العبودية لله وحده اعظم واروع وامتع ما في هذه الدنياء هي العبودية لله وتحقيقها من خلال دوام ...

منذ 2018-05-08
العبودية لله وحده

اعظم واروع وامتع ما في هذه الدنياء هي العبودية لله وتحقيقها من خلال دوام التذلل والافتقار لرب العالمين والثناء عليه بكل اشكال الثناء والتمجيد والتعظيم..

وهي احوال ذوقية وتجليات روحية لا يمكن وصفها بالكلام والكتابة وانما يجدها العبد ويذوقها في سيره الى الله فيجد فيها سلوى وعوض عن كل شيئ في الحياة ، وذهاب لكل حزن ، وراحة لا تعدلها راحة ابدا.
كيف لا وهو يأوي الى الركن الشديد ، والقوي العزيز ، ويتدرج في القرب من الغفور الرحيم..

وهذا الامر لا يتحقق الا بعلمين شريفين ومعرفتين اثنتين ذكرهما ابن القيم في بداية كتابه طريق الهجرتين ومفتاح باب السعادتين ووجدت ذلك صحيحا فعلا وهما :
1/معرفة العبد بنفسه
2/ومعرفة العبد بربه

فكلما رأى العبد نفسه بصفات النقص والجهل والعجز والفقر والضعف التام. وعرف ربه بصفات العلم والقوة والقدرة والغنى والكمال الذاتي والمطلق الذي لا يتوقف على اسباب يزول بزوالها ؛ كلما اشتدت حاجته الى اللجوء له ، والافتقار اليه ، والتذلل بين يديه ، والضراعة ببابه..

وفي هذه الحالة يدرك العبد شيئا من معنى قول الله عز وجل "يحبهم ويحبونه"
وقوله سبحانه "والذين آمنوا اشد حبا لله"
وقوله عز من قائل"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب"

ولما تذوق ابن القيم رحمه الله هذه المقامات والاحوال ؛ لخص الكلام فيها واجمله بقوله" إن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، و عليه وحشة لا يزيلها إلا الإنس به في خلوته، و فيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، و صدق معاملته ، و فيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه ، و الفرار منه إليه، و فيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره و نهيه و قضائه و معانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، و فيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه ، و فيه فاقة لا يسدها إلا محبته و دوام ذكره و الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا و ما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا".

ولقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة العبودية في ارفع مقاماتها ، وجسدها اعظم تجسيد في اروع صورها ، فكان يخاطب ربه مخاطبة العبد العالم بحقيقة نفسه ، والعارف بقيومية ربه وجلاله وعظمته. فمن ذلك مناجاته لربه عشية عرفه بقوله "أنا البائس ، الفقير ، المستغيث ، المستجير ، الوجل ، المشفق ، المقر ، المعترف بذنبه. أسألك مسألة المسكين ، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، دعاء من خضعت لك رقبته ، وذل لك جسده ، ورغم لك أنفه ، وفاضت لك عيناه".

وفي حقيقة الامر لم اجد كنزا ؛ هو اغلى ولا اثمن من كنز العبودية للعزيز الرحيم والتجلبب بجلباب الافتقار والفاقة اليه. ومن افضل الازمنة لتحقيق هذه الغاية الرفيعة والمقام السامي هو شهر رمضان المبارك لما يفتح الله فيه على عباده من ابواب الخير والرحمة ويفيض فيه عليهم من بركات التوفيق والقبول واجدها فرصة لأدعو نفسي ومن يقرأ هذه المقالة لوضع برنامجا عمليا يحقق هذا المقصد الشريف حتى ننال شرف الانتساب الحقيقي لمقام العبودية لرب العالمين وتحقيقها واقعا في حياتنا فنجني ونستمتع بثمارها العظيمة في الدارين.
  • 1
  • 0
  • 330

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً