:

↩ *آداب رؤيا الحق:*

1-يحمد الله عليها.
2-يستـبشر بها.
3-يحدّث بها من يحبّ, ولا يفسّرها له هذا الحبيب إلا بشرط علمه, وإلا فيكتفي بالسماع.
4-يطلب تعبيرها من أهل الاختصاص لا من غيرهم.

↩ *آداب من رأى رؤيا يكرهها:*

أولاً: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ثلاثا.

ثانياً: الاستعاذة بالله من شر تلك الرؤيا ثلاث مرات(أعوذ بالله من شرّ هذه الرؤيا).

ثالثاً:

النفث عن اليسار ثلاث مرات(والنفث: إخراج النفس بطرف اللسان مع الشفتين بدون ريق أو بقليل منه).

رابعاً: التحوّل من الجنب الذي كان عليه إلى جنب آخر.

خامساً: إذا تكرر هذا الحلُم أو الرؤيا المزعجة، فلــيقم وليتوضأ ولــيصلّ لله ركعتين.

سادساً: أن لا يحدّث أحدا بهذا الحلم, أو ينـشغل به، أو يشغل الرائي به نفسه، أو يفكّر فيه.
سابعاً: زاد الحافظ ابن حجر أدباً سابعاً قال: (ورأيت في بعض الشروح ذكر قراءة آية الكرسي).
ومن عمل بــتلك الضوابط والآداب أو بعضها فإنها لن تضرّه تلك الرؤيا مهما بلغت عظمتها في نفسه كما ضمن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت من أحاديث سابقة.
يقول النووي رحمه الله: (وينبغي أن يجمع الرائي بين هذه الآداب كلها ويعمل بجميع ما تضمنته الروايات، فإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله، كما صرحت بذلك الأحاديث).

🔔 *تــنـبـيه* 🔔

-القسم الثاني من رؤيا الحق قد تكون في البداية مقلقة مخوّفة محزنة لكنها نذير وتنبيه من الله لذلك الرائي, ولعل ذلك دليل حب الله له, مثال ذلك ما ثبت في المتفق عليه عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : (كَانَ الرَّجُلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا عَلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ وَكُنْتُ غُلاَمًا شَابًّا أَعْزَبَ ، فَكَنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ - قَالَ - فَرَأَيْتُ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : انْطَلِقْ بِهِ إِلَى النَّارِ قَالَ : فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ قَالَ : فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِي : لَمْ تُرَعْ قَالَ : فَانْطَلَقُوا بِي حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى النَّارِ ، فَإِذَا هِي مَطْوِيَّةٌ ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَي الْبِئْرِ قَالَ وَرَأَيْتُ فِيهَا رِجَالاً أَعْرِفُهُمْ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهَا ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ ». قَالَ سَالِمٌ : فَكَانَ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً, رَوَاهُ الْبُخَارِي ومسلم.
فمع أن هذه الرؤيا ظاهرها مفزعاً لابن عمر رضي الله عنهما، إلا أنها كانت محفزّة له لفعل الخير؛ فقد دلّه النبي صلى الله عليه وسلم على ما ينجيه من تلك النار التي رآها في منامه.

📌 *الرؤيا فتوى فلا يحل لمسلم أن يقول فيها ما لا يعلم* 🔔

لقد نصّ الله في كتابه الكريم أن تعبير الرؤى فتوى كما قال: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ) يوسف64, وقوله: (قُضِيَ الأمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ), وبأنها فتح وإلهام رباني: (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) يوسف21.
-وقد نقل ابن عبد البر عن الإمام مالك أنه سُئل: أيعبّر الرؤى كل أحد؟ فقال مالك : أبالنبوة يلعب؟! (يريد أن يوسف النبي كان تعبيره منحة ربانية, وخصيصة اختصها الله بها, وكذا لأنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة), وقال أيضاً : لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها، فإن رأى خيرًا أخبر به، وإن رأى مكروهًا فليقل خيرًا أو ليصمت، قيل: فهل يعبّرها على الخير، وهي عنده على المكروه؛ لأنها على ما أوّلت عليه؟ فقال: لا فالرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة.
وقد نقل ابن عبد البر أيضاً عن هشام بن حسّان أنه قال: كان ابن سيرين يسأل عن مائة رؤيا فلا يجيب فيها بشيء، إلا أنه يقول: اتق الله وأحسن في اليقظة فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم, وكان يجيب في خلال ذلك ويقول: إنما أجيب بالظن، والظن يخطئ ويصيب, هذا ابن سيرين الذي قيل عنه يوسف هذه الأمة, وقال عنه الذهبي: له تأييد إلهي في تعبير الرؤى, ويُلقّب بالشهاب العابر, ومع هذا يحذر كل الحذر من أن يقول ما لا يعلم.
بل قل لا تكن حاشية عزيز مصر أورع في باب التعبير من بعض الناس في زماننا الذين لا يتحاشون أبدا من أن يقولوا ما لا يعلمون ويفتون فيما لا يحسنون: (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ)يوسف44, هذا قولهم وهم على الإسلام!.
وإذا كان أحيانا المعبّر نفسه والعالم بالرؤى قد يخطئ في تعبيره, فكيف بالجاهل! وخير مثال على ذلك الصديق رضي الله عنه وذلك حين عبّر رؤيا بين يدَي النبي صلى الله عليه وسلم فقال له (أَصَبْتَ بَعْضًا وأَخطَأْتَ بَعْضًا) والقصة بنصها في المتفق عليه: عن ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلاً أَتى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبى أَنْتَ، وَاللهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اعْبُرْ قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلاَمُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآن، حَلاَوَتُهُ تَنْطِفُ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ؛ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّل لَهُ فَيَعْلُو بِهِ فَأَخْبِرْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَاْتُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَصَبْتَ بَعْضًا وأَخطَأْتَ بَعْضًا قَالَ: فَوَاللهِ لَتُحَدِّثنِي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ قَالَ: لاَ تُقْسِمْ) بالرغم أن الصديق إمام عالم في هذا الشأن, وكان يُفزع إليه في مثل هذا, وخير مثال على حسن تعبيره وفطنته, تعبيره لرؤيا عائشة قالت: (رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجرتي، فقصصت رؤياي على أبي بكر، فسكت، فلما توفي رسول الله، ودُفن في بيتي، قال لي أبو بكر: هذا أحد أقمارك، وهو خيرها), روى ذلك الإمام مالك في الموطّأ, سقت ذلك لأبيّن خطورة التقوّل والمجازفة في تعبير الرؤى, وسواء من قِبل الرائي من كتب لديه ففي الصباح تراه هائما حتى يقرأ تلك الكتبّ! أو يذهب لبعض الجهلة ليعبّرها له.

📌 *وسائل التواصل والرؤى* 📱


ومع توفّر وسائل التواصل لنا, وسهولتها علينا لزم التنبيه بأنه: قد ادعى كثير من الدجّالين عبرها بأنهم يحسنون الفتوى أو الطب أو تعبير الرؤى... وكل ذلك كذب محض لا يشك فيه عاقل، وإنما يجعلون دعاويهم تلك وسائل لصيد السذّج من الناس خاصة النساء، ثم يأخذونهم لما يأخذونهم من سحر، أو نصب أموال... وفي مجالنا هذا- تعبير الأحلام- إذا كان ديننا قد نهانا أن نشغل أنفسنا بتلك الرؤى، ونهانا أن نقــصها إلا على حبيب أو خبير فكيف تقصّ على أولئك!.

📌 *ما لابد منه*

ومن أعظم وأهم ما يجب التنبيه عليه هنا: أنه ليس كل فقيه أو عالم أو مفتي أو داعية أو إمام مسجد أو كل صالح يستطيع أن يعبّر الرؤيا؛ فتعبير الرؤيا منحة ربانية كما قال الله: (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ)[يوسف:21].

📌 *الاعتماد على كتب التعبير* 📚📚

- ومما يجدر التنبيه عليه بأنه لا يكفي الاعتماد على الكتب التي تتحدّث عن تعبير الأحلام والرؤى؛ ففي أحيان كثيرة يكون تعبير الرؤيا من نفس ألفاظها, أو من مجريات أحداث سابقة للرائي, أو أحواله وبعض شأنه, ومن ذلك ما جاء في المتفق عليه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ» ففسّر النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا من ضمن ألفاظها الواردة في الرؤيا نفسها, وما أدرى الكتاب بهذه الألفاظ والأحوال! وكذا الجاهل الذي يسارع في التقوّل قبل أن يتم الرائي حديثه!.

📌 *الرؤى واختلافها* 💡

- ثم كذلك قد تذكر الكتب الخاصة بتعبير الرؤى التي في أيدي الناس بأن من رأى كذا فهو كذا وأضرب لذلك مثلا: ما يشاع أن من رأى في منامه بأنه مات فذاك دليل عمره الطويل, ومن رأى أنه عريس فذاك دليل قرب موته, وهكذا من رأى أسنانه سقطت دليل موت أهله ونفسه... لكن الحقيقة أن ذلك ليس في كل حال, ولكل رأىٍ؛ فالرؤيا وتعبيرها يختلفان باختلاف الحال والزمان والمكان والدين والعرف...لخ ولذا قال الإمام في هذا الشأن عبدالغني النابلسي في كتاب له عن الأحلام وتعبيرها إن :( تعبير الرؤيا تختلف من شخص إلى شخص, ومن بيئة إلى بيئة, ومن دين إلي دين, ومن فصل زمني إلى فصل آخر, فالسفرجل عند الفرس عز وجمال، وعند العرب سفر وجلاء، وأكل الميتة نكد عند من يحرمونها، ورزق عند من يستحلونها، والتدفئة بالنار والشمس خير في الشتاء، وشر في الصيف، والثلج والجليد غلاء وقحط في البلاد الحارة، وخصب وسعة في البلاد الباردة......لخ), وهكذا كثير مما يعلمه أهل هذا الفن, وعل العموم فليس هناك قواعد محدّدة تحتكم إليها الرؤيا وخير مثال لذلك هذه القصة: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ سِيرِينَ فقَالَ لَهُ: أَنَا رَأَيْت نَفْسِي أُؤَذِّنُ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ سِيرِينَ: تَسْرِقُ وَتُقْطَعُ يَدُك، وَسَأَلَهُ آخَرُ وَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ فَقَالَ: لَهُ تَحُجُّ، فَوَجَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا فُسِّرَ لَهُ بِهِ فِي الواقِعِ, فَقِيلَ لَابنْ سيْرين فِي ذَلِكَ فَقَالَ: رَأَيْتُ هَذَا بِسِمَةٍ حَسَنَةٍ وَالْآخَرُ بِسِمَةٍ قَبِيحَة.
خطر وإثم من عبّر رؤيا لا يحسنها
قد ثبت في أحاديث صحيحة -سبق بعض منها- أن الرؤيا إذا عبّرها المعبّر -عالم بها أو جاهل- فإنها تقع حسب ما عبّرها, وبالتالي لو عبّرها الغير عالم بالتعبير للرائي على شر فسيقع عليه ذلك الشر, وهكذا لو عبّرها على خير فسيقع الخير, وبالتالي يتحمّل المعبّر ظلم ما لو وقعت على ما عبّرها عليه في الشر, وفي الحديث الصحيح: (الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ) رواه أبو داود وغيره وصحّحه الألباني.
ومن عجيب ذلك ما حدّثت به عَائِشَةَ رضي الله عنها عن نفسها فقَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَهَا زَوْجٌ تَاجِرٌ يَخْتَلِفُ، فَكَانَتْ تَرَى رُؤْيَا كُلَّمَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَلَّمَا يَغِيبُ إِلَّا تَرَكَهَا حَامِلًا، فَتَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقُولُ: إِنَّ زَوْجِي خَرَجَ تَاجِرًا، فَتَرَكَنِي حَامِلًا، فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ سَارِيَةَ بَيْتِي انْكَسَرَتْ، وَأَنِّي وَلَدْتُ غُلَامًا أَعْوَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرٌ، يَرْجِعُ زَوْجُكِ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى صَالِحًا، وَتَلِدِينَ غُلَامًا بَرًّا» فَكَانَتْ تَرَاهَا مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ، تَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: ذَلِكَ لَهَا، فَيَرْجِعُ زَوْجُهَا، وَتَلِدُ غُلَامًا، فَجَاءَتْ يَوْمًا كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ، وَقَدْ رَأَتْ تِلْكَ الرُّؤْيَا، فَقُلْتُ لَهَا: عَمَّ تَسْأَلِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَمَةَ اللَّهِ؟ فَقَالَتْ: رُؤْيَا كُنْتُ أُرَاهَا، فَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا؟ فَيَقُولُ: خَيْرًا، فَيَكُونُ كَمَا قَالَ: فَقُلْتُ: فَأَخْبِرِينِي مَا هِيَ؟ قَالَتْ: حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْرِضَهَا عَلَيْهِ، كَمَا كُنْتُ أَعْرِضُ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهَا حَتَّى أَخْبَرَتْنِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَيَمُوتَنَّ زَوْجُكِ، وَتَلِدِينَ غُلَامًا فَاجِرًا(يعني عائشة عبرتها لها)، فَقَعَدَتْ تَبْكِي، وَقَالَتْ: مَا لِي حِينَ عَرَضْتُ عَلَيْكِ رُؤْيَايَ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا: مَا لَهَا يَا عَائِشَةُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، وَمَا تَأَوَّلْتُ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ(كلمة زجر وإنكار) يَا عَائِشَةُ «إِذَا عَبَرْتُمْ لِلْمُسْلِمِ الرُّؤْيَا فَاعْبُرُوهَا عَلَى الْخَيْرِ، فَإِنَّ الرُّؤْيَا تَكُونُ عَلَى مَا يَعْبُرُهَا صَاحِبُهَا، فَمَاتَ، وَاللَّهِ زَوْجُهَا، وَلَا أُرَاهَا إِلَّا وَلَدَتْ غُلَامًا فَاجِرًا» والقصة رواها الدارمي وحسّن إسنادها ابن حجر.
فزجْر النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة دليل خطر ما فعلت, والأعظم من ذلك أن المرأة وقع عليها ما عبّرته لها عائشة, ولم يعبّرها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن تعبير الرؤيا تقع على تعبير الأول كما سبق في الحديث, ومع أن المعبّر الجاهل هذا يتحمّل إثما لكن أيضا واجب المسلم أن لا يخبر برؤياه إلا من يحبّ إن كانت خيرا, ولا يعبّرها له إلا عالم, وليلتزم بالنصوص الواردة السابقة في ذلك؛ حتى لا يقع في الحرج, وفي المتفق عليه: ((إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ)), وفي حديث آخر صحيح: «وَلَا يُحَدِّثُ بِهَا إِلَّا لَبِيبًا أَوْ حَبِيبًا» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارمي وصحّحه الألباني.

📌 *خطورة الكذب في الرؤيا* 🔔

قد يسوّل الشيطان لبعض الناس أن يقولوا على سبيل الجد أو المزاح: رأيت في منامي كذا وكذا, أو يسمع أحد الناس يحدث رؤيا رأها حقا فيكذب السامع ويقول عن نفسه إنه رأى هو كذلك! ولقد ورد في الأحاديث الصحيحة الوعيد الشديد لمن يكذب أنه رأى رؤيا هو لم يرَ شيئا, فعن ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ »أخرجه البخاري, وذلك من المستحيلات والتكليف به دليل خطورة ما ارتكب من خطإ, وفي حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مِنْ أفْرَى الْفِرَى أنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ ما لم تَرَيَا». أخرجه البخاري, يعني من أشد الكذب أن يقول الرجل كاذبا رأيت في منامي كذا وكذا وهو لم يرَ شيئا.
حتى أن بعض أهل التفسير-والله أعلم بصحتها- ذكر بأن صاحب يوسف الآخر كان كاذباً في رؤياه، فلما قال له يوسف: تصلب فتأكل الطير من رأسك، قال: إني كنت كاذباً، فقال يوسف: قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان والآية: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف 36].

📌 *مسائل مهمة* 💡

هناك مسائل في الحقيقة لابد من ذكرها, والاعتناء بها, وتخصيص فقرات بارزة في هذا المنشور لها؛ لأهميتها القصوى:

↩ *رؤية الله*

كم يدندن بعض الجهّال بقولهم الآثم برؤية الله -تعالى الله- ورؤياه مستحيلة ما الدام العبد في الدنيا كيف وقد قال الله لكليمه موسى: ( ...لَنْ تَرَانِي ... ) الأعراف143, وفي الحديث الصحيح عند مسلم وغيره قال صلى الله عليه وسلم:( لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ ) والحديث لا نزاع في صحته فهو عند مسلم وغيره, بل من قال بجواز وقوعها في الدنيا مناما أو يقظة فقد أفحش وخالف نص قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )الشورى (11) فالقول بجواز رؤيته تعالى في المنام يلزم منه التشبيه -نعوذ بالله- فالواجب قطع هذا الباب بالقول بالامتناع كليا, وما يشاع بأن الإمام أحمد أو غيره رأى الله فهو محض افتراء لم يثب ذلك أبدا.
وفي البخاري ومسلم: عن مسروق قال: دخلتُ على عائشة - رضي الله عنها - فقلتُ: هل رأَى محمدٌ ربَّهُ ؟! فقالت: لقد تكلَّمْتَ بشيءٍ قَفَّ له شَعري، قُلتُ: رويد، ثم قرأتُ{ لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} فقالت: أيْن يُذْهَبُ بِكَ ؟ إنما هو جبريل، ثم قرأتْ: {لا تُدْرِكُهُ الأبصارُ وهو يُدْرِكُ الأبصارَ وهو اللطيُف الخبير} [ الأنعام : 103] : {وما كان لِبَشر أن يُكَلِّمَهُ الله إلا وحيا أو مِنْ وراء حجاب أو يرسلَ رسولا} [الشورى : 51], وقَالَتْ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ على الله الْفِرْيَةَ, وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الأُفُقِ» رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ لمسلم: عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ يَا أَبَا عَائِشَةَ: ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ قُلْتُ مَا هُنَّ قَالَتْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ قَالَ وَقد كُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي أَلَمْ يَقُلْ اللهُ تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} فَقَالَتْ عائشة أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ:(( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ - عليه السلام - لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ)) فَقَالَتْ: أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} إلى قوله {عَلِيٌّ حَكِيمٌ}...الحديث.
وحديثنا عن رؤية الله في المنام لكن ما أريد أن أصل إليه: أنه إذا كانت عائشة أنكرت على من ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله ليلة الإسراء والمعراج؛ تفسيرا خاطئا لآية قرآنية, وهو النبي صلى الله عليه وسلم, وقد صعد للسماء, واعتمدوا على آية, فكيف نقول لمن يزعم -كاذباً آفكاً متجرئاً مشبّهاً- بأنه رأى الله في منامه!!! أعوذ بالله من الجهل على الله, وبأي صورة سيراه, وبأي لسان سيحدثه حاشا الله من جهل الجاهلين, وافتراء المفترين, اللهم غفرا.

↩ *رؤية رسول الله*

أما رؤيا حبيبنا صلى الله عليه وسلم: فقد جاء في غير ما حديث صحيح أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه على حقيقته فقد راءه حقا؛ لامتناع الشيطان أن يتمثّل به صلى الله عليه وسلم, ومن تلك الأحاديث حديث : أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ – أو كأنما رآني في اليقظة-، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي) أخرجه البخاري ومسلم, وحديث : أَبْي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحَقَّ» أخرجه البخاري ومسلم, وفي رواية: (من رآني في المنام فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثل بي).
لكن يشترط أن يكون المرئي هو النبي صلى الله عليه وسلم بكامل صفاته الخلْقية والخُلُقية الثابتة في وصفه صلى الله عليه وسلم كما في السنة الصحيحة, وإلا فليس بالنبي صلى الله عليه وسلم, فمثلا: من رأى رجلا طويلا سمينا ضاحكا فاغرا فاه ويهذي في كلامه..., أو يأمره بمنكر, أو ينهاه عن معروف, فهذا ليس النبي صلى الله عليه وسلم مطلقا وحاشاه, ولا يصح أن يقول رأيت النبي عليه الصلاة والسلام.

↩ *رؤية الميّت*

قد اشتهر عند الناس أن رؤية الموتى حق والقاعدة لديهم( رؤية أهل دار الحق حق), وقد قيل أنها عن ابن سيرين, لكن الحقيقة بأنه لم يثبت في ذلك أي نص شرعي, ومثل هذه الأمور لا بد لها من نصوص؛ كونها من علم الغيب.
وقد قال شيخنا العمراني فيما أذكر: من رأى ميتا يأمره بقضاء دينه أو بالتصدّق عنه أو شيء من ذلك فلا يلزم الرائي أن يفعل ما أمره به الميت, لكن لا حرج لو فعل أهله ما قال للرائي لكن ليس على سبيل الوجوب وإنما التبرّع, لا سيما إذا تأكدوا في المنام على أن عليه دين لفلان, لكن لو كذب الدائن فقال: نعم عليه دين! فلا يلزمهم قضاء ذلك الدين؛ لأنه من باب الظن والتبرّع لا غير, وبعض التفصيل عن هذا يأتي فيما يلي:

📌 *الرؤى لا ينبني عليها أي حكم شرعي* 💡

قد أجمع الفقهاء بأن الرؤى من الناس -غير الأنبياء- كلها وبدون استـثـناء لا ينبني عليها أي حكم شرعي مهما كانت عظمة الرائي والمرئي, فمثلاً: من رأى أنه حلف على أن لا يقرب شيئا في منامه, فله فعل ما حلف عليه, ولا تلزمه أي كفارة, وهكذا من طلق زوجته أو نذر نذرا.....لخ؛ فالنائم مرفوع عنه القلم أصلاً حتى يصحى من نومه كما في الحديث الصحيح: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا, عَنْ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(رُفِعَ اَلْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ اَلنَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ, وَعَنِ اَلصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ, وَعَنِ اَلْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ, أَوْ يَفِيقَ).
أما الأنبياء فلو رأوا هم شيئا فذاك وحي الله لهم؛ لأن: " رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ " كما جاء في المتفق عليه, ولهذا إبراهيم رأى رؤيا بأنه يذبح ولده إسماعيل فنفذّها حقيقة, كما قص الله لنا ذاك في كتابه الكريم:((قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)) الصافات 102, لكن الأنبياء لا غير, ونحن لا نتحدث عنهم عليهم الصلاة والسلام؛ لأن النبوات قد انقطعت بعد نبينا عليه وعليهم الصلاة والسلام.

📌 *صادق الرؤيا*

قد ذكر العلماء أن مما يعين على صدق الرؤيا أمور منها: تحري الصدق ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً }، وأكل الحلال، وطاعة الله ورسوله، والنوم على طهارة، وكثرة الذكر.

🌹 *وفي الأخير:*🌷

لا نشغل أنفسنا وأوقاتنا بالرؤى وأمرها، فإن كان خيرا تحدثنا بها لحبيب أو خبير، وإن كانت غير ذلك سكتنا عنها تماما ولن تضرنا إن شاء الله.

﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏

61979ea27ccc8

  • 0
  • 0
  • 7

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً