إن نظرت لهذه المألوفات نظر بصيرة أورثك ذلك تعظيم المُقدِّر، ثم أورثك شكره بالقلب واللسان والجوارح. ...
منذ 2025-05-28
إن نظرت لهذه المألوفات نظر بصيرة أورثك ذلك تعظيم المُقدِّر، ثم أورثك شكره بالقلب واللسان والجوارح. وإن نظرت إليها نظر غافل، لم ترع لله حقا، وكنت كالجاحد الذي جحد نعمة من ينعِم عليه، أرأيت لو أن ولدا عق أباه بعد أن سعى في تربيته وتنعيمه بقدر ما يستطيع، ألا يعدُّه الناس خسيس الطبع؟ فكذا من لا يشكر الله على نعمه، ولله المثل الأعلى.
• تسخير الله للكون إصلاحاً لحياة بني آدم
خلق الله الكون وسخره لبني آدم وقدره لتصلُح به حياتهم: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: 23].
وإذا تلونا مطلع سورة الزخرف تبين لنا عظم تقصير بني آدم في حق الله عز وجل، قال -تعالى- إخبارا عن سنَّته مع بني آدم في تذكيرهم بحقه عليهم في عبادته: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ} [الزخرف: 6]، ويكون حال بني آدم مع هؤلاء الرسل: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الزخرف: 7]، ثم يذكر -تعالى- أن الرسول لو سأل هؤلاء المشركين: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9]، فإذا كانوا معترفين بأفعال الربوبية لله -سبحانه- كالخلق والرزق والتدبير والإحياء والإماتة فمن العجب من هؤلاء أن يشركوا به من لا يخلق ولا يدبر الأمر من رزق وغيره ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا!
ثم ذكر الله نعمه على عباده: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} [الزخرف: 10]، أي صالحة للعيش وذلَّلها لندرك منها كل ما تعلقت به حاجاتنا من غرس وبناء وحرث، {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الزخرف: 10]، أي جعل منافذ بين سلاسل الجبال المتصلة نعبر إلى ما وراءها من الأقطار النائية والبلدان الشاسعة.
ثم واصل ذكر بعض النعم: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [الزخرف: 11]؛ أنزل الماء بقدر الحاجة لا يزيد فيفسِد ولا ينقص فتُجدب، فتغاث به الأرض ويخرج به النبات وتحيا البلاد وتنشر من الموت، ثم ذكَّرنا أن حالنا في الآخرة كحال هذه الأرض بعد نزول الغيث: {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الزخرف: 11].
وقال بعد ذلك: {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 12 - 14].
والمراد بيانه من كل هذه الآيات أن الرب -سبحانه وتعالى- الموصوف بإفاضة النعم على خلقه هو المستحق للعبادة وأن الشرك من أعظم الظلم في حقه، فقال الله مستنكرا على بني آدم بعد ذكر هذه النعم: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ} [الزخرف: 15]، وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] فلا تكن يا عبد الله ممن وصف الله حالهم مع كثرة نعمه عليهم، فتدبر آيات الله حتى تكون من الشاكرين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 89
الخميس 19 شوال 1438 هـ
لقراءة الصحيفة وللأعداد الجديدة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
إن في خلق السماوات والأرض لآيات
• تسخير الله للكون إصلاحاً لحياة بني آدم
خلق الله الكون وسخره لبني آدم وقدره لتصلُح به حياتهم: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: 23].
وإذا تلونا مطلع سورة الزخرف تبين لنا عظم تقصير بني آدم في حق الله عز وجل، قال -تعالى- إخبارا عن سنَّته مع بني آدم في تذكيرهم بحقه عليهم في عبادته: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ} [الزخرف: 6]، ويكون حال بني آدم مع هؤلاء الرسل: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الزخرف: 7]، ثم يذكر -تعالى- أن الرسول لو سأل هؤلاء المشركين: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9]، فإذا كانوا معترفين بأفعال الربوبية لله -سبحانه- كالخلق والرزق والتدبير والإحياء والإماتة فمن العجب من هؤلاء أن يشركوا به من لا يخلق ولا يدبر الأمر من رزق وغيره ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا!
ثم ذكر الله نعمه على عباده: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} [الزخرف: 10]، أي صالحة للعيش وذلَّلها لندرك منها كل ما تعلقت به حاجاتنا من غرس وبناء وحرث، {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الزخرف: 10]، أي جعل منافذ بين سلاسل الجبال المتصلة نعبر إلى ما وراءها من الأقطار النائية والبلدان الشاسعة.
ثم واصل ذكر بعض النعم: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [الزخرف: 11]؛ أنزل الماء بقدر الحاجة لا يزيد فيفسِد ولا ينقص فتُجدب، فتغاث به الأرض ويخرج به النبات وتحيا البلاد وتنشر من الموت، ثم ذكَّرنا أن حالنا في الآخرة كحال هذه الأرض بعد نزول الغيث: {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الزخرف: 11].
وقال بعد ذلك: {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 12 - 14].
والمراد بيانه من كل هذه الآيات أن الرب -سبحانه وتعالى- الموصوف بإفاضة النعم على خلقه هو المستحق للعبادة وأن الشرك من أعظم الظلم في حقه، فقال الله مستنكرا على بني آدم بعد ذكر هذه النعم: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ} [الزخرف: 15]، وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] فلا تكن يا عبد الله ممن وصف الله حالهم مع كثرة نعمه عليهم، فتدبر آيات الله حتى تكون من الشاكرين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 89
الخميس 19 شوال 1438 هـ
لقراءة الصحيفة وللأعداد الجديدة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
إن في خلق السماوات والأرض لآيات