حكم الشريعة لا حكم الجاهلية 1/2 الحمد لله الذي أنقذنا من حكم الطواغيت، وأنعم علينا بحكم ...
منذ 2025-05-23
حكم الشريعة لا حكم الجاهلية
1/2
الحمد لله الذي أنقذنا من حكم الطواغيت، وأنعم علينا بحكم الشريعة، وأعاد لنا الخلافة ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الذي محا بحوافر خيله حكم الجاهلية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...
فقد تكلمنا في مقالة سابقا عن الإمامة العظمى ومنزلتها من الدين، ونتناول في هذه المقالة جانب تحكيم الشريعة التي يضطلع بها الخليفة وأعوانه وفقهم الله، ويعمل للحفاظ عليها كل جندي من جنود دولة الإسلام، ويبذل في سبيل إعلائها النفس والنفيس.
لقد بعث الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وإن كان أهل الجاهلية قد أقروا بتوحيد الربوبية في الجملة، إلا أنهم ناقضوا ذلك الإقرار بوقوعهم في أنواع الشرك المناقضة لأنواع التوحيد الثلاثة (الربوبية والألوهية والأسماء والصفات).
• وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون:
أخبر الله -تعالى- أن الكفار إذا سُئلوا: لمن الأرض ومن فيها؟ يجيبون: لله، وإذا سئلوا: من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم؟ يجيبون: لله، وإن سئلوا: من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه؟ يقولون: لله. ومع ذلك لا يتذكرون ولا يتقون الله ولا يخافون عذابه! فمع إقرارهم بأن الله -تعالى- هو مالك الملك الخالق المدبر الرزاق المحيي المميت، إلا أنهم يشركون مع الله غيره، وهم يقرون بأن كل ما سوى الله فهو مخلوق، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "كان المشركون يقولون: لَبَّيْكَ لا شريك لك، فيقول رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: ويلكم قَدْ قَدْ (أي يكفيكم يكفيكم)، فيقولون: إلا شَرِيكاً هو لك، تَملكُهُ وما مَلَك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت" [ رواه مسلم].
ومع أن المشركين كانوا في الضراء يلجؤون إلى الله وحده، إلا أنهم في السراء يعودون إلى ما اعتادوه من الشرك بالله، قال الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65]، لقد أشركوا بعبادة الله غيرَه، فدعوا معه من لا يضر ولا ينفع، وتوجهوا بأنواع العبادات إلى الطواغيت، وتحاكموا إليها، وافتروا على الله كذباً بقولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3].
وقد أرسل الله -تعالى- رسله وأنبياءه داعين إلى الإيمان بالله وإفراده بالعبادة، والكفر بالطواغيت كلها، فلا يصح إيمان أحد من الإنس أو الجن إلا بأن يجمعوا بين الأمرين: الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36]، فكل من أبى إفراده بالعبادة، أو أبى اجتناب الطواغيت والكفر بها فهو ضال مكذب لرسل الله، مستحق لعقوبات الله التي يجازي بها الكافرين.
بيَّن الرسل -عليهم الصلاة والسلام- أن الله لا يقبل من عباده إلا الإسلام الصافي والتوحيد الخالص، فأخبروا الناس أنهم ما بُعثوا إلا ليُعبد الله وحده، كما قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وأخبروهم أن الله تعالى {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وحين عرض الكفار على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعبدوا الله سنة ويعبد هو آلهتهم سنة، أنزل الله -تعالى- سورة الكافرون الفاصلة بين الإيمان وأهله وبين الشرك وأهله؛ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون].
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 89
الخميس 19 شوال 1438 هـ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
1/2
الحمد لله الذي أنقذنا من حكم الطواغيت، وأنعم علينا بحكم الشريعة، وأعاد لنا الخلافة ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الذي محا بحوافر خيله حكم الجاهلية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...
فقد تكلمنا في مقالة سابقا عن الإمامة العظمى ومنزلتها من الدين، ونتناول في هذه المقالة جانب تحكيم الشريعة التي يضطلع بها الخليفة وأعوانه وفقهم الله، ويعمل للحفاظ عليها كل جندي من جنود دولة الإسلام، ويبذل في سبيل إعلائها النفس والنفيس.
لقد بعث الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وإن كان أهل الجاهلية قد أقروا بتوحيد الربوبية في الجملة، إلا أنهم ناقضوا ذلك الإقرار بوقوعهم في أنواع الشرك المناقضة لأنواع التوحيد الثلاثة (الربوبية والألوهية والأسماء والصفات).
• وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون:
أخبر الله -تعالى- أن الكفار إذا سُئلوا: لمن الأرض ومن فيها؟ يجيبون: لله، وإذا سئلوا: من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم؟ يجيبون: لله، وإن سئلوا: من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه؟ يقولون: لله. ومع ذلك لا يتذكرون ولا يتقون الله ولا يخافون عذابه! فمع إقرارهم بأن الله -تعالى- هو مالك الملك الخالق المدبر الرزاق المحيي المميت، إلا أنهم يشركون مع الله غيره، وهم يقرون بأن كل ما سوى الله فهو مخلوق، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "كان المشركون يقولون: لَبَّيْكَ لا شريك لك، فيقول رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: ويلكم قَدْ قَدْ (أي يكفيكم يكفيكم)، فيقولون: إلا شَرِيكاً هو لك، تَملكُهُ وما مَلَك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت" [ رواه مسلم].
ومع أن المشركين كانوا في الضراء يلجؤون إلى الله وحده، إلا أنهم في السراء يعودون إلى ما اعتادوه من الشرك بالله، قال الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65]، لقد أشركوا بعبادة الله غيرَه، فدعوا معه من لا يضر ولا ينفع، وتوجهوا بأنواع العبادات إلى الطواغيت، وتحاكموا إليها، وافتروا على الله كذباً بقولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3].
وقد أرسل الله -تعالى- رسله وأنبياءه داعين إلى الإيمان بالله وإفراده بالعبادة، والكفر بالطواغيت كلها، فلا يصح إيمان أحد من الإنس أو الجن إلا بأن يجمعوا بين الأمرين: الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36]، فكل من أبى إفراده بالعبادة، أو أبى اجتناب الطواغيت والكفر بها فهو ضال مكذب لرسل الله، مستحق لعقوبات الله التي يجازي بها الكافرين.
بيَّن الرسل -عليهم الصلاة والسلام- أن الله لا يقبل من عباده إلا الإسلام الصافي والتوحيد الخالص، فأخبروا الناس أنهم ما بُعثوا إلا ليُعبد الله وحده، كما قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وأخبروهم أن الله تعالى {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وحين عرض الكفار على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعبدوا الله سنة ويعبد هو آلهتهم سنة، أنزل الله -تعالى- سورة الكافرون الفاصلة بين الإيمان وأهله وبين الشرك وأهله؛ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون].
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 89
الخميس 19 شوال 1438 هـ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR