الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 496 الافتتاحية: محرقة المعسكرات كما لو أنّه في سوريا ...

منذ 2025-05-24
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 496
الافتتاحية:

محرقة المعسكرات

كما لو أنّه في سوريا أو العراق، اضطر "حاكم برنو" النيجيرية المضطربة إلى إعلان "حظر بيع الوقود" في مناطق محددة وعلّل قراره المأزوم بالقول إنّه "يُقيّد حركة الإرهابيين ويُضعف قدرتهم على شنّ الهجمات!".

ما سبق ليس خبرا ساخرا، بل هو إجراء أمني رسمي اتخذته الحكومة النيجيرية المرتدة ضمن آخر حلولها لمواجهة "الإرهاب" في نفس المنطقة التي أعلن "حاكمها" بنفسه مرارا الانتصار فيها، بينما عاد اليوم مجددا يتوسل الدعم الصليبي ويحذّر من فقدان السيطرة عليها.

المجاهدون في غرب إفريقية جعلوا دماءهم الزكية وقودا لإشعال جذوة الجهاد وباعوا أرواحهم إلى باريها نصرة للإسلام، ثم يظن هذا المأفون أنّ "منع الوقود" يحول دون مضاء جهادهم وإتمام بيعهم واستمرار هجماتهم التي لم تتوقف منذ أكثر من عقد من الزمان، ولله الفضل أولا وأخيرا.

الخطوة اليائسة جاءت بعد تصاعد هجمات مجاهدي الدولة الإسلامية ضد القوات النيجيرية وحلفائها، ضمن "محرقة المعسكرات" التي طالت نحو 19 معسكرا وقاعدة للجيش النيجيري وامتدت إلى الجانب الآخر من الحدود لتطال قوات الكاميرون والنيجر.

أملا في تدارك الموقف، عقد قادة الجيش النيجيري العديد من الاجتماعات الأمنية الطارئة كان أبرزها اجتماع "رئيس أركان الجيش" مع الطاغوت النيجيري في القصر الرئاسي، غير أنّ الاجتماع السيادي لم يخرج بحل للأزمة الأمنية سوى تصديرها إلى جيرانهم في دول الساحل حيث وصفوا الهجمات بأنها "جزء من ضغط يمارسه الإرهابيون في الساحل، وامتد إلى نيجيريا بسبب الطبيعة الهشّة لحدودنا"، وتناسى هؤلاء أنّ دول الساحل هي الأخرى نالت نصيبها من الهجمات والأزمات، فهل هجمات الساحل هي أيضا نتيجة لهجمات نيجيريا وهشاشة حدودها؟!

على الهامش، يمثّل هذا التبرير اعترافا ضمنيا بأنّ الدول الإفريقية فشلت في الحرب على المجاهدين حتى صار طواغيتها يتراشقون التهم ويتقاسمون الفشل والملامة في حربهم ضد الإسلام، تماما كما يتقاسمون الندامة والملامة يوم الحساب، فخسارة الكافرين تتفاقم وتمتد إلى الدار الآخرة! بينما يتعاظم فيها ربح المجاهدين ويكتمل، إنّها معادلة عادلة وتجارة رابحة لا يعطلها "نقص وقود" أو "فرض قيود" وهذا ما لا يفقهه الكافرون ولا يستيقنه المرتابون.

"محرقة المعسكرات" التي وثّقها إعلام المجاهدين بالصوت والصورة؛ أظهرت حقيقة الجيش النيجيري المصنّف إفريقيًّا بأنه الأكبر والأقوى، فجنوده بدوا أكثر ذعرا وأسرع فرارا حتى الآن، ما يعكس تدنّي معنوياتهم وفقدانهم إرادة القتال بعد سنوات طوال من الحرب المكلفة المرهقة على الدولة الإسلامية.

في الجانب الشرعي وفّرت "محرقة المعسكرات" مصدر إمداد للمجاهدين بالسلاح والعتاد أسوة بنبيهم صلى الله عليه وسلم القائل: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي)، فصارت المعادلة بكل وضوح إفراغ مخازن الكافرين في مخازن المجاهدين، قهرا وغلبة وغنيمة ساقها الله بفضله إلى عباده تحت ظلال بنادقهم التي لم تضل طريقها، ولم تتلوث بالدعم المشروط والتحالفات المشبوهة كما يفعل الآخرون.

الصحفيون الصليبيون أصابهم السّعار وهم يرون تهاوي قواعد حلفائهم المرتدين في نيجيريا، وبينما انهمكوا في إحصاء الخسائر والتنقيب عن أسباب تلك المحرقة؛ فاتهم وغيرهم أنّ رأس حربة هذه الهجمات كانوا فتيان الخلافة اليافعين الذين تخرجوا من معسكرات الدولة الإسلامية ومعاهدها الشرعية، فكانت تلك الاقتحامات تطبيقا عمليا لما تعلموه في تلك المحاضن الشرعية التي يكون فيها العلم للعمل لا للجدل، أباة كماة نشأوا في ظلال الشريعة ونهلوا من معينها ودرجوا في ربوعها على الإيمان والجهاد والجلد، فكانوا بحق درة إفريقية وطليعتها المجاهدة الماضية الساعية بإذن الله تعالى إلى تغيير وجه المنطقة وإخضاعها لحكم الإسلام الذي عزّ به المسلمون قديما، ولا عزّ لهم بغيره في المستقبل.

من أجل مستقبل الإسلام، ندق نواقيس الخطر ونقرع أسماع وقلوب المسلمين العرب ممّن تخلفوا وتأخروا وقعدوا عن اللحاق بميادين الجهاد ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، فإنّ إفريقية بغربها وشرقها ووسطها وساحلها وما خفي منها، هي ساحة جهاد ناشئة تجلّت فيها سُنّة الاستبدال لمن تخلّف وأحجم، فاتقوا الله وأدركوا أنفسكم فإنّ سنن الله لا تحابي.

في الشق العسكري الإيماني، مثّلت سرعة الإغارات والانسحاب لسرايا الاقتحام رغم تدخل الطائرات؛ عنصر نجاح لهذه الهجمات التي سبقها بلا شك تخطيط وإعداد وأسباب وتوكل على الله تعالى وحسن ظن به مصحوب بالعمل مغمور بالتعب ممزوج بالجهد، ولا يكون حسن الظن والتوكل بغير ذلك.
كما أجاد المجاهدون في حصار المعسكرات ومباغتتها وقطع طرق إمدادها أثناء الهجوم وفصلها عن مؤازراتها، عبر الانتشار المسبق ورصد التحرُّكات وتلغيم المدقّات ونصب الكمائن على الطرقات؛ إلى حدٍّ صار فيه العدو أحيانا عاجزا عن إرسال أي دورية مؤازرة أثناء الهجوم، بينما كانت حركة دورياته باتجاه واحد فقط هروبا بعيدا عن المحرقة.

"محرقة المعسكرات" انتقل فيها المجاهدون من الدفاع إلى الهجوم وأخذوا زمام المبادرة وأربكوا مخططات العدو وأنهكوا قواته وبدّدوا حملاته التي تبحث منذ سنوات طويلة عن النصر بين غابات نيجيريا، بينما هي اليوم لا تقدر على حماية كبرى قواعدها المركزية كما رأينا في "مارتي" على سبيل المثال.

أمام هذا المد الجهادي الإفريقي المبارك لفرسان الإسلام البررة، نوصي إخواننا المجاهدين في غرب إفريقية بالصبر والاحتساب في هذا الطريق، وإدامة الهجمات على المعسكرات والتوغل أكثر لضرب مراكز القوات، فلا يدعون له فرصة لالتقاط أنفاسه، كون هذه الهجمات تحقق عنصر مبادرة يصير فيها العدو مدافعا، والمجاهد مهاجما يسدد الضربات.

كما نجدد الوصية لإخواننا المجاهدين في سائر الولايات، بإرجاع الفضل في كل نصر وظفر إلى الله الملك العلام فهو مدبر الأمر وولي التوفيق سبحانه، ونذكرهم بأن ينسبوا التقصير والزلل إلى النفس والشيطان، وأن يسارعوا إلى تداركه ودفع أسبابه بالتوبة والإحسان فالمجاهد بمولاه سبحانه، به يصول ويجول وينتصر، وبغيره فالباب موصد، فجددوا العزم والإيمان وامضوا في طريقكم ولا تتعجلوا موسم الحصاد، فإنّه متى حان طابت ثمرته، واثبتوا فإنّ العاقبة للمتقين.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 496
السنة السادسة عشرة - الخميس 24 ذو القعدة 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
محرقة المعسكرات

لقراءة الصحيفة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR

671c2d4603ce0

  • 0
  • 0
  • 6

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً