الغنيمة والفيء والاحتطاب مسائل وأحكام (1) [3/4] • فصل في مذاهب العلماء عما يدخل فيه الخمس من ...
منذ 2025-05-23
الغنيمة والفيء والاحتطاب مسائل وأحكام (1)
[3/4]
• فصل في مذاهب العلماء عما يدخل فيه الخمس من أموال:
• الاحتطاب
يحصل التلصص بالإغارة بإذن الإمام وبدون إذنه، وبوجود المنعة وعدمها، وبغير إغارة كتلصص الأسير بعد خلاصه وكتلصص التاجر عن طريق السوم وجحد المال وكتلصص من أسلم في دار الحرب أو كان مسلما مقيما، وفي هذه الحالات يأتي التفصيل عن أهل العلم فيما يخمس أو لا يخمس.
أولاً: التلصص بالإغارة
اتفق الجمهور على تخميس الأموال التي يأخذها الواحد أو المجموعة من المسلمين الذين تحصل بهم القوة والمنعة سواء أغاروا على دار الحرب على وجه القوة والقهر أم على وجه الاحتيال، ولم يشترط الجمهور عدداً معيناً تحصل به القوة وذلك لعموم آية الخمس، قال الإمام البغوي الشافعي رحمه الله: "سواء قل عددهم أو كثر، فالخمس لأهل الخمس والباقي لهم، حتى لو دخل رجل واحد دار الحرب، فقاتل حربياً، وأخذ منه مالاً يخمس، والباقي بعد إفراز الخمس له" [التهذيب في فقه الإمام الشافعي].
أما عند الأحناف، اشترط أبو يوسف تسعة فأكثر من المسلمين للتخميس لأن المنعة والقوة حاصلة بهم، وأما الإغارة من آحاد المسلمين فلا يرون فيها الخمس ويعدونها من الاكتساب المباح إلا إذا كان المغير على دار الحرب بإذن الإمام، لأنه معزز بقوة الإمام فحكمه حكم السرية.
والصحيح مذهب الجمهور أن الأموال تخمس إذا حصلت الإغارة بمجموعة غير محددة العدد، ويخرج من قول الجمهور فعل الواحد إذا كان أصلا في داخل دار الحرب ونوى التلصص فلا يخمس ماله، كمن أسلم بدار الحرب وكالأسير الناجي وكالتاجر الذي جحد مالا وهرب به.
ثانياً: الإغارة والتلصص بإذن الإمام وبغير إذنه
لم يفرق الجمهور بين إذن الإمام وعدمه وذهبوا إلى أن من خرج بإذن الإمام أو بدون إذنه وأخذ أموال الكفار فإن هذه الأموال تخمس، قال الإمام البغوي الشافعي رحمه الله: "ولو غزت طائفة بغير إذن الإمام يُكره لهم ذلك، لأنهم إذا خرجوا بإذنه يتفحص عن حالهم، ويُعينهم بالمدد، فإذا فعلوا دون إذنه، وغنموا يخمّس ما غنموا" [التهذيب في فقه الإمام الشافعي].
قال أبو محمد الثعلبي البغدادي المالكي: "ومن دخل دار الحرب وحده متلصصاً فغنم، أُخذ منه الخمس، ولم يفصّل مالك بين دخوله بإذن الإمام أو بغير إذن" [عيون المسائل للقاضي عبد الوهاب المالكي].
وهذا مذهب الجمهور وهو أحد الروايات عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة حاكيا رواية الإمام أحمد: "أن غنيمتهم كغنيمة غيرهم، يخمسه الإمام، ويقسم باقيه بينهم. وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم الشافعي، لعموم قوله سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]، الآية. والقياس على ما إذا دخلوا بإذن الإمام" [المغني].
أما الأحناف ففرقوا بين إذن الإمام وعدمه، قال أبو يوسف: "سألت أبا حنيفة، قلت: أرأيت الرجل والرجلين يخرجان من المدينة أو المصر فيغيران في أرض الحرب فيصيبان الغنائم هل يخمس ما أصاباه؟ قال: لا يخمس ما أصاباه، لأن هذين بمنزلة اللص فيما أصابا فهو لهما، قلت: فإن كان الإمام بعث رجلا طليعة من العسكر فأصاب غنيمة، هل يخمس تلك الغنيمة ويكون ما بقي بينه وبين أهل العسكر؟ قال: نعم، قلت: فمن أين اختلف هذا والرجلان؟ قال: لأن هذا بعثه الإمام من العسكر والعسكر ردء له، والرجلان الآخران لم يخرجا من العسكر، إنما خرجا من المصر أو المدينة متطوعين بغير إذن الإمام" [السير الصغير].
وهذا المذهب هو إحدى الروايات عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة حاكيا الرواية الأخرى للإمام أحمد: "هو لهم من غير أن يخمس. وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه اكتساب مباح من غير جهاد، فكان لهم أشبه بالاحتطاب، فإن الجهاد إنما يكون بإذن الإمام، أو من طائفة لهم منعة وقوة، فأما هذا فتلصص وسرقة ومجرد اكتساب" [المغني].
وهناك مذهب ثالث وهو رواية عن الإمام أحمد أنه لا حق لهم فيه بل هو للمسلمين لأنهم عصاة بخروجهم بغير إذن الإمام، قال ابن قدامة: "قال أحمد، في عبد أبق إلى الروم، ثم رجع ومعه متاع: فالعبد لمولاه، وما معه من المتاع والمال فهو للمسلمين؛ لأنهم عصاة بفعلهم، فلم يكن لهم فيه حق" [المغني].
والصحيح هو مذهب الجمهور لأن الإغارة حاصلة بالقوة فتخمس الأموال لعموم آية الخمس ويكره الخروج من دار الإسلام للإغارة على دار الحرب بغير إذن الإمام فإذا منع الإمام الإغارة والتلصص فحينها تكون الإغارة بغير إذنه معصية.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 89
الخميس 19 شوال 1438 هـ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
[3/4]
• فصل في مذاهب العلماء عما يدخل فيه الخمس من أموال:
• الاحتطاب
يحصل التلصص بالإغارة بإذن الإمام وبدون إذنه، وبوجود المنعة وعدمها، وبغير إغارة كتلصص الأسير بعد خلاصه وكتلصص التاجر عن طريق السوم وجحد المال وكتلصص من أسلم في دار الحرب أو كان مسلما مقيما، وفي هذه الحالات يأتي التفصيل عن أهل العلم فيما يخمس أو لا يخمس.
أولاً: التلصص بالإغارة
اتفق الجمهور على تخميس الأموال التي يأخذها الواحد أو المجموعة من المسلمين الذين تحصل بهم القوة والمنعة سواء أغاروا على دار الحرب على وجه القوة والقهر أم على وجه الاحتيال، ولم يشترط الجمهور عدداً معيناً تحصل به القوة وذلك لعموم آية الخمس، قال الإمام البغوي الشافعي رحمه الله: "سواء قل عددهم أو كثر، فالخمس لأهل الخمس والباقي لهم، حتى لو دخل رجل واحد دار الحرب، فقاتل حربياً، وأخذ منه مالاً يخمس، والباقي بعد إفراز الخمس له" [التهذيب في فقه الإمام الشافعي].
أما عند الأحناف، اشترط أبو يوسف تسعة فأكثر من المسلمين للتخميس لأن المنعة والقوة حاصلة بهم، وأما الإغارة من آحاد المسلمين فلا يرون فيها الخمس ويعدونها من الاكتساب المباح إلا إذا كان المغير على دار الحرب بإذن الإمام، لأنه معزز بقوة الإمام فحكمه حكم السرية.
والصحيح مذهب الجمهور أن الأموال تخمس إذا حصلت الإغارة بمجموعة غير محددة العدد، ويخرج من قول الجمهور فعل الواحد إذا كان أصلا في داخل دار الحرب ونوى التلصص فلا يخمس ماله، كمن أسلم بدار الحرب وكالأسير الناجي وكالتاجر الذي جحد مالا وهرب به.
ثانياً: الإغارة والتلصص بإذن الإمام وبغير إذنه
لم يفرق الجمهور بين إذن الإمام وعدمه وذهبوا إلى أن من خرج بإذن الإمام أو بدون إذنه وأخذ أموال الكفار فإن هذه الأموال تخمس، قال الإمام البغوي الشافعي رحمه الله: "ولو غزت طائفة بغير إذن الإمام يُكره لهم ذلك، لأنهم إذا خرجوا بإذنه يتفحص عن حالهم، ويُعينهم بالمدد، فإذا فعلوا دون إذنه، وغنموا يخمّس ما غنموا" [التهذيب في فقه الإمام الشافعي].
قال أبو محمد الثعلبي البغدادي المالكي: "ومن دخل دار الحرب وحده متلصصاً فغنم، أُخذ منه الخمس، ولم يفصّل مالك بين دخوله بإذن الإمام أو بغير إذن" [عيون المسائل للقاضي عبد الوهاب المالكي].
وهذا مذهب الجمهور وهو أحد الروايات عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة حاكيا رواية الإمام أحمد: "أن غنيمتهم كغنيمة غيرهم، يخمسه الإمام، ويقسم باقيه بينهم. وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم الشافعي، لعموم قوله سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]، الآية. والقياس على ما إذا دخلوا بإذن الإمام" [المغني].
أما الأحناف ففرقوا بين إذن الإمام وعدمه، قال أبو يوسف: "سألت أبا حنيفة، قلت: أرأيت الرجل والرجلين يخرجان من المدينة أو المصر فيغيران في أرض الحرب فيصيبان الغنائم هل يخمس ما أصاباه؟ قال: لا يخمس ما أصاباه، لأن هذين بمنزلة اللص فيما أصابا فهو لهما، قلت: فإن كان الإمام بعث رجلا طليعة من العسكر فأصاب غنيمة، هل يخمس تلك الغنيمة ويكون ما بقي بينه وبين أهل العسكر؟ قال: نعم، قلت: فمن أين اختلف هذا والرجلان؟ قال: لأن هذا بعثه الإمام من العسكر والعسكر ردء له، والرجلان الآخران لم يخرجا من العسكر، إنما خرجا من المصر أو المدينة متطوعين بغير إذن الإمام" [السير الصغير].
وهذا المذهب هو إحدى الروايات عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة حاكيا الرواية الأخرى للإمام أحمد: "هو لهم من غير أن يخمس. وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه اكتساب مباح من غير جهاد، فكان لهم أشبه بالاحتطاب، فإن الجهاد إنما يكون بإذن الإمام، أو من طائفة لهم منعة وقوة، فأما هذا فتلصص وسرقة ومجرد اكتساب" [المغني].
وهناك مذهب ثالث وهو رواية عن الإمام أحمد أنه لا حق لهم فيه بل هو للمسلمين لأنهم عصاة بخروجهم بغير إذن الإمام، قال ابن قدامة: "قال أحمد، في عبد أبق إلى الروم، ثم رجع ومعه متاع: فالعبد لمولاه، وما معه من المتاع والمال فهو للمسلمين؛ لأنهم عصاة بفعلهم، فلم يكن لهم فيه حق" [المغني].
والصحيح هو مذهب الجمهور لأن الإغارة حاصلة بالقوة فتخمس الأموال لعموم آية الخمس ويكره الخروج من دار الإسلام للإغارة على دار الحرب بغير إذن الإمام فإذا منع الإمام الإغارة والتلصص فحينها تكون الإغارة بغير إذنه معصية.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 89
الخميس 19 شوال 1438 هـ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR