الغنيمة والفيء والاحتطاب مسائل وأحكام (2) [4/4] التحريض على أخذ أموال الكفار وجهادهم بها لما ...

منذ 2025-05-28
الغنيمة والفيء والاحتطاب
مسائل وأحكام (2)

[4/4]
التحريض على أخذ أموال الكفار وجهادهم بها
لما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كانت الغنائم مصدر رزقه، وهي أفضل الرزق، فالمال الذي يؤخذ من الكفار بالقوة أكثر طهراً ونقاء مما يُحصَّل بغير ذلك، قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 69].

قال الإمام ابن القيم، رحمه الله: "والراجح أن أحلَّها الكسب الذي جُعل منه رزق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كسب الغانمين وما أبيح لهم على لسان الشارع، وهذا الكسب قد جاء في القرآن مدحه أكثر من غيره، وأثني على أهله ما لم يُثن على غيرهم؛ ولهذا اختاره الله لخير خلقه، وخاتم أنبيائه ورسله حيث يقول: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعبَد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري)، وهو الرزق المأخوذ بعزة وشرف وقهر لأعداء الله، وجعل أحب شيء إلى الله، فلا يقاومه كسب غيره، والله أعلم" [زاد المعاد].

وبعض الناس اليوم قد لا يعجبهم استنزاف أموال الكفار بالقوة ويظنون أن الأموال التي يحصلون عليها مقابل الأعمال الأخرى أحل وأطهر، وهذا غير صحيح، فأطيب الحلال بنص القرآن هو الغنيمة، وهذه الأموال خلقها الله لبني آدم ليستعينوا بها على طاعته وعبادته، فمن استعان بها على الكفر بالله والشرك به سلَّط الله عليه المسلمين، فانتزعوها منه وأعادوها إلى من هم أولى بها، وهم أهل عبادة الله وتوحيده وطاعته، ولهذا سمي الفيء فيئاً لرجوعه إلى من كان أحق به ولأجله خُلق.

ويجب على كل موحد أن يوسع دائرة جهاده، فحرب المال والاقتصاد من أكبر ميادين الجهاد كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في كثير من غزواته حيث أخذ أموال الكفار وأتلف ممتلكاتهم التي يعتمدون عليها في محاربته، ولا شك أن الكفار اليوم يحركون جيوشهم وطاقاتهم بأموالهم، فيجب على الموحدين أن يجدوا ويبتكروا أساليب لإضعاف اقتصاد الكفار وسلب أموالهم أو إتلافها، وينبغي على المسلمين، وخاصة الذين يعيشون في ديار الكفار ولا يجدون طريقا للهجرة أن يفعلوا فعل الصحابي أبي بصير -رضي الله عنه- بمشركي مكة، ولا شك أن استهلاك أموال الكفار له تأثير كبير على حربنا اليوم معهم.

وكذلك التخريب العام لديارهم، يضعف شوكة العدو ويضر اقتصاده. قال أبو يوسف: "ولا بأس بإحراق حصونهم بالنار، وإغراقها بالماء، وتخريبها وهدمها عليهم، ونصب المنجنيق عليها؛ لقوله تبارك وتعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 69]، ولأن كل ذلك من باب القتال؛ لما فيه من قهر العدو وكبتهم وغيظهم، ولأن حرمة الأموال لحرمة أربابها، ولا حرمة لأنفسهم حتى يقتلوا، فكيف لأموالهم؟" [بدائع الصنائع].

وكذلك فإن هذه الأموال قد تنفع الجهاد إن هي استعملت في سبيل الله، فيأخذ الموحد من الكافر الحربي لتمويل هجرة المسلمين إلى ولايات الخلافة، أو لتمويل من يجاهد الكفار، وكم من مسلم أخَّر هجرته مضطراً للعمل عند الكافرين حتى يكسب المال الكافي لهجرته، والله المستعان، وهكذا يستعمل الموحد المجاهد أموال الكفار لشراء الأسلحة والمعدات اللازمة للقيام بالصولات والعمليات الجهادية في عقر دار العدو.

فيا أيها الموحد في ديار الكافرين كن مثل أبي جندل، رضي الله عنه، ولا تتردد في أخذ أموال الكفار الحربيِّين إما بالغلبة والقهر وإما بالاختلاس والاحتيال، وتأمل قول الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في المسلم الذي دخل دار الحرب: "وكذلك لو سرق أنفسهم أو أولادهم أو قهرهم بوجه من الوجوه، فإن نفوس الكفار المحاربين وأموالهم مباحة للمسلمين فإذا استولوا عليها بطريق مشروع ملكوها" [مجموع الفتاوى]، وهذا فيما يَخص خطف أطفالهم فما بالك بسلب أموالهم.

ولا تنس أن حربهم على الدولة الإسلامية قائمة على المال فأخلص نيتك وتوكل على الله ولا تشاور أحدا في سلب أموالهم، امض على بركة الله، فإن الاحتطاب من أموال الكفار يضعفهم ويهدد أمنهم وأمن اقتصادهم، ويقوي المؤمنين، ويجرئهم، ويُعدُّهم لما هو أكبر من الاحتطاب، وهذا من أوجه الجهاد المهجورة في هذا الزمان، إلا عند ثلة من الصادقين وقليل ما هم.

نسأل الله أن يفتح لعباده المجاهدين ويشفي صدور الموحدين، والحمد لله رب العالمين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR

6735978f52408

  • 0
  • 0
  • 3

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً